بسم الله الرحمن الرحيم
دور علماء الأردن في تطوير المؤسسات الدينية(*)
دائرة الإفتاء العام أنموذجًا
المفتي الدكتور أحمد الحراسيس
تمهيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى اله وأصحابه أجمعين،وبعد.
تهدف هذه الورقة لتقديم أفكار تسهم في التطوير الإداري والمنهجي للمؤسسات الدينية في ظل التحديات الكبرى في عالمنا المعاصر اليوم، وأفترض قبل الخوض في الحديث عن تجربة المؤسسات الدينية في الأردن أن التطوير في تلك المؤسسات ناتج عن النظر إلى استثمار الموارد المتاحة بالصورة الأمثل وصولاً لتحقيق أفضل النتائج، وإن الإساءة للاستثمار الأمثل لتلك الموارد مع القدرة عليها إنما هو خلل يستوجب المساءلة الدنيوية والأخروية.
كما تهدف هذه الورقة لإبراز دور المؤسسات الدينية في الأردن ومجاراتها للتطوير والسعي للوصول إلى التميّز على مستوى المملكة ومنافسة المؤسسات الأخرى، وقد اخترت في هذه الورقة دراسة تطبيقية لمؤسسة دينية واضحة المعالم والدور والمنهجية، وهي دائرة الإفتاء العام؛ وذلك لأنها دائرة متجذّرة تاريخيًا ضمن المؤسسات الأردنية منذ تأسيس الإمارة، وبقيت تتطوّر حتى استقلّت عن وزارة الأوقاف عام 2006م، ثم بدأت مرحلة جديدة من التطوّر السريع ومواكبة ظروف العصر والتكنولوجيا، وذلك من خلال العلماء الذين تشرّفوا بالخدمة فيها وحمل لواء الفتيا.
وحاولت في هذه الدراسة إبراز تكاملية الأسس الخمسة التي تقوم عليها الإدارة الحديثة، ومدى تطبيق دائرة الإفتاء لهذه الأسس، سواء في منهجية الإدارة أو منهجية الفتوى، وتتلخّص هذه الأسس في:
1.التخطيط.
2.التنظيم.
3.تكوين وتنمية الكفاءات الإدارية والفنية.
4.التوجيه والإشراف.
5.الرقابة والمتابعة وتقويم الأداء.
ثقافة التطوير والتميز واجب شرعي
لم تعد المؤسسات الدينية اليوم تقود عملاً ثانوياً في المجتمع الإسلامي، بل أصبح خريجو كليات الشريعة قادة لمؤسسات تربوية وإعلامية ومالية متطورة، وهذا يفرض على هؤلاء القادة تطوير الأداء الإداري وتطوير طرق وأساليب الخطاب الدعوي[1]، وتتلخّص هذه الميزة لعلماء الشرع الحنيف في:
كونهم حملة الأمانة التي أبت السماء والأرض والجبال حملها، قال الله تعالى:(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) الأحزاب/ 72، وهذه الأمانة تحتاج إلى شروط في حاملها، وأبرزها القوة والأمانة؛ لقوله تعالى:(إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ) القصص/ 26، ومقصود القوة جميع مكنونات هذا اللفظ من قوة الشخصية والعلم والخبرة والإدارة، وهذا ما أشار إليه رسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن سيدنا أبي ذر: "قال قلت يا رسول الله ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: " يا أبا ذر! إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزيٌ وندامة إلا من أخذها بحقها وأدّى الذي عليه فيها "([2]).
تحقيق مهمة الاستخلاف
فعلماء الشرع اليوم هم حملة رسالة الإسلام، وحمل هذه الرسالة السمحة يحتاج إلى إنشاء مؤسسات دينية متطورة، سعيًا للوصول إلى مراقي التميّز. وكل هذا نابع من شعورهم بواجب الاستخلاف وعمارة الكون، قال الله تعالى:(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ) البقرة/ 30.
أمة الوسطية والخيرية
قال الله تعالى:(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آل عمران/ 110، انطلاقاً من هذا التشريف الرباني، فإنه يتوجب على علماء الشرع إعادة النظر في كثير كيفية تطوير مؤسساتهم الدينية، سعيًا لتحقيق ثقافة التميز، فلكوننا خير أمة وأمة الوسط حريٌّ بنا حمل لواء الدين وتيسير نشره بين الناس والذود عن حياض الإسلام ورد الشبهات المثارة حوله.
هذه الأسباب وغيرها تحفز علماء الشرع بنهضة المؤسسات الدينية مرتكزة على نظم إدارية متطورة متنوعة مهام الدعوة والفتوى.
ويشتمل البحث على مباحث تتناول تعريف عام بالمؤسسات الدينية في الأردن، ودراسة تطبيقية لدائرة الإفتاء العام كأنموذج للتطوير، تشمل الدراسة نماذج لعلماء يحتذى بهم في الدور المؤسسي الديني في المملكة الأردنية الهاشمية.
المبحث الأول
المؤسسات الدينية في الأردن
ويتكون من ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: دائرة قاضي القضاة
ترجع أصول القضاء الشرعي إلى تكاملية المنهج الإسلامي المعالج لكافة نواحي الحياة ومنها بيان حقوق الأفراد والجماعات وواجباتهم وآلية اقتضاء هذه الحقوق وقضائها، فكان القضاء وفق الشريعة الإسلامية من عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم واستمر العمل في القضاء الشرعي وفق قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية حتى يومنا هذا. فمنذ أن أسس المغفور له جلالة الملك المؤسس عبدالله بن الحسين إمارة شرقي الأردن في 11/نيسان سنة 1921م، وشكل فيها حكومة مدنية أسند مهمة قاضي القضاة إلى سماحة الشيخ محمد الخضر الشنقيطي فاستمر العمل في المحاكم الشرعية السبعة التي كانت في الضفة الشرقية من الأردن منذ العهد العثماني ـالتي هي في حقيقتها امتداد للقضاء الشرعيـ وهي المحاكم الشرعية في كل من عمان ومعان واربد والكرك والسلط وجرش والطفيلة.
ونتيجة للتطور الذي شهده ميدان القضاء الشرعي عبر هذه السنوات في ظل العهد الهاشمي الذي أولى القضاء الشرعي كل الرعاية والاهتمام فقد وصل عدد المحاكم الشرعية في المملكة الأردنية الهاشمية والقدس الشريف سبع وستون محكمة، منها أربع محاكم استئنافية في كل من القدس الشريف وعمان وإربد ومعان.
كان القاضي الشرعي في أوائل تشكيل الدولة ينظر جميع القضايا الحقوقية والجزائية، ثم فصل القضاء النظامي عن القضاء الشرعي وخصصت له محاكم صلحية وابتدائية تتبع وزارة العدل، واقتصر القضاء الشرعي على النظر في الأحوال الشخصية، وخُصصت له محاكم تتبع دائرة قاضي القضاة، كما أن دائرة قاضي القضاة كانت تتولى الإشراف على إدارة الأوقاف في المملكة حتى بداية عام 1968م؛ لانفصالها عنه، واستحداث وزارة مستقلة باسم وزارة الأوقاف([3]).
ودائرة قاضي القضاة دائرة حكومية مستقلة لا تتبع أية وزارة إنما ترتبط ارتباطاً مباشرا برئيس الوزراء([4]). كما تتولى الإشراف على المحكمتين الشرعيتين الابتدائية والاستئنافية في القدس الشريف حيث أنهما يتبعان القضاء الشرعي الأردني في كل ما يتعلق بهما.
أما بخصوص القضاء الشرعي فقد حصّن الدستور الأردني القوانين التي تطبقها المحاكم الشرعية والأحكام التي يصدرها قضاتها من أي مخالفة للشريعة الإسلامية وذلك بموجب المادة(106) التي تنص على: "تطبق المحاكم الشرعية في قضائها أحكام الشرع الشريف"([5]).
وبهذا فلا ينفذ أي تشريع أو حكم على فرض مخالفته للشريعة الإسلامية.
مهام المحاكم الشرعية:
تتولى المحاكم الشرعية وفق قوانينها الخاصة فصل النزاعات القضائية التي تتعلق بمسائل الأحوال الشخصية للمسلمين وقضايا الدية إذا كان الفريقان كلاهما مسلمين أو كان أحدهما غير مسلم ورضي الفريقان أن يكون فصل القضاء في ذلك للمحاكم الشرعية. كما لها وحدها سلطة القضاء في الأمور المختصة بالأوقاف الإسلامية.
الاختصاص الوظيفي للمحاكم الشرعية([6]):
- الوقف وإنشاؤه من قبل المسلمين وشروطه والتولية عليه واستبداله وما له علاقة بإدارته الداخلية وتحويل المسقفات والمستغلات الوقفية للإجارتين وربطها بالمقاطعة.
- الدعاوى المتعلقة بالنزاع بين وقفين أو بصحة الوقف وما يترتب عليه من حقوق أسست بعرف خاص، أما إذا ادعى أحد الطرفين بملكية العقار المتنازع فيه مع وجود كتاب وقف أو حكم بالوقف أو كان العقار من الأوقاف المشهورة شهرة شائعة من أهل القرية أو المحلة، وأبرز مدعي الملكية في جميع هذه الحالات أوراقاً ومستندات تعزز ادعاءه، فعلى المحكمة أن تؤجل السير في الدعوى وتكلفه مراجعة المحكمة ذات الصلاحية خلال مدة معقولة، فإذا أبرز ما يدل على إقامة الدعوى لدى تلك المحكمة تقرر المحكمة الشرعية وقف السير في الدعوى التي أمامها إلى أن تبت المحكمة في شأن ملكية العقار، وإلا سارت في الدعوى وأكملتها.
- مداينات أموال الأيتام والأوقاف المربوطة بحجج شرعية.
- الولاية والوصاية والوراثة.
- الحجر وفكه وإثبات الرشد.
- نصب القيِّم والوصي وعزلهما.
- المفقود.
- المناكحات والمفارقات والمهر والجهاز وما يدفع على حساب المهر والنفقة والنسب والحضانة.
- كل ما يحدث بين الزوجين ويكون مصدره عقد الزواج.
- تحرير التركات الواجب تحريرها والفصل في الادعاء بملكية أعيانها والحكم في دعاوى الديون التي عليه إلا ما كان منها متعلقا بمال غير منقول أو ناشئا عن معاملة ربوية وتصفيتها وتقسيمها بين الورثة، وتعيين حصص الوارثين الشرعية والانتقالية.
- طلبات الدية, الأرش إذا كان الفريقان مسلمين وكذلك إذا كان أحدهما غير مسلم ورضيا أن يكون حق القضاء في ذلك للمحاكم الشرعية.
- التخارج من التركة كلها أو بعضها في الأموال المنقولة وغير المنقولة.
- الهبة في مرض الموت.
- الإذن للولي والوصي والمتولي والقيِّم ومحاسبتهم والحكم بنتائج هذه المحاسبة.
- الدعاوى المتعلقة بالأوقاف الإسلامية المسجلة في المحاكم الشرعية إذا كان الواقف غير مسلم واتفق الفرقاء على ذلك.
- كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية بين المسلمين.
- كل عقد زواج سجل لدى المحاكم الشرعية أو أحد مأذونيها وما ينشأ عنه.
- الوصية وإثباتها.
- تنظيم الوكالات المتعلقة بأعمال المحاكم الشرعية.
مهام قاضي القضاة وصلاحياته:
أولا: يتولى قاضي القضاة إدارة دائرة قاضي القضاة كما سبق وله صلاحيات الوزير في إدارة الشؤون المتعلقة بها.
ثانيا: الإشراف على جميع المحاكم الشرعية وقضاتها ومراقبة أعمالها ويساعده في ذلك مدير المحاكم الشرعية كما يعاونه مفتش المحاكم الشرعية للقيام بالتفتيش على أعمال المحاكم الشرعية([7]).
ثالثا: انتداب أحد القضاة في حالة الضرورة للعمل في المحكمة من ذات الدرجة أو أعلى من المحكمة الملحق بها لمدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر في السنة الواحدة([8]).
رابعا: دعوة المجلس القضائي الشرعي للانعقاد إذا اقتضى الأمر ذلك([9]).
خامسا: إصدار تعليمات تعيين مأذوني توثيق عقود الزواج وتنظيم أعمالهم([10]).
سادسا: إصدار التعليمات الخاصة بمنح الإذن بزواج من أتم الخامسة عشرة سنة شمسية من عمره ولم يتم الثامنة عشرة ([11]).
سابعا: إصدار تعليمات تنظيم وتسجيل حجج التخارج([12]).
ثامنا: الموافقة للقاضي على منح الإذن بالتصرف بأموال القاصرين من قبل الأولياء أو الأوصياء بعد توفر المسوغات الشرعية لذلك([13]).
تاسعا: تعيين اللجنة المركزية للمحاماة الشرعية والتي تتولى فحص طلبات إجازة ممارسة مهنة المحاماة الشرعية ومناقشة بحوث المحامين الشرعيين.
عاشرا: منح إجازة المحاماة الشرعية لمزاولة مهنة المحاماة بناء على قرار اللجنة المشار إليها.
حادي عشر: التحقيق في الشكاوى المنسوبة إلى أحد المحامين الشرعيين وتشكيل المجالس التأديبية للنظر في ذلك والتصديق على قراراتها.
ثاني عشر: وضع التعليمات لتنظيم أعمال المحاماة الشرعية.
ثالث عشر: إعلان بداية الشهور القمرية والمناسبات الإسلامية المرتبطة بها.
ويتولى إلى جانب ذلك رئاسة مجلس إدارة مؤسسة تنمية أموال الأيتام. وأمانة سر الأمانة العامة لهيئات القضاء الشرعي.
مهام مدير المحاكم الشرعية وصلاحياته:
أولا: يمارس مدير الشرعية في دائرة قاضي القضاة صلاحية الأمين العام، ويرتبط بقاضي القضاة.
ثانيا: يتولى صلاحيات قاضي القضاة ومسؤولياته عند غيابه أو شغور مركزه.
ثالثا: مساعدة قاضي القضاة في مراقبة المحاكم الشرعية.
رابعا: نائبا لرئيس المجلس القضائي الشرعي ويتولى رئاسة المجلس حال غيابه.
خامسا: عضوية إدارة مؤسسة تنمية أموال الأيتام.
مهام دائرة قاضي القضاة:
تتولى دائرة قاضي القضاة القيام بالمهام التالية:-
أولاً: المهام الإدارية:
- الإشراف الإداري على المحاكم الشرعية وقضاتها لتأمين سير العدالة طبقاً للقواعد الشرعية والقانونية المرعية.
- تأمين احتياجات المحاكم من الموارد المادية والبشرية بما يحقق أهدافها في المحافظة على مجرى العدالة.
- الإشراف على رعاية شؤون الأيتام وفاقدي الأهلية.
- دقيق السجلات والجداول التي ترد إلى الدائرة من المحاكم الشرعية.
- تجميع وتدقيق الإحصائيات المتعلقة بعمل المحاكم الشرعية وتقديم التقارير اللازمة بهذا الشأن إلى دولة رئيس الوزراء.
- إعداد وتأهيل العاملين في الدائرة.
- الإشراف على شؤون المحامين ومنح شهادات مزاولة المهنة , والبحث في الشكاوى المتعلقة بهم
- الإشراف عل شؤون المأذونين الشرعيين.
ثانياً:- المهام القضائية:
يتولاها المجلس القضائي الشرعي الذي يتألف من أقدم رئيس محكمة استئناف شرعية رئيساً وعضوية كل من:
- مدير الشرعية.
- رؤساء محاكم الاستئناف الشرعية الأخرى
- المفتش الأعلى درجة في هيئة التفتيش.
وفي حال غياب الرئيس يحل محله مدير الشرعية رئيساً وعند غياب أحد من الأعضاء يضم إلى المجلس القضائي الذي يليه في الدرجة من أعضاء محاكم الاستئناف وهيئة التفتيش حسب مقتضى الحال إذا تعلق موضوع البحث في الجلسة بأي من أعضاء المجالس أو أي من أقاربه حتى الدرجة الرابعة أو أي من أصهاره فيمتنع على العضو الاشتراك في تلك الجلسة.
ويمارس المجلس القضائي الشرعي الصلاحيات التالية:
- تعيين القضاة الشرعيين وتنقلاتهم وترفيعاتهم.
- انتداب القضاة لغير عملهم أو لعمل إضافي.
- قبول استقالات القضاة.
- إحالة القضاة على التقاعد.
- محاكمة القضاة وتأديبهم.
التنفيذ القضائي الشرعي([14]):
إن العملية القضائية تنقسم إلى مرحلتين:
- مرحلة التقاضي( رفع الدعوى والمرافعات خلالها) والتي تنتهي بصدور قرار الحكم.
- تنفيذ الأحكام.
إن تنفيذ الأحكام مرحلة مهمة للغاية حيث أنه الشكل العملي لاقتضاء الحق واستيفائه , وقد كانت الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية تنفذ بواسطة دوائر التنفيذ التابعة لوزارة العدل واستمر ذلك حتى صدور قانون التنفيذ الشرعي رقم (11) لسنة 2006 الذي أسند تنفيذ الأحكام الشرعية إلى المحاكم الشرعية باعتبار أن أصل الحق موضوع الدعوى وفقا للدستور والتشريعات النافذة هو من الاختصاص الوظيفي للمحاكم الشرعية فكان الأولى أن يجمع الاختصاص الوظيفي واختصاص تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم الشرعية للقضاء الشرعي وبهذا تكون الجهة التي تقام الدعاوى أمامها هي ذات الجهة التي تنفيذ الأحكام وتستوفي الحق لتسلمه إلى صاحبه وفي هذا من التيسير على المراجعين وتخفيف العبء عنهم وتوفير الجهد والوقت ما لا يخفى كما أن القاضي الشرعي باعتباره مختصا وظيفيا في الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية والأوقاف الإسلامية والديات كان هو الأقدر على فهم الحكم القضائي المتعلق بهذه الموضوعات والأقدر على تنفيذه بما يعود بالنفع على الأطراف وبما يحمي الحق ذاته.
مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري([15]):
توجهت دائرة قاضي القضاة إلى إحداث مديرية الإصلاح والتوفيق الأسري , تتولى الإشراف على مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري التي أنشئت بموجب نظام الإصلاح والتوفيق الأسري رقم(17) لسنة 2013. والتي تهدف إلى تحقيق الرؤية الوطنية لحماية الأسرة وضمان استقرارها وتحسين نوعية العلاقة بين أفرادها بحيث يتم حل النزاعات الأسرية بالطرق الودية ما أمكن من خلال التوعية والتثقيف والإرشاد الأسري منعا لتشتتها ورفعا للمعاناة المادية والنفسية لأفرادها.
كما أن إنشاء هذه المكاتب سيسهم في تخفيف العبء الملقى على عاتق القضاة المتمثل بكثرة الدعاوى والنزاعات المطروحة أمامهم في ظل عدم وجود بديل توافقي يلجأ إليه لتوقي حدوث النزاعات ومن ثم حلها على فرض قيامها.
حيث ستشكل هيئات للإصلاح والتوفيق الأسري ضمن هذه المكاتب وفق أحكام النظام المشار إليه مهمتها السعي وبذل الجهد للوصل إلى حل توافقي تجنبا لطرح النزاع أمام القضاء وفق الشعار الذي ترفعه دائرة قاضي القضاة وهو( التراضي قبل التقاضي والوفاق بدل الشقاق). حيث تتولى هذه الهيئات الاجتماع بأطراف النزاع الأسري وسماع أقوالهم , وتقوم بتبصيرهم بجوانب النزاع المختلفة , والآثار الشرعية والقانونية المترتبة عليه, وعواقب التمادي فيه, وتبدي لهم النصح والإرشاد في محاولة تسوية النزاع ودياً, حفاظاً على كيان الأسرة وفق القواعد الشرعية لقوله سبحانه وتعالى:( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً) سورة النساء/ 35.
أصحاب السماحة الذين تولوا منصب قاضي القضاة:
سماحة الشيخ محمـــد الخضـــر الشنقيطـــي - سماحة الشيخ حســــام الديـــــــن جارالله - سماحة الأستاذ إبراهيم هاشــم - سماحة الشيــــخ عبد الله ســراج - سماحة الشيخ احمد علوي السقــــــاف - سماحة الشيخ فهمي هاشــــــم – سماحة الشيخ محمـــد أميــن الشنقيطـــــي - سماحة الشيخ عبدالله غوشــــة - سماحة الشيخ ابراهيم القطـــــان - سماحة الشيخ عبدالحميــد السائـــح - سماحة الشيخ محمـــد محمـود محيــــــلان - سماحة الشيخ نـوح علي سلمان - سماحة الشيخ عزالدين الخطيب التميمي - و-حاليًّا- سماحة الشيخ أحمد محمد هليل.
المطلب الثاني: وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية
كانت أمور الأوقاف في الأردن وفلسطين تنظم بموجب نظام إدارة الأوقاف العثماني الصادر في 19 جمادي الآخرة سنة 1280هـ، وقد ظل العمل به سارياً حتى الغي صراحة بموجب المادة(10) من قانون الأوقاف الإسلامية لسنة 1946م. ويُلاحظ هنا أن القانون الأساسي لإمارة شرق الأردن الصادر بتاريخ 30 شوال 1346هـ الموافق 19/4/1928م اهتم بالأوقاف الإسلامية ونص في المادة(61) منه على أنه:(يُعيَّن بقانون خاص تنظيم أمور الأوقاف الإسلامية وإدارة شؤونها المالية وغيرها، وتعتبر مصلحة الوقف إحدى مصالح الحكومة)، وعندما أعلن تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية عام 1946 أكد دستورها لعام 1946 على ذلك، وبعد إعلان تأسيس المملكة أيضًا صدر قانون الأوقاف الإسلامية رقم(25) لسنة 1946 والذي كان قد صدر في السنة نفسها بصفة مؤقتة تحت رقم(4) ثم عرض على المجلس التشريعي فأقره بعد إدخال بعض الإضافات والتعديلات بتاريخ 21/11/1946 ثم تمت المصادقة عليه والأمر بإصداره بموجب الإرادة الملكية بتاريخ 2/12/1946، ويلاحظ أن هذا القانون صدر بموجب المادة(61) من القانون الأساسي بصفة قانون مؤقت إذ لم يكن الدستور قد صدر بعد، ثم صدر بصفة قانون دائم بعد عرضه على المجلس التشريعي، فظل في الديباجة الإشارة إلى المادة(61) من القانون الأساسي الذي اعتمد قانوناً أساسياً للمملكة الأردنية الهاشمية عند إعلان تأسيس المملكة في 25/5/1946، ولم تجر الإشارة إلى المادة(63) من الدستور لأن الدستور قد صدر في 12/6/1946. كما أن نظام الأوقاف رقم(1) لسنة 1946م الصادر بموجب القانون كان قد صدر بتاريخ 12/6/1946 بموجب قانون الأوقاف رقم(4) لسنة 1946 والذي أصبح فيما بعد القانون رقم(5) للسنة نفسها بعد أن صدر بصفة دائمة.
ويلاحظ هنا أن القانون الأساسي للإمارة ودستور المملكة في عهد المغفور له جلالة الملك المؤسس عبد الله بن الحسين طيب ثراه قد نصَّا على أن أمور الأوقاف وإدارة شؤونها المالية تنظم بقانون خاص إدراكا من البداية على أن للوقف شخصيته المستقلة وانه لا يجوز أن تختلط أموال الأوقاف بالأموال العامة الأخرى، وان جهة الوقف مستقلة تماماً عن غيرها من الجهات. هذا مع إعطاء جهة الوقف وأمواله كل الميزات التي تتمتع بها الأموال العامة والمصالح الحكومية،وهذا وعي تشريعي مبكر أدرك طبيعة الوقف وقدم له كل ما يضمن أداءه لرسالته وأهدافه في المجتمع مع ضمان استقلاله وتقديم كل المعالجات التي تحفظه وتحميه من الاعتداء والضياع في غير ما أراده الواقفون.
ومن الجدير بالذكر أن الدستور الأردني لسنة 1946 نص في المادة(63) على أن للمحاكم الشرعية وحدها القضاء في المواد المختصة بإنشاء أي وقف أوقف لمصلحة المسلمين لدى محكمة شرعية وفي الإدارة الداخلية لأي وقف، وفي المادة(94) نص على أن المحاكم الشرعية تستعمل حقها في القضاء وفقا لأحكام الشرع الشريف.
وقد اهتم هذا القانون بالهيكلية الإدارية لمؤسسة الوقف ووضع الكثير من الإجراءات التي تنظم العمل وتضبطه، فنص قانون الأوقاف الإسلامية لعام 1946 في المادة(3) على أن دائرة الأوقاف مرتبطة رأساً برئيس الوزراء. ولم يصدر قانون خاص للأوقاف حتى سنة 1962، وظل قانون الأوقاف الإسلامية رقم(25) لسنة 1946 هو القانون الساري المفعول، إلا انه قد أدخلت عليه بعض التعديلات كما حدث سنة 1955 حيث صدر تعديل لهذا القانون ربطت به دائرة الأوقاف الإسلامية بقاضي القضاة بدلا من رئيس الوزراء، كما نص هذا التعديل على أن قاضي القضاة هو الذي يتولى رئاسة مجلس الأوقاف الأعلى.
وبتاريخ 1/4/1962 صدر القانون رقم(18) لسنة 1962 والذي حل محل القانون رقم(25) لسنة 1946 وتعديلاته.
وصدر قانون الأوقاف المطبق حالياً في المملكة بتاريخ 5/6/1966 تحت رقم(26) لسنة 1966 باسم قانون الأوقاف والشؤون الإسلامية وبموجب المادة(107) من الدستور، وقد جرت على هذا القانون عدة تعديلات من أهمها التعديل الذي صدر بموجب القانون رقم(4) لسنة 1968 والذي عدل تسمية القانون إلى قانون الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية. ومن الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء وبعد تشكيل وزارة باسم وزارة الشؤون الدينية والأماكن المقدسة بتاريخ 7/10/1967 اتخذ قراراً بربط دائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية والأماكن المقدسة اعتباراً من 8/10/1967. و بتاريخ 16/1/1968 جرى تعديل التسمية إلى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية بموجب القانون رقم(4) لسنة 1968 الذي نص على أن رئيس مجلس الأوقاف الأعلى قد يكون وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أو قاضي القضاة. ولما أصبح عمل الوزارة يشمل العديد من الشؤون الإسلامية بالإضافة إلى أمور الأوقاف صدر القانون رقم(5) لسنة 1969 الذي ألغيت به عبارة:(صادر بموجب المادة(107) من الدستور) من نص القانون الأصلي. ثم صدر القانون المؤقت رقم(23) لسنة 1970 الذي عدل تسمية دائرة الأوقاف الإسلامية إلى وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وعدل تسمية المدير العام إلى وكيل الوزارة، وعدل اسم مجلس الأوقاف إلى مجلس الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، وقد أصبح هذا القانون قانوناً دائماً بموجب القانون رقم(28) لسنة 1972 بعد أن اقره مجلس الأمة وادخل عليه بعض التعديلات.
وقد استقر في هذه القوانين تعريف(الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية) بالنص على أن هذه العبارة تعني الأوقاف الإسلامية في المملكة، والمساجد والمدارس والمعاهد الدينية ودور الأيتام والكليات الشرعية التي ينفق عليها من موازنة الوزارة، والمقابر الإسلامية، سواء ما وقف منها للدفن أو التي منع الدفن فيها أو المدرسة، وشؤون الحج والإفتاء، وكذلك المساجد التي لا ينفق عليها من موازنة الأوقاف.
وظلت القوانين الأردنية في مجال الأوقاف الإسلامية تطبق على المملكة بضفتيها حتى بعد وقوع الاحتلال، وظلت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية تمارس مباشرة إدارة أمور الأوقاف في الضفة الغربية، ولم ينقطع هذا الأمر حتى بعد صدور فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية بتاريخ 7/8/1988.
وعندما تولت السلطة الفلسطينية مهامها وطالبت بتولي أمور الأوقاف والمحاكم الشرعية قامت حكومة المملكة الأردنية الهاشمية بفك الارتباط الإداري والقانوني مع المحاكم الشرعية والأوقاف الإسلامية في الضفة الغربية وأصبحت تخضع لإشراف المسؤولين في هذه السلطة وفق القوانين والأنظمة التي كانت سارية المفعول قبل هذا القرار، وقد استثنت الحكومة المحاكم الشرعية والأوقاف الإسلامية في القدس الشريف من قرار فك الارتباط المشار إليه على اعتبار أن موضوع وضع المدينة المقدسة قد أجل بحثه لمحادثات الوضع النهائي، وبذلك يظهر أن القوانين الأردنية بخصوص الأوقاف الإسلامية في المدينة المقدسة ما زالت هي المطبقة والسارية المفعول.
أصحاب السماحة والمعالي الذين تولوا وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية:
سماحة الشيخ عبد الله غوشه - سماحة الشيخ عبد الحميد السائح - معالي السيد صالح الشرع - معالي السيد فواز الروسان - معالي الدكتور إسحق الفرحان - سماحة الدكتور عبد العزيز الخياط - معالي السيد كامل الشريف - معالي السيد عبد خلف داوديه - سماحة الدكتور علي الفقير - سماحة الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني - معالي المهندس رائف نجم - سماحة الشيخ عز الدين الخطيب التميمي - معالي الدكتور عبد السلام العبادي - الدكتور أحمد محمد هليل - معالي الأستاذ عبد الفتاح صلاح - معالي الأستاذ عبد الرحيم العكور - معالي الدكتور محمد نوح القضاة وحاليًّا- معالي الأستاذ الدكتور هايل داوُد.([16])
المطلب الثالث: نماذج لعلماء تولوا المؤسسات الدينية
أولا: نموذج من علماء الأردن الذين تولوا وزارة الأوقاف: سماحة الأستاذ الدكتور عبد العزيز محمد عزت الخياط:
ولد في نابلس 1924، والتحق بالأزهر الشريف عام1939م فحصل على البكالوريوس من كلية الشريعة في الفقه الحنفي 1944م وأكمل دراسته في القضاء الشرعي ودرس اللغة العربية في نفس الجامعة بزمالته ومعالي ناصر الدين الأسد، ومن أبرز مدرسيه في الأزهر: الشيخ محمد الشناوي، الشيخ محمد الخضر، الشيخ عبد الرحمن تاج ومن أبرز المجلات التي أصدرها: مجلة صوت الجيل، مجلة صوت كلية الحسين، مجلة الوعي الجديد. ومن أبرز الوظائف التي شغلها: معلم في مدرسة إربد الثانوية، مدرس في كلية الحسين، مدرس في الكلية العلمية الإسلامية، رئيس قسم المناهج والكتب المدرسية، وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، رئيس جامعة عمان الأهلية، رئيس جامعة جرش، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم المصرفية، عضو مجلس الأعيان. ومن أبرز مؤلفاته: الشركات في ضوء الإسلام، المجتمع المتكافل في الإسلام، المدخل إل الفقه الإسلامي. ومن أهم الأوسمة التي حصل عليها: وسام الاستقلال، وسام الكوكب الأردني، وسام التربية الممتاز. ومن أبرز أقواله: "نحن نرى فئات يكفر بعضها بعضا، لماذا؟ لأنهم أخذوا برأي معين جهالة أو عصبية مقيته، فكفّروا أخاهم، نحن لا نقبل هذا شرعا وعقلا" – "أكثر ما أمقته في الدنيا هي الواسطة وإن كان الإنسان يضطر إليها أحيانا حين يرى أن الواسطة لفعل خير أو لدفع ظلم" حلمي منذ الطفولة أن أصبح قاضيا شرعيا، وبالفعل درست القضاء الشرعي وللأسف لم أصبح قاضيا". توفي رحمه الله فجر الثلاثاء 22/11/2011م.([17])
ثانيا: نماذج من علماء الأردن الذين تولوا دائرة قاضي القضاة: سماحة الشيخ محمد محيلان:
ولد في قرية سوم في إربد 1922، تلقى تعليمه في كتّاب قريته، وحفظ القرآن الكريم ورحل إلى عكا ليلتحق بجامع الجزار وحصل على المترك الفلسطيني، وتابع دراسته في الأزهر. الوظائف التي شغلها: كاتب في محاكم جرش 1947م، قاضي شرعي 1951، قاض في محكمة الاستئناف الشرعية، مفتش المحاكم الشرعية 1979، مدير المحاكم الشرعية 1980، قاضي القضاة 1984، الأوسمة التي حاز عليها: وسام الاستقلال 1992، وجائزة آغا خان لعمارة المسجد الأقصى 1986، كما سُميت جوائز باسمه مثل: جائزة المرحوم محمد محيلان مُنحت للأول في درجة الدكتوراه في القضاء الشرعي في الجامعة الأردنية، ومن أهم مؤلفاته: القضاء الشرعي في العهد الهاشمي، والقضاء الشرعي في الأردن. وقد ساهم الشيخ في تطوير مسيرة القضاء الشرعي، وقانون الأحوال الشخصية، وقانون المحامين الشرعيين، والقانون المدني الأردني، والتوثيقات، ونظام الرسوم، وقد عايش سماحته همَّ المواطنين من بعض الإجراءات الصعبة، فعمل على وضع أسلوب في العمل يسهل أعمال المحاكم الشرعية، وأصحاب العلاقة من المراجعين. كما اختصر كثيرًا من الإجراءات لإنجاز الدعاوى والمعاملات ولخصها بالخطوات التالية: الدعاوى، التوثيقات والوثائق. توفي رحمه الله في 8/3/2006م.([18])
ثالثا: نموذج من العلماء الذين تولوا دائرة الإفتاء العام: سماحة الدكتور نوح علي سلمان القضاة:
من(1939-2010) أبرز علماء في المملكة الأردنية الهاشمية، ومفتيها العام، ولد في بلدة عين جنة بمحافظة عجلون. التحصيل العلمي: كان والده علي سلمان القضاة فقيهاً شافعياً أجازه في علومه ومعارفه كبار علماء الشام في طليعتهم الشيخ علي الدقر. وتلقّى أبناؤه الأربعة عنه العلومَ الشرعية قبل إرسالهم إلى الشام لتلقي العلوم الشرعية على أيدي أكابر علمائها ومحدّثيها. سافر رحمه الله إلى دمشق عام 1954م وقضى هناك سبع سنوات في المدرسة الغراء التي أسّسها الشيخ علي الدقر؛ لاستكمال الدراسة الإسلامية من المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية. ومن مشايخه في هذه المرحلة في الفقه الشافعي والعقيدة الإسلامية: الشيخ عبد الكريم الرفاعي والشيخ أحمد البصروي والشيخ عبد الرزاق الحمصي والشيخ نايف العباس والشيخ محمود الرنكوسي والشيخ محمد الشمّاع. وفي نفس الوقت كان يحضر مجالس الشيخ المربي محمد الهاشمي التلمساني. وبعد إتمام الدراسة الثانوية في المدرسة الغراء التحق بكلية الشريعة في جامعة دمشق فمكث فيها أربع سنوات وكان يتلقى الفقه الحنفي على: الشيخ مصطفى الزرقا والشيخ عبد الرحمن الصابوني والشيخ أمين المصري والشيخ عبد الفتاح أبو غدة والشيخ محمد المبارك والشيخ فوزي فيض الله. تخرج الشيخ نوح عام 1965م، ثم رجع إلى الأردن حيث انضم إلى سلك القوات المسلحة وعمل بجانب الشيخ عبد الله عزام الذي خلفه في منصب الإفتاء في عام 1972 م.
وفي عام 1977م سافر إلى القاهرة لاستكمال دراسة الماجستير وإلى جانبها درس أصول الدين وأصول الفقه على يد الشيخ عبد الغني عبد الخالق والفقه المقارن على يد الشيخ حسن الشاذلي وحضر محاضرات رئيس جامعة الأزهر الشيخ عبد الحليم محمود. في هذه الفترة ناقش رسالته في جامعة الأزهر والموسومة: "قضاء العبادات والنيابة فيها" بإشراف الشيخ محمد الأنباذي ونال بها شهادة الماجستير في عام1980م، وفي عام 1986 م نال درجة الدكتوراه من جامعة محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وقدم رسالته بعنوان "إبراء الذمة من حقوق العباد".
أما في مجال الدعوة والإرشاد: قام منذ تعيينه مفتياً للقوات المسلحة الأردنية في عام 1972م بإصدار الآلاف من الفتاوى والأسئلة التي تناولت معظم جوانب الحياة، وتم نشرها في المجلة الإسلامية للقوات المسلحة بعنوان:(التذكرة)، بالإضافة إلى محاضرات ومؤلفات حول موضوعات متنوعة وفي شتى المجالات، في عهده تميز الجيش العربي بوجود إمام راتب في كل وحدة ليؤم أفراد وحدته ويلقي دروساً دينية وكان يرتب لهذا الإمام برامج ودورات إضافية في الفقه الشافعي وتفسير القرآن والحديث والعقيدة، وقد أسس في الجيش كلية الأمير الحسن للدراسات الإسلامية حيث يقوم خريجوها بالتوجيه الديني في الجيش وبرتبة عسكرية تبدأ من رتبة ملازم، وفي عام 1996م،عين سفيراً للمملكة الأردنية الهاشمية لدى إيران حتى عام 2001م، ثم انتقل سماحته في عام 2004م ليعمل في الإفتاء في دولة الإمارات العربية المتحدة ومستشاراً لوزير العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية حتى عام 2007م، ثم صدر قرار تعيينه مفتيا عاما للمملكة الأردنية الهاشمية عام 2007م، وبقي في منصبه حتى عام 2010م، ومن أهم مؤلفاته: قضاء العبادات والنيابة فيها - إبراء الذمة من حقوق العباد - المختصر المفيد في شرح جوهرة التوحيد - شرح المنهاج في الفقه الشافعي، توفي رحمة الله صباح يوم الأحد 19 كانون الأول لعام 2010 م، دفن في بلدة رأس منيف من محافظة عجلون.([19])
المبحث الثاني
دائرة الإفتاء العام
تمهيد:
غدت قضية الفتوى الشغل الشاغل لكل المعنيين بالمسائل الإسلامية في العقود الأخيرة، ويرجع ذلك إلى بروز المسألة الدينية في حقبة الصحوة الإسلامية وما تفرع عنها من مناهج متطرفة وتشدد، ومع صعود موجات التدين القوية وانتشار الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي تفاقمت قضية الفتوى وصناعتها وتأثيراتها المختلطة، حتى طرحت قضية ما سمي اليوم بفوضى الفتوى.
من هنا كانت الحاجة لإبراز الفتوى الرسمية الناتجة عن أهل التخصص الشرعي الدقيق، خاصة في القضايا العامة، ووجوب توحيد الفتوى على مستوى البلد الواحد فيما يخص الشأن العام، وحماية هذه الفتاوى عن طريق قانون يمنع غير أصحاب الاختصاص، كما أن المؤسسات الدينية اليوم خاصة مؤسسة الفتوى يطرح عليها مطالب التجديد والمنصب على أمرين: المستجدات في حياة المسلمين، وماذا يمكن للمؤسسة الدينية أن تقوم به من إسهام في رؤية للعالم لجهة الانفتاح عليه ولقراءة قضاياه قراءة نقدية مستنيرة.
المطلب الأول: التطوير الإداري
أولا: تاريخ دائرة الإفتاء
مرت دائرة الإفتاء العام في الأردن بثلاث مراحل رئيسة:
المرحلة الأولى: أسست دائرة الإفتاء في المملكة الأردنية الهاشمية في عام(1921م). وكانت منذ تأسيسها تعتمد في الفتوى المذهب الحنفي والذي كان معمولاً به في أيام العهد العثماني، وكان المفتي يُجيب الناس على أسئلتهم سواءً منها ما يتعلق بالعبادات أو المعاملات أو الأحوال الشخصية، وكان يعيّن إلى جانب كل قاضٍ مفتٍ في المدن الكبيرة والصغيرة، ويستعين القاضي بالمفتي على حل المشكلات الاجتماعية، كما أن المفتي يُحيل إلى القاضي الأمور التي لا تدخل تحت اختصاصه مما يحتاج إلى بينات وشهود.
وبقي الإفتاء على هذا الحال حتى تم تعيين الشيخ حمزة العربي مفتيًا للمملكة سنة(1941م) بإرادة سامية.
المرحلة الثانية: في سنة(1966م) صدر نظام الأوقاف الإسلامية واشتمل الفصل التاسع منه على تنظيم شؤون الإفتاء، وكان المفتي يرتبط بوزير الأوقاف، ولذا نص النظام على أن المفتي العام يعقد بالاشتراك مع مدير الوعظ والإرشاد اجتماعات دورية للمفتين لتوجيههم وتنظيم أعمالهم؛ وذلك لأن المفتين كانوا يقومون بالوعظ والإرشاد أيضًا.
ونظرًا لظهور أمور جديدة في حياة المواطنين وتعدد المسائل وكثرة المدارس الفقهية فقد اقتضت المصلحة صدور قرار بتشكيل مجلس للإفتاء برئاسة قاضي القضاة، فكان المجلس يجتمع لبحث المسائل التالية: المسائل الجديدة، والمسائل التي تعم المجتمع، والمسائل التي تُحال إلى المفتي من جهة عامة كالوزارات والشركات ونحوها، وأما غيرها من المسائل فكان يجيب عليه مفتي المملكة أو المفتون في المدن والمحافظات.
تطور نظام التنظيم الإداري لوزارة الأوقاف وتطور معه نظام الإفتاء، فتم استحداث دائرة للإفتاء سنة(1986م)، لكن بقي المفتي مرتبطًا بوزير الأوقاف والذي قد يكون في بعض الأحيان ليس من ذوي الدراسات الشرعية؛ ولذا ظل قاضي القضاة يرأس مجلس الإفتاء لأن قاضي القضاة لا بد أن يكون مؤهلاً تأهيلاً شرعيًا.
المرحلة الثالثة: استقلال دائرة الإفتاء العام عن وزارة الأوقاف:
في عام(2006م) صدر قانون يقضي باستقلال دائرة الإفتاء العام عن وزارة الأوقاف وغيرها من الجهات الرسمية، وأصبحت رتبة المفتي تعادل رتبة وزير في الدولة، وبهذا استقل الإفتاء عن أجهزة الدولة الأخرى، وما يزال العمل جاريًا لترتيب شؤون الفتوى ودعمها بالفقهاء والمتخصصين بعلوم الشريعة الإسلامية، بحيث تقسم الواجبات فيما بينهم ويتولى كل قسم رعاية ومعالجة جانب من جوانب حاجات المجتمع. ([20])
ثانيا: الخطة الإستراتيجية
يعتبر الإفتاء جانباً مهماً من حياة المسلمين، ويعلم المختصون أن الشريعة الإسلامية لها حكم في كل تصرف من تصرفات الإنسان. قال تعالى:(مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) الأنعام/38، وقال تعالى:(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) النحل/89، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به)، ولهذا حرص العلماء وولاة أمور المسلمين على نشر الثقافة الإسلامية وبيان أحكام الشريعة الإسلامية بكل الوسائل، وحيث يتعذر على كافة الناس الإحاطة بكافة الأحكام الشرعية كان لا بد من المتخصصين الذين يرجع إليهم الناس فيما يعترضهم من قضايا يريدون حكم الله فيها؛ فأُسست مراكز يرجع إليها الناس ليجدوا فيها من العلماء من يجيبهم على مسائلهم وهي مراكز الفتوى، ويلاحظ من يقرأ القرآن الكريم قول الله تعالى في بعض الآيات(يسألونك)، ثم يأتي الجواب من عند الله تعالى عما سأل عنه المسلمون، ومهمة تولاها الله تعالى مهمة جد خطيرة، انظر قول الله عز وجل:(قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ) النساء/127؛ لأن الفتوى هي بيان الحكم الشرعي، والحكم الشرعي هو حكم الله، فالله تعالى هو الذي يبين الأحكام، ويرشد إليها الناس بوسائل مختلفة عرفها العلماء وضبطوها وبينوها للناس.
وفي المملكة الأردنية الهاشمية وجدت مؤسسة الإفتاء منذ تأسيس الدولة، وكان لا بد من أن تكون فعالة متطورة تلبي حاجات المجتمع، وتواكب التطور العلمي والمؤسسي الذي يشهده المجتمع الأردني.
رؤيتنا: أن تصبح دائرتنا قادرة على إعطاء الحكم الشرعي في كافة المسائل التي تُعرض عليها، قادرة على توجيه الرأي العام الإسلامي.
رسالتنا: تبليغ رسالة الله تعالى إلى الناس، وذلك من خلال بيان الأحكام الشرعية، والدعوة إلى العمل بهذه الأحكام. قال الله تعالى:(الر، كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) إبراهيم/1.
أهدافنا:
- الإبقاء على الشخصية الإسلامية المميزة في المملكة الأردنية الهاشمية.
- جمع الكلمة ووحدة الصف أمام المخاطر والتحديات الكثيرة التي تحيط بنا من الداخل والخارج؛ حيث إن الوحدة ضرورية للنجاح.
- العمل بجدية في كل الحقول؛ بحيث يشعر كل مواطن أنه مسؤول عن الأمة من خلال إتقانه لعمله، وقيامه بواجبه على أفضل صورة.
- تحقيق الأمن الاجتماعي؛ بحيث يشعر كل مواطن من خلال التزامه هو وغيره بأخلاقيات الإسلام أنه آمن على دينه ونفسه وماله وكل عزيز عليه.
- الفوز برضا الله تعالى الذي يؤدي إلى السعادة في الدنيا والآخرة. قال تعالى:(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) الأعراف/96، هذا في الدنيا، أما في الآخرة فقد قال عز وجل:(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) القصص/83.
الآليات التي نعتمدها لتحقيق أهدافنا:
- توظيف كادر مؤهل من المختصين في علوم الشريعة الإسلامية المختلفة يكون قادراً على بيان الأحكام الشرعية في كافة المسائل التي تعرض عليه.
- توظيف جهاز إداري فعال يقوم بإدارة الأمور بكفاءة عالية.
- إيجاد فروع للدائرة في كافة المحافظات ومراكز الألوية والتجمعات السكانية الكبيرة.
- إيجاد جهاز إعلامي متميز يستطيع إيصال المعلومات الشرعية إلى الناس بأيسر الطرق وأقل التكاليف، وقادر على الاستفادة من مستجدات الإعلام.
- تحسس حاجات الناس وطرح المواضيع المهمة عليهم قبل أن يسألوا عنها؛ كيلا يكون عمل الدائرة رد فعل لما يسأل عنه الناس، بل يكون لها دور توجيهي قادر على تبليغ المعلومات الإسلامية الهامة إلى الناس.
- الصلة الكريمة مع مراكز نبض المجتمع مثل المستشفيات، ودور العلاج، ومراكز القضاء، ومراكز الأمن لمعرفة ما يعاني منه المجتمع؛ ليكون التصدي للمشاكل من منطلق إيماني؛ لأنه الأكثر تأثيراً في الناس.
- إبراز الإفتاء بشكل عام باعتباره رحمة للجمهور يرشدهم إلى طريق الصواب، ويعالج ما يحصل من خطأ، ويحرص على سلامة دينهم ودنياهم.
- إشعار المجتمع بالدور الإيجابي للإفتاء من خلال مشاركة المفتين في إصلاح ذات البين ورأب الصدع في المجتمع المحلي.
- كسب ثقة الجمهور من خلال الفتاوى الموثقة بالطريقة العلمية والالتزام بجانب الحق بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى.
- تحديد ثوابت المجتمع الأردني ومراعاتها والتأكيد عليها في كل نشاطات الدائرة وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
- إدامة الصلة بالمراكز العلمية داخل المملكة وخارجها باعتبارها المَعين الذي تستمد منه الدائرة أو باعتبار الدائرة هي التي تتولى الجانب العملي في المؤسسات العلمية الشرعية.
- إبراز الكفاءات العلمية الأردنية؛ فالأردن فيه عدد من كليات الشريعة المميزة التي حظيت بالاحترام على مستوى العالم الإسلامي؛ فلا بد من إشراكهم في نشاطات دائرة الإفتاء لإبراز هذه المؤسسات وإبراز العاملين فيها.
- تأسيس الدائرة على قواعد علمية وعملية ثابتة؛ بحيث لا تتغير نوعية عطائها بتغير الأشخاص العاملين فيها.
- مراجعة مشاريع القوانين التي تعرض على الدائرة بطلب من مجلس النواب أو الجهات الرسمية؛ بحيث نحافظ على الطابع الإسلامي للأردن باعتباره بلداً إسلاميا هاماً من جهة، وباعتبار قيادته الهاشمية التي تتصل بالنسب النبوي الشريف، فالأردن بوابة الحجاز الذي فيه الحرمان الشريفان، وبوابة فلسطين وفيها الأقصى، وهو الراعي دولياً للقدس الشريف، فمن الضروري مراعاة أحكام الشريعة فيما يصدر فيه من قوانين وأنظمة.
- التعاون مع هيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم الإسلامي نظراً للحقل المشترك مع هذه الهيئات، ثم إنه أسلوب جيد لإبراز الأردن على مستوى العالم الإسلامي.
المشاريع التي تعمل الدائرة على أساسها لتنفيذ الآليات وتحقيق الأهداف:
- توظيف الكوادر البشرية اللازمة(حسب جدول التشكيلات).
- التأكيد المستمر على المفتين خلال الاجتماع الشهري للمفتين بضرورة المشاركة في إصلاح ذات البين ورأب الصدع في المجتمع المحلي؛ لإشعار المجتمع بالدور الايجابي للإفتاء، وكذلك التأكيد المستمر على ثوابت المجتمع الأردني ومراعاتها في كل نشاطات الدائرة وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
- وضع سياسة -أو مذكرات تفاهم- مع المراكز العلمية داخل المملكة وخارجها باعتبارها المعين الذي تستمد منه الدائرة وباعتبار الدائرة هي التي تتولى الجانب العملي في المؤسسات العلمية الشرعية.(علاقة تكاملية)
- إشراك أساتذة الجامعات(وطلاب الدراسات العليا) في نشاطات الدائرة بهدف إبراز الكفاءات العلمية الأردنية.
- وضع سياسة(خطة) للتعاون مع هيئات ومؤسسات الإفتاء في العالم الإسلامي؛ نظراً للحقل المشترك، ثم إنه أسلوب جيد لإبراز الأردن على مستوى العالم.([21])
ثالثا: المديريات واختصاصاتها:
- مديرية الإفتاء المركزي وتقسم إلى:
قسم الإفتاء المباشر وقسم الفتاوى العامة، ويقدم خدمة الإجابة على الأسئلة الواردة من خلال الرسائل القصيرة.
وتتلخص مهام مديرية الإفتاء المركزي بما يلي.
وضع الخطط الخاصة بالأقسام التابعة للمديرية ومتابعة مستوى أدائها، إعداد الإحصائيات الخاصة بالفتاوى الأسبوعية والشهرية، الإجابة عن الأسئلة الواردة من خلال الرسائل القصيرة، إعداد الرسالة الإلكترونية الأسبوعية، إعداد الرسالة الإلكترونية اليومية، الإجابة على أسئلة الهواتف اليومية.
- مديرية الدراسات والبحوث، وتقسم إلى:
قسم الدراسات، قسم تحقيق التراث والمخطوطات، وتتلخص مهامها فيما يلي:
- الإجابة على الأسئلة المكتوبة.
- إعداد الأجوبة الشرعية للأسئلة المقدمة لمجلس الإفتاء والبحوث.
- إعداد الأجوبة الشرعية للأسئلة المحولة من كافة المديريات، أو من مكاتب المحافظات
- تحكيم الأبحاث الفقهية التي يرسلها المفتون إلى مديرية الدراسات والبحوث.
- إعداد المادة العلمية والشرعية لنشرة( الإفتاء) التي تصدرها الدائرة وتحريرها وطباعتها.
- الإعداد والاشراف على الكتب والنشرات والمطويات والمطبوعات التي تصدر عن الدائرة.
- إعداد المادة العلمية للندوات والمؤتمرات والمحاضرات والمجالات العلمية التي تشرف عليها الدائرة.
- إصدار نشرات دورية بالأبحاث والدراسات والمقالات التي تصدر عن الدائرة.
- متابعة الأبحاث والدراسات المعاصرة وأرشفتها للاستفادة منها.
- الإشراف على المكتبة الخاصة بالدائرة والعمل على تطويرها.
- تصنيف قوائم بالأبحاث والدراسات المقترحة للدراسة والبحث.
- المقابلات الشخصية.
مديرية الموقع الإلكتروني، وتقسم إلى: قسم التحرير، قسم الفتاوى، قسم المكتبة.
وتتلخص المهام بما يلي:
- تحرير المادة العلمية المكتوبة والمسموعة والمرئية، وتنسيقها على الموقع الإلكتروني.
- تحرير الفتاوى الصادرة عن الدائرة، والتي يتقرر وضعها على الموقع الإلكتروني.
- تحرير قرارات مجلس الإفتاء والبحوث، ووضعها على الموقع الإلكتروني.
- استقبال الاقتراحات والاستفسارات، وتحويلها إلى جهة الاختصاص.
- استقبال الأسئلة على الموقع الإلكتروني، والإجابة عليها، وتصدير الإجابة.
- استقبال الأسئلة على الإيميل الإلكتروني، والإجابة عليها، وتصدير الإجابة.
- التنسيق العام للموقع الإلكتروني واقتراحات تطويره.
- التنسيق مع المديريات ذات الاختصاص لتغذية الموقع بالمادة العلمية.
- طباعة الكتب وتنسيقها إلكترونياً على الموقع.
- الإشراف العام على إنشاء وتحديث وتطوير المكتبة الإلكترونية.
وحدة العلاقات العامة والتعاون الدولي، وتتلخص مهامها بما يلي:
- متابعة مواعيد المناسبات الإسلامية والقومية وإعداد الترتيبات اللازمة لذلك وتنفيذها.
- متابعة أخبار العالم الإسلامي المتعلقة بالشؤون الدينية وتقديم صور وملخصات عنها إلى الأمين العام/ أمين الفتوى.
- تغطية أعمال الدائرة إعلاميا بعد أجازتها من قبل أمين الفتوى والمفتي العام.
- استقبال الضيوف والزائرين للدائرة وتغطية الاجتماعات التي تتم في الدائرة إعلاميا.
- تمثيل الدائرة في المؤتمرات والندوات الدينية والعلمية المتخصصة التي تقع ضمن اختصاصها.
- الاطلاع على الصحف المحلية وتصوير المواضيع التي تخص هذه الدائرة وتزويد المفتي العام وأمين الفتوى بنسخة عنها.
- إصدار مطبوعة خاصة بالقرارات الصادرة عن مجلس الإفتاء العام لتعميم الفائدة.
- إصدار مطوية خاصة عن دائرة الإفتاء العام حسب الأصول.
- العمل على إقامة العلاقات مع المؤسسات المحلية المختلفة.
- العمل على توطيد العلاقات العامة الأخوية بين موظفين دائرة الإفتاء العام.
وحدة الرقابة والتفتيش وتتلخص مهامها بما يلي:
- مساعدة الإدارة العليا في الدائرة على التأكد من أن الأهداف المحددة للدائرة قد تم انجازها وفق الخطط والسياسات المرسومة.
- تزويد الإدارة العليا بالمعلومات والبيانات عما يجري على الواقع لغايات إحكام الرقابة والتقييم والمسائلة.
- مراقبة الإنفاق من المال العام وضمان الالتزام بمستويات الأداء المختلفة لتحقيق الأهداف المرسومة.
- يمتد نطاق عمل الرقابة الداخلية ليشمل التدقيق والرقابة المالية والإدارية السابقة أو اللاحقة، الشاملة أو الجزئية.
مديرية إفتاء العاصمة، وتتلخص مهامها بما يلي:
- إصدار الفتاوى الخاصة بالطلاق.
- إصدار الفتاوى الخاصة بالمقابلات الشخصية الشفوية.
- إعداد وأرشفة قضايا الطلاق الكترونيا وورقيا.
- استقبال الجمهور وتصنيف معاملاتهم وأسئلتهم وتوجيههم للجهة صاحبة الاختصاص.
- إعداد وإرسال مخاطبات رسمية بوقائع الطلاق البائن( صغرى أو كبرى) لدائرة قاضي القضاة , والرد على الكتب الموجهة لدائرة الإفتاء من قبل القضاة في المحاكم الشرعية.
مديرية الشؤون الإدارية و المالية، وتتلخص مهامها بما يلي:
- إعداد الموازنة السنوية وتقديمها إلى أمين الفتوى لعرضها على المفتى العام.
- الإشراف على القيود الحسابية ومراقبة الواردات وحفظها في الصندوق المركزي أو في المصارف التي يعينها المجلس.
- إعداد الحساب الختامي في نهاية كل عام بواسطة مدققي الحسابات وتقديمها للمجلس.
- الإشراف على موظفي الحسابات ومراقبتهم وتقديم تقارير عنهم وتنسيب كل مايتعلق بشؤونهم للأمين العام / أمين الفتوى.
وحدة الحاسب الآلي، وتتلخص مهامها بما يلي:
- إعداد البرامج اللازمة لتنفيذ أعمال الدائرة على الحاسب الآلي.
- إدخال جميع الفتاوى الصادرة عن الدائرة ومكاتب الإفتاء إلى الحاسب الآلي.
- إعداد البرامج لتدريب جميع موظفي الدائرة والمكاتب على استخدام الحاسب الآلي في العمل الرسمي.
- إجراء الصيانة الدورية وعند الضرورة لأجهزة الحاسب الآلي في الدائرة ومكاتب الإفتاء.
- استخراج المعلومات والإحصاءات للفتاوى والأعمال المحفوظة في الحاسب الآلي.([22])
المطلب الثاني: التطوير العلمي في دائرة الإفتاء العام
أولا: منهجية الفتوى
وقد تمثل ذلك أ- توحيد الفتوى في مسائل النظام العام.
إن مسائل الفقه الإسلامي مسائل كثيرة ومتنوعة ومتعلقة بجميع ميادين الحياة وممارسات البشر، وقد ترك لنا علماء الإسلام ثروة هائلة من الأحكام والتشريعات التي تنير حياة الناس بأنوار الحكمة الربانية، وتبني اختياراتها الفقهية والتشريعية على أساس متين من مصادر التشريع المعتبرة، التي هي: الكتاب والسنة والإجماع والقياس والمصالح المرسلة.
وقد استقر هذا التراث الفقهي في أربعة من المذاهب الفقهية المعتبرة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، ووقع الإجماع على اعتمادها واعتبارها طرائق موصلة إلى تحقيق رضوان الله عز وجل، وإلى حفظ مصالح البلاد والعباد.
ولما كانت دائرة الإفتاء العام حلقة من حلقات المسيرة العلمية للحركة الفقهية العامة، اختارت أن تعتمد واحداً من المذاهب الفقهية الأربعة منطلقاً وأساساً للاختيارات الفقهية المفتى بها، كي يتحقق من خلال هذا الاعتماد ما حققته الحركة الفقهية عبر التاريخ الإسلامي كله من فوائد ومصالح عظيمة، من أهمها:
- السلامة بين يدي الله عز وجل في موقف الحساب العظيم، فلا نبدل ولا نغير في دين الله ما لم يأذن به سبحانه.
- تحقيق الوسطية التي هي من قواعد الشريعة الإسلامية، والتي كانت واحدة من ميزات الثروة الفقهية الهائلة.
- السلامة من الأقوال المضطربة والآراء الشاذة التي تسبب الخلل في الحياة الفكرية والعملية.
- تحقيق انضباط الفتوى وتقليل الخلاف -غير النافع- ما أمكن.
- مساعدة المفتين على معرفة الأحكام الشرعية بأسهل طريق؛ فالعمر كله يضيق عن المفتي إذا ما أراد أن يجتهد في جميع ما يعرض عليه من مسائل اجتهاداً كاملاً، فكان الأخذ عن الفقهاء السابقين هو الحل الذي لا غنى عنه.
وقد وقع اختيار دائرة الإفتاء العام على مذهب الإمام الشافعي أساساً ومنطلقاً للفتوى في بلادنا المباركة، وذلك لسببين اثنين:
أولاً: أنه المذهب الأكثر انتشاراً في بلادنا عبر التاريخ، ومراعاة الغالب مقصد شرعي.
ثانياً: أنه مذهب وسطي جمع بين أصول مدرستي الحديث والرأي، وخرج باجتهادات فقهية كانت وما زالت سبباً في تحقيق مصالح الأمة وجمع كلمتها، وهذا السبب -وإن كان متحققاً في المذاهب الفقهية الأخرى- إلا أن مذهب الإمام الشافعي حاز قصب السبق فيه.
والتزام دائرة الإفتاء بالفتوى على مذهب الإمام الشافعي لا يعني التقليد التام لاجتهادات فقهاء المذهب، بل للدائرة رؤية متقدمة في طريقة الاستفادة من جميع مفردات المذاهب الفقهية ضمن المعطيات الآتية:
- إذا تعلقت المسألة بنازلة جديدة من نوازل العصر غير منصوص عليها في اجتهادات الفقهاء، أو كانت من المسائل العامة التي تتعلق بالمجتمع كله أو الأمة كلها، سواء في مسائل المعاملات المالية أو النوازل الطبية أو غيرها: فلا بد للدائرة حينئذ من إعداد أبحاث خاصة لدراسة المسألة في ضوء الأدلة الشرعية والقواعد الفقهية والموازنة بين المصالح والمفاسد، تخلص من خلالها إلى حكم شرعي يعرض على(مجلس الإفتاء) للبحث والتداول، ثم الوصول إلى قرار خاص بشأن تلك المسألة.
- إذا كان اجتهاد المذهب الشافعي في مسألة معينة لا يناسب تغير الزمان والمكان والظروف المحيطة بسؤال المستفتي، كأن يؤدي إلى حرج شديد، أو مشقة بالغة، أو اختلفت العلة التي من أجلها نص فقهاء الشافعية على ذلك الاجتهاد، أو استجد من المعلومات والحقائق العلمية ما يدعو إلى إعادة البحث في الاختيار الفقهي: ففي جميع هذه الحالات تقوم دائرة الإفتاء بإعادة دراسة المسألة في ضوء القواعد الفقهية والمقاصد الشرعية، وتستفيد من اجتهادات جميع المذاهب الإسلامية للوصول إلى الحكم الشرعي الأقرب إلى مقاصد الشريعة.
- وأما في قضايا الأحوال الشخصية، كالنكاح والطلاق والحضانة والميراث، فإن الدائرة تعتمد في الفتوى(قانون الأحوال الشخصية الأردني) ولا تخرج عنه، وذلك حتى لا يحدث تضارب بين الإفتاء والقضاء الشرعي في المملكة، والقانون مستمد من اجتهادات وأقوال فقهاء المسلمين، تم اختيارها وفق أسس وضوابط شرعية، من قبل لجان مختصة.
وهكذا يتعامل أصحاب الفضيلة المفتون مع المسائل الواردة إليهم من الجمهور عبر وسائل الاتصال المتنوعة، ضمن سلسلة متدرجة وآلية متقنة، تبدأ بتحديد نوع المسألة الواردة من الأنواع السابقة، وتنتهي بوصول الجواب إلى السائل في أسرع وقت ممكن، وإن وقع التأخير فإنما يقع بسبب الدراسة المفصلة التي تقوم بها الدائرة لعشرات المسائل يومياً، وإذا علم المفتي أنه مسؤول بين يدي الله عز وجل عن كل كلمة يكتبها فإنه -ولا شك- سيؤثر التأني والتمهل على العجلة والترجُّل. والله الموفق.
ب- الفتوى الجماعية، وتتمثل:
أولا: مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية
نص قانون الإفتاء رقم(60) لسنة 2006م، وقانون رقم(4) لسنة 2009م معدل لقانون الإفتاء على أنه ينشأ في المملكة مجلس يسمى(مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية)، ويرأس هذا المجلس سماحة المفتي العام، الذي هو في الوقت الحالي الشيخ عبد الكريم خصاونة، وعضوية كل من:
1. أحد قضاة محكمة الاستئناف الشرعية يسميه قاضي القضاة.
2. أحد أعضاء الهيئة التدريسية في كلية الشريعة في الجامعات الأردنية الرسمية من المتخصصين في الفقه الإسلامي يسميه المفتي العام بالتناوب.
3. مفتي القوات المسلحة الأردنية.
4. مفتي محافظة العاصمة.
5. أحد العلماء المختصين في علوم الشريعة الفقهية من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية يسميه الوزير.
6. خمسة من العلماء المختصين في العلوم الشرعية.
ويُعيَّن هؤلاء بقرار من مجلس الوزراء بناءً على تنسيب سماحة المفتي العام، ويُشترط في كلٍّ منهم أن يكون من العلماء والفقهاء المعروفين ببحوثهم ودراساتهم في العلوم الشرعية، وأن يكون حاصلاً على الشهادة الجامعية الأولى في العلوم الشرعية كحد أدنى، ومضى على حصوله عليها مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة.
نائب الرئيس: نصَّ القانون على أن المجلس يختار من بين أعضائه نائباً للرئيس.
مدة المجلس: مدة المجلس أربع سنوات قابلة للتجديد.
يتولى المجلس المهام والصلاحيات الآتية:
1. وضع السياسة العامة للإفتاء في المملكة.
2. الإشراف على الشؤون العامة المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد، وفي الأمور التي تحتاج إلى دراسة وبحث في المذاهب الفقهية، والقضايا المحالة إلى الدائرة من أي جهةٍ رسمية.
3. بيان الحكم الشرعي في الشؤون العامة المستجدة التي تحتاج إلى اجتهاد، وفي الأمور التي تحتاج إلى دراسة وبحث في المذاهب الفقهية، والقضايا المحالة إلى الدائرة من أي جهةٍ رسمية.
4. إصدار الفتاوى الشرعية في الأمور التي تعرض عليه.
5. دراسة اقتراحات مشروعات القوانين والأنظمة التي تُحال إليه لبيان الرأي الشرعي فيها.
6. تقييم البحوث العلمية التي تُقدَّم من العلماء المختصين في علوم الشريعة الإسلامية، بناءً على تكليف المجلس أو المفتي العام، ووفق تعليمات تصدرها لهذه الغاية.
7. يقوم المجلس بإصدار قرار تعيين المفتين في الدائرة والمحافظات بناءً على تنسيب المفتي العام.
8. يمارس مجلس الإفتاء صلاحيات مجلس الوزراء فيما يتعلق بنظام موظفي دائرة الإفتاء العام.
إنهاء العضوية: تنتهي عضوية أي من أعضاء المجلس في الحالات التالية:
1. الوفاة.
2. الاستقالة.
3. الغياب عن حضور الجلسات لثلاث مرات متتالية دون عذر يقبله المجلس.
اجتماع المجلس وقراراته، يجتمع المجلس مرة كل شهر على الأقل، وكلما دعت الحاجة إلى ذلك بدعوة من رئيسه أو نائبه في حال غيابه، ويكون اجتماعه قانونياً بحضور أغلبية ثلثي أعضائه، على أن يكون من بينهم رئيسه، أو نائبه في حال غيابه، ويتخذ المجلس قراراته بأغلبية أعضائه الحاضرين، وإذا تساوت الأصوات فيرجح الجانب الذي صوت معه رئيس الاجتماع.
مقرر المجلس: يسمي المفتي أحد المفتين ليكون مقرراً للمجلس.([23])
نماذج من قرارات مجلس الإفتاء الأردني
قرار: حكم زراعة بويضة مخصبة من إحدى الزوجتين في رحم الزوجة الأخرى.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في جلسته الرابعة عشرة المنعقدة يوم الأحد(6/ربيع أول/1436هـ)، الموافق(28 /12/ 2014م) قد اطلع على السؤال الوارد من أحد الأطباء، حيث جاء فيه: ما الحكم الشرعي في زراعة بويضة مخصبة ناتجة عن تلقيح بين الرجل وزوجته الأولى، لتزرع في رحم زوجته الثانية. هل في المسألة تفصيل. وما التبعات التشريعية المترتبة على ذلك من حيث اعتبار الأمومة والوراثة ونحو ذلك ؟ وبعد الدراسة ومداولة الرأي قرر المجلس ما يأتي:
لا يجوز زراعة بويضة مخصبة من إحدى الزوجتين في رحم الزوجة الأخرى؛ وذلك لما يترتب عليها من إشكالات شرعية وقانونية في تحديد الأم الحقيقية إن كانت صاحبة البويضة أم المتبرعة بالرحم. والله أعلم([24]).
قرار: حكم إجهاض الحمل الناتج عن الاغتصاب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد فإن مجلس الإفتاء والبحوث والدراسات الإسلامية في جلسته الحادية عشرة المنعقدة يوم الخميس(16/ذو القعدة/1435هـ)، الموافق(11 /9/ 2014م) قد اطلع على الأسئلة الواردة من بعض المواطنين الكرام حيث جاء فيها: "ما حكم إجهاض الجنين المتكون من اغتصاب في حال زنا المحارم".
وبعد الدراسة ومداولة الرأي قرر المجلس ما يأتي:
جريمة الاغتصاب من أعظم الجرائم؛ لما فيها من عدوان على الكرامة الإنسانية، وإيذاء للنفس البشرية، حتى عدها كثير من العلماء من "الحرابة" التي تعد إفساداً في الأرض، وانتهاكاً لأعراض الخلق، لذلك كان لهم ما قال الله عز وجل في الحرابة:(ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) المائدة/33.
ولما كان الحمل الناتج عن هذه الجريمة سبباً في تعظيم أذاها وإثارة الفتنة والعداوة في المجتمع، رأى مجلس الإفتاء إرشاد الضحية إلى مراجعة دائرة الإفتاء للنظر في ملابسات القضية، والاطلاع على ظروف الحمل وما يؤثر في الحكم الشرعي، لتنظر كل حالة على حدة، وتصدر الفتوى بخصوصها بما يحقق المصلحة ويدرأ المفسدة، فالضرورات تقدر بقدرها. نسأل الله السلامة والعافية. والله تعالى أعلم ([25]).
ثانياً: لجنة الفتوى:
إيمانا من دائرة الإفتاء العام بأهمية الفتوى الجماعية وأنها مظنة إصابة الحق فقد تشكلت لجنة الفتوى ضمن التعليمات التالية:
الاسم:(لجنة الفتوى) وتتبع لسماحة المفتي العام مباشرة.
المهام: بحث المسائل التي تحتاج إلى دراسة متأنية ومشورة جماعية.
تشكيل اللجنة: تشكل اللجنة بقرار من سماحة المفتي العام وتحل بالطريقة نفسها.
الأعضاء: برئاسة عطوفة الأمين العام، وعضوية كل من أصحاب الفضيلة مفتي العاصمة، ومدير البحوث والدراسات، ومدير الإفتاء المركزي، ومدير الموقع الإلكتروني، ومدير الرقابة والتفتيش، ومدير العلاقات العامة، واثنين من المفتين، ويُعين أحد الباحثين مقرراً للجنة.
نائب الرئيس: فضيلة مفتي العاصمة.
اعتماد الفتوى: فتاوى اللجنة تعبر عن رأي دائرة الإفتاء العام، ولكن تعرض على سماحة المفتي العام قبل إعلانها، وفي حال معارضة الفتوى من قبل سماحة المفتي العام تعقد جلسة توافقية برئاسة المفتي العام للتوصل إلى قرار، وإذا لم يتوصل إلى قرار تحول المسألة إلى مجلس الإفتاء بقرار من سماحة المفتي العام.
آلية عمل اللجنة: تسلم القضايا المقترح بحثها إلى مقرر اللجنة الذي يعرضها على عطوفة رئيس اللجنة للنظر في عرضها على اللجنة من عدمه، ثم تتم مناقشة المسائل المحالة إلى اللجنة ويتم اتخاذ القرار المناسب بشأنها.
وقت اجتماع اللجنة: تنعقد اللجنة مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، وكلما دعت الحاجة بدعوى من الرئيس، وقد يكون الاجتماع خارج أوقات الدوام الرسمي.
نصاب انعقاد اللجنة: ستة أعضاء(النصف + واحد) بمن فيهم الرئيس أو من ينيبه.
نصاب اعتماد الفتوى: أغلبية الحضور، وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي معه الرئيس أو نائبه.
انتهاء العضوية: تنتهي العضوية من اللجنة:
أولاً: باستقالة العضو.
ثانياً: بالوفاة.
ثالثاً: بتغيب العضو عن ثلاث جلسات متتالية، أو ست جلسات متفرقة بلا عذر يقبله رئيس اللجنة.([26])
الخاتمة
- شرف الله سبحانه وتعالى العلماء بحمل لواء الدين ونشره وهذا التشريف يقتضي منهم بذل الجهد، ومواصلة الليل والنهار لنشر هذه الدعوة وفق معطيات العصر.
- ظهر الاهتمام بالمؤسسات الدينية منذ تأسيس الأمانة إلى وقتنا الحاضر، وتواصل الدعم المادي والمعنوي لهذه المؤسسات للوصول إلى مرحلة التميز.
- تعد دائرة الإفتاء العام من المؤسسات المرموقة، والتي تمتاز بثقة المجتمع المحلي ويرجع ذلك إلى المنهجية الواضحة في الفتوى والسير على سلم التطوير.
- إعطاء المؤسسات الدينية اهتماما أكبر من النواحي التشريعية والإدارية وإبراز دورهم الدعوي في شتى وسائل الاتصال.
- تكاملية العمل بين المؤسسات الدينية وتبادل الخبرات والكفاءات.
- تركيز الباحثين على تناول موضوعات علماء الأردن ومسائل الفتوى ودائرة الإفتاء العام في رسائلهم الجامعية و الأبحاث والدراسات وإبراز الدور المشرف لهذه الدائرة.
(*) بحث مقدّم لمؤتمر(علماء الشريعة ودورهم في نهضة الأردن) برعاية جمعية رابطة علماء الأردن2015