أحكام المفطرات على مذهب الإمام الشافعي
وتطبيقاتها المعاصرة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فقد ذكر الله سبحانه في كتابه ما يفطر الصائم، فقال تعالى: {فَالْآَنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]، وقال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما)[1]، قال الإمام الخطابي معلقاً على الحديث السابق: "فيه من الفقه أن وصول الماء إلى موضع الدماغ يفطر الصائم إذا كان بفعله، وعلى قياس ذلك كل ما وصل إلى جوفه بفعله من حقنة وغيرها سواء كان ذلك في موضع الطعام والغذاء أو في غيره من حشو جوفه"[2]، وروي عن سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال في حجامة الصائم: "الفطر مما دخل وليس مما يخرج"[3].
وقد اختلف الفقهاء اختلافاً كثيراً في تحديد المفطرات، مما جعل بعض الباحثين يرد هذا الأمر إلى قول الأطباء، ولكن الصحيح أن مسألة تحديد المفطرات مبنية على تحديد شكلها وطريقة وصولها ومحل استقرارها داخل جسم الإنسان، وقد وقع الخلط بين النظر الفقهي والنظر الطبي في هذا المبحث، ولذلك قال الشيخ محمد تقي العثماني: "ينبغي أن نفرق بين الناحيتين –أي النظر الفقهي والنظر الطبي–، فهناك نواح في هذه المسألة مبنية على النظر الفقهي البحت، ولا مدخل فيها للاكتشافات الجديدة في موضوع الطب، وهناك نواح مبنية على النظر الطبي فيمكن أن يتغير فيها الحكم بتغير التحقيقات الطبية" ثم قال بعد ذلك: "الذي تنبني عليه مسائل الإفطار هو وصول الشيء إلى الجوف، فهذا موضوع فقهي بحت وليس فيه مدخل للرأي الطبي، ثم هناك ناحية أخرى وهي قضية نفوذ الشيء إلى الجوف، فهذه قضية طبية ولها علاقة بالتحقيق الطبي"[4].
وبناء على ذلك فقد أراد الباحث أن يُجَلّي مسألة المفطرات في مذهب السادة الشافعية بردها إلى أصولها في المذهب، مع توضيح أبرز التطبيقات المعاصرة التي تتخرج على المذهب، مع التنبيه أن المقصود هنا المفطر مما يصل الجوف كالأكل والشرب حقيقة أو معنى، وليس مطلق الفطر الذي يشمل الجماع والاستقاءة والاستمناء وغير ذلك.
مطلب تمهيدي
اتفقت المذاهب الأربعة على أن الفطر إنما يحصل إذا وصلت عين من المنفذ المعتبر إلى الجوف المعتبر، ولا فطر إذا لم يصل إلى الجوف المعتبر، ولا إذا وصل من منفذ غير معتبر كالمسام[5].
فقاعدة المفطرات عند الشافعية: أن الصائم لا يفطر إلا إن دخلت عين إلى جوف من منفذ مفتوح، ولهذا سيتناول الباحث في هذه الورقات ضابط الجوف المعتبر، والمنفذ المعتبر، والعين المفطرة على ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الجوف
الجوف هو الخلاء كما ذكره صاحب المصباح المنير[6]، فكل عضو داخله فراغ يسمى جوفاً، وكل ما يسمى جوفا في جسم الإنسان فهو جوف معتبر في فساد الصوم سواء كان له قوة تحيل الغذاء والدواء كالبطن، أم الدواء وحده كالدماغ، أم لم يكن له قوة محيلة كباطن الأذن، فجمهور الشافعية أحالوا معنى الجوف إلى اللغة.
وقيل في وجه في المذهب –وهو قول أبي علي السنجي والقاضي حسين والفوراني والغزالي من أصحاب الوجوه– أنه يعتبر في الجوف قوة تحيل الغذاء والدواء أو الدواء فقط، وعلى هذا فباطن الأذن والحلق وباطن الأنف ليست أجوافاً؛ لأن البدن لا ينتفع بالواصل بها، ولأن حكمة الصوم لا تختل به كما قال العلامة عميرة[7]، والمراد بالإحالة التغيير.
وعلى هذا فقد اتفقوا على أن باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة أجواف معتبر في فساد الصوم، وأما باطن الأذن والحلق وباطن الأنف فهي أجواف معتبرة في الأصح، وفي المثانة وجه للقاضي حسين أنه ليس بجوف معتبر، ولكنه شاذ في المذهب كما نص الإمام النووي.[8]
فالأجواف كما ضبطها الشافعية سبعة وهي:
1. البطن
2. الدماغ
3.الحلق
4. باطن الأذن: وباطن الأذن هي بالمعنى العام ويقابلها في المصطلح الطبي الأذن الخارجية، ولذلك لم يشترطوا كونها نافذة للدماغ أو الحلق أو ما شابه ذلك.
5. باطن الأنف
6. الإحليل: وهي مجمع البول والثدي.
7. المثانة
قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: "وترك وصول عين لا ريح وطعم من ظاهر، في منفذ مفتوح جوف وإن لم يكن في الجوف قوة تحيل الغذاء أو الدواء كحلق ودماغ وباطن أذن وبطن وإحليل ومثانة بمثلثة وهي مجمع البول"[9].
وعلى هذا فإن أي عين لا تعتبر مفطرة إلا إن دخلت من منفذ مفتوح إلى الجوف، قال الإمام النووي: "وقد ضبطوا الداخل المفطر بالعين الواصلة الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم"[10].
المطلب الثاني: المنافذ المفتوحة
المنافذ المفتوحة عند الشافعية هي كل ثقب أو فتحة في جسم الإنسان؛ قياساً على دخول ماء الاستنشاق إلى الأنف كما تقدم في نص الإمام الخطابي، فلا تشمل المنافذ المفتوحة العين أو مسام الجلد؛ لأنها ليست ثقوبا، ولأن النبي صلى الله عليهم وسلم كان يغسل رأسه بالماء وهو صائم[11]، فدل على أن ما يصل بالمسام لا يفطر.
وقد قسم الشافعية المنافذ المفتوحة إلى ستة أقسام باعتبار الإنسان الصحيح، ويلحق بها الجرح أو الثقب الواصل إلى جوف كما سيأتي، وهذه المنافذ هي:
1. الفم
2. الأنف
3. الأذن
4. حلمة الثدي
5. القبل
6. الدبر
جاء في الفقه المنهجي: "والمنفذ المفتوح: هو الفم والأذن والقبل والدبر من الذكر والأنثى"[12]، وكذلك حلمة الثدي كما ذكرها غير صاحب الفقه المنهجي، وكل جرح وصل إلى جوف، جاء في مغني المحتاج: "ولو طعن نفسه أو طعن غيره بإذنه فوصل السكين جوفه أو أدخل في إحليله أو أذنه عودا أو نحوه فوصل إلى الباطن بطل صومه"[13].
ولا اعتبار لكون العين توصل إلى الحلق بواسطة باطن الأنف، لأن المنفذ من العين إلى الأنف لصغره وخفاؤه ملحق بالمسام[14]، ولورود الرخصة بالاكتحال للصائم عن الصحابة والتابعين[15]، فدل على أن العين ليس بمنفذ مفتوح، وقال الإمام الغزالي: العين منفذ مفتوح.
ومن الناحية الطبية فإن كل فتحة أو ثقب ظاهرة توجد في ظاهر جسد الإنسان تعتبر نافذة إلى أي جوف فهي منفذ معتبر في المذهب.
أما قُبل الذكر (الإحليل) فهو منفذ مفتوح إلى المثانة، وكذا قُبل المرأة فهو منفذ مفتوح إلى الرحم أو المثانة، وإن كانا لا ينفذان إلى الأمعاء، فهما منفذان مفتوحان إلى جوف معتبر من الناحية الطبية.
وأما الدبر فهو منفذ مفتوح إلى الأمعاء الدقيقة فهو منفذ معتبر[16].
فليس هنالك إشكال في مذهب الشافعية في اعتبار المنافذ موصلة إلى الأجواف، وقد اعترض على اعتبار الأذن، ويجاب بأن باطن الأذن الداخلية يعتبر جوف في المذهب.
المطلب الثالث: الأعيان المفطرة:
اشترط الشافعية دخول عين لها جرم وإن قل وليس مجرد رائحة أو طعم، فلا فرق أن تكون العين مغذية أم لا، ولا فرق بين أن تكون مائعة أم جامدة، ولا فرق بين كونها مما يتحلل ويذوب أم لا، ولا يشترط سوى الاختيار والعلم والعمد.
قال صاحب المهذب: "ولا فرق بين أن يأكل ما يؤكل أو ما لا يؤكل، فإن استف ترابا أو ابتلع حصاة أو درهما أو دينارا بطل صومه؛ لأن الصوم هو الإمساك عن كل ما يصل إلى الجوف وهذا ما أمسك، ولهذا يقال فلان يأكل الطين ويأكل الحجر، ولأنه إذا بطل الصوم بما يصل إلى الجوف مما ليس يؤكل كالسعوط والحقنة وجب أيضا أن يبطل بما يصل مما ليس بمأكول"[17]، وقدم تقدم نص النووي في الروضة في ذلك.
وفيما يأتي قائمة بأهم المواد التي يبحث فيها أنها مفطرة أم لا مع نص المذهب –بناء على المعتمد من عدم اشتراط قوة للجوف تحيل الغذاء أو الدواء– كما يأتي:
1. ما بين الأسنان من الطعام (ويدخل فيه بقايا الشوكولا والقهوة بين الأسنان): مفطر إلا إن عجز عن تمييزه ومجه لم يفطر، قال ابن حجر: "ولو بقي طعام بين أسنانه فجرى به ريقه بطبعه لا بفعله لم يفطر إن عجز نهارا وإن أمكنه ليلا عن تمييزه ومجه لعذره بخلاف ما إذا لم يعجز"[18].
2. الطَّعم: غير مفطر؛ قال الشربيني: "وخرج بالعين الأثر، كالريح بالشم، وحرارة الماء وبرودته بالذوق"[19].
3. شرب الدخان (السجائر والأرجيلة): مفطر، ولكن شم رائحته فقط لا تفطر؛ قال الشرواني: "ومن العين الدخان المشهور وهو المسمى بالتتن ومثله التنباك فيفطر به الصائم؛ لأن له أثرا يحس كما يشاهد في باطن العود.. لأن الدخان عين، وعبارة بعض الهوامش المعتبرة ويفطر الصائم بشرب التنباك؛ لأنه بفعل فاعل يتولد منه لا أثر" [20].
4. شم دخان البخور: غير مفطر؛ لأنه أثر وليس بعين؛ قال القليوبي: "وخرج بها –أي بالعين– الريح، ومنه دخان نحو بخور ليس معه عين تنفصل"[21].
5. قطرة الأذن: مفطر، قال الشربيني: "والتقطير في باطن الأذن وإن لم يصل إلى الدماغ وباطن، الإحليل وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي، مفطر في الأصح" [22]، ولا تعتبر مفطرة عند الفوراني والقاضي حسين والغزالي.
6. وصول غبار الطريق إلى الجوف: غير مفطر؛ قال الشربيني: "فلو وصل جوفه ذباب، أو بعوضة، أو غبار الطريق، أو غربلة الدقيق لم يفطر"[23].
7. شم غاز ممزوج بعين (غاز الأكسجين، غازات التخدير): غير مفطر؛ لأنه هواء بشرط ألا يضاف له مواد علاجية؛ قال الشربيني: "وخرج بالعين الأثر، كالريح بالشم، وحرارة الماء وبرودته بالذوق" [24] .
8. التبخيرة واستنشاق (الفكس): مفطر؛ لاستنشاق مواد علاجية؛ قال الشربيني: "فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة، وهي مجمع البول، مفطر بالاستعاط راجع للدماغ، أو الأكل راجع للبطن، أو الحقنة" [25].
9. أنبوبة الأوكسجين: مفطر؛ لاستنشاق مواد علاجية؛ قال الرملي: "والإمساك عن وصول العين -وإن قلّت كسمسمة أو لم تؤكل كحصاة- إلى ما يسمى جوفا" [26].
10. الدهون التي توضع على الجلد: غير مفطر؛ لأنه لم يصل إلى الجوف من منفذ مفتوح؛ قال النووي: "فلا يضر وصول الدهن بتشرب المسام" [27].
11. لاصقة الجوع أو لاصقة الدخان: غير مفطر؛ لأنه لم يدخل إلى الجوف من منفذ مفتوح؛ قال الرملي: "لو داوى جرحه على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر؛ لانتفاء الجوف" [28].
12. الأقراص العلاجية تحت اللسان لعلاج أزمات القلب: غير مفطر بشرط ألا يبتلع منها شيئا وألا يذوب جزء منها مع الريق؛ قال الرملي: "والإمساك عن وصول العين -وإن قلت كسمسمة أو لم تؤكل كحصاة– إلى ما يسمى جوفا.. وخرج بالعين الأثر كالريح بالشم وبرودة الماء وحرارته باللمس، وبالجوف ما لو داوى جرحه على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر؛ لانتفاء الجوف" [29].
13. الإبر الوريدية والعضلية والمغذية: غير مفطر؛ لأنها لا تدخل إلى الجوف من منفذ مفتوح؛ قال الرملي: "لو داوى جرحه على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر لانتفاء الجوف" [30]، واختارت دائرة الإفتاء العام أن الإبرة المغذية مفطرة؛ لأنها في معنى الطعام والشراب.
14. الاكتحال وقطرة العين: غير مفطر؛ لأنها لا تدخل إلى الجوف من منفذ مفتوح؛ قال الشربيني: "ولا يضر الاكتحال وإن وجد طعمه أي الكحل بحلقه؛ لأن الواصل إليه من المسام". [31]
15. بخاخ الربو: مفطر؛ لدخول مواد علاجية إلى الجوف من منفذ مفتوح؛ قال ابن حجر: "والإمساك عن وصول العين -أي عين كانت– وإن كانت أقل ما يدرك من نحو حجر".[32]
16. سبق ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى جوفه: إن كان في وضوء أو غسل مندوب أو واجب وبالغ في استعمال الماء أفطر، وإن كان في وضوء أو غسل مندوب أو واجب ولم يبالغ في استعمال الماء لم يفطر؛ جاء [في بشرى الكريم]: "ويفطر أيضاً بوصول ماء المضمضة أو الاستنشاق إلى الجوف من باطن أو دماغ إن بالغ مع تذكره للصوم وعلمه بعدم مشروعيته، وإلا.. لم يفطر، وضابط المبالغة: أن يكون بحيث يسبق غالباً إلى الجوف".[33]
17. سبق ماء مضمضة غسل نجاسة إلى جوفه: غير مفطر؛ جاء في [بشرى الكريم]: "وهذا إن بالغ في غير نجاسة في الفم أو الأنف وإلا.. لم يفطر بالمبالغة لها ولو معفواً عنها أو مشكوكة؛ لطلب غسلها حينئذٍ ولو بمبالغة توقف يقين الطهارة عليها، وبه فارقت المضمضة لنحو الوضوء، إذ لا تتوقف فيه عليها". [34]
18. سبق ماء مضمضة للتبرد إلى جوفه: مفطر؛ جاء في [بشرى الكريم]: "ويفطر أيضاً بوصول ما ذكر لجوفه ولو بغير مبالغة من مضمضة أو استنشاق؛ لتبرد أو رابعة أو من انغماس في الماء حيث تمكن من الغسل بغيره؛ لأن ذلك جميعه غير مأمور به، والقاعدة: أن ما سبق لجوفه من غير مأمور به يفطر به، أومن مأمور به ولو مندوباً لم يفطر به" [35].
19. بلع الريق إثر ماء المضمضة: غير مفطر؛ قال ابن حجر: "لا يضر بلع ريقه إثر ماء المضمضة وإن أمكنه مجه لعسر التحرز عنه". [36]
تجميع الريق وبلعه: إن كان في معدنه كاللسان لم يفطر؛ قال النووي: "ولو جمع ريقه فابتلعه لم يفطر في الأصح" [37].
20. بلع الريق المختلط بدم لثته: مفطر، ويعفى عن المبتلى بذلك بشرط أن يبصق عين الدم؛ قال الشربيني: "أو دميت لثته ولم يغسل فمه وإن ابيض ثم ابتلعه صافيا أفطر... قال الأذرعي: ولا يبعد أن يقال من عمت بلواه بدم لثته بحيث يجري دائما أو غالبا أنه يسامح بما يشق الاحتراز منه، ويكفي بصقه الدم، ويعفى عن أثره اهـ. وهذا لا بأس به" [38].
21. اختلط الريق ببقايا الشوكولا أو القهوة: مفطر؛ قال النووي: "وقد ضبطوا الداخل المفطر بالعين الواصلة الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم" [39].
22. المنظار الشرجي، التحاميل الشرجية: مفطر؛ قال الشربيني: "وينبغي الاحتراز حالة الاستنجاء فإنه لو أدخل طرف أصبعه دبره بطل صومه"[40] .
23. التحاميل المهبلية، والفحص الداخلي: مفطر؛ قال الشربيني: "والتقطير في باطن الأذن وإن لم يصل إلى الدماغ، وباطن الإحليل وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحشفة أو الحلمة، مفطر في الأصح بناء على الوجه الأول، وهو اعتبار كل ما يسمى جوفا". [41]
24. دخول غير المتحلل من منفذ عال أو سافل: مفطر؛ قال ابن حجر: "والإمساك عن وصول العين -أي عين كانت- وإن كانت أقل ما يدرك من نحو حجر" [42].
25. عملية التنظير من خلال الإحليل: مفطر؛ قال الشربيني: "والتقطير في باطن الأذن وإن لم يصل إلى الدماغ، وباطن الإحليل وهو مخرج البول من الذكر واللبن من الثدي وإن لم يصل إلى المثانة ولم يجاوز الحشفة أو الحلمة، مفطر في الأصح بناء على الوجه الأول، وهو اعتبار كل ما يسمى جوفا" [43].
26. غسيل الكلى: غير مفطر؛ لأنه لا يدخل فيه عين من منفذ مفتوح؛ قال النووي: (وقد ضبطوا الداخل المفطر بالعين الواصلة الظاهر إلى الباطن في منفذ مفتوح عن قصد مع ذكر الصوم" [44]، واختارت دائرة الإفتاء العام أنه مفطر؛ لأن سائل الغسيل مغذٍ، فهو في معنى الطعام والشراب.
27. خرجت مقعدة مبسور ثم عادت: غير مفطر بشرط عدم إعادتها بمرهم علاجي؛ جاء في [حاشية إعانة الطالبين]: "ولا فطر بخروج مقعدة المبسور وعودها بأصبعه لاضطراره إليه، ومنه يؤخذ أنه إن اضطر لدخول الأصبع معها إلى الباطن لم يفطر، وإلا أفطر بوصول الأصبع إليه". [45]
28. إدخال أي أداة أو مواد علاجية إلى الدماغ أو النخاع الشوكي: مفطر؛ قال الشربيني: "حتى لو كان برأسه مأمومة فوضع عليها دواء فوصل خريطة الدماغ أفطر وإن لم يصل باطن الخريطة كما حكاه الرافعي عن الإمام وأقره، وكذلك الأمعاء لا يشترط باطنها بل لو كان على بطنه جائفة، فوضع عليها دواء فوصل جوفه أفطر وإن لم يصل باطن الأمعاء كما جزم به في الروضة" [46].
29. جرح ولم تصل الجراحة إلى جوفه: غير مفطر؛ قال الشربيني: "لو داوى جرحه الذي على لحم الساق أو الفخذ فوصل الدواء إلى داخل المخ أو اللحم أو غرز فيه حديدة فإنه لا يفطر؛ لأنه ليس بجوف" [47].
30. سحب الدم أو إدخال دم: غير مفطر؛ لأن إدخال الدم لا يتم عن طريق منفذ مفتوح، وأما سحب الدم فليس فيه دخول عين إلى الجسد بل خروجها؛ قال الشربيني: "ولا يفطر بالفصد والحجامة" [48].
31. إدخال منظار من خلال جدار البطن للفحص أو العملية: مفطر؛ قال الشربيني: "فعلى الوجهين باطن الدماغ والبطن والأمعاء والمثانة وهي مجمع البول، مفطر بالاستعاط راجع للدماغ، أو الأكل راجع للبطن أو الحقنة" [49].
الخاتمة
يتبين من خلال العرض السابق أن قاعدة الإفطار عند الشافعية أن الصائم لا يفطر إلا عند دخول عين من منفذ مفتوح إلى الجوف، وأن الأجواف المعتبرة في المذهب كل ما يسمى جوفاً داخل جسم الإنسان وهي سبعة، وأن المنافذ النافذة هي كل ثقبة أو فتحة ظاهرة توصل إلى الجوف المعتبرة وهي ستة منافذ مفتوحة، وأن الأعيان هي كل ما له جرم ولو كان صغيراً، وقد تناول الباحث أبرز المفطرات المعاصرة في جدول المفطرات.
الهوامش
[1] أخرجه أبو داود، السنن، المكتبة العصرية، صيدا، باب في الاستنثار، حديث رقم (142).
[2] الخطابي، معالم السنن، المطبعة العلمية، حلب، 1932م، ج2 ص108.
[3] أبو بكر بن أبي الشيبة، المصنف، مكتبة الرشد، الرياض، 1409هـ، ج2 ص308.
[4] مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ج10 ص832.
[5] محمد رفيع العثماني، ضابط المفطرات في مجال التداوي، مكتبة دار العلوم، الباكستان، ص54.
[6] أبو العباس الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية، بيروت، ج1 ص115.
[7] حاشية قليوبي وعميرة على شرح المنهاج، دار إحياء الكتب العربية، مصر، 1918م، ج2 ص57.
[8] أبو زكريا النووي، المجموع شرح المهذب، دار الفكر، ج6 ص359.
[9] سليمان العجيلي، حاشية الجمل على شرح المنهج، دار الفكر، ج8 ص178.
[10] أبو زكريا النووي، روضة الطالبين، المكتب الإسلامي، بيروت، 1991م، ج2 ص313.
[11] أخرجه أبو داود، كتاب الصوم، باب الصائم يصب على رأسه الماء من العطش، حديث رقم (2365).
[12] مصطفى الخن وآخرون، الفقه المنهجي على مذهب الإمام الشافعي، دار القلم، دمشق، 1992م، ج2 ص52.
[13] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، 1994م، ج2 ص156.
[14] محمد رفيع العثماني، ضابط المفطرات في مجال التداوي، مرجع سابق، ص59.
[15] أخرجه أبو داود، كتاب الصوم، باب الكحل عند النوم للصائم، حديث رقم (2379).
[16] محمد علي البار، المفطرات في مجال التداوي، مجلة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، ج10 ص746.
[17] أبو إسحاق الشيرازي، المهذب، دار الكتب العلمية، ج1 ص182.
[18] ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، المكتبة التجارية الكبرى، 1983م، ج3 ص407.
[19] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص155.
[20] حاشية الشرواني والعبادي على تحفة المحتاج، المكتبة التجارية الكبرى، 1983م، ج3 ص400.
[21] حاشية قليوبي وعميرة على شرح المنهاج، دار إحياء الكتب العربية، مصر، 1918م، ج2 ص57.
[22] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص156.
[23] المرجع السابق، ج2 ص157.
[24] المرجع السابق، ج2 ص155.
[25] المرجع السابق، ج2 ص155.
[26] الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، دار الفكر، 1984م، ج3 ص165.
[27] النووي، منهاج الطالبين، دار الفكر، 2005م، ص75.
[28] الرملي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، مرجع سابق، ج3 ص165.
[29] المرجع السابق، ج3 ص165.
[30] المرجع السابق، ج3 ص165.
[31] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص156.
[32] ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، مرجع سابق، ج3 ص400.
[33] سعيد باعشن، بشرى الكريم، دار المنهاج، 2004م، ص553.
[34] المرجع السابق، ص553.
[35] المرجع السابق، ص553.
[36] ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، مرجع سابق، ج3 ص400.
[37] النووي، منهاج الطالبين، مرجع سابق، ص75.
[38] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص157.
[39] أبو زكريا النووي، روضة الطالبين، مرجع سابق، ج2 ص356.
[40] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص156.
[41] المرجع السابق، ج2 ص156.
[42] ابن حجر الهيتمي، تحفة المحتاج بشرح المنهاج، مرجع سابق، ج3 ص400.
[43] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص156.
[44] أبو زكريا النووي، روضة الطالبين، مرجع سابق، ج2 ص356.
[45] أبو بكر الدمياطي، إعانة الطالبين على حل ألفاظ فتح المعين، دار الفكر، 1997م، ج2 ص259.
[46] الخطيب الشربيني، مغني المحتاج إلى حل ألفاظ المنهاج، مرجع سابق، ج2 ص156.
[47] المرجع السابق، ج2 ص155.
[48] المرجع السابق، ج2 ص160.
[49] المرجع السابق، ج2 ص155.