فتاوى بحثية

الموضوع : حكم التوكيل في توزيع الزكاة والصدقة
رقم الفتوى: 3920
التاريخ : 07-11-2024
التصنيف: الزكاة
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

ما حكم التوكيل في توزيع الزكاة والصدقة، وما شروط ذلك؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

يجوز لمن وجبت عليه الزكاة أن يوكّل شخصاً آخر لتوزيعها، بشرط أن يكون ثقة، وصادقًا أمينًا، وأن ينوي المزكي الزكاة عند توكيل غير المسلم، ويجب على الوكيل مراعاة الشروط الآتية:

1- أن لا يستفيد الوكيل من الزكاة لنفسه، فلا يأخذ منها لنفسه، ولا لأولاده الصغار، ولا لزوجه، ولا لأبيه وأمه، ومن يجب عليه نفقتهم، قال شيخ الإٍسلام الإمام النووي رحمه الله: "قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله: إن كان مُفرّق الزكاة هو المالك أو وكيله؛ سقط نصيب العامل ووجب صرفها إلى الأصناف السبعة الباقين" [المجموع شرح المهذب 6/ 185].

2- أن تدفع الزكاة للفقراء والمساكين دون تأخير، فلا يجوز للوكيل أن يتأخر في إيصال الصدقات لمستحقيها، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "تجب الزكاة أي أداؤها على الفور؛ لأن حاجة المستحقين إليها ناجزة إذا تمكّن من الأداء كسائر الواجبات؛ ولأن التكليف بدونه تكليف بما لا يطاق، فإن أخَّر أثم، وضمن إن تلف" [مغني المحتاج 2/ 129].

3- أن تدفع الزكاة للفقراء مباشرة، فلا يجوز أن يبني منها مساجد، أو مدارس، أو مستشفيات، أو مراكز لتحفيظ القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}، فأصناف الزكاة محددة في الآية وواضحة، وبناء المساجد والمدراس ليس من ضمنها، أما قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فالمراد بهم كما قال الفقهاء: المجاهدون في سبيل الله المتطوعون، قال ابن القاسم رحمه الله: "وأما سبيل الله فهم الغزاة الذين لا سهم لهم في ديوان المرتزقة، بل هم متطوعون بالجهاد" [فتح القريب 1/ 133].

4- أن يلتزم الوكيل بشرط الأصيل في التوزيع لجهة عامة أو خاصة، قال الشيخ البجيرمي رحمه الله: "لأن شرط الواقف كنص الشارع" [حاشية البجيرمي 3/ 253]، ولأن الأصل في صرف التبرعات أن يكون حسب نية المتبرع وشرطه؛ فالمتبرع بمنزلة الواقف، والأصل التزام شرط الواقف؛ فلا يُصرف المال إلا حيث أراد.

5- أن تدفع بحسب شرط المزكي إنْ شرطها نقداً، فلا يجوز له صرفها غذاءً أو أعيانًا، وإن شرطها غذاءً جاز ذلك بناءً على قول السادة الحنفية بجواز دفع القيمة، قال الإمام النووي رحمه الله: "قد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يجوز إخراج القيمة في شيء من الزكوات، وبه قال مالك وأحمد وداود، إلا أن مالكاً جوَّز الدراهم عن الدنانير وعكسه، وقال أبو حنيفة يجوز، فإذا لزمه شاة فأخرج عنها دراهم بقيمتها، أو أخرج عنها ماله قيمة عنده" [المجموع شرح المهذب 5/ 429].

وقال الشيرازي رحمه الله: "لا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكّل من جهة النطق، أو من جهة العرف؛ لأن تصرفه بالإذن، فلا يملك إلا ما يقتضيه الإذن" [المهذب 2/ 165].

6- إن أطلق الأصيل التصرف للوكيل؛ فلا يجوز له أن يتصرف إلا وفق المصلحة، وبما لا يخالف شروط صحة صرف الزكاة، قال الإمام النووي رحمه الله: "للوكالة حكم الأمانة، فيد الوكيل يد أمانة" [روضة الطالبين 4/ 325]، فلا يجوز للوكيل أن يتصرف بخلاف مصلحة ما وُكِّل به، وقال الرملي رحمه الله: "معلوم أن الوليَّ أو الوكيل لا يفعل إلا ما فيه المصلحة" [حاشية الرملي 2/ 46].

7- أن يتأكد الوكيل من استحقاق الفقراء والمساكين (أي من توافر شرط الفقر والمسكنة لمن تصرف إليه)، فلا يجوز أن يعطي من ليس مستحقاً لها، قال الإمام النووي رحمه الله: "ولو دفع المالك بنفسه فبان المدفوع إليه غنياً؛ لم يجزه على الأظهر" [روضة الطالبين 2/ 338]، والوكيل يكون حكمه كالأصيل في وجوب التحري عن حال الفقير والمسكين أنهما من مصارف الزكاة ضمن وسعه.

وعليه؛ فإذا روعيت الشروط المذكورة؛ صحت الزكاة، وبرئتْ ذمة المزكي. والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق | التالي
رقم الفتوى السابق | التالي



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا