الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إنّ من كبائر المحرمات التعرض للأحكام الشرعية والتهوين من شأنها، سواء كان ذلك بالاستهزاء بها أو الطعن فيها، ومن الواجب على كل مسلم أن يعظّم شأن الأحكام الشرعية ومصادرها والتي من أهمها: القرآن الكريم، وكتب السنة المطهرة، وفتاوى العلماء الثقات المعتبرين، يقول الله سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب} [الحج: 32]؛ لأن الأحكام الشرعية هي بيانٌ لحكم الله سبحانه، مستمدّةٌ من الأدلة الشرعية استمداداً يعتمد على معايير دقيقة ترجع إلى حقائق العقل والنقل، وعلومها أشرف العلوم، ولذلك كان الطعن فيها من الكبائر، يقول الله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231]، ويقول عز وجل: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65-66].
ومن مفاخر الإسلام ومحاسن الشريعة اشتمالها على بيان كل ما يتعلق بالمسلم من الأحكام والآداب والأخلاق؛ ليكون على بيّنة من أمره وعلى هدى وطمأنينة في شؤونه كلها من ولادته إلى وفاته؛ فلم تتركه حائراً متخبطاً غارقاً في ظلمات الجهل والهوى والشهوة، بل جعلته الشريعة الغراء على هدى من ربه ليفوز بالحياة الطيبة.
ولا بدّ من الإشارة هنا: إلى أن الجهل أو غياب الموضوعية في الطرح يجعل البعض في غفلة عن عظمة التراث الفقهي، حيث يختزل الفقه كله في فرع من فروعه، غاضاً الطرف عن عظمة الفقه الإسلامي الذي نظم شأن الأمة والمجتمع والأفراد في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والعلاقات الدولية والقضاء وغير ذلك من الأبواب.
وكذلك؛ فإنّ من أهم الواجبات اللازمة احترام كل ما يتّصل بالمقام النبوي الشريف من سيرة وشمائل وأفعال وأقوال لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فكل ما اتصل به إنما يدل على الكمال النبوي العالي الذي لا يشوبه نقص أو عيب، عليه أشرف الصلاة وأتمّ التسليم، فما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير سنة يتأسى بها، يقول الله تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]. والله تعالى أعلم