فتاوى بحثية

الموضوع : حكم منتجات التمويل الشخصي (التورق)
رقم الفتوى: 3976
التاريخ : 11-06-2025
التصنيف: المرابحة
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

ما الحكم الشرعي في منتجات التمويل الشخصي المعتمدة على شراء أسهم أو زيوت أو معادن وغيرها، ثم إعادة بيعها من المتمول (التورّق)؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

إذا كان المقصود من شراء البضاعة -كزيت النخيل أو الأسهم أو المعدن مثلاً- هو الحصول على النقد فقط، ولم تكن البضاعة نفسها هي المقصودة بالشراء، وإنما كانت وسيلة للحصول على النقد؛ فإن هذه المعاملة تُعرف في المصطلح الفقهي والمصرفي بـ "التورق".

ويأتي مصطلح التورّق من طلب الوَرِق بمعنى طلب النقد أو "التكييش"، وهذا التورّق نوعان:

الأول: أن يقوم المتورّق (المشتري) بشراء سلعة من البائع وبيعها لطرف ثالث دون تفاهم مسبق بين المشتري والبائع، فهذا يسمى بالتورّق الفردي، وهو مكروه، إلا إذا قامت الحاجة فيباح اللجوء إليه.

الثاني: أن تتفق المؤسسة المقرضة مع العميل المتورّق بشراء السلع، ثمّ تعيد بيعها بتوكيل منه وتواطؤ وتفاهم مسبق على ذلك، أو كان العرف قاضياً بأنّ هذه البضائع معدّة أصلاً لهذه الغاية الصورية وكانت هي كذلك، أو تجري العادة لديها بإجراء المعاملة بهذه الصورة وإن لم يذكر ذلك في العقود صراحة، والغاية من هذه المعاملة تحصيل النقد، وهذا ما يسمّى بالتورّق المنظّم، وهو محرّم؛ لأنّ المعاملة كلها لتحصيل نقدٍ حاضر بدين مؤجل أكثر منه، وهذا تحايل على الربا، إضافة إلى ما يشتمل عليه من المفاسد الشرعية والاقتصادية المتعددة، ومنها:

أولاً: المخالفات الشرعية، حيث لا يتفق التورق المنظم مع المقاصد الشرعية للمعاملات؛ بل هو من باب التحايل على الربا، فالعميل يهدف إلى الحصول على نقد حاضر مقابل زيادة مؤجلة، والسلعة المشتراة قد لا تدخل في ضمان العميل، بل تتولّى المؤسسة أو شركة الوساطة التابعة له شراءها وإعادة بيعها، وعادة لا تلتزم المؤسسة المالية بشرط القبض، خصوصاً أن بعض السلع التي يجري تمويلها بالتورق المنظم تباع عدة مرات في الوقت ذاته.

ثانياً: الأثر السلبي على الاقتصاد، بسبب صورية المعاملة وعدم تحقيقها لمقصد الشريعة من رواج المال؛ فالعميل يراجع المؤسسة المالية الإسلامية من أجل الحصول على النقد، فيوقع على عقد شراء لسلعة –غالباً ما تكون في البورصات– وعقد توكيل لتلك المؤسسة أو الوسيط التابع له ببيع تلك السلعة التي اشتراها في نفس المجلس، ويخرج العميل من عند المؤسسة وقد أخذ المبلغ النقدي المطلوب ليلتزم بسداده بمبلغ أكثر منه، فتصير بذلك المعاملة صورية مخالفة للمعتاد في السوق في عقود البيع والشراء، وهذا يؤدي إلى تعاظم المديونية على حساب الإنتاج الحقيقي، وينشأ عنه التضخّم ومنع تحريك القطاعات المؤثرة على الاقتصاد إيجابياً.

ثالثاً: يتنافى التورّق المنظم مع فلسفة التمويل الإسلامي في تنويع العقود وشمولها للأنشطة الاقتصادية المختلفة؛ فالمموّل الذي يتعامل بالتورق المنظم يهمل كثيراً من العقود الشرعية الأخرى، مثل الاستصناع والمضاربة وغيرها، فتصبح المؤسسات المالية الإسلامية كالبنوك التقليدية التي تعتمد على قروض الفائدة فقط.

رابعاً: شبهة العِينَة الثلاثية: من خلال تعهد المؤسسة المالية ببيع السلعة، وهذا من التحايل على الربا. 

وقد ذهب مجلس الإفتاء الأردني في قراره رقم (307) إلى حرمة التورق المصرفي "التمويل الشخصي"، وقرّر أن "التعامل بالتورق المصرفي المنظم محرم شرعاً سداً لذريعة التحايل على الربا، وحذراً من جعل الفرق بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية فرقاً شكلياً...".

وعليه؛ فإذا انطبقت على المعاملة المذكورة أوصاف التورّق المنظّم فيحرم التعامل بها، وأما إذا انتفت تلك الأوصاف، وكانت من قبيل التورّق الفردي، فتباح عند وجود الحاجة. والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق
رقم الفتوى السابق

فتاوى أخرى



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا