ملخص خطبة جمعة عن الخوف والرجاء

التصنيف: خطب عامة
الإمام: سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان
المسجد:
التاريخ: الثلاثاء, 20 تموز 2010

ملخص خطبة جمعة عن الخوف والرجاء

 سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير.

أما بعد:

فيقول أحد العلماء الصالحين: نظرتُ في القرآن الكريم؛ فوجدت أعمال أهل الجنة أعمالاً عظيمة لا نستطيع أن نعمل مثلها -يعني مثل قول الله تعالى عنهم: (كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ) الذاريات/17؛ أي: يُصلُّون طوال الليل وينامون قليلاً منه- ونظرتُ إلى أعمال أهل النار؛ فوجدت أنهم يكفرون بالله ويظلمون الناس، ولهم أعمال شريرة كثيرة، ونحن لسنا مثلهم أيضاً. إذن نحن من الذين قال الله عنهم: (خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) التوبة/102.

وملاحظة هذا العالم صحيحة؛ فإن الله تعالى ذكر أفضل أعمال أهل الجنة حتى لا يعجب أحد بعمله الصالح فيتركه، بل يظل خائفاً، وذكر أسوأ أعمال أهل النار حتى لا ييأس أحد من الجنة بل يظل له أمل يدفعه إلى العمل الصالح؛ لأنه يرى نفسه لم يعمل عمل أهل النار

وبين الرجاء والخوف يواصل الإنسان العمل؛ إذا غلبه الخوف تذكر رحمة الله فيواصل العمل، وإذا غلبه الرجاء وتكاسل في العمل تذكر الخوف فقام للعمل.

أما إذا تحقق الإنسان من أن الموت قريب منه فليذكر رحمة الله الواسعة ليلقى الله بالأمل؛ فإن الله لا يخيب أمل عبده المؤمن.

وما ينطبق على الإنسان الواحد ينطبق على الأمة؛ إذا رأينا كثرة الصالحين والأعمال الصالحة يجب أن نتذكر ذنوبنا لنحترس منها؛ لأنها أمراض إذا غفلنا عنها زادت وأهلكت المجتمع.

وإذا رأينا كثرة الذنوب والمعاصي نتذكر الصالحين لنقلدهم ونتبعهم فلا يجرفنا تيار الشر، ولا نقول: "هكذا كل الناس، ونحن من الناس"!

لأن المهم بالنسبة للفرد أن يكون صالحاً وبعيداً عن الذنوب، والله لا يحاسبه على ذنوب غيره التي لا يقدر على منعها، والإنسان الصالح يقلده غيره، ويكون نوراً يُهتدى به في الظلمات، ويدفع الله به البلاء عن الأمة، وهذا ما جاء في القرآن وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

نحن اليوم نلاحظ كثرة الذنوب والمنكرات، لكن حتى لا نيأس علينا أن نلاحظ كيف يُقبل المسلمون على الصيام في رمضان وحتى العصاة منهم، ونلاحظ كثرة المصلين في المساجد خاصة يوم الجمعة، ونلاحظ الأطفال الذين يقفون أمام الدبابات بالحجارة ولا يخافون الموت!

هذه الملاحظات هي نقاط مضيئة في حياة المسلمين تدل على أن الإسلام ما زال حيّاً في النفوس، وما زالت أمة الإسلام بخير، ولها مستقبل قريب إن شاء الله، فيه نصر بعون الله عز وجل. ونحن نعيش مرحلة صحوة إسلامية حقيقية يخاف منها أعداؤنا.

يقول الله تعالى: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) آل عمران/140، يعني: يوم لنا ويوم علينا، وفي يوم النصر يجب أن نكون مع الله، وفي يوم الهزيمة يجب أن نكون مع الله.. المهم أن نكون أفراداً وجماعات مع الله في كل الأحوال، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم.

وأضرب لكم مثالاً: هذا رمضان أقبل، استعدوا له، صمموا على صيام رمضان، وصلاة التراويح، وقراءة القرآن، وتقديم الصدقات، وبقية الأعمال الصالحة.. إذا جاء يوم الجمعة استعدوا للصلاة في الوقت المناسب.. إذا حان وقت صلاة الصبح أو الظهر قوموا لها بنشاط.. وهكذا كل الأعمال الصالحة..

إخواني، إن المراقب لحال المسلمين يرى أنهم في تقدم في وسائل الحياة، ويرى أنهم يعودون للإسلام بسرعة، وهذا يعني أن الخير والنصر قادمان.. فثقوا بالله، وتوكلوا عليه، وضاعفوا العمل الصالح، وأبشروا فإن الله لن يضيع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.