المجاملات وأثرها على العلاقات بين الناس في ضوء الكتاب والسنة
الدكتور يحيى شطناوي/ كلية الشريعة- جامعة اليرموك
الملخص
يتناول البحث جانبا من علاقات الناس اليومية، المتمثلة في المجاملات، فما بين إفراط وتفريط أفسدت بعض العلاقات وأضاعت بعض الحقوق، وقد استقرأ الباحث جملة من النصوص الشرعية المجيزة للمجاملات والمانعة لها، بغية الوصول إلى علاقات اجتماعية ناجحة وفق المعنى الشرعي، ليصل في نهاية المطاف إلى أن الأصل في التعامل: الصراحة والوضوح، وأن المجاملات مقبولة في حدود معينة.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،
فإن من الأمور المسلّمة أن الإنسان مدني بطبعه، ولا يمكنه العيش منعزلا عن الناس، ولابد له من تكوين علاقات وبناء صداقات مع الآخرين، وقد بين الله تعالى في كتابه الكريم أن من أسرار خلق الناس وتصنيفهم إلى أمم وشعوب هو تحقق الاتصال والتعارف بينهم فقال سبحانه:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" [13:الحجرات]، ولذا جاءت نصوص الشرع الحنيف بتفاصيل وافية لهذا النوع من المعاملات نظراً للاحتكاك المباشر ولكي يعرف كل واحد ماله وما عليه، فالتعامل مع الآخرين مهارة وفن لا يحسنها الكثير من الناس فتجد الجاد الحاد الذي تغلب عليه الجلافة، وتجد الليّن السهل الذي لا يستطيع أن يُكوّن رأيا مستقلا فتضيع حقوقه بسبب مجاملاته المفرطة[1]، وكلا الطرفين يحسب أن سلوكه هو الأمثل والأقوم.
والملاحظ أن تشريعات الإسلام جلّها جماعية، مما يؤكد ضرورة الاجتماع بين بني البشر، وهذا بدوره يتطلب علاقات تحكمهم، وحث الإسلام على المخالطة وإن لحق بالفرد بعض المشقة والأذى، فهي أولى وأعظم أجرا من العزلة.
وبما أن أفهام الناس تتفاوت في استنباط الأحكام من الأدلة الشرعية، فقد رغبت أن أقف مع بعضها بغية الوصول إلى علاقات ناجحة بين الناس تقوم على التوسط، البعيد عن الإفراط والتفريط، مراعيا في ذلك الاختصار قدر الإمكان، مع الحرص على الاستدلال بالآيات الكريمة والأحاديث النبوية الصحيحة.
هدف البحث:
يهدف البحث إلى الإجابة عن الأسئلة التالية:
- هل الأصل في التعامل مع الناس الوضوح أو المجاملة؟
- هل هناك علاقة بين قوة الشخصية والصراحة في التعامل؟
- متى يسوغ استخدام المجاملات في التعامل مع الناس؟
واقتضت طبيعة البحث تقسيمه إلى مقدمة وثلاثة مطالب وخاتمة
المقدمة: تضمنت توطئة يسيرة عن أهمية العلاقات العامة بين الناس
المطلب الأول: معنى المجاملة والفرق بينها وما يقاربها في المعنى
المطلب الثاني: المجاملة في نصوص الكتاب والسنة
المطلب الثالث: الصراحة والوضوح، وضرب بعض الأمثلة
الخاتمة: أهم النتائج والتوصيات
والله أسأل أن أكون قد وفقت إلى ما رميت إليه، راجيا منه سبحانه أن يمدنا بعون من عنده، وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وأن يوفق الجميع لما يحب ويرضى، إنه سميع مجيب.
المطلب الأول
معنى المجاملة والفرق بينها وبعض الكلمات التي تقاربها في المعنى
المجاملة لغة: من جمل وتجمّل: أي تزين، وجامله مجاملة: عامله بالجميل، وجمّله: حسنه وزينه، ويقال في الدعاء: جمّل الله عليك: جعلك الله جميلا حسنا، وتجمّل: تكلف الحسن والجمال، وظهر بما يجمل[2].
قال ابن فارس:" جمل: الجيم والميم واللام: أصلان، أحدهما: تجمع وعظم الخلق، والآخر حسن الجمال وهو ضد القبح"[3].
وقال الزمخشري: "فلان يعامل الناس بالجميل، وجامل صاحبه مجاملة، وعليك بالمداراة والمجاملة مع الناس، وإذا أصبت بنائبة فتجمل أي تصبر"[4].
وهناك كلمات لها صلة بالمجاملة يحسن الإشارة إليها وبيان الفروق بينها، مثل المداراة[5] والمداهنة والرياء.
فالمداراة من الدرء وهو الميل إلى أحد الجانبين، ودارأه: لاطفه ولاينه اتقاء لشره، ويقال داراه، ودريته أي لاينته[6].
وفي المعنى الاصطلاحي، قال ابن حجر: قال ابن بطال: المداراة من أخلاق المؤمنين، وهي خفض الجناح للناس ولين الكلمة، وترك الإغلاظ لهم في القول، وذلك من أقوى أسباب الألفة[7].
ثم ذكر الفرق بين المداراة والمداهنة فقال:" وظن بعضهم أن المداراة هي المداهنة، فغلط، لأن المداراة مندوب إليها، والمداهنة محرمة، والفرق أن المداهنة من الدهان، وهو الذي يظهر على الشيء ويستر باطنه، وفسرها العلماء بأنها معاشرة الفاسق، وإظهار الرضى بما هو فيه من غير إنكار عليه.
والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله، وترك الإغلاظ عليه، حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل، ولا سيما إذا احتيج إلى تألفه، ونحو ذلك"[8].
وأما المداهنة فهي من دهن ودهّن وداهن: أي أظهر خلاف ما أضمر، وخدع وغش، ولين في القول وقارب فيه، والإدهان: الغش، ودهن الرجل إذا نافق[9]، ومنه قوله تعالى:" ودوا لو تدهن فيدهنون" [9: القلم].
وقال الجرجاني: المداهنة هي أن ترى منكرا وتقدر على دفعه ولم تدفعه حفظا لجانب مرتكبه أو جانب غيره، أو لقلة مبالاة في الدين[10].
وأما الرياء فقد عرفه الجرجاني بقوله: ترك الإخلاص في العمل بملاحظة غير الله فيه"[11].
والذي يظهر من خلال هذه التعريفات أن المداراة جائزة،لأنها تكون في الأمور الدنيوية اتقاء للشر، بخلاف المداهنة والرياء، لأنهما تكونان على حساب الدين، بل قد يصل الرياء بصاحبه إلى الشرك الخفي، ففي الحديث الشريف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه". ( مسلم، صحيح مسلم، كتاب الزهد، باب تحريم الرياء، 18/115)، كما فُسّر الشرك بالرياء في قوله تعالى:"فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا"، [110: الكهف][12].
وتبقى المجاملة وسط بين الأمرين، ويكون حكمها بحسب حال الشخص المستخدِم لها والظرف الذي يلابسه، فإن كانت لدرء مفسدة ولا يترتب عليها تضييع حق فهي جائزة مثل المداراة، وبخلاف ذلك فلا يجوز استخدامها، وهو ما سيتضح في المطلب التالي.
المطلب الثاني
المجاملات في نصوص الكتاب والسنة
إذا تكلف إنسان سلوكاً معينًا لتحقيق غايته، تكلف نمطاً غريباً وشاقاً يعسر عليه إتقانه، لا يلبث أن يتلعثم صاحبه عند المواجهة، ويجنح إلى الإفصاح عن حقيقة نواياه فتظهر للعيان، كما أخبر الله تعالى عن المنافقين فقال:" ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول" [30: محمد]، وقد فضحهم الله تعالى في تذرعهم بأعذار واهية للتخلف عن الجهاد كاشفاً زيف دعواهم فقال سبحانه:" ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً، ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً" [12-14: الأحزاب]، وقال عن فريق آخر:" ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا وإن جهنم لمحيطة بالكافرين" [49: التوبة].
ومن هنا أقول إن مثل هذا السلوك المتكلّف بعيد كل البعد عن المؤمن التقي، الذي تقوم علاقاته مع الآخرين على الوضوح وعدم المداهنة.
وأما المجاملات التي يقوم بها بعض الناس بغية الوصول إلى هدف مشروع، فهي جائزة لا غبار عليها، وهي أقرب إلى المداراة، وتختلف عن النفاق والرياء والمداهنة.
ومن الأمثلة على المجاملة الجائزة، موقف إبراهيم عليه السلام مع أبيه الكافر حين لاينه وأحسن له القول وتلطف في خطابه أملاً في هدايته للخير، قال تعالى:" واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا، إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا" [41-42: مريم]، وتغاضى في سبيل ذلك عن لغة التهديد التي أطلقها والده ، فقد قال له والده كما ذكر القرآن الكريم:" قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا" [45: مريم] وجاء رد إبراهيم عليه السلام بمنتهى اللطف والبر والعطف :" قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا" [46: مريم]، ثم لما أخبره الوحي بأن والده لن يؤمن قطع تلك الملاينة وفاصل والده بمنتهى الصراحة وتبرأ منه، قال تعالى:" وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم" [114: التوبة].
وكذلك موقفه عليه السلام مع النمرود حين أخبره بأن زوجه ساره هي أخته ليدفع شره ومكره، ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام قط إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله إني سقيم وقوله بل فعله كبيرهم هذا وواحدة في شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك...". (متفق عليه واللفظ لمسلم: صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل إبراهيم الخليل، 15/123-124، والبخاري، الجامع الصحيح ومعه الفتح، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قوله تعالى (واتخذ الله إبراهيم خليلا)، 6/36، حديث رقم(3358).
فنجد أن سيدنا إبراهيم عليه السلام قد تصرف بمنتهى الحكمة واستخدم أسلوب الملاينة مع الطاغية الجبار الذي كان ينوي السوء بسارة، فقد "كان من رأي الجبار أن من كانت متزوجة لا يقربها حتى يقتل زوجها، فلذلك قال إبراهيم هي أختي، لأنه إن كان عادلا خطبها منه ثم يرجو مدافعته عنها، وإن كان ظالما خلص من القتل"[13].
ونشير هنا إلى أن "إطلاق الكذب على الأمور الثلاثة لكونه قال قولا يعتقده السامع كذبا، لكنه إذا حُقّق لم يكن كذبا لأنه من باب المعاريض المحتملة للأمرين فليس بكذب محض"[14].
ونجد موقف المجاملة عند نبي الله يوسف عليه السلام مع إخوته الذين ألقوه في غيابت الجب واتهموه هو وشقيقه - زورا وبهتانا-[15] بالسـرقة في قولهم "قالوا إن يسرق فقد سـرق أخ له من قبل" [77:يوسف] فلم يستفزه القول ولم يعنف بل صفح وحلم " فأسرها يوسف في نفسه ولم يبدها لهم قال أنتم شر مكانا والله أعلم بما تصفون" [77: يوسف].
وفي أمر الله سبحانه لموسى وهارون عليهما السلام بأن يقولا لفرعون الطاغية قولاً ليناً ما يفيد أن المجاملة لأجل أن تقام عليه الحجة ولعله يهتدي إلى الحق، قال سبحانه:" اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى" [43-44: طه]، "فالقول اللين لا يثير العزة بالإثم، ولا يهيج الكبرياء الزائف الذي يعيش به الطغاة، ومن شأنه أن يوقظ القلب فيتذكر ويخشى عاقبة الطغيان"[16].
ونجد الأمر بالمجاملة في نهي القرآن عن سب الأصنام إذا أدى ذلك إلى سب الله جل وعلا من قبل المشركين، فقال تعالى:" ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم"[108: الأنعام].
قال الإمام ابن كثير عند تفسير هذه الآية:" يقول الله تعالى ناهيا لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين وهو: الله لا إله إلا هو"[17].
وأورد الإمام الرازي تساؤلا وأجاب عنه فقال:" لقائل أن يقول: إن شتم الأصنام من أصول الطاعات، فكيف يحسن من الله تعالى أن ينهى عنها؟ والجواب: أن هذا الشتم، وإن كان طاعة، إلا أنه إذا وقع على وجه يستلزم وجود مُنكَر عظيم، وجب الاحتراز منه، والأمر ههنا كذلك، لأن هذا الشتم كان يستلزم إقدامهم على شتم الله وشتم رسوله، وعلى فتح باب السفاهة، وعلى تنفيرهم عن قبول الدين، وإدخال الغيظ والغضب في قلوبهم، فلكونه مستلزماً لهذه المنكرات، وقع النهي عنه"[18].
ولهذا قال الإمام ابن العربي:" هذا يدل على أن للمحق أن يكف عن حق له إذا أدى ذلك إلى ضرر يكون في الدين"[19].
وقد أمر الله تعالى نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم في مواقف عديدة بالملاينة والمداراة فقال سبحانه:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" [125: النحل].
قال الإمام الزمخشري: "وجادلهم بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف"[20].
وقال سبحانه: "واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً [10: المزمل].
قال الزمخشري: "الهجر الجميل: أن يجانبهم بقلبه وهواه ويخالفهم مع حسن المخالقة والمداراة والإغضاء وترك المكافأة"[21].
ونجد في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم نوعاً من المجاملة المقبولة الهادفة لرأب الصدع وعدم تفاقم الأمور، فمن ذلك تحريم العسل على نفسه صلى الله عليه وسلم حينما أخبره بعض أزواجه أن رائحة كريهة تنبعث من فمه[22]، وهو ما أشارت إليه الآية الكريمة:" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم" [1: التحريم].
وفي قوله صلى الله عليه وسلم:" المرأة كالضلع إن أقمتها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج"، إرشاد للرجل لمداراة المرأة كي تستقيم له الأمور. (البخاري: الجامع الصحيح مع فتح الباري، كتاب النكاح، باب المداراة مع النساء، 10/314، حديث رقم(5184)، وانظر: مسلم: صحيح مسلم، كتاب الرضاع، باب الوصية بالنساء،10/56-57).
قال الإمام ابن حجر: "وفي الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن، والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فاته الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها، ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال: الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها"[23].
ولذا جاء الترخيص في قول غير الحقيقة في حديث الرجل مع امرأته وفي الإصلاح بين الناس، فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس ويقول خيراً وينمي خيراً، قال ابن شهاب ولم أسمع يرخص في شئ مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها.(مسلم: صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الكذب وبيان ما يباح منه، 16/157).
ويعد أسلوب المجاملة واحداً من الأساليب الاجتماعية المحببة التي امتدحها الإسلام وخصوصاً بين الأزواج حفاظاً على ديمومة العلاقات الزوجية واستمرارها ونموها، وإذا كنا لا ننكر بأن هناك أساليب ووسائل كثيرة تسهم في الحفاظ على الألفة والمودة بين الزوجين، فإنه يمكن القول: إن أسلوب المجاملة يهدف بالأساس إلى تودد كل طرف إلى الآخر والتقرب إليه، وذلك عن طريق إفشاء عبارات الاستحسان والإطراء والتعبير بالكلام الطيب والجميل، حتى إن القرآن الكريم أرشد إلى ذلك في وقت اشتداد الخلاف بين الزوجين الذي يعقبه الطلاق، فقال تعالى:" ولا تنسوا الفضل بينكم" [237:البقرة].
وإذا كان الإنسان يضطر في حياته اليومية والعملية إلى مجاملة رئيسه في العمل وزميله في السفر وجاره في الشارع، فإن له من باب أولى أن يجامل رفيق عمره في بعض المواطن التي يحسن أن يكون فيها ذلك، وخصوصاً في المناسبات الكثيرة التي تظهر فيها الحاجة إلى المجاملة والمداراة وتوظيف أساليب المعاملة بالتي هي أحسن·
إن سلوك أسلوب المجاملة وتقديم الكلمات الطيبة والمواقف الإنسانية الجميلة، كل ذلك يولد لدى الزوج أو الزوجة شعوراً بالتواد ورفع المعنويات ، بل إنه في كثير من الأحيان يكون عاملاً من عوامل حسم الخلافات والنزاعات الزوجية، فكم رأينا خلافات زوجية أنذرت بالانفصال أو القطيعة، وحين تدخل أحد الطرفين بأسلوب المجاملة واللباقة عادت المياه إلى مجاريها.
إن أحد الزوجين يجامل الآخر في أمور كثيرة ومسائل اجتماعية متعددة قد يراها بعضهما عادية أو تافهة لكنها في واقع الأمر ذات أثر بالغ في تحسين العلاقة الزوجية وتمتينها وتقويتها، وحمايتها من عوامل الضعف والشقاق، والقضاء على سلبيات وانعكاسات الرتابة الزوجية.
ونشير هنا إلى ضرورة الاعتدال في المجاملة وعدم المبالغة التي قد تؤدي إلى نوع من النفاق والتكلف اللذين لا يعبرا عن حقيقة المشاعر وطبيعتها.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- وهو القدوة- مثالا في معاملته الحسنة لأهله، فقال:"خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي"، (الترمذي: سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، 5/709 حديث رقم (3895)، وأوصى بالنساء خيرا فقال صلى الله عليه وسلم:"واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضِلع، وإن أعوج شىء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيرا"، (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب النكاح، باب الوصاة بالنساء، 10/315، حديث رقم(5186)، بل إنه شدد النكير على من يفشي سر امرأته، فقال صلى الله عليه وسلم:" إن من أشر الناس عند الله منـزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها"، ( مسلم: صحيح مسلم، كتاب النكاح، باب تحريم إفشاء سر المرأة، 10/8).
ومن المجاملات المحبّبة ما يصنعه الوالد مع أبنائه من تقبيل واحتضان، الأمر الذي من شأنه أن يجعل الأبناء يشعرون بالسعادة والأمان، فقد روى البخاري عن أبي قتادة قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأمامة بنت أبي العاص على عاتقه فصلى، فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالسًا، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:" من لا يرحم لا يُرحم" (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب الأدب، باب رحمة الولد وتقبيله ومعانقته، 12/35 حديث رقم (5996) و (5997).
وقد استخدم النبي صلى الله عليه وسلم المجاملة مع أفراد من المجتمع من باب ترغيبهم بالإسلام وليس مداهنة كما يتوهم بعض الناس، فمن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، قالت عائشة: فقلت له يا رسول الله، قلتَ ما قلتَ، ثم ألنت له في القول، فقال: أي عائشة: إن شر الناس منزلة عند الله من تركه – أو ودعه - الناس اتقاء فحشه"، (البخاري: الجامع الصحيح مع فتح الباري، كتاب الأدب، باب المداراة مع الناس، 12/159، حديث رقم (6131)، ومسلم: صحيح مسلم، باب مداراة من يتقى فحشه، 16/144).
قال الإمام النووي معلقا على هذا الحديث:" وإنما ألان له القول تألفاً له ولأمثاله على الإسلام، وفي هذا الحديث مداراة من يتقى فحشه وجواز غيبة الفاسق المعلن فسقه، ومن يحتاج الناس إلى التحذير منه، ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ذكر أنه أثنى عليه في وجهه ولا في قفاه، إنما تألفه بشئ من الدنيا مع لين الكلام"[24].
ونقل ابن حجر عن القرطبي والقاضي عياض: جواز ذلك ما لم يؤد إلى المداهنة في دين الله، ثم قال:" والفرق بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلاح الدنيا أو الدين، أو هما معا، وهي مباحة، وربما استحبت، والمداهنة ترك الدين لصلاح الدنيا، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما بذل له من دنياه حسن عشرته، والرفق في مكالمته، ومع ذلك فلم يمدحه بقول، فلم يناقض قوله فيه فعله، فإن قوله فيه حق، وفعله معه حسن عشرة، فيزول مع هذا التقرير الإشكال بحمد الله تعالى"[25].
ونجد النبي صلى الله عليه وسلم يراعي جانب الجبلّة البشرية عند بعض النفوس، فلم يحاول هدم هذا الجانب أو الغض من قيمته، بل ترقى به وأعلى من شأنه[26]، فقد لاحظ أن رجالاً يحبون المال حبا جمّاً، وهم من ضعاف الإيمان، فكان يعطيهم المال تألّفاً لقلوبهم، ويترك آخرين لصلابة إيمانهم، فعن عامر بن سعد عن أبيه قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسماً فقلت: يا رسول الله، أعط فلانا فإنه مؤمن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلمٌ، أقولها ثلاثاً ويرددها عليّ ثلاثاً أو مسلمٌ، ثم قال: إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليّ منه مخافة أن يكبه الله في النار" (مسلم: صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب تألف قلب من يخاف على إيمانه لضعفه، 2/180).
قال الإمام النووي:" معناه أُعطي من أخاف عليه لضعف إيمانه أن يكفر وأدع غيره ممن هو أحب إليّ منه لما أعلمه من طمأنينة قلبه وصلابة إيمانه"[27].
وفي المجال نفسه راعى جانب الفخر الذي يحبه أبو سفيان رضي الله عنه، فالرجل كان زعيما في قومه وحديث عهد بإسلام، فقال صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة:" من دخل دار أبي سفيان فهو آمن" (مسلم: صحيح مسلم، كتاب الجهاد والسير، باب فتح مكة، 12/127).
واستخدم النبي صلى الله عليه وسلم المجاملة مع المنافقين وبخاصة مع زعيمهم عبد الله بن أبي، مخافة الفتنة وخشية أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه، فقد عمّ شر عبد الله بن أبي وآذى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان من عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلا أن قال: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه" (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب التفسير، باب: يقولون لئن رجعنا إلى المدينة... 9/648)، ويعد هذا باباً عظيماً في مجال السياسة الشرعية.
ومثل هذا الصنيع عدم بناء النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة على قواعد إبراهيم، ففي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" يا عائشة لولا قومك حديث عهدهم – قال ابن الزبير: بكفر- لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين: باب يدخل الناس، وباب يخرجون" (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب العلم، باب من ترك بعض الاختيار مخافة أن يقصر فهم بعض الناس فيقعوا في أشد منه، 1/303 حديث رقم(126).
قال ابن حجر معلقاً على هذا الحديث:" ويستفاد منه ترك المصلحة لأمن الوقوع في المفسدة، ومنه ترك إنكار المنكر خشية الوقوع في أنكر منه، وأن الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم ولو كان مفضولاً ما لم يكن محرماً"[28].
كما نجد بعض الصحابة قد استخدموا أسلوب الملاينة مع أقربائهم المشركين، فقد أهدى عمر رضي الله عنه حلة لأخيه المشرك، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: رأى عمر حلة سيراء تباع فقال: يا رسول الله ابتع هذه والبسها يوم الجمعة وإذا جاءك الوفود؟ قال:"إنما يلبس هذه من لا خلاق له" فأُتي النبي صلى الله عليه وسلم منها بحلل فأرسل إلى عمر بحلة فقال: كيف ألبسها وقد قلت فيها ما قلت؟ قال:" إني لم أعطكها لتلبسها، ولكن تبيعها أو تكسوها" فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم" (البخاري: الجامع الصحيح، ومعه فتح الباري، كتاب الأدب، باب صلة الأخ المشرك، 12/20، حديث رقم5981).
ويمكن أن نذكر في هذا السياق إكرام سيدنا إبراهيم عليه السلام لأضيافه الذين جاءوه بصفة بشر، فذبح لهم عجلا سمينا وشواه على حجارة الرضف المحماة ثم قربه إليهم ليأكلوا، وهو ما أشار له قول الباري جل وعز (هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين، إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون، فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين، فقربه إليهم قال ألا تأكلون) [24-27: الذاريات].
وقد ذكر الإمام الرازي جملة من آداب الضيافة التي تحلى بها سيدنا إبراهيم عليه السلام وجامل فيها أضيافه ومنها:" تعجيل القِرى الذي دل عليه قوله تعالى:" فما لبث أن جاء" [69:هود]، وقوله ههنا (فراغ) فإن الروغان يدل على السرعة، والروغ الذي بمعنى النظر الخفي أو الرواح المخفي أيضا كذلك، ثم الإخفاء، فإن المضيف إذا أحضر شيئا ينبغي أن يخفيه عن الضيف كي لا يمنعه من الإحضار بنفسه، حيث راغ ولم يقل هاتوا، وغيبة المضيف لحظة من الضيف مستحسن ليستريح ويأتي بدفع ما يحتاج إليه ويمنعه الحياء منه، ثم اختيار الأجود بقوله (سمين)، ثم تقديم الطعام إليهم لا نقلهم إلى الطعام بقوله (فقربه إليهم)، لأن من قدم الطعام إلى قوم يكون كل واحد مستقراً في مقره لا يختلف عليه المكان، فإن نقلهم إلى مكان الطعام ربما يحصل هناك اختلاف جلوس فيقرب الأدنى ويضيق على الأعلى، ثم العرض لا الأمر، حيث قال (ألا تأكلون) ولم يقل كلوا، ثم كون المضيف مسروراً بأكلهم غير مسرور بتركهم الطعام كما يوجد في بعض البخلاء المتكلفين الذين يحضرون طعاماً كثيراً ويكون نظره ونظر أهل بيته في الطعام متى يمسك الضيف يده عنه يدل عليه"[29].
وهناك نماذج كثيرة أغفلنا ذكرها لأن القصد ليس الاستيعاب بقدر ما هو ذكر حالات يمكن أن نستخدم فيها المجاملات ونقيس عليها في واقع حياتنا إذا ما كانت الظروف متشابهة، دون أن تصبح هي الأصل في تعاملاتنا.
المطلب الثالث
الصراحة والوضوح
لاشك أن الصراحة في التعامل تريح الطرفين وتجعل كل واحد على بينة من أمره، مع الاعتراف بصعوبة هذا المسلك في بداية الأمر، وأنه يحتاج لرجل حاذق فاهم لبق واثق بنفسه بعد التوكل على الله تعالى، غير آبه برضى الناس، فرضاهم غاية لا تدرك.
ويتعين مثل هذا السلوك في أمور الدين التي لا مهادنة فيها، ويندب في الأمور التي تسبب حرجا للشخص وتكلفا وربما جرته لارتكاب رذيلة الكذب.
ومن الأمثلة على ذلك ما طلبه أشراف قريش من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعقد لهم مجلساً خاصاً يليق بهم لا يغشاه أولئك النفر من فقراء المؤمنين أمثال بلال وصهيب وعمار وخباب، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حريصاً على إيصال الخير للناس كافة فقد طمع في إسلامهم، وحدثته نفسه بتنفيذ الفكرة، ولكن الرد الحاسم جاء من فوق سبع سموات ليعلنها صريحة مدوية بأن الإسلام يسوي بين الناس على قدم المساواة، ولا يعترف بتلك القيم الزائفة، ولا يتملق لأحد، "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" [29: الكهف]، ونزل قول الله تبارك وتعالى:" واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً" [28:الكهف] وكذا قوله تعالى:" ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين" [52:الأنعام].
يقول صاحب تفسير "في ظلال القرآن" عند الحديث عن قوله تعالى:"وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" [29: الكهف] بهذه العزة، وبهذه الصراحة، وبهذه الصرامة، فالحق لا ينثني ولا ينحني، إنما يسير في طريقه قيماً لا عوج فيه، قوياً لا ضعف فيه، صريحاً لا مداورة فيه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، ومن لم يعجبه الحق فليذهب، ومن لم يجعل هواه تبعاً لما جاء من عند الله فلا مجاملة على حساب العقيدة، ومن لم يحن هامته ويطامن من كبريائه أمام جلال الله فلا حاجة بالعقيدة إليه.
إن العقيدة ليست ملكاً لأحد حتى يجامل فيها، إنما هي ملك لله، والله غني عن العالمين، والعقيدة لا تعتز ولا تنتصر بمن لا يريدونها لذاتها خالصة، ولا يأخذونها كما هي بلا تحوير، والذي يترفع عن المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه لا يرجى منه خير للإسلام ولا المسلمين"[30].
وفي موضع آخر نجد عتابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صاحب الخلق العظيم، في قضية عبد الله بن أم مكتوم، حينما جاءه يريد تعلم بعض أمور الدين، ورسول الله منشغل مع بعض أشراف قريش طامعاً بإسلامهم، ولأول مرة في القرآن الكريم يقال للرسول صلى الله عليه وسلم (كلا) وهي كلمة ردع وزجر، لأن الأمر يحتاج للصراحة والوضوح، فلا يخص بالإنذار أحداً دون آخر، مهما كان وضعه الاجتماعي ومهما كانت المسوغات، فميزان الله يسري على الجميع بالسوية، ونزل قول الله تعالى:" عبس وتولى، أن جاءه الأعمى، وما يدريك لعله يزكى، أو يذكر فتنفعه الذكرى، أما من استغنى، فأنت له تصدى، وما عليك ألا يزكى، وأما من جاءك يسعى، وهو يخشى، فأنت عنه تلهى، كلا إنها تذكرة، فمن شاء ذكره" [1-12: عبس]، وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ارتكب ذنباً، ولكنه تعليم وإرشاد من الباري سبحانه لاختيار الأولى والأكمل[31].
وفي مجال العلاقات الاجتماعية نجد مثالاً واضحاً قلّ من يستخدمه على الرغم من النص عليه صراحة في كتاب الله تعالى، وما ذاك إلا لأثر المجاملات البالغ في حياتنا، وهو طلب المزور من زائره أن يرجع إذا لم يكن مهيئاً لاستقباله، قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم" [27-28: النور].
قال قتادة: قال بعض المهاجرين: لقد طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها أن أستأذن على بعض إخواني فيقول لي ارجع فأرجع وأنا مغتبط"[32]، وذلك ليحصل له فضل الرجوع المذكور في قوله (هو أزكى لكم) لأن ما قال الله إنه أزكى لنا لا شك أن لنا فيه خيراً وأجراً[33].
وفي مجال العلاقات المالية نجد عناية الشرع الحنيف بما يحافظ على وشائج الود والمحبة بين الناس، فأرشد إلى كتابة الدين وتوثيقه والإشهاد في البيع، حتى يسد كل المنافذ التي تؤدي إلى النزاع والشقاق، فجاء القرآن الكريم بهذه الأحكام العظيمة في آية الدين، وهي قوله سبحانه:" يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..." [282: البقرة]، ولكن قلّ من يتقيد بتلك الأحكام، مخافة أن يقع في الحرج إذا طلب من صاحبه ذلك.
والجدير بالذكر أن آية الدين هي أطول آية في القرآن الكريم، ولا شك بأن ذلك لم يأت عبثا، وما ذاك إلا لكثرة تفاصيل الأمور المالية والعناية بها، ولإرشادنا إلى أصول التعامل الذي ينبغي أن يكون قائما على الصراحة والوضوح، كي لا تذهب الحقوق حتى وطأة المجاملات، فما أعدل وأحكم أوامر القرآن لو أخذنا بها دون تلك الحساسيات المفرطة، وصدق الباري جل شأنه:" ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم" [66: النساء].
وفي مجال قول كلمة الحق وعدم الخشية من لومة اللائمين، نجد النبي صلى الله عليه وسلم يصدع بالحق دون مجاملة، مع أنه صاحب الخلق العظيم، ولكن هذا لا يعني أن تبقى حياته على وتيرة واحدة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا" (مسلم: صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب المساجد، باب النهي عن نشد الضالة في المسجد، 5/54).
وانظر إلى امتثال الصحابة الكرام بالأمر حيثما ورد، دون التفات لعادات بالية، أو مجاملات زائفة، ويكفينا في ذلك ما رواه البخاري عن زينب ابنة أبي سلمة، قالت:" دخلتُ على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب، فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره، فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت:" والله مالي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" (البخاري: الجامع الصحيح مع فتح الباري، كتاب الطلاق، باب تحد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا، 10/607، حديث رقم(5334).
وهذا درس عظيم ينبغي أن تعيه الكثيرات من نساء المسلمين، فمنهن المغاليات في الحداد أكثر من المدة المشروعة، مع النوح والندب المنهي عنه، ومنهن المتساهلات اللواتي يتركن الحداد على الزوج بعد الأربعين يوما[34].
وإذا كنا قد ذكرنا نماذج من المجاملة في الكتاب والسنة في -المطلب السابق- ، وبينّا مسوغاتها الشرعية، فإن معظم ما يجري في عصرنا الحاضر، لا يمكن عدّه من هذا القبيل، بل يدخل في مفهوم "الغاية تبرر الوسيلة"، لأن هدف الشخص في هذه الحالة الحصول على مصلحة ذاتية على حساب المصلحة العامة، ولا يدخل في باب الشفاعة الحسنة التي جاء الحديث عنها في قوله تعالى:" من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها، وكان الله على كل شيء مقيتا" [85: النساء].
قال الزمخشري:" الشفاعة الحسنة هي التي روعي بها حق مسلم ودفع بها عنه شر أو جلب إليه خير وابتغى بها وجه الله ولم تؤخذ عليها رشوة وكانت في أمر جائز لا في حد من حدود الله ولا في حق من الحقوق، والسيئة ما كان بخلاف ذلك"[35].
وحين أراد أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت بعد أن كلّمه نفر من قريش في ذلك، تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: أتشفع في حد من حدود الله؟، ثم قام فاختطب فقال:" أيها الناس! إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وأيم الله! لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعت يدها"، (مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي، كتاب الحدود، باب النهي عن الشفاعة في الحدود، 11/186).
وتجد التكلف المبالغ فيه أحيانا في سلوك الناس بحجة المجاملة، حتى وقعوا في الحرج، "ولو أنهم أخذوا أنفسهم بأسلوب البساطة وعدم التكلف كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما كان يعلّم أصحابه، لما وقعوا في مشقة، وما احتاجوا إلى الأخذ والرد في كثير من الأمور، لكنهم شددوا على أنفسهم، وابتدعوا في المجاملات أنواعاً لا تليق أحيانا بكرامتهم ولا بعزتهم، ثم حاولوا أن يجدوا لها مبرراً شرعياً، أو أن يقفوا على حكم الشرع فيها حتى يدركوا حكم ما يفعلون، ويسلكوا طريق الدين على بصيرة"[36].
وأُثبت في هذا المقام نموذجاً للوضوح والبعد عن المجاملة الذي تحلى به سلفنا الصالح، حيث لم يتحرج أحدهم من عرض ابنته للزواج على من هو أهل لذلك، ونجد صراحةً من الطرف الآخر في الرفض الصريح، وترحيباً من الطرف الأول بهذا الموقف وتضايقاً من الصمت والمجاملة، فقد روى البخاري عن سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يحدث: أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بالمدينة، فقال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فلبثت ليالي، ثم لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئاً، وكنت أوجد عليه مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدت عليّ حين عرضتَ عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئاً؟ قال عمر: قلت: نعم، قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليّ إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها" (البخاري: الجامع الصحيح مع فتح الباري، كتاب النكـاح، باب عرض الإنسـان ابنته أو أخته على أهـل الخـير، 10/219-220 حديث رقم(5122) وانظر 10/252 حديث رقم(5415) باب تفسير ترك الخطبة).
ويظهر من هذا النص مقدار الوضوح في التعامل، ومع أن الرد كان على خلاف المبتغى، إلا إنه كان مريحاً، ثم قارن بما يعانيه الكثير من أفراد مجتمعنا جراء تلك المجاملات المفرطة، فكم من فتاة ضاعت عليها فرصة الزواج بسبب كلمة شفوية جامل فيها أحد الطرفين الآخر، وبقيت الفتاة حبيسةً على اسم فلان، حتى إذا جدّ الجدّ تنكر أحد الطرفين لكلمته، وذهبت الفتاة ضحية المجاملة.
وتجد أحياناً أن ولي الفتاة المخطوبة يقع أسير المجاملة الزائفة، فيتنازل عن حق ابنته في المهر، ليحظى بالمديح، ثم تتجرع الفتاة مرارة ذلك الفعل، إذا ما حصل خلاف في المستقبل.
وكم من شخص أراد التقدم لمنصب معين يحتاج لأصوات تؤيده كي يظفر به ، فأوهمه الكثير من الناس بأنهم معه، وعند وقت الاستحقاق فوجئ بما لم يكن في الحسبان، وأصبح يقلب كفيه ويعض أصابع الندم على زمن أصبح فيه النفاق الاجتماعي سمة بارزة.
وكم من معاملة أنجزت وهي لم تكتمل ، وكم من شخص أخذ حق غيره، فظفر بوظيفة أو شهادة أو مبلغ من المال، بسبب وقوع صاحب القرار تحت ضغط المجاملة.
وكم من شخص تحرج من زيارة مريض لأنه لا يملك ثمن هدية، أو زيارة قريب عنده مناسبة، وربما استدان ثمن تلك الهدية وكانت على حساب قوت عياله، وكله تحت وطأة المجاملات التي ابتدعها الناس، وليس لهم فيها مستند إلا العادات والتقاليد.
وكم أرهقت مناسبات العزاء كاهل أهل المتوفى لمجاراة العادات، وبخاصة في إعدادهم الطعام لجموع المعزين، ويزيد الأمر سوءاً إذا كان الإنفاق من أموال اليتامى المساكين.
وكم من رجل ضاع دَينُه لأنه وقع أسير المجاملات ولم يتقيد بتوثيق الدين.
وكم من أيتام ضاع حقهم في أخذ الدية، بسبب تسرع أحد أولياء الدم بإطلاق كلمة المسامحة، وما ذاك إلا ليظهر بمظهر الرجل الشهم أمام تلك الجموع الغفيرة، ولو كان صادقا مع نفسه لسامح بحقه الشخصي فقط، دون أن يعمم ذلك على بقية الورثة الصغار.
وكم من شخص ضاعت كتبه التي أعارها للآخرين، فلا يستطيع طلبها منهم تحت ضغط المجاملة، وإذا ما فعل فإنه سيلقى العتاب الشديد، فلا يجد مناصا من عدم الإعارة مرة أخرى.
وكم من شخص اضطر للكذب أمام أولاده، لأنه غير مستعد لاستقبال الزائر، فأمر أحد أولاده أن يقول للزائر: إن والده غير موجود في المنزل، ولم يستطع المصارحة واستخدام أمر الشرع في هذه الحالة "وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا".
ومما يبعث على الأسى والأسف أن البعض يفعل تلك الأشياء وكأنه مقتنع بها، وحين يخلو له المجال وتصارحه ويطمئن إليك يجاهر بامتعاضه من هذه السلوكيات ويود التخلص منها، ويتمنى أن يتفق الناس فيما بينهم للحد منها، لكنه يتحرج أن يكون هو البادئ مخافة القيل والقال، وهذا يؤكد لنا ضرورة التعاون بين أهل العلم، وأولياء الأمور، للعمل على الحدّ من تلك العادات المرهقة، وهو ما سيلقى القبول والاستحسان من الكثير.
إن المجاملات المفرطة أفسدت كثيرا من علاقات الناس، وأوقعتهم في الوصف الذميم الذي أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:" تجد من شرار الناس يوم القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه"، (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب الأدب، باب ما قيل في ذي الوجهين، 12/94 حديث رقم(6058)، فهذه هي صفة النفاق التي لا يمكن لمسلم تقي ورع أن يتصف بها، كما أن المسلم إذا أراد أن يمدح أخاه فإنه يتوخى الاعتدال ولا يبالغ، وفي هذا يروي عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أن رجلا ذُكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" ويحك قطعت عنق صاحبك" يقوله مراراً:" إن كان أحدكم مادحاً لا محالة فليقل: أحسب كذا وكذا إن كان يرى أنه كذلك والله حسيبه، ولا يزكي على الله أحداً"، (البخاري: الجامع الصحيح مع الفتح، كتاب الأدب، باب ما يكره من التمادح، 12/96، حديث رقم(6061).
وما يؤسف له أن المجاملات بدأت تتسلل إلى العبادات، فأصبحت ترى بعض العبادات قد تحولت إلى عادات، لأنها أصبحت غايات في ذاتها يحافظ عليها المرء دون أن تكون لها صلة بحياته، ويؤديها ثم ينطلق بعدها كما يريد دون أن يشعر بالتعارض والتناقض[37]، وهذا ملحوظ في سلوك بعض الناس، فترى من يحرص على تكرار الحج والعمرة، وهو يتعامل بالربا،دون أن يجد حرجاً في ذلك، ومن يحرص على صيام التطوع وينسى ما عليه من صيام الفرض وفي الوقت نفسه يتجاهل الحِكَم الحقيقية للصوم فلا يبالي بالغيبة وشهادة الزور والغش وأكل أموال الناس بالباطل، وتجد من يدقق في مسائل جزئية خلافية ويترك الأمور الواضحة التي لا خلاف عليها، إلى غير ذلك من أمور يظهر فيها تحكم العادة.
ولعل هذا ما أشار إليه الإمام ابن الجوزي حين قال:" رأيت كثيراً من الناس يتحرزون من رشاش نجاسة ولا يتحاشون من غيبة، ويكثرون من الصدقة ولا يبالون بمعاملات الربا، ويتهجدون بالليل ويؤخرون الفريضة عن الوقت، في أشياء يطول عددها من حفظ فروع وتضييع أصول، فبحثت عن سبب ذلك، فوجدته من شيئين: أحدهما العادة، والثاني غلبة الهوى في تحصيل المطلوب، فإنه قد يغلب فلا يترك سمعاً ولا بصراً"[38].
وأقول في الختام: إن إنسانا ينشأ في مجتمع جُلّ تعاملات أفراده تقوم على المجاملات لن تكون له شخصية واضحة ولن يستطيع أن يُكوّن رأياً مستقلاً، وبالتالي لن يتقدم هذا المجتمع أو يزدهر.
إن الإسلام اهتم ببناء شخصية المسلم وحثه على تكوين رأيه المستقل دون تبعية لأحد، وعاب عليه التقليد الأعمى، قال تعالى:" وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون" [104:المائدة]، فهذه الآية ومثلها آيات أخرى تنعى على الذين اتخذوا تقليد الآخرين منهجاً لهم في الحياة، وتنهى المسلمين عن اتباع هذا السبيل، سبيل تقليد الآخرين دون معرفة أو تقويم لميزان الحق والباطل في ذلك، لأن تمسك الإنسان بمبدأ أو سلوك معين بدافع من التقليد المجرد للآخرين يتنافى مع الكرامة الإنسانية التي أعزه الله بها، كما يتنافى مع حركة العقل الطبيعية، والله عز وجل إنما تعبد عباده بهذا الدين إعزازا لهم وتكريمًا لا إهانة وإذلالا[39].
ولا أدل على اهتمام الإسلام بتكوين شخصية المسلم وتربيته من مكث النبي صلى الله عليه وسلم مدة ثلاث عشرة سنة في مكة لهذا الغرض، بينما مكث في المدينة لبناء الدولة عشر سنوات ونيف.
إن من الأهمية بمكان تعويد النشء على قول كلمة "لا"، في موقعها الصحيح، فإن الإكثار من قول "نعم" واسترضاء الآخرين لن يسعدهم.
قال الفضيل: إنما تقاطع الناس بالتكلف يزور أحدهم أخاه فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه، وقيل لبعضهم: من نصحب؟ قال: من يرفع عنك ثقل التكلف وتسقط بينك وبينه مؤنة التحفظ، وكان جعفر بن محمد الصادق رحمه الله تعالى يقول: أثقل إخواني علي من تكلف لي وأتحفظ منه، وأخفهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي[40].
والله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.
الخاتمة
أهم النتائج والتوصيات:
- التفريق بين المجاملات التي تهدف إلى تأليف القلوب فهي مقبولة، والمجاملات المفرطة التي تضيع بسببها الحقوق فهي مرفوضة.
- المجاملات في كثير من الأحيان سبب في انقلاب المعايير، واضطراب الموازين، وضياع الحقوق، والمحسوبية، وإرهاق الناس، وبخاصة في المناسبات الاجتماعية.
- الأصل في التعامل: الصراحة والوضوح، وتطبيق ذلك يريح النفوس، ويلقى القبول لدى الجميع وإن بدا شاقاً في بداية الأمر.
- هناك ارتباط بين الإفراط في استخدام المجاملة وضعف الشخصية، وبين التعامل بصراحة وقوة الشخصية.
- لا يمكن أن تكون المجاملة في أمور العقيدة أو على حساب الثوابت.
-المسلم يؤمن بالله وحده ويتوكل عليه، وبالتالي فتعامله مبني على الصدق والوضوح، ويستطيع أن يقول "لا"، في الوقت المناسب.
- ضرورة التعاون بين العلماء وأعيان المجتمع لعمل ميثاق شرف يخفف كثيرا من عبء المناسبات الاجتماعية بين الناس، وبخاصة وأن "كل شئ قِرضة ودين"، وإشاعة سلوك التيسير وعدم التكلف.
- خطورة تحول العبادات إلى عادات على الحياة الإسلامية.
- توطين النفس على تحمل النقد البنّاء، وعدم الالتفات إلى النقد الظالم.
والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على سيد المرسلين وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين
الهوامش
[1] ) انظر الحمادي: د.علي، الكنز الذي لايكلف درهما، دار ابن حزم، 1418/1997 (ط1) ص5-6.