ملخص خطبة جمعة بعنوان: الشكر والصبر طريق الجنة وسبيل النصر

التصنيف: خطب الأعياد
الإمام: سماحة المفتي العام السابق الدكتور نوح علي سلمان
المسجد:
التاريخ: الأحد, 13 حزيران 2010

ملخص خطبة جمعة بعنوان: (الشكر والصبر طريق الجنة وسبيل النصر)

 سماحة المفتي العام السابق / الدكتور نوح علي سلمان

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.

أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأحثكم على طاعته، وأستفتح بالذي هو خير.

أما بعد:

-   كل إنسان في الدنيا يقابل حوادث سارَّة، منها الخاص ومنها العام، ويقابل أموراً محزنة خاصة وعامة، وهذه سنة الله في الخلق، هكذا تجري الحياة على الجميع.

-   المسلم إذا جاءه الخير شكر الله؛ فيتقدم خطوة إلى الجنة، وإذا جاءه الشر صبر؛ فيتقدم خطوة أخرى إلى الجنة، وهكذا حتى تنتهي حياته بدخول الجنة.

-   أما الكافر والجاهل إذا جاءه الخير أعجب بنفسه، وتعدى حدود الأدب مع الله؛ فيتقدم خطوة إلى النار، وإذا جاءه الشر غضب وتعدى حدود الأدب مع الله، وازداد كفراً؛ فيتقدم خطوة أخرى إلى النار، وهكذا حتى تنتهي حياته بدخول جهنم.

-   خير الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد لاقي أموراً سارَّة وأموراً محزنة مثلاً:

1.  انتصر في معركة بدر؛ فنزل القرآن يأمره ويأمر المسلمين بالشكر، ويبين أن النصر من عند الله، والمسلمون استحقوا النصر لأنهم كانوا متحدين، صادقين مع الله، وطلب منهم الاستمرار في هذا السلوك ليستمر لهم النصر.

2.  لكن في معركة أحد انهزم المسلمون (ولم ينهزم الرسول)، وقتل عدد من الصحابة؛ فنزل القرآن يبين أسباب الهزيمة وأنها: تفرق الكلمة والاختلاف، وحب المكاسب الدنيوية العاجلة، وحذر المسلمين من تكرار الخطأ حتى لا تتكرر الهزيمة.

-   بعبارة أخرى بعض مصائب الإنسان هو السبب فيها؛ فيجب أن يعرف خطأه ويعتذر منه إلى الله، ويدعوه أن يغفر له ثم يواصل طريقه في الحياة، ويحاول تجنب الخطأ.

-   ومصائب المجتمع كلها لها أسباب يجب أن نعرفها، ونحاول عدم تكرارها.

-   صحيح أن كل شيء بيد الله، لكن الله أراد أن يكون لكل شيء سبباً، وكل سبب له نتيجة سواء فعله مؤمن أم غير مؤمن؛ لأنه لو كان المؤمن ناجحاً عمل أم لم يعمل، ولو كان الكافر فاشلاً عمل أم لم يعمل؛ لآمن كل الناس ولم يعد الإيمان بالله إيماناً بالغيب بل بالحاضر، والله جعل ثواب الإيمان عظيماً جداً لأنه إيمان بالغيب؛ أي مبني على الثقة بكلام الله وكلام الأنبياء، قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) البقرة/3؛ فهم يستخدمون عقولهم لمعرفة ما وراء الحاضر فيعرفون أن لهم رباً عظيماً تجب طاعته ومحبته.

-   بكل تأكيد كل واحد منا له مشاكله ومتاعبه الخاصة؛ فليبحث عن السبب ويستغفر الله، قد يكون أذنب مع الله، قد يكون ظلم غيره من الناس، إذن يراجع نفسه، ويحاول من جديد ويصبر ولا ييأس، يلوم نفسه ولا يلوم غيره ولا يلوم ربه؛ لأن الله لا يظلم أحداً.

-   لكن هناك مشاكل وأحزان كبيرة وعامة تؤلم جميع المسلمين، وهذه الآلام جاءتنا على يد غير المسلمين، والواجب علينا تجاهها ما يلي:

1.  أن لا نكثر البكاء والصياح؛ لأن هذا يَسُرُّ أعداءنا إذا رأونا نتألم؛ ولهذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البكاء على شهداء أحد بعد أن سمح به؛ لأنه علم سرور الكفار بذلك.

2.  يجب أن لا نتوقع من الكفار الرحمة بنا واللطف معنا؛ لأنهم أعداء وهكذا يفعل الأعداء، هكذا أخبرنا الله عنهم.

3.  يجب أن نفتش أنفسنا، وسنجد الكثير من أسباب المصائب، منها: الاختلاف، وهو حرام، فنحن نحاسب بعضنا على أمور صغيرة وننسى العدو المشترك، نحن نجد أصحاب القضية الواحدة والمنهاج الواحد مختلفين.

لو رجعنا إلى كتاب الله لوجدنا أن ما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، ولوجدنا مشاكل خطيرة تجعلنا نوحد صفوفنا ونرتفع عن الأمور الثانوية.

أنا لا أقول: أنتم تستطيعون جمع صفوف المسلمين. لكن أقول: اعرفوا السبب كيلا تلوموا ربكم وتقولوا: تخلى عنا. لأن من قال هذا ابتعد عن الدين كثيراً، ومع ذلك حاولوا جمع الكلمة ولو في المؤسسات الصغيرة، في الأسرة، في العمل، في المسجد..

4.  يجب أن لا نيأس من رحمة الله؛ لأن اليأس من رحمة الله كفر، وقد عودنا ربنا أن يدركنا برحمته عندما لا يبقى لدينا وسيلة لدفع الخطر عن الأمة الإسلامية.

تذكروا كيف جاءت الطيور فطردت الجيش الذي يريد هدم الكعبة، وكيف عميت عيون الكفار عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار ليلة الهجرة، وكيف طرد الله الجيوش التي أحاطت بالمدينة والرسول عليه الصلاة والسلام محاصر فيها، وكيف رد الله الصليبيين عن بلاد المسلمين بعد أن احتلوا القدس (90) عاماً، طردهم بواسطة رجل عادي من المسلمين.

وسبب ذلك كله أن الله تعالى وعد أن يحمي الإسلام والقرآن حتى تقوم الساعة، ولا يمكن حماية الإسلام إلا بحماية المسلمين، ووعد الله لا بد أن يتحقق. لكن كيف؟! الله أعلم، علينا أن نفتش ونحاول ونثق بالله.

-   إذن المسلمون في امتحان، والخير قادم لا شك، وعلينا أن نصبر ونثبت حتى نلقى الله تعالى.

-   بعض الناس يقولون: لو أطعنا الكفار قليلاً لنرد شرهم عنا؟! هذا خطأ؛ لأن الكفار لا يرضون عن المسلمين حتى يتركوا الإسلام كله ويتبعوا غيره، وهذه خسارة الدنيا والآخرة، وضياع للأمة؛ لأن الله وعد الكفار بعذاب في الدنيا والآخرة، والأمة الإسلامية إذا اتبعت غيرها ضاعت.

نعم يمكن أن نجاملهم لكن ليس على حساب ديننا وعقيدتنا، وبالأسلوب الذي يراه علماؤنا وحكماؤنا.

-   بعض الناس أيضاً يحاول أن يفسر الإسلام بطريقة يُرضي بها الكفار، يريد أن يقترب من أفكارهم ومبادئهم، وهذا جهل بالدين، وكذب على الله؛ لأن الإسلام هو ما جاء في القرآن والسنة كما فهمه وفسره العلماء الذين يعرفون قواعد تفسير القرآن والسنة.

-   لقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدجال الذي يأتي آخر الزمان، ويكون الناس في فقر والدجال معه مال كثير ولا يعطي إلا من كفر بالله وآمن بالدجال.

وقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بأن نصبر ولا نغير ديننا لأن الفرج قريب. ونحن يجب أن نصبر ونعتقد أن النصر قريب، وندعو الله بصدق أن يفرج عن جميع المسلمين.

 الخطبة الثانية:

المسلم يجب أن يهتم بشؤون المسلمين العامة؛ لأنه جزء من المجتمع الإسلامي، لكن يجب أن لا يغفل عن نفسه، وأن يؤدي ما أمره الله به؛ لأن طاعة الله واجبة في كل وقت، وأول ما يسألنا الله عنه: الصلاة، وحسن الخلق، ورعاية أسرنا رعاية إسلامية.

المسلم الصادق هو الذي يتمسك بتعاليم الإسلام مهما كان المجتمع من حوله، حتى ولو كان في مجتمع كله لا يؤمن بالله ولا بالإسلام، ومع ذلك لابد أن تجد في كل مكان جماعة من المؤمنين الطيبين تتعاون معهم على طاعة الله، والتمسك بالإسلام.

اللهم ثبتنا على الحق حتى نلقاك وأنت راضٍ عنا.