الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
دفع الزكاة للمستشفيات والمراكز الطبية لا بد أن يتم فيه التقيد بأمرين:
الأول: تخصيص هذه الأموال لإنفاقها على الفقراء وتكاليف علاجهم، وليس للنفقات الإدارية أو التشغيلية العامة، فإذا تم تخصيصها لنفقات العلاج يُنظر في المريض إن كان فقيرًا محتاجًا أم غنيًّا مكتفيًا، وتُخصَّص الزكاة للفقير من المرضى.
ولكن لا بد من مراعاة نوع المرض ومقدار تكاليف العلاج في وصف الفقير؛ فإذا كان المريض مكتفيًا فيما ينفقه على نفسه وعياله، ولكن تكاليف علاج المرض الذي أصابه تفوق قدرته أصبح فقيرًا حينئذ، وهذا حال غالب الناس أمام مرض السرطان، الذي نسأل الله تعالى أن يلهم البشرية سر دوائه وعلاجه. وقد سبق التوسع في تفصيل ذلك في الفتوى رقم: (
766).
الثاني: حصول المستشفى على وكالة من جميع الفقراء، يتسلَّم المستشفى أو المركز بموجبها الأموال عن الفقراء، ويتولى إنفاقها عليهم مرة أخرى؛ لأن الأصل في الزكاة أن تُملَّك للفقير، إلا إذا كان المستشفى أو المركز حكوميًّا، فولي الأمر له حق إنفاق أموال الزكاة على الفقير على الوجه الذي يراه أنفع وأصلح.
فقد أجاز الفقهاء لولي الأمر -ومَنْ في حكمه- التصرف بإنفاق أموال الزكاة على الفقراء بما يعود عليهم بالمصلحة، فقالوا: إن للإمام أن يشتري عقارًا للفقير يستغله. وقال الزركشي: "يشبه أن يكون كالغازي، إن شاء اشترى له، وإن شاء دفع له وأذن له في الشراء" يُنظر "مغني المحتاج" (4/ 186). قالوا: "وجهه أن الإمام نائبه في قبضها، ويبرأ المالك بقبض الإمام".
ويقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "له أن يُلزمه بالشراء وعدم إخراجه عن ملكه لما في ذلك من المصلحة العامة، فلم ينظر لما فيه من جبر الرشيد، وحينئذ ليس له إخراجه، فلا يحل ولا يصح فيما يظهر" انتهى من "تحفة المحتاج" (7/ 165). وقد سبق تقرير ذلك في قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم: (
99). والله أعلم.