الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
مصارف الزَّكاة محددة في الشرع ومحصورة في الأصناف الثمانية. قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة:60]. وعن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأتاه رجل فقال: أعطني من الصدقة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَرْضَ بِحُكْمِ نَبِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي الصَّدَقَاتِ، حَتَّى حَكَمَ فِيهَا هُوَ، فَجَزَّأَهَا ثَمَانِيَةَ أَجْزَاءٍ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ أَعْطَيْتُكَ حَقَّكَ) [رواه أبو داود].
ومن هذه الأصناف: الغارمون، وهم الذين أثقلتهم الديون وعجزوا عن وفائها.
فيُعطى هؤلاء ما يقدرون به على وفاء ديونهم التي حلَّتْ آجالها، مع ما يكفيهم مطعمًا وملبسًا ومسكنًا، وهم ثلاثة أنواع ذكرها الإمام الشربيني بقوله: "والغارم إن استدان لنفسه شيئًا يصرفه في غرضها في غير معصية من طاعة أو مباح، كحج وجهاد وتزوج وأكل ولبس؛ أُعْطِيَ.
ومثله من لزمه الدَّين بغير اختياره، كما لو وقع على شيء فأتلفه.
بخلاف المستدين في معصية، ومَثَّلَ الرافعيُّ الاستدانة للمعصية بثمن الخمر والإسراف في النفقة" [مغني المحتاج 4/ 179].
وعليه؛ فإن كانت هذه الديون التي تحَمَّلها هؤلاء المسجونون في غير معصية، ولم يكن معهم ما يكفي لسداد هذه الديون؛ لكونها فوق طاقتهم وأكثر مما يملكونه؛ فيجوز أن يُعطوا من الزَّكاة من سهم الغارمين. والله تعالى أعلم