أسس تنمية الموارد البشرية في المنهج النبوي
دراسة تأصيلية تطبيقية (*)
د. أحمد ماجد الحراسيس، مفتي في دائرة الإفتاء، دكتوراه في الفقه وأصوله
ملخص
هدفت هذه الدراسة إلى بيان أسس تنمية الموارد البشرية في المنهج النبوي الشريف، وإبراز هذه الأسس من خلال التطبيقات النبوية العملية لها.
واستخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي.
وتوصلت نتائج الدراسة إلى أن المنهج النبوي الشريف من خلال النصوص والتطبيقات والنماذج العملية التي دعا إليها كان الرائد في ترسيخ أسس تنمية الموارد البشرية، التي تعتبر ركيزة في تحقيق قيم العدالة والكفاءة والمسؤولية وتكافؤ الفرص والتميّز في الوظائف العامة والخاصة.
المقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
إن موضوع أسس تنمية الموارد البشرية في السنة النبوية من المواضيع المهمة في واقعنا الإسلامي.
ويحتاج الى دراسة تأصيلية تطبيقية، وذلك من خلال بيان الأنموذج النبوي الشريف في بناء تلك الأسس وترسيخها في ادارة موارد الدولة الإسلامية.
وتبدو أهمية البحث في كونه محاولة لتأصيل القضايا المستجدة والمعاصرة والتي يحتاجها المجتمع الإنساني من خلال ربطها بالسنة المطهرة، وبيان سبق التشريع الاسلامي للرقي والتطور في مجال تنمية المورد البشري والاهتمام به وتعظيم تطويره، وبيان السبل العملية لذلك.
كما تبرز الدراسة عناية السنة المطهرة بالعنصر البشري، وأصحاب الطاقات والخبرات والمهارات المتميزة وتحفيزها بشتى الانواع والطرق.
مشكلة الدراسة وأسئلتها:
يظن بعض المعاصرين أن قضية الموارد البشرية قضية مستحدثة، وأن الشريعة الإسلامية لم تهتم بهذا الموضوع ولم يكن لدى المسلمين تصوراً دقيقاً لأسس تنمية الموارد البشرية، ولكننا نجد كثيراً من النصوص والتطبيقات النبوية التي تظهر بجلاء العناية بهذا الموضوع، ولبيان ذلك فإن هذه الدراسة ستجيب عن أسئلة الدراسة التالية:
السؤال الأول: ما أسس تنمية الموارد البشرية في المنهج النبوي؟
السؤال الثاني: ما التطبيقات النبوية لأسس تنمية الموارد البشرية؟
أهداف الدراسة ومبرراتها:
تهدف هذه الدراسة إلى بيان أسس تنمية الموارد البشرية في المنهج النبوي الشريف، وإبراز هذه الأسس من خلال التطبيقات النبوية العملية لها، حيث تعتبر الأسس النبوية لتنمية الموارد البشرية وتطبيقاتها ركيزة في تحقيق قيم العدالة والكفاءة والمسؤولية وتكافؤ الفرص، والتميّز في الوظائف العامة والخاصة.
منهج البحث:
استخدم الباحث في هذه الدراسة المنهج الاستقرائي التحليلي.
الطريقة والإجراءات:
1- قام الباحث باستخراج الأحاديث النبوية الشريفة التي تناولت الأسس النبوية في تنمية الموارد البشرية من كتب الحديث المعتبرة عند العلماء.
2- قام الباحث بالرجوع إلى أقوال العلماء في شرح الأحاديث بما يفيد الدراسة.
3– قام الباحث بتخريج الأحاديث النبوية الشريفة من مظانها.
4- قام الباحث باستنباط الأسس النبوية في تنمية الموارد البشرية من الأحاديث النبوية الشريفة التي رجع إليها.
5- قام الباحث بجمع التطبيقات النبوية المنهجية المتعلقة بتنمية الموارد البشرية من مظانها.
خطة البحث:
المقدمة، وتشمل:
تمهيد، مشكلة الدراسة، أهداف الدراسة ومبرراتها، منهجية البحث، خطة البحث.
المبحث الأول (التمهيدي): مقدمات في تنمية الموارد البشرية
المطلب الأول: مفهوم تنمية الموارد البشرية.
المطلب الثاني: عمارة الأرض مفهوم إسلامي أصيل.
المطلب الثالث: علم الاقتصاد وإدارة الموارد سلوك حياتي ونشاط إنساني.
المبحث الثاني: أسس تنمية الموارد البشرية في السنة النبوية
التخطيط والتدريب والتأهيل.
التعليم واكتساب المعارف والخبرات.
القيادة وأسس الاختيار والتقييم.
المبحث الثالث: الوظائف في العهد النبوي- أنموذجاً
الحكم ومتعلقاته.
وظائف متعلقة بالشعائر وفض الخصومات.
الوظائف المتعلقة بالمال: وتقسم إلى:
التجارات والصناعات والحرف.
الوظائف الجبائية.
الخاتمة، وتتضمن: النتائج والتوصيات.
المصادر والمراجع
المبحث الأول (التمهيدي)
مقدمات في تنمية الموارد البشرية
المطلب الأول: مفهوم تنمية الموارد البشرية
التنمية لغة:
مأخوذة من الفعل نمى من النماء أي الزيادة، نمى ونميا أي زاد وكثر، ونميت الشيء ونميته جعلته ناميا أي رفعته، ونميت الرجل الى أبيه عزوته ونسبته إليه، وانتمى إليه أي انتسب، ونما الإنسان أي سمن([1]).
التنمية في الاصطلاح:
يعد مصطلح التنمية البشرية من المصطلحات الحادثة والمستجدة على المصادر الإسلامية بمعناه الحديث على رغم من مفهومه بصورة واسعة في القرآن الكريم والسنة النبوية.
لذا نذكر بعض التعريفات المعاصرة لمصطلح تنمية الموارد البشرية، ومن ذلك: "عملية توسيع الخيارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية".
وتعني أيضاً: "مساعدة العاملين على مواجهة التحديات التي توجدها التطورات التكنولوجية وغيرها من أنواع التطور في بيئة العمل، ومعاونتهم على التكيف إزاء المتطلبات الجديدة، لتحقيق مستويات الاداء المطلوب للبقاء والحفاظ على القدرة التنافسية"([2]).
وتعرف أيضا: "توزيع خيارات الناس وقدراتهم من خلال تقويم رأس المال الاجتماعي، بحيث يتم تلبية الاحتياجات بعدالة دون المساس باحتياجات الأجيال القادمة"([3]).
ويستنتج من هذا التعريف أن التنمية تتضمن:
أ- إتاحة خيارات متعددة، وجعلها في متناول الأفراد من خلال توفير بيئة مثالية لتحقيق الأهداف.
ب- تحفيز القدرات الفردية، من خلال تحسين المستويات لكافة جوانب الحياة، للوصول لتحقيق الرفاهية([4]).
وعرفت التنمية البشرية كعلم مستقل: "بأنها تحريك عملي مخطط، لمجموعة العمليات الاجتماعية من خلال عقيدة معينة، لتحقيق التغيير بغية الانتقال من حالة غير مرغوب فيها إلى حالة مرغوب فيها"([5]).
ولا بد من التنبيه أن القرآن الكريم والسنة المطهرة لم يستخدما مصطلح النمو أو التنمية، ولكن هناك العديد من المصطلحات التي تدل على التنمية مثل: إعمار الأرض، السعي في الأرض، إصلاح الأرض، التمكين.
ويعد مصطلح الإعمار من أدق المصطلحات تعبيراً عن مفهوم التنمية([6]).
المطلب الثاني: عمارة الأرض مصطلح إسلامي أصيل
لقد جاء مفهوم العمارة كمصطلح قرآني أصيل يتجاوز القصور في المصطلح الغربي، حيث تنحصر التنمية في إنتاج الجوانب المادية وتغفل الحاجات الروحية، ويختل فيها التوزيع ولا يتمتع كل الأفراد بحد الكفاية في الدخل([7]).
ومعنى عمارة الأرض جعلها عامرة بالبناء والغرس والزرع وبكل صورة من صور الحضارة والازدهار الذي يمكن الإنسان من عيش حياته بسعادة وطمأنينة([8]).
ويمكن تأسيس مفهوم العمارة في الإسلام من خلال المحاور الآتية:
أولاً: ارتباط العمارة بالوجود الإنساني
وقد نصّ القرآن الكريم وعنون لهذا المصطلح في أكثر من موضع، قال الله تعالى: }هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها{ [هود: 61].
فعمارة الأرض وبناؤها واستغلال خيراتها وما أودع فيها من منظور قرآني يهدف إلى تحقيق الغاية التي وجد الإنسان من أجلها، قال ابن عاشور: "فكانت لهم منافع من الأرض تناسب نعمة إنشائهم من الأرض فلأجل منافعهم في الأرض قيدت نعمة الخلق بأنها من الأرض التي أنشئوا منها، ولذلك عطف عليه واستعمركم فيها"([9]).
ومن جانب آخر؛ ترتبط العمارة في الإسلام بغاية الوجود الإنساني وهي تحقيق العبودية لله تعالى، وليست العمارة في الإسلام لاستعباد الناس واستضعافهم، قال صاحب المنار: "واستعمل الاستعمار في عصرنا بمعنى استيلاء الدول القوية على بلاد المستضعفين واستثمارها واستعباد أهلها لمصالحهم، والمراد أنه هو المنشئ لخلقكم والذي يمدكم بأسباب العمران والنعم فيها، فلا يصح أن تعبدوا فيها غيره؛ لأنه هو صاحب الفضل كله"([10]).
ثانياً: غاية عمارة الأرض هي تحقيق الاستخلاف
وواجب العمارة نابع من واجب الاستخلاف، قال الله تعالى: }وإذ قال ربك للملآئكة إني جاعل في الأرض خليفة{ [البقرة: 30]، وقال سبحانه: }وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ{ [الأنعام: 165].
قال ابن جزي: "أي يخلف بعضكم بعضاً في السكنى في الأرض...، لأنهم خلفوا الأمم المتقدمة وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ عموم في المال والجاه والقوة والعلوم وغير ذلك مما وقع فيه التفضيل بين العباد لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ ليختبر شكركم على ما أعطاكم، وأعمالكم فيما مكنكم فيه"([11]).
ثالثاً: العلاقة بين المسؤولية ومفهوم العمارة
ثم ركز على المسؤولية ليتحصل الإعمار والاستخلاف الواجب، قال الله تعالى: }ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون{ [الجاثية: 12].
المتأمل في هذه الآية يلاحظ أن الاستخلاف ليس أمراً عبثياً، بل له غاية تكون بعده، وهي بمثابة العلة والغاية المرجوة منه في حق الإنسان، فكل تمكين يتلوه محاسبة ومسؤولية، قال البروسوي مفسراً: "وأن الله مستخلفكم فيها أي جاعلكم خلفاء في الدنيا، يعني أن أموالكم ليست هي في الحقيقة لكم، وإنما هي لله تعالى جعلكم في التصرف فيها بمنزلة الوكلاء، فناظر كيف تعملون أي تتصرفون، قيل: معناه جاعلكم خلفاء ممن كان قبلكم ومعطي ما في أيديهم إياكم، فناظر هل تعتبرون بحالهم وتتدبرون في مآلهم"([12]).
جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) قَالَ: -وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ- (وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ)([13]).
قال الخطابي: "معنى الراعي ههنا الحافظ المؤتمن على ما يليه يأمرهم بالنصيحة فيما يلونه ويحذرهم أن يخونوا فيما وكل إليهم منه أو يضيعوا وأخبر أنهم مسؤولون عنه ومؤاخذون به"([14]).
رابعاً: الإنسان هو محور العمارة
وعمارة الأرض تتطلب عنصراً فاعلا وذا تأثير فاعل وهو الإنسان، إذ لا يمكن أن تتم إمكانية الاعمار والبناء إلا بواسطته، وبالتالي يجب أن تتوافر فيه مجموعة صفات، كالقدرة والمهارة وسلاح الإيمان والعلم والفكر.
قال أبو زهرة: "ولكن في الإنسان ما يجعله جديرا بالخلافة في الأرض ليبلوه فيما آتاه الله تعالى من خيرها، فهو يعلمه ويعلمهم، ويعلم الجدير منهم بأن يجعله في الأرض، ولذلك قال تعالى ردا لاستغرابهم بقوله: }إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمونَ{ أعلم الجدير بما أعطى وغير الجدير"([15]).
ومن خلال ما سبق من المحاور؛ يتضح أن الإسلام في أصوله ومصادره، يرسخ الجانب المعنوي لعمارة الأرض وذلك من خلال ربطها بحقيقة الوجود الإنساني والغاية من وجوده، ومسؤوليته التي يحاسب عليها.
خامسا: القيم وعمارة الأرض
لم تقتصر عمارة الأرض في الإسلام على الحضارة المادية والجمالية، وإنما تعد المفهوم الإسلامي لعمارة الأرض ليشمل القيم والأخلاق الحميدة التي ترفع من شان الإنسان المسلم على وجه الخصوص والإنسان بشكل عام لتحقيق معنى الاستخلاف بمفهومه الشامل المادي والمعنوي.
وإن أهمية القيم تبرز في قدرتها على تحقيق التكامل والاتزان في سلوك الإنسان وتربيته، والتوازن بين مصالحه الشخصية، ومصلحة المجتمع، وتقديم المصالح العامة على المصلحة الخاصة، والقيم تحول المجتمع من مجتمع له حدود جغرافية إلى مجتمع يمثل البشر جميعاً([16]).
وإن عمارة الأرض بالقيم والأخلاق الحميدة التي دعا إليها الإسلام بدأت منذ مطلع الدعوة الإسلامية في المنهج النبوي الشريف، فقد عرض هذه القيم سفير الإسلام المتحدث باسم المهاجرين من مكة المكرمة إلى الحبشة جعفر بن أبي طالب، عندما خاطب ملك الحبشة بقوله: "أيها الملك، كنا قوماً أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام، تقول السيدة أم سلمة رضي الله عنها فعدد عليه أمور الإسلام، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا، فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلدك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نظلم عندك"([17]).
المطلب الثالث: علم الاقتصاد وعلاقته بالموارد البشرية
الدين والاقتصاد متقاربان للغاية، فمن الناحية التاريخية نجد أن علماء الاقتصاد في الغرب كانوا من طبقات الرهبان وعلماء اللاهوت، وقد جاء بعلم الاقتصاد السكولاستي في العصور الوسطى في أوروبا رجال الكنيسة، مثل: توماس أكو مياس وأوغسطين وغيرهما.
ومع حدوث الثورة الصناعية بدأ علماء الاقتصاد يحاولون فصل دراستهم وأبحاثهم عن دائرة الدين، وكان هذا الواقع يرتبط بتاريخ أوروبا الواقعي والسياسي في تلك الفترة لتأثره بثورة الخروج على الكنيسة وتحجيم نفوذها.
ويدرك علماء الاقتصاد الإسلامي أن لعلم الاقتصاد إطاراً يتسم بالصبغة الدينية والأخلاقية والإنسانية، وأن إنكار العلاقة بين الاقتصاد والقيم الدينية والأخلاقية يعد فشلا أو خطأ من علماء الاقتصاد الأوروبي، ويؤكد العديد من علماء الاقتصاد الغربي أنه من المستحيل اقتراح إمكانية فصل علم الاقتصاد عن الأحكام القيمية الخاصة بالبشر، سواء بصفتهم أعضاء في مجتمع أو علماء اقتصاد([18]).
وخلاصة القول؛ فإن السلوك الذي يدرسه علم الاقتصاد ليس إلا جزءاً من السلوك الذي يدخل في دائرة الدين، ولعل ذلك هو السبب فيما ورد من إدانة القرآن الكريم للمعايير الاقتصادية التي كانت سائدة في الجاهلية عند نزول الوحي، ومن ذلك قول الله تعالى: }ويل للمطففين{ [المطففين: 1]، وذلك كان اعتراض قوم شعيب عليه السلام عندما وجههم لترك الغش والتلاعب بالاقتصاد.
المبحث الثاني
أسس تنمية الموارد البشرية في المنهج النبوي
تقوم التنمية البشرية في إدارة الموارد الحديثة على أسس عديدة، وبتتبع السنة النبوية تجد سبقها لهذه الأسس واعتمادها، ويظهر ذلك جليا من خلال الممارسة العملية من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه الأسس وترسيخها في إدارته لشؤون الدولة.
وأحاول هنا أن أذكر بعض النماذج النبوية لتلك الأسس المعتمدة في المعايير الإدارية الدولية:
الأساس الأول: التخطيط
إن المنهج النبوي استخدم أسلوب التخطيط في العديد من المجالات التنموية للموارد البشرية، ومن الأمثلة والتطبيقات العملية على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم استخدم أسـلوب الإحصـاء للموارد البشرية، وذلك من خلال ما يطلق عليه في العصر الحديث التعداد السكاني، فعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالإِسْلاَمِ مِنَ النَّاسِ)، فَكَتَبْنَا لَهُ أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةِ رَجُلٍ، فَقُلْنَا: "نَخَافُ وَنَحْنُ أَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنَا ابْتُلِينَا، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّي وَحْدَهُ وَهُوَ خَائِفٌ"([19]).
قال ابن بطال: "قال المهلب: فيه أن كتابة الإمام الناس سنة من النبي صلى الله عليه وسلم عند الحاجة إلى الدفع عن المسلمين"([20]).
وفي مجال الموارد المائية فعن عُثْمَانُ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رومه، فَيَكُونُ دَلْوُهُ فِيهَا كَدِلاَءِ المُسْلِمِينَ)، فَاشْتَرَاهَا عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ([21]).
قال ابن بطال: "وأما بئر رومه فإنها كانت ليهودي، وكان يضرب عليها القفل ويغيب، فيأتي المسلمون ليشربوا منها الماء فلا يجدونه حاضرًا"([22]).
وفي مجال الموارد الاقتصادية قام النبي صلى الله عليه وسلم ببناء سوق في المدينة المنورة، ولذلك لنمو الاقتصاد في المجتمع الإسلامي، وهو السوق الذي يعرف باسم (المناخة) حيث أسسه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه([23]).
الأساس الثاني: القيادة وأسس الاختيار
إن المتتبع لأسس الموارد البشرية في الاقتصاد الإسلامي والمتفق مع علم الإدارة الحديث، يجد الترابط بين تلك الأسس، فإن التخطيط لا يكون فعالا إلا إذا تم إخراجه من قبل شخصيات مميزة، وأصحاب صفات خاصة تؤهلها لتطبيق ما خطط له، وهذا التخطيط الناتج عن القيادة المتكاملة يؤدي إلى التطور والرقي والازدهار.
لهذا اهتمت السنة النبوية بصناعة الشخصية القيادية وإبرازها، واوجب لها صفات وميزات لتحقيق النجاح للوصول لثقافة التميز.
قال الله تعالى: }يا أبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين{ [القصص: 26].
وجاء في تفسير الطبري عن ابن عباس قال: "قال أبوها: وما يدريك ما قوته وأمانته، قالت: أما قوته مما رأيت منه حيث سقى لنا، لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه، وأما أمانته فإنه نظر حيث أقبلت إليه وشخصت له، فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إلي حتى بلغته رسالتك"([24]).
لذا يشترط في القائد أو المسؤول والموظف بشكل عام أن يتصف بالقوة والأمانة ولا يمكن فصلهما، فإن تحصلت القوة دون الأمانة كان البطش وأكل الأموال الناس بالباطل، وان وجدت الأمانة وسلبت القوة ضاع الحق.
وقد جاءت الأحاديث النبوية تبين أهمية الاتصاف بالقوة ويدل على ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: "قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تستعملني، قال فضرب على منكبي وقال: (إنك رجل ضعيف وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها)([25]).
وفي رواية قال: (يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين ولا تولين على مال يتيم)([26]).
قال النووي: "فهذا أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية، وأما الخزي والندامة فهو حق لمن لم يكن أهلا لها، أو كان أهلا ولم يعدل فيها، وأما من كان أهلا للولاية وعدل فيها فله فضل عظيم تظاهرت به الأحاديث الصحيحة كحديث: (سبعة يظلهم الله في ظله)([27]).
وفي الحديث السابق دلالة واضحة على اشتراط القوة لمن أراد تولي أمور الناس وذلك لما فيها -أي القوة- صلاح الدنيا والآخرة.
وقد بين علة ضعف أبي ذر، حيث قال: "ووجه ضعف أبي ذر عن ذلك أن الغالب عليه كان الزهد واحتقار الدنيا والتي بمراعاتها تنتظم مصالح الدين ويتم أمره، فلما علم النبي منه هذه الحالة نصحه ونهاه عن الأمارة والولاية وأكد نصحه بقوله: "وإني أحب لك ما أحب لنفسي"، وغلظ الوعيد بقوله: "وإنها خزي وندامة" أي فضيحة قبيحة على من لم يؤد في الأمانة حقها، ولم يقم لرعايته برعايتها، وندامة على من تقلدها، وعلى التفريط بها"([28]).
ومن هنا تعد القيادة من أهم أسس تنمية الموارد البشرية؛ لأنها توجد نقلة نوعية في إدارة العمل والمال، والذي يدعم الاقتصاد العام في نهاية المطاف.
والعنصر الثاني من عناصر القيادة الأمانة ومراعاة حق الله تعالى وحقوق العباد، لذا امتدح الله سبحانه أهل الأمانة حيث قال: }والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون{ [المؤمنون: 8].
قال الطبري: "الذين هم لأمانات الله التي ائتمنكم عليها بما أمرهم به ونهاهم، وعهود عباده التي ائتمنهم عليها، وعهوده التي أعطاهم على ما عقده لهم على نفسه يرقبون ذلك ويحفظونه ولا يضيعونه، ولكنهم يؤدونها ويعتادونها على ما ألزمهم الله وأوجب عليهم حفظها"([29]).
ونبه القرطبي على تعريف الأمانة حيث قال: "والأمانة والعهد تجمع كل ما يحمله الإنسان من أمر دينه ودنياه، قولا وفعلا، وهذا يعم معاشرة الناس والمواعيد وغير ذلك، وغاية ذلك حفظه والقيام به، والأمانة أعم من العهد وكل عهد فهو أمانة"([30]).
وقد جاءت الأحاديث النبوية شاهدة على عظم الأمانة كصفة عامة في المسلم بمعناها الشامل، ومن تلك الأحاديث: "إذا أضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قيل: كيف اضاعتها قال: إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"([31]).
قال الكرماني: "أجاب عن كيفية الإضاعة بما يدل على الزمان، والمراد من الأمر جنس الأمور التي تتعلق بالدين كالخلافة والإمارة والقضاء والإفتاء وغير ذلك، وقوله: إلى غير أهله أي أن الأئمة قد ائتمنهم الله على عباده، وفرض عليهم النصيحة لهم فينبغي لهم تولية أهل الدين، فإذا قلدوا غير أهل الدين فقد ضيعوا الأمانة التي قلدهم الله تعالى إياها"([32]).
ويجدر بالذكر أنه لا بد أن يراعى عند الاختيار مراعاة التخصص، فقد كانت الاختيارات النبوية لعمالة قائمة على معيار الكفاءة، وكان يراعي الخبرات والتخصصية في الشخص، ومن ذلك:
حادثة تشريع الأذان، عندما رأى عبد الله بن زيد كلمات الأذان في رؤيا وأخبرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتا منك)، فقمت مع بلال فجعلت القيه عليه ويؤذن به([33]).
والشاهد أنه قال لعبد الله بن زيد: "فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك"، قال الشراح: وأما السبب في تخصيص بلال بالنداء والإعلام فقد قيل: معناه أرفع صوتا، وقيل أطيب فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه وهذا متفق عليه، حتى قالوا: لو وجدنا مؤذنا حسن الصوت يطلب الرزق على أذانه، وآخر يتبرع بالأذان لكنه غير حسن الصوت فأيهما يؤخذ، فيها وجهان: أصحهما: يرزق حسن الصوت وهو قول شريح"([34]).
ومن الشواهد أيضا: "أعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضكم زيد، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة" وقال لابن عباس: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل"، فإذا اختلفوا في فريضة الميراث فالمقدم رأي زيد، بالرغم أن فيهم أبو بكر وعمر، وهم أفضل منه، لكنه مختص بذلك، وكذلك لو اختلفوا في حلال أو حرام فرأي معاذ مرجع"([35]).
الأساس الثالث: التطوير بالتدريب والتأهيل والتعلم واكتساب المعارف والخبرات
حرص المنهج النبوي من خلال تأصيله وتطبيقاته العملية على العناية بتطوير الموارد البشرية وإكسابهم المعارف والمهارات والخبرات من خلال التدريب والتأهيل لتحقيق ومواكبة التنمية المستدامة.
وهذا هو المنهج المعاصر الذي تعمل وفقه الإدارة الحديثة في المؤسسات والشركات من خلال استحداث أقسام ومراكز للتدريب والتطوير المؤسسي في القطاع العام والخاص، بما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني.
ومن الأمثلة على ذلك:
ما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنه قال: "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم كتاب يهود. وقال: إني والله ما آمن يهود على كتاب، قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، قال: فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود وكتبت إليهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم"، قال الترمذي: حسن صحيح([36]).
وقد ذكرنا في التمهيد أن واجب الاستخلاف وعمارة الأرض التي كلف وشرف الحق سبحانه بها البشر، وأن من لوازم هذا الاستخلاف العلم والمعرفة والخبرة لتحقيق هذا الاستخلاف لما يصلح للناس أمور دينهم ودنياهم، لذا تعاضدت الآيات الكريمة والأحاديث النبوية آمرة بالعلم والتعلم، فقد كانت أول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم: }اقرأ باسم ربك الذي خلق{ [العلق: 1].
ثم ذكر القرآن أدوات التعليم، ومنها القلم، ولولا ذلك لم يتم دين ولم يصلح عيش يدلّ على كرمه سبحانه، بأنه علم عباده مالم يعلموا، ونقلهم من ظلمة الجهل إلى نور العلم، ونبه على فضل علم الكتابة لما فيه من المنافع العظيمة التي لا يحيطها إلا هو، وما دونت العلوم ولا قيدت الحكم ولا ضبطت أخبار الأولين ومقالاتهم ولا كتب الله المنزلة إلا بالكتابة([37]).
أما السنة النبوية فالأحاديث شاهدة على عظم العلم، ورفع شأن العلماء لا لذاته إنما لما يوصل إليه من خشية الله سبحانه، قال الله تعالى: }إنما يخشى الله من عباده العلماء{ [سورة فاطر: 28].
وإن من أول الشواهد على اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم بالعلم، أنه جعل فكاك أسرى بدر مقابل تعليم عشرة من أبناء المسلمين القراءة والكتابة، وذلك بدل الفداء بالمال مع شدة حاجتهم للمال، وهذا يبين لنا سمو الإسلام في نظرته إلى العلم والمعرفة والسعي لمحو الأمية([38]).
وإن الناظر في السنة ليجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينوع في أسلوب إكساب المهارات للصحابة رضي الله عليهم، ويتخذ أساليب مختلفة، ويغرس القيم، ويؤسس لإدارة نبوية مميزة.
ولا بد أن أشير الى أن الأساليب النبوية في إكساب المهارة والخبرة كانت سابقة ومتقدمة على كثير من الأساليب التربوية والإدارية الحديثة في التعليم، ومن تلك الأساليب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسرد الكلام سردا، إنما كان يفصل بين الكلام ليفهم السامع، وكان يعيد الكلمة أكثر من مرة، فقد جاء في الحديث الذي يرويه أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه كان إذا سلم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه"([39]).
قال ابن حجر: "وقوله أعادها ثلاثا، قد بين المراد بذلك في نفس الحديث بقوله حتى تفهم عنه"([40]).
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوع الأسلوب، فتارة يستخدم أسلوب النظر والقياس، فقد روي "أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ولد لي غلام أسود فقال: (هل لك من إبل)، قال نعم، قال: (ما ألوانها)، قال: حمر، قال: (هل فيها من أورق)، قال: نعم، قال: (فأنى ذلك)، قال: لعله نزعه عرق، قال: (فلعل ابنك هذا نزعه عرق)([41]).
قال النووي: "وفي هذا الحديث أن الولد يلحق الزوج وإن خالف لونه لونه، حتى لو كان الأب أبيض والولد أسود وعكسه لحقه، ولا يحل له نفيه في اللون لاحتمال أنه نزعه عرق من أسلافه، وفيه إثبات القياس والاعتبار بالأشباه وضرب الأمثال"([42]).
كما استخدم تقويم وتعديل السلوك بالنقد مع ذكر الصفات الإيجابية في المنتقد، ومن ذلك:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل). قال سالم: "فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلا"([43]).
والحديث دال على استجابة ابن عمر لتأويل الرؤيا التي فسرها النبي صلى الله عليه وسلم، واتضح ذلك من قول سالم: فكان لا ينام الليل إلا قليلا.
فنجد أن النقد الموجه ابتدأ بالمدح لينصت إليه حيث قال: نعم الرجل عبد الله.
الأساس الرابع: العدل وتكافؤ الفرص
قال الله تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ [النحل: 90].
وأمّا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد ورد عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا الظلم فإنّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)([44]).
وجاء في الحديث القدسي فيما رواه أبو ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا...)([45]).
فهذه النصوص تدل على أهمية أساس العدل في التعيين وتوزيع الوظائف وأسس اختيار الموظفين، لتكون ضمن معايير واضحة تحقق الغاية من الوظيفة.
الأساس الخامس: الكفاءة الذاتية
لقد نبّه القرآن الكريم إلى أهمية العنصر البشري في التنمية، فذكر معايير الكفاءة في سيدنا موسى عليه السلام، قال سبحانه: }إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ{ [القصص: 26].
ويؤكد هذا الأساس من السنة النبوية الشريفة ما رواه أبو هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: (أَيْنَ أُرَاهُ- السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ) قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: (فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ)، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: (إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ)([46]).
وقد رأينا النبي صلى الله عليه وسلم يعالج قضايا الكفاءة الذاتية في تعيين العمال، روي عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي، ثم قال: (يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها)([47]).
ومن هنا يتبين أن عنصر الكفاءة الذاتية أساس مهم جداً في اختيار الموظفين، إذ إنه يعود بأكبر العائد على تنمية الموارد، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تفعيل الإنتاج.
الأساس السادس: المتابعة والتقييم
إن أساس المتابعة والتقييم في المنهج النبوي يبدو جلياً من خلال التطبيقات العملية في سيرته صلى الله عليه وسلم، ومن الأمثلة على ذلك حديث ابن اللتبية، حيث استعمل الرسول صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأسد على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية فلما جاء حاسبه([48]).
وفي تفصيل الرواية أن الرسول صلى الله عليه وسلم استعمله، فلما قدم قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "هذا لكم وهذا أُهدي لي". فقال: (هلّا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يُهدى له أم لا، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منه شيئا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر، ثم رفع بيده حتى رأينا عفرة إبطيه، اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ثلاثاً)([49]).
قال ابن المهلب: "جواز محاسبة المؤتمن، وأن المحاسبة تصحح أمانته.
وقال غيره: هذا الحديث هو أصل فعل عمر بن الخطاب في مقاسمته العمال، وإنما فعل ذلك من أجل سلطانهم، وسلطانهم إنما كان بالمسلمين، فرآى مقاسمة أموالهم نظرا للمسلمين، واقتداء بقوله صلى الله عليه وسلم: أفلا جلس في بيت أبيه" معناه أنه لولا الإمارة لم يُهد إليه شيء، وهذا اجتهاد من عمر رضي الله عنه.
وفيه جواز توبيخ المخطئ، وجواز تقديم الأدون إلى الإمارة والأمانة والعمل وثَمِّ من هو أعلى منه وأفقه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدم ابن اللتبية وثم في الصحابة من هو أفضل منه([50]).
وقال النووي: "وفيه بيان أن هدايا العمال حرام وغلول، لأنه خان في ولايته أمانته، ولهذا ذكر الحديث في عقوبته وحمله ما أهدي إليه يوم القيامة كما ذكر مثله في الغال"([51]).
والأمانة والقوة إنما جاءت لحفظ المال الذي به صلاح الدنيا وإدارة الدولة، فإن حفظ المال من أعظم مباني الملك وقواعد أصوله؛ لأن المال حصن السلطان ومادة الملك، وتكرر معنى قولهم لا مال إلا بجند ولا جند إلا بمال، وهذا القطب يحتاج لتكثير المال الذي به يتحصل به كثرة العمران المحفوظ برعاية العدل([52]).
كما يظهر عنصر الاختبار في العهد النبوي، حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يختبر الولاة والقضاة ومن يعلمون الناس قبل بعثهم ومن ذلك:
عن معاذ بن جبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الى اليمن فقال: (كيف تصنع إن عرض لك قضاء)، قال أقضي بما في كتاب الله، قال: (فإن لم يكن في كتاب الله)، قال: فبسنة رسول الله، قال: (فإن لم يكن في سنة رسول الله)، قال: اجتهد رأيي ولا آلو، قال: فضرب رسول الله صدري ثم قال: (الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضى رسول الله)([53]).
المبحث الثالث
التطبيقات النبوية لأسس تنمية الموارد البشرية
لقد تميزت الدولة الإسلامية في العهد النبوي بأنها دولة العدل، ونتج ذلك التميز من رئاسة الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم للدولة في المدينة المنورة، وقد وجدت الوظائف في العهد النبوي حسب الحاجة.
وقد قسمت الوظائف في العهد النبوي إلى:
أولاً: مؤسسة الحكم، ويندرج تحتها:
أ – الخلافة "رئاسة الدولة". ب – الوزراء والمستشارون.
أ. رئاسة الدولة "الحكم":
تعتبر هذه الوظيفة من الوظائف السيادية، بمعنى أنه لا يصح أن تخلو دولة أو أمة من هذه الوظيفة، وتظهر أهمية مؤسسة الحكم من خلال فعل الصحابة رضوان الله عليهم حيث عجلوا إلى تولية أحدهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، لما يترتب على خلو الأمة من الحاكم من شرور وفتن.
قال ابن إسحاق في السير: "ولما بويع لأبي بكر في السقيفة، وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر فتكلم قبل أبي بكر ثم قال: فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة عامة بعد بيعة السقيفة"([54]).
ب. الوزراء والمستشارون:
نصت السنة النبوية على أهمية الوزير للحكام وذكرت صفاته، فقد روى النسائي في سننه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا فإن نسي ذكره، وإن تذكر أعانه)([55]).
قال صاحب فيض القدير: "قال الأحنف: لا يتم الأمر إلا بالوزراء والأعوان، ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفاف، وأعظم الأمور ضررا على الملوك خاصة وعلى الناس عامة أن يحرموا صالح الوزراء والأعوان، وأن يكون وزراؤهم وأعوانهم غير ذي مروءة ولا حياء، وليس شيء أهلك للوالي من وزير أو صاحب وزير يحسن القول ولا يحسن العمل"([56]).
ثانياً: الموظفون، ويقسمون إلى:
1) وظائف متعلقة بالشعائر وفض الخصومات.
وهذه العمالات والوظائف لها علاقة بالفقه أي الأمور الفقهية، التي لها تعلق بالعبادات كتعليم القرآن، والقضاء، والمؤذن، والكتاب والرسل.
وأضرب أمثلة لذلك من العصر النبوي:
بعث النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير بعد بيعة العقبة الأولى، مع القوم، وأمره أن يقرأهم القرآن، ويعلمهم الإسلام، ويفقههم في الدين وكان يسمى مقرئ المدينة([57])، كما بعث عمرو بن حزم واستعمله على نجران ليفقه الناس في الدين، ويبعث معه كتابا فيه الفرائض والسنن والصدقات والديات([58]).
أما المؤذن: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان: بلال وابن أم مكتوم"([59])، والمقصود أنه مؤذنان في المدينة في وقت واحد، وقد كان أبو محذورة مؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة، وسعد القرظ أذن له في قباء مرات"([60]).
أما الكتاب والرسل:
فقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب، وكان لكل اختصاصه، فكان كتاب الوحي ومنهم عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، فإن غابا كتب أبي بن كعب وزيد بن ثابت، وكتب له معاوية بن أبي سفيان وخالد بن سعيد بن العاص، وأبان بن سعيد، والعلاء بن الحضرمي، وحنظلة بن الربيع.
أما بعثه الرسل للملوك والأمراء: فقد كتب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيصر يدعوه الى الإسلام، وبعث بكتابه مع دحية الكلبي وأمره أن يدفعه الى عظيم بصرى ليدفعه الى قيصر"([61])، وبعث عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس يدفعه الى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين الى كسرى ([62]).
أما وظيفة فض النزاعات وهي المنوطة بالقضاء فقد كانت راجعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليقضي بين الناس في الخصومات، عن أم سلمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون الحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه، فلا يأخذن منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار)([63]).
كما عين الرسول صلى الله عليه وسلم القضاة وولاهم سلطته ومنهم: علي بن أبي طالب حيث بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ليقضي بينهم، فقال يا رسول الله: إني لا أدري ما القضاء فضرب صدره وقال: (اللهم اهد قلبه، وسدد لسانه)، وقال علي: فوالله ما شككت بعدها في قضاء بين اثنين"([64])، كما بعث معاذ بن جبل وأبو موسى الأشعري إلى اليمن ([65]).
2) الوظائف العسكرية
يعد الجهاد ذروة سنام الإسلام، ولذا تفرع عن الجهاد عمالات ووظائف عسكرية متعددة، فهناك قائد الجيوش أو الأمير، والجنود، والحرس، وحامل الراية وغير ذلك، وأعرض هنا نماذجاً لبعض تلك الوظائف:
- الحرس
عن عائشة رضي الله عنها قالت: "سار رسول الله صلى الله عليه وسلم أول مقدمه المدينة ليلا فقال: ليت رجلا صالحا يحرسني الليلة، قالت: فبينا نحن كذلك إذ سمعنا خشخشة السلاح، فقال: (من هذا)، قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جاء بك)، فقال سعد: وقع في نفسي خوف على رسول الله، فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلى الله ثم نام"([66]).
- السجان
فقد روي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة"([67]).
وجاء في كتب السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزل قريظة على حكمه حبسهم في المدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة"([68]).
- حامل الراية:
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم لواء في كل غزوة وكان عامل لحمل الراية، وقد ورد في ذلك آثار عديدة منها: لما سار الرسول صلى الله عليه وسلم عام الفتح فبلغ ذلك قريشا خرج أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء يلتمسون الخبر، ثم جاءت كتيبة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام"([69]).
وفي غزوة بدر كان أمام الرسول صلى الله عليه وسلم رايتان سوداوان إحداهما مع علي بن أبي طالب والأخرى مع بعض الأنصار وهو سعد بن معاذ.
3) الوظائف المالية في العهد النبوي وتقسم إلى:
أ. التجارات والصناعات والحرف.
تعد التجارة والصناعة عماد الاقتصاد القديم والمعاصر، لذا ظهر الاهتمام النبوي بالحرف والصناعات وظهرت في عهد النبوة على جميع المستويات، وحثت السنة على الاحتراف والصناعة.
وقد اشتهر العديد من الصحابة بالتجارة ومن أشهرهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف، فقد روي عن أنس أنه قال: قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وكان سعد ذا غنى فقال لعبد الرحمن: أقاسمك مالي نصفين وأزوجك، قال: بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق، فما رجع حتى استفصل اقطا وسمنا، فأتى به أهل منزله فمكثنا يسيرا، فجاء وعليه وضر من صفرة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (مهيم)، قال: يا رسول الله تزوجت امرأة من الأنصار، قال: (ما سقت إليها)، قال: نواة من الذهب أو وزن نواة من الذهب قال: (أولم ولو بشاة)([70]).
وكذلك عمر رضي الله عنه اشتهر بالتجارة، فقد روي أن أبا موسى الأشعري أستأذن على عمر ثلاثا فكأنه وجده مشغولا فرجع، فقال عمر: ألم تسمع صوت عبد الله بن قيس، فدعي له فقال: ما حملك على ما صنعت، قال إنا كنا نؤمر بهذا، قال لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن، فخرج فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا لا يشهد لك إلا أصغرنا، فقام أبو سعيد فقال: كنا نؤمر بهذا فقال عمر: خفي على هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ألهاني عنه الصفق في الأسواق"([71]). قال النووي: "أي التجارة والمعاملة في الأسواق"([72]).
كما ظهرت وظيفة الصراف وكانت معهودة معروفة عندهم، وعمل بها جمع من الصحابة منهم: البراء بن عازب، وزيد بن أرقم وغيرهما، فقد روي عن أبي المنهال قال: "سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف، فقالا: كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصرف فقال: (إن كان يداً بيد فلا بأس، وإن كان نساء فلا يصلح)([73]).
كما شجع الرسول صلى الله عليه وسلم على الأعمال الحرفية وان كانت وضيعة في نظر الناس، ومن ذلك الاحتطاب، روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يدعه)([74])، و"الحرفة ههنا التصرف في المعاش والمتجر"([75]).
كما عهد في العهد النبوي وظيفة السمسار، ومن ذلك: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر لباد: فقالت يا ابن عباس ما قوله: لا يبع حاضر لباد قال: لا يكون له سمسار"([76]).
ب. الوظائف الجبائية([77]):
- جباية الأعشار:
عن حرب بن عبد الله بن عمير الثقفي عن جده قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت وعلمني الاسلام، وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم ثم رجعت إليه فقلت يا رسول الله: حفظت كل ما علمتني إلا الصدقة أفاعشرهم قال: (إنما العشر على اليهود والنصارى)"([78]).
- جباية خراج الأرض:
عن أبي سعيد أبي هريرة رضي الله عنهما: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سواد بن غزية وأمره على خيبر، فقدم عليه بتمر جنيب، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكل تمر خيبر هكذا)، قال: لا والله يا رسول الله، إنا لنشتري الصاع بالصاعين، والصاعين بالثلاثة آصع من الجمع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تفعل ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا وكذلك الميزان)"([79]).
الخاتمة
النتائج والتوصيات:
توصل الباحث في نهاية هذا البحث إلى النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً: النتائج:
- بيان مفهوم تنمية الموارد البشرية وأهميتها في الواقع الإنساني.
- أهمية العنصر البشري في إدارة المال والأعمال.
- التأصيل الشرعي من السنة النبوية لأسس تنمية الموارد البشرية.
- سبق الإدارة النبوية المطهرة لترسيخ مبادئ الكفاءة والعدالة والمسؤولية في الوظائف العامة والخاصة.
- إبراز النموذج النبوي ودوره في الارتقاء بالاقتصاد الإسلامي، وإظهاره للإنسانية بوصفه أنموذجا.
ثانيا: التوصيات:
- التوسع في الدراسة التطبيقية للنماذج النبوية الشريفة في مسألة إدارة المال والأعمال.
- التأكيد على زيادة العمق التخصصي لعلماء الشريعة الإسلامية في موضوعات الاقتصاد التقليدي. والحمد لله ربِّ العالمين
(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الأول، العدد الأول، 1440هـ/ 2019م.
الهوامش
([1]) لسان العرب، ابن منظور جـ 6 / 6-7.