قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللهِ) متفق عليه. والمراد منه المصوِّرون كما جاء في رواية أخرى صحيحة.
وكان سبب ورود الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صوراً على وسادة في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها عليها تصاوير فامتنع من الدخول، فقالت رضي الله عنها: أتوب إلى الله ورسوله ماذا أذنبت؟ فقال: (ما بال هذه النمرقة)؟ فقالت: اشتريتها لك لتقعد عليها وتتوسَّدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَصْحَابَ هَذِهِ الصُّوَرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعَذَّبُونَ فَيُقَالُ لَهُمْ: أَحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ، وَقَالَ: إِنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ الصُّوَرُ لاَ تَدْخُلُهُ الْمَلاَئِكَةُ) متَّفقٌ عليه.
والنمرقة: وسادة صغيرة، والظاهر أنها منصوبة، وقد أخذ العلماء من مجموع الروايات وظروف القصَّة حرمة التصوير بشروط، انظر "إعانة الطالبين3/361" وما بعدها.
1. أن تكون الصورة لِما فيه الروح، فلا يحرم تصوير الجماد والنبات.
2. أن تكون صورة الحيوان مشتملة على ما يمكن أن يعيش به، فلو كانت بلا رأس لا تحرم أو كانت لنصف الحيوان بحيث لا يعيش لو كانت هذه حالته.
فإذا كانت لحيوان على هيئة يعيش فيها حرم رسمها وحرم شراؤها أيضاً.
لكن إذا تمَّ رسمها أو شراؤها جازت استدامتها إن كانت غير معظَّمة كأن كانت على بساط أو إناء يُؤكل أو يُشرَب فيه، لأن تقطيع البساط وكسر الإناء فيه إفساد للمال.
ولما اختُرِع الرسم الفوتوغرافيّ اختلف العلماء في حكمه، فقال أكثرهم: حكمه حكم التصوير اليدويِّ بل هو أوضح منه فهو أولى منه بالتحريم إذا توفَّرت شروط التحريم السابقة.
وقال البعض هذا ليس تصويراً ورسماً بل هو تثبيت للصورة التي تنطبع بوسيلة خاصّة على الورق الخاص فحكمه حكم الصورة في المرآة، لكن صورة المرآة لا تثبت وهذه تثبت، بدليل أن الكبير والصغير والخبير وغيره يتقن هذا التصوير فليس للإنسان فيه كبير جهد، بل الآلة هي التي تُثبِّت الصورة بطريقة خاصة، وهذا الكلام له وجه من الاعتبار لكن لا يُرجَّح على كلام الفريق الأول، ولذا يمكن أن يُقال في التصوير الآليِّ ما يلي:
1. إذا كان فيه إغراء بالفساد والفتنة وإثارة الغرائز فلا شكَّ في حرمة تصويره واقتنائه؛ لأنّ ما بعث على الحرام حرام.
2. إذا لم يكن كذلك فالورع تركه، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لاَ يَرِيبُكَ).
3. إذا كانت الصورة نصفية فالأمر فيها أخف، الورع تركها وعدم اتِّخاذها أو تعليقها لكن لا يجب الإنكار على من اتَّخذها أو علَّقها.
بقيت الصور التعليمية التي تُتَّخذ لتعليم الأطفال وغيرهم في أمور الطب وغيره، وهذه يجوز منها ما تدعو إليه الحاجة سواء كانت رسماً يدوياً أم تصويراً آلياً، والدليل على هذا أن السيِّدة عائشة رضي الله عنها كانت عندها لعب تلعب بها وهي في بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن اللُّعب هي صور مجسَّمة لبنات والحكمة تعليم البنات تربية الأطفال والعناية بهم.
وجاء في الحديث: أن الصحابة الكرام كانوا يصنعون اللعب المحشوَّة بالقُطن للأطفال ليلعبوا بها ويتسلَّوا عن الطعام وهم صائمون في رمضان.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى اللعب واللهو/ فتوى رقم/11)