ملخص خطبة جمعة بعنوان: أحبب من شئت فإنك مفارقه

التصنيف: خطب الأعياد
الإمام: سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان
المسجد:
التاريخ: الخميس, 24 حزيران 2010

 ملخص خطبة جمعة بعنوان: (أحبب من شئت فإنك مفارقه)

 سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير.

أما بعد:

إخواني المسلمين:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هنا نجتمع كل أسبوع في أفضل الأيام لنصلي الجمعة وهي أعظم الصلوات، ونستمع إلى النصائح الدينية المهمة.

لكن الدنيا لا يدوم فيها شيء، الذي يدوم هو الله تعالى. وفي أيام الصيف هذه يكثر السفر لأسباب كثيرة، ويغادر كثير من المغتربين الدول التي يعملون فيها لزيارة الأهل أو لانتهاء أعمالهم في تلك الدول.

ومن عادة المسلمين إذا أرادوا أن يتفرقوا لسبب من الأسباب أن يوصي بعضهم بعضاً بكلمات تظل في الذهن؛ لأنها آخر ما يسمع الإنسان من أخيه المسلم، وتكون الوصية بأشياء مهمة.

النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يفارق الدنيا أوصى المسلمين بالمحافظة على الصلاة، والمحافظة على الوحدة الإسلامية، وعدم التقاتل. وهذا أهم ما يحتاج إليه المسلمون.

في مناسبة أخرى جبريل عليه السلام أوصى محمداً صلى الله عليه وسلم؛ فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (يا محمد، عش ما شئت؛ فإنك ميت، وأحبب من شئت؛ فإنك مفارقه، واعمل ما شئت؛ فإنك مجزي به) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط".

هذه النصيحة نحن اليوم بحاجة إليها ونحن نتألم لمفارقة الإخوان والأصدقاء؛ لأن الأمر إذا كان لا بد منه فإن الإنسان يقابله بحكمة وشجاعة.

1.  مهما عاش الإنسان لا بد له من الموت.. محمد صلى الله عليه وسلم خير خلق الله مات، لكنه انتقل إلى دار خير من هذه الدار، انتقل إلى الجنة، ونحن إذا عملنا عملاً صالحاً ننتقل بعد الموت إلى الجنة بأرواحنا أولاً، ثم يوم القيامة بأرواحنا وأجسادنا؛ لأن الله الذي خلق أجسادنا أولاً وعدنا أن يعيدها مرة أخرى، وهو قادر على ذلك، ولا يخلف الميعاد.

نعم.. نتعالج إذا مرضنا، ونحافظ على سلامتنا وسلامة المجتمع من الخطر، وفي نفس الوقت نعمل عملاً صالحاً قبل أن يأتي موعد السفر إلى الآخرة.

2.  الإنسان له أصدقاء يحبهم، وأقارب يحبهم.. وهكذا خلق الله الإنسان؛ يحب الذين أحسنوا إليه، يحب الذين كانوا لطيفين معه، يحب الذين يتصفون بالصفات المحببة مثل العلم والقوة.. لكن كل الأصدقاء والأحباب لا بد أن تفارقهم؛ ولهذا لا يجوز أن نعصي الله من أجل أن نرضي بعض الأصدقاء، ولا يجوز أن ننشغل بما يرضي الأصدقاء عما يرضي الله.

والأهم يجب أن يكون حبيبنا الأعظم هو الله، الذي أحسن إلينا كثيراً بنعم وعطايا كثيرة، والذي كان رحيماً ولطيفاً معنا في مواقف كثيرة، والذي يتصف بصفات الكمال المطلق والذي لا يفارقنا ولا نفارقه، وهو يغنينا عن غيره، وغيره لا يغني عنه.

ويجب أن نحب مَن أَمرنا الله بحبهم، نحب محمداً صلى الله عليه وسلم وكل الصالحين، ونحب أقاربنا وجميع المسلمين.

3.  نحن نعمل أعمالاً كثيرة: منها ما هو صالح ومنها ما هو مع الأسف سيء. ونحن نعرف ذلك لكن نلاحظ أن الذي يعمل العمل الصالح والذي يعمل العمل السيء ظروف حياتهم متشابهة تقريباً، منهم الغني والفقير، والقوي والضعيف، والمسرور والحزين، والصحيح والمريض.. إلخ.

إذن ما الفرق؟

الفرق في أمرين:

-   الأول: في الدنيا؛ فالصالح مرتاح الضمير محبوب من كل الناس يثقون به، وغير الصالح قلق معذب الضمير لا يثق به أحد ولا يحبه أحد، وحوله منافقون يظهرون حبه ما دام الحظ مساعداً له، فإذا وقع في كارثة تخلى عنه الجميع؛ لأن قلوبهم كانت تكرهه.

-   والفرق الثاني: بعد هذه الحياة الدنيا -أعني في الآخرة-؛ فالصالح في الجنة يتنعم بكل أنواع النعيم، وهو خالد في النعيم لا تنتهي سعادته، وغير الصالح يعذب، الكافر يعذب بالنار لا نهاية لعذابه، والمؤمن إذا لم يتب إلى الله يعذب على مقدار ذنوبه.

إذن الإنسان يعرف الخير والشر؛ فليعمل الخير لينال ثوابه في الآخرة، ويترك الشر كيلا يعاقب عليه في الآخرة.

فما أجمل هذه الوصية، وحبذا لو حفظناها:

1. عش ما شئت؛ فإنك ميت.

2. أحبب من شئت؛ فإنك مفارقه.         

3. اعمل ما شئت؛ فإنك مجزي به.

أدعو الله سبحانه أن يجعلنا ممن طال عمره وحسن عمله، وأن يجعل حبه في قلوبنا أعظم من كل حب، وإذا فرق بيننا وبين أحبابنا في الدنيا أن يجمعنا معهم في الجنة مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأدعو الله أن يرزقنا العمل الصالح ويبعدنا عن عمل الشر، ويغفر لنا ما عملنا من سوء.