المجلس العلمي الهاشمي الأول/ رمضان (1430هـ)
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه أجمعين.
سيدي صاحب السمو الملكي الأمير عاصم بن نايف مندوب صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم/حفظه الله
أيها الحفل الكريم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبارك لكم بهذا الشهر الكريم، الذي تُحط به الخطايا، وتُرفع به الدرجات، ويعبر فيه المسلمون عن صدقهم مع الله، ووفائهم بعهده، من خلال صيام الهواجر، وقيام الليل، وقراءة القرآن، والتنافس في عمل الخير.
واشكر إخواني في وزارة الأوقاف، وعلى رأسهم معالي الوزير، الذين يحيون في كل رمضان هذه المجالس العلمية، في هذه الخيمة الهاشمية الحانية الماجدة بفضل الله.
ويسرني أن أشارك في هذا المجلس سماحة الأستاذ الدكتور/ محمد سعيد رمضان البوطي، وسماحة الأخ الحبيب الشيخ/ علي زين العابدين الجفري حفظهما الله، وأدعو الله تعالى أن يوفقنا جميعاً إلى ما فيه خدمة الإسلام والمسلمين والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
وبعد:
فإن حوار الحضارات مشروع حضاري عالمي، يهدف إلى تعاون البشر ليتفقوا على نمط فكري جديد، يبعد عنهم الحروب ويجنبهم ويلاتها، ويكسر الحاجز النفسي الذي يحول دون سماع وجهة نظر الآخرين.
وللتعرف على هذا المشروع لا بد من معرفة مفردات اسمه، والظروف التي نشأ فيها.
أما الحوار: فهو مخاطبة بين اثنين فأكثر، وتراجعٌ بينهم في القول، قال الله تعالى: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) المجادلة/1، وقال عز وجل: ( فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) الكهف/34، ثم قال تعالى: ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ) الكهف/37، ويعلم إخواني أن الحوار الأول كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وإحدى الصحابيات، نزل بعده حكم شرعي كان رحمة للمسلمين والمسلمات، والثاني: بين مؤمن وكافر معتدٍّ بماله وولده، فمحق الله ماله، وأوقفه على حقيقة نفسه.
وأما الحضارة: فهي مشتقة من الحاضرة، وهي عكس البادية، والمراد بها: النظرة إلى الإنسان والكون والحياة، والتي تبنى عليها قواعد التعايش بين الناس، وهي غير المدنية التي يراد بها العمران، والجانب المادي من حياة البشر على وجه الأرض.
فيكون حوار الحضارات: هو السماع من الآخر مباشرة، عن وجهة نظره إلى الإنسان والكون والحياة، والفرق كبير بين من يرى الكون بما فيه من عجائب مخلوقاً لله تعالى، يجب التصرف فيه وفق إرادة خالقه، وبين مَن يراه تحفة جميلة معقدة، فيؤلِّه بعض أجزائه، بطريقة أو بأخرى.
والفرق كبير بين من يرى الإنسان عبداً لله كرَّمه وملَّكه هذا الكون، وعليه أن يتصرف مع إخوانه ومع بيئته وفق التعليمات التي وضعها من خلق الجميع، ورسم لهم طريق السعادة، وبين مَن يرى الإنسان إلهًا يتصرف كما يشاء، فتتعارض إرادات الناس، وتقع الخصومات بينهم، كما أن الفرق كبير أيضاً بين من يرى الحياة هبة من الله، وفرصة للإنسان ليتقرب إلى خالقه بطاعته، وإسعاد المخلوقات من حوله، وبين من يراها فرصة للذات الجسد، وفي سبيل ذلك يضحي بحياة الآخرين.
نحن المسلمين نؤمن بالله الرحمن الرحيم، خالق الكون والإنسان والحياة، وقد كرمنا بكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وقد عبرنا عن هذا بسلوك نبيل فتح القلوب والعقول لحضارتنا، فشاركنا فيها الملايين من البشر إخواناً متحابين، وغيرنا قال: ( أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا ) الكهف/34، وقام يصول على البشر، ويدعو إلى صراع الحضارات، فكانت دعوتنا إلى حوار الحضارات رداً عقلانياً على غطرسة المتكبرين لحماية البشر من خطر الحروب بالأسلحة المدمرة التي أنتجتها حضارة غير إسلامية.
لكن منطق القوة كان مبادراً، فشهدنا صولات على العالم الإسلامي أُزهقت فيها أرواح، واحتلت دول، وأهينت كرامات أشخاص وشعوب، واستولى القوم على ثروات، والأنكى أنهم استولوا على عقول انبهرت بالحضارة المادية، ونسيت قول الله تعالى: ( وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) الأعراف/128.
وأمام هذا لا يسعنا إلا أن نستمر بالدعوة إلى الحوار، بكل أدب، وحشمة، ولطف، ورقة، حتى لا نجرح شعور الآخرين وإن جرح قلوبنا، كي لا نتهم بالإرهاب والعياذ بالله، قد يكون هذا هو الصحيح في نظر البعض، وقد يكون هذا هو الممكن في نظر الآخرين، وعلى أي حال لا بد من الحوار، فماذا نريد من هذا الحوار؟.
1. نحن نريد به ـ كما قلت ـ إبعاد شبح الحروب المدمرة عن البشر، فأسلحة الدمار الشامل صارت في متناول الجميع تقريباً، وإن تعددت أساليبها، وقدراتها، لكنها تشترك في أنها تؤذي من لا ذنب له، ومن لا علاقة له بموضوع النزاع، والله تعالى خلقنا على هذه الأرض لنعمرها بما يرضيه، ويسعدنا، ومع الدمار لا يكون عمران ولا سعادة، فالسعادة والعمران يكونان بإحقاق الحق وإقامة العدل، لذا نذكِّر المسلمين كل جمعة بقول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ) النحل/90.
2. إلى جانب هذا نغتنم فرصة الحوار لنبلغ حقائق ديننا للآخرين، فقد تجنَّى علينا أعداؤنا، ونسبوا إلينا ما نحن منه برآء، وأساء بعضنا التعبير عن الإسلام، فصدَّق مقولة أعدائنا فينا، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال: « إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» رواه البخاري، فكل عمل يوكل إلى غير أهله، هو تعجيل بوقوع الكارثة، والأمة الإسلامية التي تؤمن بالله الواحد الأحد، وبالمساواة بين البشر في أصل الخلقة، وتحترم كل الأنبياء والمصلحين، ويصدِّقُ دينَها كلُّ ما استجد من علوم الكون، هذه الأمة متميزة بحق، ويجب أن تعرض دينها على الشعوب، لأنه قادر على استيعاب الجميع، إخوة متساوين أمام الحق، ومن العجز عن حمل الأمانة وأداء الرسالة أن لا نعرِّف الناس بديننا بالوسائل المتاحة، وقد فعل هذا العديد من شبابنا بإمكاناتهم الشخصية، فنشروا الإسلام بالدعوة الحكيمة، والسلوك المستقيم، وإن وقعت من بعضهم هنات فهي مغفورة إن شاء الله، ولا بد لكل ساعٍ من عثرة.
3. لقد قال الله تعالى لنا: (إِنَّهُ ُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ) المائدة/72 ، والشرك له وجوه كثيرة:
أشرك إبليس يوم رفض حكم الله وهو معترف بربوبيته، وأشرك فرعون لما ادعى الألوهية، وهو يبني صرحاً ليكلم الله رب موسى، وأشرك غيرهما بأساليب أخرى.
وهؤلاء المشركون هم إخواننا في الإنسانية، ومن حق الأخوة أن نحاول إنقاذهم من النار، بتعريفهم بالدين الحق، إن مصيرهم الموعود حيث: ( لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ) فاطر/36، هذا المصير يقلقنا، وكان يقلق نبينا صلى الله عليه وسلم من قبل، حتى واساه ربه فقال له: ( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) فاطر/8، إن السكوت عن هذا المستقبل البائس يتنافى مع حق الأخوة، وفي الدنيا ماذا نقول فيمن لم يحرك ساكناً وهو يرى بيت جاره يحترق، فكيف بمن يرى أخاه يسير إلى النار وغضب الجبار ثم يسكت عنه، لقد وصل الأمر ببعض المتزلفين إلى الناس، اللاهثين وراء الشهرة أن يقول لغير المسلمين: "إن الجنة تنتظركم بما قدمتم للناس من خدمات" ويتناسى قول الله تعالى: ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) الفرقان/23، ومثل هذه المجاملات هي غشٌّ نخشى على صاحبه من مغبة قول الله تعالى: ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ) الزمر/60، إن واجب الأخوة الإنسانية يقتضي أن نحاورهم بلطف، وننصحهم برفق، لعل الله تعالى أن يجنبهم سوء المصير.
4. لقد كلّف الله تعالى نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يبلغ رسالته للناس أجمعين، قال عز وجل: ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) سبأ/28.
والنبي عليه الصلاة والسلام بشر، كتب الله عليه الموت، فكيف يبلغ كل الناس؟! إن هذا في حقيقته تكليف له ولأمته من بعده أن يبلغوا، وقد قام صلى الله عليه وسلم بما كلف به أثناء حياته إلى أن مضى إلى الرفيق الأعلى، وبقي على أمته أن تبلغ عنه، وقد فعلت ولله الحمد، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، ونحن اليوم نغتنم باب الحوار لنبلغ ديننا، معذرة إلى الله، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
والحوار المطلوب: هو ما تسمح به الظروف، المشاركة في الندوات العالمية حوار، والاستفادة من وسائل الإعلام حوار، وكل ما يبلغ صوتنا إلى العالم حوار، لكن يجب أن يكون لهذا الحوار ضوابط:
أولاً: أن نفرق بين الأمور الأساسية والأمور الفرعية في قضايا الدين، فحديثنا عن الاكتشافات الإسلامية في العلوم والفنون باعتبارها وجهاً من وجوه حضارتنا يبدو باهتاً اليوم، ونحن نرى عجائب المخترعات والمكتشفات، فالأولى أن نهتم بإبراز خصائص الإسلام، التي لا تشاركه فيها حضارة ولا يستغني عنها إنسان، كالجمع بين المادة والروح في سياق متكامل، يعمر الأرض، ويسعد الروح، واحترام الإنسان لأنه بنيان الله، دون تفريق بين عرق، ولون، وشعب، فالكل مدعو إلى جنة الله ليدخل إلى دار السلام من باب الإسلام: ( وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) يونس/25، ومما يلفت الانتباه، أن الذين يدخلون إلى الإسلام ينجذبون إلى الصوفية؛ لأن لديهم عطشاً روحياً، وليت هذا المشرب يصفى، فتحسن صياغته، ويجاد عرضه، بما يجذب العطاش إلى الإسلام كله.
ولا مانع من عرض الأمور الفرعية إذا كانت تصب في المقصد الأساسي، كالحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن والسنة باعتباره مؤديا إلى الاعتقاد بوحدانية الله تعالى، وصدق النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا باب الإيمان والإسلام والإحسان.
ثانياً: يجب أن ندع أسلوب الاسترضاء والاستجداء والمداراة والمقاربة، ولنقل قولاً فصلاً، قول الواثق بما يقول، وانظروا إلى القرآن الكريم، والتنزيل الحكيم، يقول بلا مواربة: ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ، وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ ) الطارق/13-14، ويقول للرسول صلى الله عليه وسلم: ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف/23، وهذا تهديدٌ كما يعرف السادة العلماء وليس تخييراً كما يظن الجاهلون، بدليل أن الله تعالى بيَّن بعدها أن مصير الكافرين النار، ومصير المؤمنين الجنة، ونحن نسمع في بعض المناسبات من يتحدث عن الإسلام حديث المتهم المدافع بلسانه، المقر في أعماقه، ويطلق عبارات لولا ما كتبه الله علينا من حسن الظن بالمسلمين لحكمنا بردته، إن الحوار بين المذاهب الإسلامية غير الحوار بين الأديان، فحوار المذاهب يجوز لك أن تفترض صحة دعوى المحاور، أما الحوار مع غير المسلمين فلا يجوز فيه توقع صحة ما يقوله الطرف الآخر، لأن ذلك ينافي الإيمان الذي هو: التصديق الجازم بما نزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وبلغنا عنه بطريق قطعي.
وانظر إلى قول الله تعالى: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) آل عمران/85، وفي زمن الهزيمة الفكرية أضاع البعض هويته، ولم يعد يعرف ما المراد بالإسلام في هذه الآية!! فشرَّق وغرَّب ولا حول ولا قوة إلا بالله.
نقول لهؤلاء: إذا كان لا فرق بين الإسلام وغيره، فلماذا ندعو إليه؟!
إن الحكمة والتلطف في الحوار لا تعني أبداً تغيير أركان الإسلام وثوابته.
ثالثاً: لقد مضى على حوار الأديان والمذاهب زمن ليس بالقصير، وحوار الحضارات تبعٌ لهذا، وجدير بنا أن نراجع حسابنا لنرى ماذا أفدنا من الحوار؟! لكي نمضي به مستفيدين من دروس المرحلة السابقة، ولا أحكم على النتائج لأنه لم تجر دراسة كهذه فيما أعلم، لكن بعض العقلاء يرى أنه لم يكن فيها إلا التراجع من طرفنا، والتجاسر علينا من الطرف الآخر، قد يكون هذا رأياً شخصياً بني على ملاحظات خاصة، لكنه وارد ولا ينفيه ولا يؤيده إلا دراسة شاملة، ومرة أخرى أقول: هذا لا يعني إيقاف الحوار، لكن تغيير الأسلوب ونحن نتحدث مع الآخرين، وعلى سبيل المثال وفي غير هذا السياق، لقد توسع بعض الإسلاميين في المعاملات المالية حتى قال العامة: "ما الفرق بين البنوك الإسلامية والبنوك الربوية " ؟!.
وإذا لم نقم بهذه المراجعة فسيكون الحوار للحوار، وهو قليل الجدوى.
رابعاً: سواء قلنا حوار الحضارات أم صراع الحضارات فإن تلاقي الحضارات تحت أي شعار لا بد منه، ومما يفيدنا فيه أن تكون لنا كلمة واحدة، وموقف واحد، عملاً بقول الله تعالى: ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) آل عمران/103، وحذراً من مغبة قوله عز وجل: ( وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُم ) الأنفال/46، والذي يتفق عليه المسلمون أكثر بكثير مما يختلفون فيه، وحبذا لو حصلت لقاءات بين الجماعات الإسلامية، لبيان المشتركات والاهتمام بها في الحديث مع الآخرين ولتكون أساس العلاقات بين المسلمين، فالخلاف الفرعي الذي لم تحسمه القرون الماضية ليس من الممكن أن نحسمه اليوم، ونحن على عجلة من أمرنا بسبب الظروف المحيطة.
إن الخلافات الفرعية ثغرات يستغلها العدو ليفرق صفوفنا، بل ليصرف الناس عن ديننا، بل إن البعض ينصرف عن التفكير في الإسلام عندما يرى تفرقنا، فلنغلق هذه الثغرات بتجاوزها إلى المشتركات، وهذا ما أرشدنا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: « من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته» رواه البخاري.
وانظروا إلى اجتماع المسلمين على الصيام في رمضان بغض النظر عن الفتوى في يوم بدء الشهر وانتهائه، واجتماعهم للحج في موسمه، واجتماعهم على التوجه إلى القبلة، وهبَّتُهم في وجه من أساء إلى نبيهم الحبيب صلى الله عليه وسلم، كل هذا يؤكد أن الذي يجمع هذه الأمة أكثر مما يفرقها، وأرجو أن نستطيع تنظيم صفوفنا ليكون لنا ما قاله الله تعالى عن سلفنا الصالح: ( لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ) الحشر/13، أو على الأقل يكون لنا احترام يجعل حوارنا مقبولاً، نهدي به إلى سواء السبيل بإذن الله تعالى.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته