السؤال:
قامت شركة بتوزيع (كوبونات) بقيمة (150) دينارًا لاستبدالها بمنتجات من محلات محددة؛ مكافأةً للموظفين العاملين فيها، ما حكم بيع هذه (الكوبونات)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
عدَّ الفقهاء من شروط البيع أن يكون المبيع مملوكًا ملكًا مستقرًّا للبائع قبل العقد. جاء في "مغني المحتاج" (2/ 349): "من شروط المبيع الملك فيه لمن له العقد؛ لحديث (لا بيع إلا فيما تملك) رواه الترمذي".
وهذه (الكوبونات) التي تُوزعها الشركة على الموظفين لا يجوز لهم بيعها قبل تملكها؛ لأنها هبة، والهبة لا تملك إلا بالقبض. قال الإمام الشربيني: "ولا يملك موهوب بالهبة الصحيحة... إلا بقبض، فلا يملك بالعقد؛ لما روى الحاكم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم أهدى إلى النجاشي ثلاثين أوقية مسكًا، ثم قال لأم سلمة: (إني لأرى النجاشي قد مات، ولا أرى الهدية التي قد أُهديت إليه إلا تسترد؛ فإذا رُدَّتْ إليَّ فهي لك) فكان كذلك. ولأنه عقد إرفاق كالقرض؛ فلا يملك إلا بالقبض" "مغني المحتاج" (3/ 565).
ثم إن هذا البيع يشتمل على جهالة فاحشة؛ فالبائع لا يدري ماذا يبيع، ولا المشتري يعلم ماذا يشتري، ومعلوم أن الجهالة مفسدة لعقد البيع.
ويُقَوِّي القول بالمنع ما رواه الإمام مالك في "الموطأ" أنَّهُ بَلغَهُ "أنَّ صُكُوكًا خَرَجَت للناسِ في زمانِ مَروانَ بنِ الحَكَمِ من طَعامِ الجارِ، فَتَبايَعَ النَّاسُ تِلكَ الصُّكُوكَ بَينَهُم، قَبلَ أَن يَستَوفُوها، فدَخَلَ زَيدُ بنُ ثابِتٍ، ورَجُلٌ مِن أصحابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، على مروانَ بنِ الحَكَمِ فقالا: أتُحِلُّ بَيعَ الرِّبا يا مَروَانُ؟! فَقالَ: أعُوذُ بِاللهِ، وما ذاكَ؟! فقالا: هذِهِ الصُّكُوكُ تَبايَعَها النَّاسُ ثُمَّ باعُوها قَبلَ أن يَستَوفُوها".
فإن قام الموظف بتملك المواد العينية -التي تُمثلِّها (الكوبونات)- جاز له بيعها بأي سعر شاء. والله أعلم.