ملخص خطبة جمعة بعنوان: (الصحوة الإسلامية)

التصنيف: خطب عامة
الإمام: سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان
المسجد:
التاريخ: الأحد, 27 آذار 2011

ملخص خطبة جمعة بعنوان: (الصحوة الإسلامية)

 سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان - رحمه الله

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فأوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على طاعته.

-  الصحوة الإسلامية حقيقة لاشك فيها، وأهم مظاهرها: عودة المسلمين إلى دينهم، يتمسكون بتعاليمه، ويتثقفون بثقافته، ويريدون أن يجعلوه منهاج حياة مجتمعاتهم، ويشعرون بالفارق الحقيقي بين عقيدتهم وبين عقيدة غيرهم، وحضارتهم وحضارة غيرهم.

-   هذه الحقيقة تقلق أعداء الإسلام الذين ظنوا أنهم قادرون على ابتلاع المسلمين، ودمجهم في حضارتهم، وإبعادهم عن الإسلام، ولهذا يفكرون في أسباب الصحوة الإسلامية من أجل محاربتها وإخمادها.

-  سمعت بعضهم يقول: إن رجوع المسلمين إلى الإسلام عائد للأحوال المعيشية، وهروباً من الواقع المؤلم.

-   هذا الكلام من كفار اليوم مثل كلام الكفار السابقين، الذين قالوا: الفقراء اتبعوا الأنبياء بسبب فقرهم، والضعفاء اتبعوا الأنبياء هروباً من ظلم المجتمع.

-   وهذا الكلام هو جزء من الحقيقة وليس كل الحقيقة، نعم إن ضمائر الناس تعتقد بأن العدالة لا تكون إلا في القانون الإلهي، الذي يعطي الفقير حقه، ويعطي الضعيف حقه، ويحقق العدالة الاجتماعية، ولقد رأينا في الأنظمة غير الإسلامية المفاسد الكثيرة من ظلم، ورشوة على أعلى المستويات، واستغلال للفقراء والضعفاء.

-   لكن من جهة أخرى ترى الصحوة الإسلامية تشمل الأغنياء والأقوياء أيضاً؛ فهناك أفراد أغنياء ودول غنية يشاركون في الصحوة الإسلامية، وهم متدينون لم يشغلهم المال والقوة عن العمل بتعاليم الإسلام، فما هي الحقيقة إذن؟

-  الحقيقة أن الله تعالى يهدي من يشاء، وطوبى لمن هداه الله.

-   الحقيقة أن الناس قد يئسوا من الحضارة الغربية؛ لأنها حققت الرفاهية لبعض الناس ولم تحققها لكل الناس، وحققت رفاهية الجسم ولم تحقق رفاهية الروح، والإنسان روح وجسد، ودعونا نتذكر ماذا عندهم من جرائم قتل بلا سبب، واغتصاب، وانتحار... وهم أغنياء، ولدينا الرحمة والطمأنينة والعطف على الضعفاء... ونحن من الدول (النامية).

-   في وقت ما خُدعنا بمظاهر الحضارة الغربية، وأعجبنا بالتقدم العلمي عندهم، لكن اكتشفنا أنهم فقراء من الناحية الروحية، وضعفاء من الداخل؛ لأنهم قطعوا علاقتهم بالله، ونحن نريد أن نستفيد من علومهم، ونحافظ على عقيدتنا وعلاقتنا بالله وقيمنا السماوية؛ فنكون سعداء في الدنيا والآخرة.

-   قالوا لنا: لا يمكن التقدم المادي إلا بترك الدين؛ لأنه يقيد حركة الإنسان.

-   وهكذا فعلوا هم، لكن عرفنا بعد ذلك أن التقدم الحقيقي المتوازن لا يكون إلا مع الدين، وأن ديننا يختلف عن دينهم؛ لأنه يأمرنا بالعمل والبحث، ودينهم ليس كذلك، ديننا من عند الله ودينهم اخترعه قدماؤهم، فهو لا يناسب كل العصور، عرفنا تماماً أنه لا تعارض بين الإسلام والعلم.

-   من جهة أخرى رأينا من غير المسلمين: الاستعمار، والظلم، والأذى... آذونا في مشاعرنا، وديننا، وأوطاننا، وكل عزيز علينا، آذوا الإنسانية كلها عندما تعاملوا مع الإنسان باعتباره حيواناً راقياً، وكياناً مادياً فقط، لم يحسبوا حساباً للروح الإنسانية، فقتلوا الملايين من أجل سيادة العالم، قتلوا أبناء دينهم ووطنهم، وقتلوا غيرهم أيضاً وما زالوا يقتلون.

-   كل هذا وغيره جعل المسلمين يبحثون عن أنفسهم، وعن ذاتهم، وحقيقتهم... فوجدوا أنفسهم في الإسلام، وكرامتهم في الإسلام، وسعادتهم وسعادة الآخرين في الإسلام؛ ولذا فإن الصحوة الإسلامية لإنقاذ المسلمين والعالم مما وصل إليه.

-   بقي أن نقول: إن الكثير من المسلمين لم ينصرفوا عن دينهم، ولم يُخدعوا بالمظاهر المادية، ومنذ البداية عرفوا أن الإسلام هو سبب السعادة، وأن لا تعارض بين الإسلام والتقدم المادي.

-  إن علينا أن نمضي في طريق الخير، ونثق بوعد الله؛ فقد وعد أن تكون العاقبة للمتقين.

-  ندعو الله تعلى أن يثبتنا على الحق، وأن ينصرنا على القوم الكافرين.