السؤال:
كيف تجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب، ومن أحب أن يطوق حبيبه طوقاً من نار فليطوقه طوقاً من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سواراً من نار فليسوره سواراً من ذهب، لكن عليكم بالفضة فالعبوا بها)، وبين قوله صلى الله عليه وسلم: (أحل الذهب والحرير لإناث أمتي وحرم على ذكورها)؟
الجواب:
الحديث الأول رواه أبو داود وغيره، والحديث الثاني رواه الإمام أحمد والنسائي وغيرهما، وقد جمع العلماء بين الحديثين بأن الحديث الثاني ناسخ للحديث الأول، وأن منع النساء من لبس الذهب كان في بداية الأمر ثم نسخ، انظر: عون المعبود، ج11، ص299.
ولهذا نجد كافة الفقهاء يتفقون على إباحة الذهب للنساء، قال النووي في المجموع: "أجمع المسلمون على أنه يجوز للنساء لبس أنواع الحُلي من الفضة والذهب جميعاً، كالطوق والعقد والخاتم والسوار والخلخال والتعويذ والدمالج (وهي كالسوار تُوضع في العضد) والقلائد والمخانق وكل ما يُتخذ في العنق وغيره، وكل ما يعتدن لبسه ولا خلاف في شيء من هذا..."، المجموع مع شرح الوجيز، ج6، ص40.
وقال ابن قدامه في المغني: "ويُباح للنساء من حُلي الذهب والفضة والجواهر كل ما جرت عادتهن بلبسه مثل السوار والخلخال ..."، المغني مع الشرح الكبير، ج2، ص609.
وقد أفتى بعض المعاصرين بحرمة الذهب المحلَّق على النساء، والعلماء السابقون أولى بالاتباع؛ لقربهم من عهد النبوة، ونقلهم عن الجمع الكثير من علماء الصحابة والتابعين، وجمعهم بين علمي الحديث والفقه، ولم يخف عليهم ما احتج به المعاصرون بل جمعوا بينه وبين غيره. والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/19)