دراسات وبحوث

أضيف بتاريخ : 09-12-2021
هذا البحث يعبر عن رأي كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن رأي دائرة الإفتاء العام


حكم العلاج بالخلايا الجذعية في الفقه الإسلامي (*)

معالي الدكتور محمد أحمد الخلايلة، وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية

ملخص

يتناول هذا البحث حكم العلاج بالخلايا الجذعية في الفقه الإسلامي بعد الحصول عليها من مصادرها المتعدّدة، كاللّقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب، أو إنتاج لقائح لهذه الغاية، أو من الخلايا الجنسية الأولية أو من المشيمة والحبل السري وغيرها.

وقد قدَّم هذا البحث تعريفاً بالخلايا الجذعية ومصادر الحصول عليها، كما حرَّر هذا البحث محلَّ النّزاع في هذه المسألة، فالعلاج بالخلايا الجذعية لا حرج فيه شرعاً، فهو يندرج تحت أصلِ مشروعيَّة العلاج في الشريعة الإسلامية، وإنّما يكمن الخلافُ في طرق الحصول على هذه الخلايا لاستخداماتها العلاجية، فبعض هذه الطرق متفق على صحته، والبعض الآخر مختلف فيه، وبعضه غير جائز شرعاً، وقد بينا ذلك مع بيان الراجح في ثنايا هذا البحث، وقد بيّنت الأحكام الشرعية لكل طريقة مع ذكر أدلة الفقهاء وآرائهم ومناقشة هذه الآراء مع الترجيح بما يتفق مع القواعد العامة للشريعة الإسلامية التي جاءت بالحث على العلاج لتحقيق المصلحة ونفي الحرج عن المكلفين.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

جاء الفقه الإسلامي لرعاية مصالح العباد، وتحقيق سعادتهم في الدنيا والآخرة، وتعدّ الأمراض المختلفة من أهمّ العقبات التي تواجه الإنسان، فتزيد من آلامه، وتعطل بعض وظائف جسمه، وتنهي حياته، فتفتق عقل الإنسان المعاصر عن كثير من الاكتشافات والاختراعات في مجال معالجة كثير من الأمراض المستعصية، ومن أبرز هذه الاكتشافات التي ما زالت في طور البحث والتطوير مسألة العلاج بالخلايا الجذعية، ممّا يفتح أمام البشريةً باباً جديداً للعلاج من شأنه أن يقضي على كثير من الأمراض المستعصية، كأمراض الكلى والكبد والقلب وغيرها، ويقلل من الاعتماد على مسألة التبرع بالأعضاء.

وبما أن القواعد العامة في الشريعة الإسلامية تأمر بالعلاج، وتؤيد جميع العلوم المفيدة للإنسان، ومنها الاكتشافات الطبية، فإنّ هذا لا يمنع من وضع ضوابط شرعية تحفظ للإنسان كرامته وتمنع تعرضه للامتهان، أو أن يكون سلعةً خاضعة للتّجارب والبيع والشراء، ولذا جاء هذا البحث كي يلقي الضوء على الحكم الشرعي في العلاج بالخلايا الجذعية في الفقه الإسلامي، مبيناً ما هو جائز منها وما هو ممنوع شرعاً، حيث ذكرت آراء الفقهاء والمجامع الفقهية في كثير من المسائل، وما الراجح من ذلك.

الدراسات السابقة

1. بحث منشور (الاستفادة من الخلايا الجذعية في العلاج)، د. حمود بن حسن الدعجاني، قسم الدراسات الإسلامية/ كلية التربية في جامعة شقراء، المملكة العربية السعودية.

2.بحث (الخلايا الجذعية والموقف الفقهي) الدكتور محمد علي البار، مجلة الإعجاز العلمي، العدد (27) لسنة 1427هـ.

3. بحث (مشروعية استخدام الخلايا الجذعية من الوجهة الشرعية والأخلاقية والإنسانية)، الدكتور (العربي بن أحمد بلحاج)، بحث منشور مجلة في مجلة العربي الصادرة عن وزارة الأوقاف/ الكويت، سنة 1439هـ، مقدم للمجمع الفقهي المنعقد في دورته السابع عشرة في مكة المكرمة لعام 2003م.

وقد تميزت هذه الدراسة بإبراز رأي الباحث في موضوع البحث، حيث إنه من المسائل الطبية المستجدة التي تحتاج إلى مزيد من البحث في حكمها الشرعيّ.

مشكلة الدراسة

تكمن مشكلة الدراسة في الإجابة عن الأسئلة الآتية:

1. ما الحكم الشرعي للعلاج بالخلايا الجذعية؟

2. ما المصادر التي تستخرج منها الخلايا الجذعية؟

أهداف الدراسة

تتمثل أهداف الدراسة في الإجابة عن مشكلة الدراسة، وعن الأسئلة المتفرّعة عنها، وذلك على النحو الآتي:

1. التعريف بالخلايا الجذعية.

2. بيان طرق الحصول على الخلايا الجذعية.

3. بيان الحكم الشرعي لكلّ طريقة من طرق الحصول على الخلايا الجذعية.

4. بيان حكم العلاج بالخلايا الجذعية في الفقه الإسلامي.

وقد جاءت خطة البحث على النحو الآتي:

المبحث الأول: التعريف بالخلايا الجذعية ومصادرها والأحكام الشرعية المتعلقة بها، ويشتمل على مطلبين:

المطلب الأول: تعريف الخلايا الجذعية وبيان أنواعها ومصادرها.

المطلب الثاني: موقف التّشريعات الدولية والشريعة الإسلامية من بحوث الخلايا الجذعية.

المبحث الثاني: استخراج الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية، وفيه مطلبان:

المطلب الأول: حكم إجهاض الأجنة البشرية عمداً للحصول على الخلايا الجذعية.

المطلب الثاني: الاستفادة من الخلايا الجذعية المستخرجة من الأجنة المسقطة تلقائياً للأغراض الدوائية.

وفي الختام؛ ذكرت الرأي الذي ترجح لدى الباحث، مبيناً أبرز نتائج البحث باختصار، سائلاً الله تعالى أن يهدينا إلى الصواب في القول والعمل، إنه نعم المولى ونعم النصير. والحمد لله رب العالمين

المبحث الأول

التعريف بالخلايا الجذعية ومصادرها والأحكام الشرعية المتعلقة بها

المطلب الأول: تعريف الخلايا الجذعية وبيان أنواعها ومصادرها

أولاً: تعريف الخلايا الجذعية:

الخلايا الجذعية لغة: مصطلح الخلايا الجذعية مركب من كلمتين هما "الخلية" و"الجذعية"، ولبيان مفهوم هذا المصطلح لا بدَّ من تعريف الخلية أولاً.

الخلية في اللّغة: قال ابن فارس: "الخاء واللام والحرف المعتلّ أصل واحد يدل على تعري الشيء عن الشيء"([1]).

فالخلية تطلق في اللغة على انفصال الشيء من الشيء، قال أبو عبيد في حديث عمر رضي الله عنه: "أنه رُفع إليه رجل قالت له امرأته: شبهني، فقال: كأنك ظبية، كأنك حمامة، قالت: لا أرضى حتى تقول: خلية خالية، فقال ذلك، فقال عمر: خذْ بيدها فهي امرأتك، قوله: خلية خالية أراد الناقة تكون معقولة ثم تطلق من عقالها"([2])([3]).

فكل ما خُليِّ وانفلت وانفصل عن غيره يقال له خلي، وفي الفقه يقال: "الدجاجة المخلاة"، أي التي تركت لتأكل من العذرة ونحوها من غير رعاية.

ويقال: أنا خلي منك، أي بريء منك، والخلية الناقة تطلق من عقالها ويخلّى عنها، ويقال للمرأة: "أنت خلية"، أي: كناية عن الطلاق([4]).

تعريف الخلايا الجذعية اصطلاحاً:

أ. الخلية في الاصطلاح:

هي الوحدة الأساسية البنيوية والوظيفية للمادة الحية، فالخلية هي وحدة بنيان الأحياء، وهي طفرة لا ترى بالعين المجردة، ويبلغ عدد ما في جسم الإنسان ما يعادل ثلاثين تريليون خلية، وتتكون الخلية الإنسانية من النواة، والسيتوبلازم والغشاء المحيط بالخلية.

ب. تعريف الخلية الجذعية اصطلاحاً:

تعرف الخلية الجذعية (Stem Cells) بأنها خلية متعددة المصادر غير متمايزة ولا متخصصة تستطيع في ظروف معينة ومحددة أن تكون لبنات في بناء أنسجة وأعضاء يتم الحصول عليها من أجنة يقاس عمرها بالأيام، فهي خلايا بدائية تظهر بعد 6 إلى 12 يوماً من الإخصاب.

فالخلايا الجذعية خلايا غير متمايزة، أي: غير متخصصة، لها صفات خاصة جداً تميزها عن جميع الخلايا الأخرى؛ ولديها القدرة على الانقسام باستمرار لتجديد نفسها؛ كما أنها تتميز بمقدرتها على إعطاء جميع الأنواع الأخرى من الخلايا المتخصصة التي تختلف تماماً عنها في الشكل والوظيفة، وبعد تحفيز هذه الخلايا تصير خلايا متخصصة، ومنها خلايا قلبية، وخلايا كبدية، وخلايا جزيرات البنكرياس، ونقي العظام وغيرها، فهي يمكن أن تتطور بسرعة إلى نسيج عصبي، أو دموي، أو عضلة قلب، أو حتى خلايا للدماغ، بمعنى أنها تستخدم لتكوين الأنسجة، وحتى الأعضاء البشرية المختلفة في الجسم من عضلات وعظام وشعر وغيرها مما يؤلف الجسم البشري([5])، لذلك فهي تعرف أيضاً بالخلايا متعددة القدرات (Pluripotent Stem Cells).

وهذه القدرة على التكاثر المستمر من دون أن تتمايز، وكذلك القدرة على التحول أو التمايز إلى أنواع أخرى من الخلايا المتخصصة تعطيان هذه الخلية صفة التفرد والتميز؛ وتجعلانها بحقّ درة الخلايا، حتى إن بعض العلماء أسماها بالخلايا السحرية (The Magic cells)([6]).

فالخلايا الجذعية مصدرها من المضغة أو من جسم الشخص البالغ.

ثانياً: العلاج بالخلايا الجذعية:

بدأت فكرة العلاج بالخلايا الجذعية في معالجة الأمراض قبل ما يزيد على عشرين عاماً في الولايات المتحدة الأمريكية، ثمّ امتدت إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم، على اعتبار قدرة هذه الخلايا على أن تعطي كافة أنواع الخلايا والأنسجة، مثل: خلايا الدم، والكبد والكلى، والعظام، والدماغ، مما فتح المجال لمعالجة كثير من الأمراض التي عجز الطب عن علاجها، كمرض الشّلل الرعاشي أو "الباركنسون" ومرض الزهايمر، ومرض السكتة الدماغية، وإصابات النخاع الشوكي بإعادة بناء الأعصاب وأمراض القلب، حيث بإمكان الخلايا القلبية الجديدة إصلاح الخلايا المعطوبة، وأمراض السكري بأنْ تستخدم للحصول على خلايا قادرة على إنتاج الأنسولين، وأمراض التهاب المفاصل العظمي، والتهاب المفاصل الرئياني "الروماتويد"، وهشاشة العظام، وأمراض السرطان، والحروق، وغيرها مما لا يحصى من الأمراض([7]).

فليس هناك تقريباً، وفقاً للاحتمالات العلمية والطبية الكثيرة، أي حقل من حقول الطبّ لا يمكن أن يمسّه هذا الاكتشاف العلمي الثوري، كترميم جسم الإنسان بعلاج الخلايا المريضة أو المعطوبة باستخدام الخلايا الجذعية البشرية عن طريق العلاج بالخلايا، وخاصة في معالجة العديد من الأمراض القلبية والعصبية وأمراض السكري التي لا علاج لها بعد التغلب على مشكلات الرفض المناعي([8]).

فعند توفر الخلايا الجذعية تحلّ محلّ الخلايا المصابة أو التي توقفت وظائفها، وذلك بطريقة الاستزراع الموضعي أو عن طريق الحقن الوريدي.

كما يمكن استخدام الخلايا الجذعية في تطوير العديد من العقاقير ومعرفة آثارها الجانبية، حيث يوفر ذلك وقتاً وجهداً، ويجنب الوقوع في العديد من الأمراض الجانبية بعد معرفتها على المستوى الخلوي.

كما أنّ للخلايا الجذعية فوائد كبيرة في الدراسات البيولوجية بعد معرفتها على المستوى الخلوي، وعلاقة ذلك بأوجه الشبه والاختلاف بين الخلايا الجنينية والخلايا السرطانية، للوصول إلى كنه معضلة السرطان، وسبر أغواره وأسبابه، مما يفتح المجال واسعاً أمام علاجه والقضاء عليه([9]).

ثالثاً: مصادر الحصول على الخلايا الجذعية([10]):

ويمكن الحصول على الخلايا الجذعية من العديد من المصادر، وهي:

1. الجنين الباكر في مرحلة الكرة الجرثومية أو (البلاستولا)، وهي الكرة الخلوية الصانعة أو الكتلة الخلوية التي تنشأ منها مختلف خلايا الجسم، وتعتبر اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب هي المصدر الرئيس، كما يمكن أنْ يتمّ تلقيح متعمد لبييضة من متبرع وحيوان منوي من متبرع للحصول على لقيحة وتنميتها إلى مرحلة البلاستولا، ثم استخراج الخلايا الجذعية منها.

2. الخلايا الجنسية الأولية أو ما يعرف بالخلايا الجرثومية الأولية Primordial Germ Cells، وهي الخلايا التي ستكون الغدة التناسلية فيما بعد -خصية إذا كان الجنين ذكراً، أو مبيضاً إذا كانت أنثى-.

3.   المشيمة والحبل السري بعد الولادة مباشرة، وهذا مصدر ثمين للخلايا الجذعية، حيث يصل عددها إلى 200 مليون خلية.

4.   من خلايا الأطفال الأصحاء.

5.   من خلايا البالغين.

6. الاستنساخ العلاجي، بأخذ خلية جسدية من إنسان بالغ، واستخراج نواتها ودمجها في بييضة مفرغة من نواتها، بهدف الوصول إلى مرحلة البلاستولا، ثم الحصول منها على الخلايا الجذعية.

رابعاً: أنواع الخلايا الجذعية([11]):

أ. الخلايا الجذعية البشرية الجنينية، وتستخرج من بويضة بشرية مخصبة خارج الرحم خلال مدة زمنية تبدأ من تاريخ التلقيح وتنتهي بمرور خمسة أيام من بدء الانقسامات المتتالية.

ب. خلايا جذعية بشرية بالغة يتم الحصول عليها من المصادر التالية:

1. دم الحبل السري المستخلص مباشرة بعد عملية الولادة.

2. الأسنان اللبنية.

3. الأنسجة المختلفة للإنسان بعد ولادته.

4. أجنة الإجهاض المشروع أو التلقائي وأنسجة الأجنة المنغرسة داخل الرحم أو الحبل السري أو المشيمة وأغشيتها والسائل الأمينوسي، سواءً كانت داخل الرَّحم أو خارجه.

ج. الخلايا الجذعية البشرية المحفزة: وهي الخلايا الجسمانية البالغة التي تحفز بتقنية البرمجة الجينية لتصبح خلايا جذعية.

د. الخلايا الجذعية الناتجة بوساطة تقنية نقل نواة الخلية الجسدية إلى بويضة غير مخصبة.

هـ. الخلايا الجذعية المهجنة، وهي الخلايا الناتجة عن دمج الحامض النووي الديوكسي رابوزي (DNA) البشري مع خلية غير بشرية.

المطلب الثاني: موقف التشريعات الدولية والشريعة الإسلامية من بحوث الخلايا الجذعية

أولاً: موقف التشريعات الدولية من بحوث الخلايا الجذعية:

قبل أن نبحث الحكم الشرعي في مسألة الخلايا الجذعية يحسن بنا أن نطلع على موقف التشريعات الدولية من بحوث الخلايا الجذعية والعلاج بها.

إن بحوث الخلايا الجذعية واستخداماتها العلاجية ما زال يثير جدلاً واسعاً في التشريعات الدولية بين مؤيد له ومعارض، فالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا تؤيد بحوث الخلايا الجذعية والعلاج بها، وإجراء تجارب الاستنساخ العلاجي على الأجنة البشرية للأغراض العلاجية.

وفي بريطانيا؛ يسمح النظام باستخدام البييضات الملقحة خارجياً في الأبحاث الطبية، وبالاستنساخ العلاجي للأغراض العلاجية باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية، وفي أستراليا وافقت الحكومة على تشريع موحد يسمح بالاستنساخ العلاجي لأغراض البحوث الحيوية والطبية وتستخلص الخلايا الجذعية من الأجنة المجهضة ومن المشيمة ومن أنسجة الأطفال والبالغين.

وأما الدول الأوروبية في معظمها وخاصة الكاثوليكية وكذا اليابان والصين؛ فإنها تعارض تجارب قتل الأجنة البشرية، ولكنها تسمح بما يعرف بالاستنساخ العلاجي لأغراض البحوث الطبية والعلاجية، ففي فرنسا يسمح النظام باستخدام البييضات الملقحة خارجياً في الأبحاث الطبية ولأغراض العلاج، وأما ألمانيا فإن القوانين فيها تمنع استنساخ الخلايا الجذعية البشرية، كما أنها تمنع العبث أو التلاعب بالخلايا الجذعية للبيضات الملقحة، ولا تسمح بتلقيح أكثر من بييضة في حالات التلقيح الخارجي في أطفال الأنابيب.

كما أن الكنيسة الكاثوليكية في هذه الدول والفاتيكان تعارض بشدة تجارب قتل الأجنة البشرية، لأنها تمسّ حرمة وكرامة الإنسان، وتحرم استخدام الجنين الآدمي في العلاج الطبي، وتعتبره نوعاً من إزهاق الروح، وهي معضلة أخلاقية وإنسانية توجب وضع مدونة سلوك للباحثين والعلماء وتحديد معايير حقوق الإنسان في مجال البحث العلمي.

في حين ذهب كبار الحاخامات اليهود إلى أنّ نفخ الروح يكون في الرحم بعد 40 يوماً من الحمل، ومن ثم فهم يجيزون مثل هذه الأبحاث من أجل الحفاظ على صحة الأفراد والتي تقدم على الأجنة التي لم تنفخ فيها الروح ([12]).

ثانياً: الحكم الشرعيّ للعلاج بالخلايا الجذعية:

حثَّ الإسلام على التداوي والعلاج وأمر به، ففي سنن أبي داود أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: (تَدَاوَوْا؛ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلاَّ وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ)([13]).

قال الإمام الخطابي: "وفي هذا الحديث إثبات الطبّ والعلاج، وأنّ التداوي مباح غير مكروه"([14]).

وبما أنّ العلاج من الأمراض من الأمور التي أمر بها الشّرع الحنيف وندب إليها، فإن الإسلام يدعم كل ما من شانه أن يخفف من معاناة الإنسان ويدفع عنه الآلام ويزيل عنه الأذى والضرر، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» رواه ابن ماجه، لا سيما إذا كان في ذلك فتحٌ علميٌّ يسير مع قاعدة المحافظة على النفس التي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية.

وعليه؛ فإنّ العلاج بالخلايا الجذعية كمبدأ عامّ لا حرج فيه من الناحية الشرعية ما دام يغلب نفعه على ضرره، طبقاً لقاعدة المصالح والمفاسد.

وإنما يكمن محلّ النزاع في هذه المسألة في مشروعية الحصول على هذه الخلايا لاستخداماتها العلاجية، فالغاية لا تبرر الوسيلة، وإنما يجب أن تكون الوسيلة مشروعة والغاية كذلك مشروعة في الفقه الإسلامي للحكم على مشروعية عمل ما.

ومن هنا؛ فإن أكثر أبحاث الخلايا الجذعية من وجهة النظر الشرعية يجب أن تنصبّ على آلية وطرق ومصادر الحصول على هذه الخلايا في ضوء نصوص الشريعة الإسلامية ومبادئها ومقاصدها العامة، فالحكم الشرعي في الخلايا الجذعية يتوقف على المصدر الذي أخذت منه هذه الخلايا، فإن أخذت هذه الخلايا من مصدر مباح جاز العلاج بها، وإنْ أخذت من مصدر تحرّمه الشريعة الإسلامية يمتنع العلاج به من وجهة النظر الشرعية، وبما أنّ الحصول على الخلايا الجذعية له مصادر متعددة، فإننا سنبحث مشروعية كلّ مصدر من هذه المصادر على حدة.

ثالثاً: حكم الحصول على الخلايا الجذعية من الكتلة الخلوية:

أولاً: حكم الحصول على الخلايا الجذعية من الكتلة الخلوية للبويضات الملقحة الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب.

الأصل في عمليات أطفال الأنابيب أن تقتصر على تلقيح العدد المطلوب من البييضات للزرع في كل مرة، ولا يجوز زرع بييضات زائدة عن الحاجة، تفادياً لوجود فائض من البييضات الملقحة، وهذا ما صدر به قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 55 (6/6( في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 17-23 شعبان  1410 الموافق 14 – 20 آذار (مارس) 1990م، حيث جاء فيه: "يجب عند تلقيح البييضات الاقتصار على العدد المطلوب للزرع في كل مرة، تفادياً لوجود فائض من البييضات الملقحة".

وإن خالفت في هذه المسألة جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، حيث أجازوا تلقيح بويضات زائدة عن الحاجة ([15])، وهو قول بعض المعاصرين([16]).

وأرى أن هذا القول له وجهته من الناحية الشرعية، حيث إنّ نجاح عملية أطفال الأنابيب لا يتعدى 30-33% في أرقى المراكز الطبية في العالم، وتلقيح بويضات زيادة عن العدد المطلوب فيه من التخفيف والتيسير على الزوجين، إذ إنّ إعادة التلقيح في كل مرة تفشل فيها البويضات في العلوق فيه كلفة مادية ومعنوية على الزوجين، وتعرّض المرأة لعملية استئصال بويضات جديدة، وفي ذلك كشف للعورات ينافي أحاكم الشريعة الإسلامية، ولذلك صدر قرار مجلس الإفتاء الأردني الذي ينصّ على تجميد البويضات الزائدة عن الحاجة لحين نجاح عملية الزرع والعلوق([17]).

والواقع العمليّ بغض النظر عن الخلاف السابق يؤكد وجود بويضات ملقحة زائدة عن الحاجة في معظم مراكز أطفال الأنابيب في العالم، فما مشروعية استخدام هذه البويضات في استخراج الخلايا الجذعية منها؟

اختلف العلماء في حكم هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يجوز استخراج الخلايا الجذعية من البويضات الملقحة الفائضة عن الحاجة في عمليات أطفال الأنابيب([18])، وإلى هذا ذهب مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة 19-23/10/1424هـ، حيث جاء في القرار: "يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنميتها، واستخدامها بهدف العلاج، أو لإجراء الأبحاث العلمية المباحة إذا كان مصدرها مباحاً، ومن ذلك على سبيل المثال المصادر الآتية: اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب إذا وجدت وتبرع بها الوالدان مع التأكيد على أنه لا يجوز استخدامها في حمل غير مشروع".

ويستدلُّ أصحاب هذا القول لمذهبهم بأن هذه البويضات لا حرمة لها قبل أن تنغرس في جدار الرحم، وإلى هذا ذهب أكثر المشاركين في ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية، حيث جاء في التوصيات: "أما إذا حصل فائض فترى الأكثرية أن البييضات الملقحة ليس لها حرمة شرعية من أي نوع، ولا احترام لها قبل أن تنغرس في جدار الرحم، وأنه لذلك لا يمتنع إعدامها بأي وسيلة"([19]).

واستدلوا أيضاً بأن هذه البويضات تعد ميتة حكماً، ولذلك فإنّ الاستفادة منها في استخراج الخلايا الجذعية أولى من إهدارها دون أن يستفاد منها([20]).

واستدلوا أيضاً بقياس جواز إتلاف البويضات الملقحة حال الحاجة لاستخراج الخلايا الجذعية منها على جواز إسقاط الحمل قبل وجود الحياة الإنسانية فيه أو قبل استبانته على قول كثير من العلماء، قال الرملي: "قال المحبّ الطبري: اختلف أهل العلم في النطف قبل تمام الأربعين على قولين: قيل: لا يثبت لها حكم السقط والوأد، وقيل: لها حرمة ولا يباح إفسادها، ولا التسبّب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم...، والراجح تحريمه بعد نفخ الرّوح مطلقاً وجوازه قبله"([21])، وقال الكاساني: "وإن لم يستبن شيء من خلقه فلا شيء فيه، لأنه ليس بجنين وإنما هو مضغة"([22]).

وقال الهيتميّ: "قال أبو إسحاق المروزي: يجوز إلقاء النطف والعلقة، ونقل ذلك عن أبي حنيفة"([23]).

وفي زاد المستقنع: "ويباح إلقاء النطفة قبل أربعين يوماً بدواء مباح"([24]).

إنّ القول بجواز إتلاف البييضات الزائدة عن الحاجة لاستخراج الخلايا الجذعية لغايات العلاج فيه إحياء للنفس من الهلاك، وهو ما يتفق مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية، والله تعالى يقول: (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [المائدة: 32].

إنّ القول بعدم جواز إتلاف هذه البويضات للحصول على الخلايا الجذعية لعلاج الكثير من الأمراض من شأنه أن يلحق المشقة والحرج بكثير من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، والحرج مرفوع شرعاً، كما أنّ القول بجواز استخدام هذه البويضات فيه يسر وتوسعة ورفع للحرج والمشقة، ومن القواعد المقررة أصولياً أنّ المشقة تجلب التيسير، إضافة إلى ما فيه من استخدامات طبية في اكتشاف العديد من الأدوية.

القول الثاني: عدم جواز استخراج الخلايا الجذعية من البويضات الملقحة الفائضة عن الحاجة في عمليات أطفال الأنابيب.

وإلى هذا القول ذهبت جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية([25])، ومجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي([26])، وبعض المشاركين في ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية([27]).

جاء في قرار جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية: "بحث الفقهاء الحضور مسألة استعمال الهندسة الوراثية –الاستنساخ- لإنتاج خلايا بدائية لاستعمالها في إنتاج أعضاء بشرية لاستعمالها في زراعة الأعضاء، واتخذوا بشأنها القرارات التالية: ... لا يجوز إنتاج أعضاء بشرية بالسير في طريق التخليق المعروفة، التي جعلها الله عز وجل من الحيوان المنوي والبييضة الملقحة، سواء داخل الرحم أو خارجه، ويتبع مراحله الأولى بإبطال مفعول بعض الخلايا أو الجينات لمنع تكون الرأس أو الدماغ، بهدف إنتاج جسد بلا رأس لاستعماله في زراعة الأعضاء، سواء كان ذلك داخل الرحم أو خارجه"([28]).

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي: "إذا حصل فائض من البييضات الملقحة بأيّ وجه من الوجوه، تترك دون عناية طبية إلى أن تنتهي حياة ذلك الفائض على الوجه الطبيعي"([29]).

وجاء في ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية: "أما إذا حصل فائض فترى الأكثرية...، ويرى البعض أن هذه البييضة الملقحة هي أول أدوار الإنسان الذي كرمه الله، وفيما بين إعدامها أو استعمالها في البحث العلمي أو تركها بشأنها للموت الطبيعي يبدو أن الاختيار الأخير أخفها حرمة، إذ ليس فيه عدوان إيجابي على الحياة"([30]).

وهؤلاء أبرز من نسب إليهم هذا القول([31])، وإذا نظرنا في عباراتهم باستثناء جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية نجد أنها جاءت في معرض الحديث عن اللقائح الفائضة من عمليات أطفال الأنابيب والطريق الأسلم من وجهة النظر الشرعية للتخلص منها، وقالوا بتركها دون عناية حتى تنتهي حياتها بالطريقة الطبيعية، وحرمة التدخل في إتلافها أو قتلها، لأنها مبدأ خلق إنساني، فينبغي أن تحفظ كرامته، وللخروج من شبهة الاعتداء على الحياة، ذلك أن الدين الإسلامي يمنع الاعتداء على حياة الحيوان أو النبات دون حاجة أو مسوغ شرعي من حاجة أو ضرورة، وهو ما جاء الفتوى الصادرة عن دائرة الإفتاء العام الأردنية رقم (278) تاريخ 16/8/2009م، عند مناقشة هذا الأمر، حيث جاء فيها: "إن في إجهاض الجنين اعتداءً على كائن حيّ ينمو ليكون نفساً مؤمنة بإذن الله، والاعتداء على الأحياء الأصل فيه المنع، وإن لم تنفخ فيه الروح بعد، وإذا جاءت الشريعة بمنع الاعتداء على النبات بالقطع والإتلاف إلا لحاجة، فمنع الاعتداء على النطفة الحية مِن باب أولى".

وهذا خارج محلّ النزاع في هذه المسألة، حيث لم يكن مدار البحث في الإفادة من هذه اللقائح في استخراج خلايا جذعية لعلاج بعض الأمراض، ولو كان هذا الأمر ملاحظاً إبان القرارات والفتاوى السابقة لربما تغيرت هذه الأقوال، ولا أعتقد أن هناك خلافاً إذا قلنا باستثناء ما جاء عن جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، ففي الحالة الطبيعية نعم تُترك هذه اللقائح دون عناية حتى تنتهي حياتها بطريقة طبيعية، وأما في حال الحاجة إليها لاستخدامات علاجية فقد يكون هناك قول آخر، والله أعلم.

وفيما يأتي أبرز الأدلة التي استدل بها أصحاب هذا القول:

* استدلوا بالنصوص الشرعية التي تحرم الاعتداء على حياة الإنسان، ومنها قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ) [الإسراء:33].

وجه الدلالة في الآية الكريمة: إن الله تعالى نهى عن قتل النفس الإنسانية إلا بالحق، وإتلاف البويضات الملقحة لاستخراج الخلايا الجذعية للغايات العلاجية هو إزهاق للنفس الإنسانية، وهذا ما حرمته النصوص الشرعية.

ويرد على هذا الاستدلال بأن البويضات الملقحة ليس فيها حياة إنسانية، ولا تشملها النصوص الشرعية التي تحرم الاعتداء على حياة الإنسان، لأنّ الحياة الإنسانية تبدأ بعد نفخ الروح، وأمّا قبل نفخ الروح فيوجد فيها حياة، ولكنها ليست حياة إنسانية، ودليل وجود الحياة هو قابليتها للنموّ، وهذه الحياة أشبه ما تكون بحياة النبات، يقول ابن القيم رحمه الله: "فإنْ قيل: الجنين قبل نفخ الروح فيه هل كان فيه حركة أو إحساس أم لا؟ قيل: كان فيه حركة النمو والاغتذاء كالنبات، ولم تكن حركة نموه واغتذائه بالإرادة، فلما نفخت فيه الروح انضمّت حركة حسيته وإرادته إلى حركة نموه واغتذائه"([32]).

* استدلوا بالأدلة الشرعية الدالة على تكريم الإنسان، وعدم جواز تعريضه للامتهان، ومنها قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) [الإسراء:70]، وقوله صلى الله عليه وسلم: «كسر عظم الميت ككسره حياً»([33]).

وجه الدّلالة من النّصوص الشرعية السابقة أنّ الإنسان مكرم، سواء أكان في حال حياته أم بعد موته، واستخراج الخلايا الجذعية من البييضات الملقحة فيه مناقضة لتكريم الإنسان، وهذا لا يجوز.

ويرد على هذا الاستدلال بأنّ استخراج الخلايا الجذعية من البييضات الملقحة فيه تكريم للإنسان بالمحافظة على حياته وتخفيف الآلام عنه بعلاجه من الأمراض، وهذا مقصد من مقاصد الشريعة الإسلامية.

* قالوا إن في هذه البييضات الملقحة حياة بشرية، وإن كانت في أول مراحلها، فهي مستقبلة للحياة البشرية فلا يجوز إتلافها([34]).

ويرد على هذا من جهتين:

1. أن الحياة البشرية تكون بعد نفخ الروح لا قبله كما تقدم.

2. أن هذا يسلم لو كان إتلاف هذه البييضات لغير غرض شرعي أو وجود مسوغ طبي، وبما أن إتلافها لغايات العلاج المأمور به شرعاً للحفاظ على حياة إنسانية متحققة فلا مانع منه شرعاً.

* قياس إتلاف البويضات الملقحة خارج الرحم لاستخراج الخلايا الجذعية على حرمة إتلاف بيض الصيد في الحرم أو في حال الإحرام بجامع أن بيض الصيد هو أصل الصيد، فكذلك البييضات الملقحة هي أصل الإنسان فيحرم إتلافها([35]).

ويَرِدُ على هذا الاستدلال: أنَّ بيض الصّيد إنما وجب فيه الجزاء لحرمة الإحرام أو لحرمة الحرم بخلاف إتلاف البييضات لأجل استخراج الخلايا الجذعية.

أضف إلى ذلك بأنّ بيض الصيد مآله إلى الحياة بخلاف البييضات الملقحة الزائدة، فإنه لن يكون مآلها إلى الحياة لعدم إمكانية غرسها في الرحم والإفادة منها([36]).

الترجيح:

بعدما تقدم من ذكر آراء الفقهاء وأدلتهم في هذه المسألة، أرى أنّ الراجح والله أعلم أنه لا يوجد مانع شرعي يدلّ على عدم جواز إتلاف البييضات الملقحة الزائدة عن الحاجة في عمليات أطفال الأنابيب لاستخراج الخلايا الجذعية منها، والقول بالجواز هو الأوجه، وهو الذي يتفق مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية في المحافظة على الحياة الإنسانية بالعلاج، ذلك أن الأدلة الشرعية والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية تبيح للإنسان أن يتبرع ببعض أعضائه بضوابط شرعية لأجل إنقاذ حياة إنسان آخر، فمن باب أولى أن نقول بجواز إتلاف بييضات ملقحة ستذهب هدراً لاستخراج خلايا جذعية تكون نافعة للإنسان وتحافظ على حياته.

ثانياً: حكم استخراج الخلايا الجذعية من الكتلة الخلوية للبويضات الملقحة عمداً لهذا الغرض:

وصورة هذه المسألة أن يتم تلقيح متعمد بين حيوانات منوية وبييضات للحصول على بييضات ملقحة لغاية الحصول على الخلايا الجذعية منها.

ولبيان الحكم الشرعي في هذه الحالة لا بد من التفصيل الآتي:

أولاً: أن يتم التلقيح بين بذرتين من أجنبيين أو من زوجين بعد انفصال العلاقة الزوجية فيما بينهما سواء بالموت أو بالطلاق.

يتفق الفقهاء المعاصرون والمجامع الفقهية والندوات الطبية على حرمة أي تلقيح بين حيوان منوي وبويضة خارج إطار الزوجية، والأدلة الدالة على ذلك هي الأدلة الدالة على حرمة الزنا، ذلك أنّ الزنا محرم لما فيه من اختلاط الأنساب، وهذا المعنى موجود في عملية التلقيح، ذلك أنّ التقاء الحيوان المنوي بالبويضة لا يصحّ خارج إطار الزوجية، ولا يوجد أي مسوغ طبيّ يبيح هذا الأمر، إذ إن هذا الأمر من الثوابت الشرعية التي ينبغي المحافظة عليها، وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، حيث جاء فيه: "لا يجوز الحصول على الخلايا الجذعية واستخدامها إذا كان مصدرها محرماً، ومن ذلك على سبيل المثال: ...

1. التلقيح المتعمد بين بويضة من متبرعة، أو حيوان منوي من متبرع"([37]).

وهو رأي اللجنة الفقهية لجمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، حيث جاء فيها: "أن تتم عملية التلقيح الصناعي برضا الزوجين، وأن تتم حال قيام الزوجية، فلا يجوز الإجراء بعد وفاة الزوج، أو بعد الطلاق، فانتهاء عقد الزوجية بالموت أو الطلاق يلغي ويبطل أي تناسل أو إنجاب شرعي"([38]).

ثانياً: أن يكون استخراج الخلايا الجذعية من البييضات الملقحة بين زوجين -أي بطريق مشروع- وهذه الحالة أشبه ما تكون بعملية تبرع من زوجين لإنتاج بييضات ملقحة لاستخراج الخلايا الجذعية منها لأغراض علاجية، واستناداً إلى الأدلة الشرعية السابقة القائلة بجواز إتلاف البييضات الملقحة الزائدة عن الحاجة في عمليات أطفال الأنابيب، فالذي يظهر لي والله أعلم جواز هذه الصورة من الناحية الشرعية قياساً على مسألة التبرع بالأعضاء التي قال بها جمهور العلماء المعاصرين، ذلك أنّ الأعضاء التي يتبرع بها في حدود الضوابط الشرعية فيها نوع من الحياة، والذي استدعى القول بجواز هذا التبرع هي الضرورة الطبية الشرعية التي تتمثل بحفظ حياة إنسان، أو الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة في إمداد إنسان بعضو أو علاج يحتاج إليه ليحيا حياة طبيعية، وقد أجاز الفقهاء إسقاط الجنين إذا شكل خطورة على حياة الأم، حفاظاً على حياتها، وهذا بعد الحمل، وقد يكون بعد أربعة أشهر من الحمل، فمن باب أولى أن نقول بجواز استخراج الخلايا الجذعية من البييضات الملقحة عمداً لهذا الغرض، أضف إلى ذلك أن جمهور العلماء المعاصرين أجازوا التلقيح بين الحيوان المنوي والبويضة في إطار الزوجية للحصول على الولد، ومن المعلوم فقهاً أن الحصول على الولد لا يصل إلى حدّ الضرورة الشرعية، فكان الأولى القول بجواز هذه الحالة لإنقاذ حياة إنسان والتخفيف من آلامه، وهو ما يصل إلى حدّ الضرورة، لا سيما إذا كان الذي يحتاج إلى العلاج هو أحد الزوجين المتبرعين.

ولكن يجب أن يقيد هذا الأمر بعدم وجود وسائل أخرى للعلاج أو الحصول على الخلايا الجذعية سوى هذه الوسيلة، فإذا أمكن العلاج بطريقة أخرى أو وجدت خلايا جذعية بغير هذه الطريقة وتؤدي نفس الكفاءة العلاجية فلا يجوز شرعاً اللجوء إلى هذه الحالة، لأن القول بجواز هذه الحالة يستند إلى مبدأ الضرورة الشرعية، ومن القواعد المسلمة لدى الأصوليين أن الضرورة تقدر بقدرها.

المبحث الثاني

استخراج الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية

استخراج الخلايا الجذعية من الأجنة البشرية لغايات علاجية لا إشكال فيه من الناحية الشرعية، وإنما يكمن الإشكال في آلية الحصول على هذه الأجنة لاستخراج الخلايا الجذعية منها، ولكي نتصور هذه المسألة للحكم عليها من الناحية الشرعية علينا أن نتبين الطرق التي يمكن الحصول من خلالها على الأجنة البشرية وهي طريقتان:

الأولى: إجهاض الأجنة البشرية عمداً للحصول على الخلايا الجذعية منها.

الثانية: الحصول على الخلايا الجذعية من الأجنة الساقطة تلقائياً دون أي تدخل طبي.

المطلب الأول: حكم إجهاض الأجنة البشرية عمداً للحصول على الخلايا الجذعية

أولاً: تحرير محل النزاع:

يتفق العلماء على حرمة إجهاض الأجنة البشرية بعد مرور أربعة أشهر على الحمل، إذ إن الجنين بعد هذه المدة أخذ الصفة الإنسانية وأصبح إنساناً قد كتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد، وأي اعتداء عليه يعدّ اعتداء على حياة إنسانية كاملة.

واختلفوا في حكم إسقاط الحمل قبل أربعة أشهر على ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا يجوز إسقاط الحمل في جميع مراحله وفي أي فترة من فترات الحمل، وهذا قول المالكية([39]) وبعض الحنفية([40])، وبعض الشافعية([41])، وبعض الحنابلة([42]).

قال السرخسي: "ثم الماء في الرحم ما لم يفسد فهو معدّ للحياة، فيجعل كالحي في إيجاب ذلك الضمان بإتلافه، كما يجعل بيض الصيد في حقّ المحرم كالصيد في إيجاب الجزاء عليه بكسره"([43]).

وقال ابن عابدين: "وفي كراهية الخانية: ولا أقول بالحل، إذ المحرم لو كسر بيض الصيد ضمنه، لأنه أصل الصيد، فلما كان يؤاخذ بالجزاء فلا أقل من أن يلحقها إثم هنا إذا أسقطت بغير عذر"([44]).

وقال المالكية: "لا يجوز إخراج المني المتكون في الرحم ولو قبل الأربعين يوماً، وإذا نفخت فيه الروح حرم إجماعاً"([45]).

وقال الغزالي: وقد جاء فيه: "وليس هذا كالإجهاض والوأد، لأن ذلك جناية على موجود حاصل، وله أيضاً مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت مضغةً وعلقةً كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية بعد الانفصال حياً"([46]).

القول الثاني: يجوز إجهاض الجنين في جميع مراحل تكوينه (النطفة، والعلقة، والمضغة، وحتى طور العظام وكسوتها لحماً) ما دام لم تنفخ فيه الروح، وهو قول عند الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

أما الحنفية قالوا: "هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يتخلق فيه شيء، ولن يكون ذلك إلا بعد مائة وعشرين يوماً"([47]).

قال ابن عابدين: "قال في النهر: هل يباح الإسقاط بعد الحمل؟ نعم يباح ما لم يخلق منه شيء ولن يكون ذلك إلا بعد مئة وعشرين يوماً"([48]).

وقال الحصكفي: "وقالوا يباح إسقاط الولد قبل أربعة أشهر، ولو بلا إذن الزوج"([49]).

والشافعية قالوا: "يجوز إلقاؤه (أي الجنين) ولو بدواء، قبل نفخ الروح فيه، خلافاً للغزالي"، والذي رجحه الرملي: "أنه بعد نفخ الروح يحرم مطلقاً، ويجوز قبله"([50]).

وقال الحنابلة في الفروع: "وظاهر كلام ابن عقيل في الفنون: أنّه يجوز إسقاطه قبل أَن يُنفخ فيه الروح"([51]).

القول الثالث: يجوز الإجهاض فيما قبل الأربعين يوماً من بداية الحمل ويحرم فيما عداها، وبهذا قال بعض الحنفية وبعض المالكية، والشافعية، والحنابلة في الراجح عندهم، ومن المعاصرين د. مصطفى الزرقا([52]).

أما الحنفية قالوا: "وإن لم يستبن شيء من خلقه فلا شيء فيه، لأنه ليس بجنين إنما هو مضغة"([53]).

بعض المالكية قالوا: "وأما التسبب في إسقاط الماء قبل أربعين يوماً من الوطء فقال اللخمي: جائز، وقال ابن العربي في القبس: لا يجوز باتفاق"([54]).

أما الشافعية قالوا: "وقيل: لها حرمة ولا يباح إفسادها ولا التسبب في إخراجها بعد الاستقرار في الرحم، بخلاف العزل"([55]).

وفي الفروع قال الحنابلة وهو الراجح عندهم: "ويجوز شربه لإلقاء نطفة"([56]).

وقال الرحيباني: "ولو شرب رجل دواءً مباحاً، ولأنثى شربه لإلقاء نطفة لا علقة"([57]).

الأدلة التي استدلّ بها كل فريق:

أدلة أصحاب القول الأول:

1-  حديث عبد الله بن مسعود، حيث قال فيه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق، قال: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً، ثمّ يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكاً فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإنّ الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النار، ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة)([58]).

ووجه الدلالة: أنّ الله سبحانه وتعالى يجمع خلق الجنين في بطن أمّه وهو نطفة، فلا يجوز التعدّي بأيّ صورة كانت، سواء بالإسقاط أو بغيره([59]).

2- الأحاديث التي جاءت بوجوب دية الجنين، ومنها: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه "أن امرأتين من هذيل، رمت إحداهما الأخرى فطرحت جنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بغرة عبد أو أمة"([60]).

ووجه الدلالة هو فعل النبي صلى الله عليه وسلم عندما قضى في هذه الحادثة بغرة عبد أو أمة، لاعتباره تعدياً على جنين، ومن المعلوم بداهة أنّ الحمل في أي مرحلة في بطن أمه يسمى جنيناً، وبالتالي لا يجوز الاعتداء عليه بإسقاطه أو إجهاضه، وهذا في أي مرحلة كان فيها.

3-  قياس حرمة الاعتداء على الجنين في بداية تخلقه، على حرمة الاعتداء على بيض الصيد للمحرم بالحج، فلمّا كان المتعرض للبيض الذي هو أصل الصيد مؤاخذاً عليه، فكذلك الجنين منذ بداية تخلقه لا يجوز التعرض له؛ لأنه أصل الإنسان، وهو مستعدّ للحياة قبل إنزاله([61]).

استدلّ أصحاب القول الثاني بما يلي:

قاسوا إسقاط الجنين على العزل([62])، فقالوا: كما يجيز الشّرع للرجل العزل، فإنه يجوز له الإسقاط، واستدلوا على ذلك بقول ابن عباس رضي الله عنه: "خلق ابن آدم من سبع"، ثم قرأ قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: 12 – 14]، ثمّ قال: فهل يخلق أحد تجري فيه هذه الصفة، وفي رواية: وهل تموت نفس حتى تمرّ على هذا الخلق؟"([63]).

استدلوا بقول عبيد بن رفاعة، عن أبيه، وهو رفاعة بن رافع الأنصاري بدري قال: جلس إلى عمر بن الخطاب، علي، والزبير، وسعد، في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكروا العزل فقالوا: لا بأس به، فقال رجل: إنهم يزعمون أنها الموؤودة الصغرى؟ فقال علي عليه السلام: لا يكون موؤودة حتى تمر على التارات السبع تكون سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة، ثم تكون مضغة، ثم تكون لحماً، ثم خلقاً آخر، فقال عمر عليه السلام: صدقت، أطال الله بقاءك([64]).

استدلوا أيضاً: بكون الحمل لم يبلغ مائة وعشرين يوماً، أي لم تنفخ فيه الروح ولم يتكون له عضو بعد، وقد ورد في حاشية ابن عابدين أنه "يباح لها (أي للحامل) أن تعالج في استنزال الدم ما دام الحمل مضغة أو علقة ولم يخلق له عضو، وقدروا تلك المدة بمائة وعشرين يوماً، وجاز لأنه ليس بآدمي"([65]).

استدلّ أصحاب القول الثالث بما يلي:

1-  الحديث الوارد في مسند أحمد، وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن النطفة تكون في الرحم أربعين يوماً على حالها لا تغير، فإذا مضت الأربعون، صارت علقة، ثمّ مضغة كذلك، ثم عظاماً كذلك، فإذا أراد الله أن يسوي خلقه، بعث إليها ملكاً، فيقول الملك الذي يليه: أي ربّ، أذكر أم أنثى؟ أشقيّ أم سعيد؟ أقصير أم طويل؟ أناقص أم زائد؟ قوته وأجله؟ أصحيح أم سقيم؟ قال: فيكتب ذلك كله)([66]).

ووجه الدلالة: "أنّ النطفة تكون أربعين يوماً في الرحم كما هي (ماء مهين) غير منعقد، وبالتالي فإنه يجوز إسقاطه"([67]).

2- وفي الحديث الآخر الذي قال فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم: "إذا مرّ بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكاً، فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها، ثم قال: يا ربّ أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا رب أجله، فيقول ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول: يا ربّ رزقه، فيقضي ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده، فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص"[68].

ووجه الدلالة: هو التأكيد على أنّ الجنين قبل أربعين ليلة لم يكن شيئاً، وبالتالي يجوز إسقاطه قبل التكون ولا يترتب على ذلك أي أحكام، وقد ذكر النووي في كتابه روضة الطالبين أنه: "تنقضي العدة بانفصال الولد حياً، أو ميتاً، ولا تنقضي بإسقاط العلقة والدم"[69]، وهذا يدل على أنه لم يرتب على الجنين قبل الأربعين أي حكم لعدم اعتباره شيئاً، ولو أنه اعتبره غير ذلك لرُتِّب عليه أحكام.

الترجيح: 

الذي يترجح لدي والله أعلم هو حرمة إجهاض الجنين مطلقاً في أي مرحلة من مراحل الحمل دون مسوغ شرعي، لأن الإجهاض حينئذٍ هو اعتداء على بداية حياة إنسانية، ومبدأ خلق آدمي.

أما إذا تمّ إسقاط الجنين عمداً لمسوغ شرعي فلا مانع من الإفادة منه وأخذ خلايا جذعية لغايات علاجية، ومن المسوغات الشرعية التي تجيز إسقاط الجنين ما يأتي:

1. أن يكون الجنين مشوّهاً تشويهاً يجعل حياته غير مستقرة، بحيث لا يمكن أن يعيش في هذه الحالة، كأن يكون غير مكتمل النمو، ويشترط أن يكون ذلك دون أربعة أشهر، ومنهم من خفف من هذا الشرط، وأجاز إسقاط الجنين دون أربعة أشهر إذا كان مصاباً بتشوه بدنيّ أو قصور عقليّ لا يرجى البرء منهما([70]).

وحجتهم في ذلك أن الجنين دون أربعة أشهر لم يأخذ صفة الإنسانية، فلا مانع من إجهاضه شرعاً.

2. أن يكون في بقاء الجنين خطر محقّق على حياة أمه، فإنْ كان ذلك قبل أربعة أشهر من الحمل فقد اتفق العلماء على جواز إجهاضه حفاظاً على حياة الأم([71])، ذلك بأنّ حياة الأم ثابتة مستقرة، وحياة الجنين غير ثابتة، لا سيّما في حالة ثبوت التشوّه، ولما قرّره الأصوليون من أنَّ الضَّرر الأشدّ يُدفع بالضَّرر الأخفّ، وأما إنْ كان الجنين فوق أربعة أشهر وكان في ثباته خطر محقّق على حياة أمّه، فقد ذهب الحنفية إلى عدم جواز إسقاطه، لأنّ هذا قتل للنفس لصيانة نفس أخرى، والشرع لم يرد بمثله([72]).

ويرد على هذا الاستدلال بأنّ قتل النفس ليس محرماً دائماً، وإنما يجوز قتلها لمصلحة كبرى، وهذا ممّا ورد به الشّرع كقتل القاتل والزاني المحصن، وقد قال تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 179]، وإزهاق روح الجنين لإنقاذ حياة أمه فيه مصلحة كبرى، وهي الحفاظ على حياة الأم، وذهب جمهور العلماء قديماً وحديثاً إلى جواز إجهاض الجنين إذا شكل خطراً على حياة الأم.

ومن ذلك قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم (35) بتاريخ 23/12/1413هـ الموافق 13/6/1993م، والذي جاء فيه: "إذا بلغ الجنين في بطن أمه أربعة أشهر أو جاوزها فلا يجوز إسقاطه مهما كان تشوّهُهُ، إذا قرّر الأطباء أنه من الممكن استمرار حياته، إلا إذا كان يترتب على بقائه خطر محقّق على حياة الأم"، وقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي والذي جاء فيه: "إذا كان الحمل قد بلغ مائة وعشرين يوماً فلا يجوز إسقاطه، ولو كان التشخيص الطبيّ يفيد أنه مشوّه الخلقة، إذا ثبت بتقرير لجنة طبية من الأطباء الثقات المختصين، أن بقاء الحمل، فيه خطر مؤكد على حياة الأم، فعندئذٍ يجوز إسقاطه سواء أكان مشوهاً أم لا، دفعاً لأعظم الضّررين".

وهذا ما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة في السعودية([73])، وفتاوى قطاع الإفتاء في الكويت([74]).

والذي أراه راجحاً هو جواز إجهاض الجنين مطلقاً إذا كان يشكل خطراً على حياة الأم، وذلك عملاً بقاعدة أخفّ الضررين، ذلك أن حياة الأم هي الأصل وهي الثابتة بيقين، بخلاف حياة الجنين.

ثانياً: حكم الحصول على الخلايا الجذعية من الأجنة المسقطة عمداً:

اتفق العلماء على حرمة استخراج الخلايا الجذعية من الجنين المسقط عمداً لهذه الغاية إذا بلغ أربعة أشهر.

واختلفوا فيما كان دون ذلك على قولين:

القول الأول: أن إجهاض الجنين عمداً لغايات استخراج الخلايا الجذعية لا يجوز مطلقاً ولو كان الجنين دون أربعة أشهر، وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي رقم (58/7/6) بشأن استخدام الأجنة مصدراً لزراعة الأعضاء، حيث جاء فيه: "لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر".

وقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشر في قراره الثالث والذي جاء فيه: "لا يجوز استخدام الخلايا الجذعية واستخدامها إذا كان مصدرها محرماً، ومن ذلك على سبيل المثال: الجنين المسقط تعمّداً بدون سبب طبي يجيزه الشرع".

وهو ما جاء أيضاً في توصية المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية([75])، وقرار مجلس الإفتاء الأوروبي رقم (2/6) في الدورة العادية السادسة بدبلن في الفترة 28/5-3/6/1421هـ حيث جاء فيه: "لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر".

وأدلتهم عن ذلك ما سبق في تحريم الإجهاض مطلقاً إضافة لسدّ ذريعة تأجير الأرحام والمتاجرة بالأجنة.

القول الثاني: وهو ما ذهب إليه الدكتور محمد نعيم ياسين، حيث أجاز إجهاض الجنين قبل أربعة أشهر للحصول على الخلايا الجذعية لغايات العلاج وأبحاث الدواء، حيث ذكر جواز هذا الأمر من حيث الجملة، وأمّا على التفصيل فيجب النظر في كل حالة على حدة([76]).

وبهذا يكون الدكتور محمد نعيم ياسين قد فتح المجال بجواز هذا الأمر في حالات خاصة ينظر فيها بشكل خاصّ، وهو قول له وجاهته في بعض الحالات الضرورية التي يتوقف عليها إنقاذ حياة إنسان من الموت المحقّق.

واستدلّ على ذلك بالمصالح العظيمة المترتبة على ذلك في مقابل المفاسد القليلة، فتفتقر هذه المفاسد في مقابل المصالح الكبيرة المترتبة على العلاج وأبحاث الأدوية([77]).

والذي أراه راجحاً أنه لا يجوز إسقاط الجنين عمداً لاستخراج الخلايا الجذعية منه وإن كان دون أربعة أشهر لما في ذلك من فتح باب شرّ عظيم، كالمتاجرة بالأجنة والأعضاء البشرية، وتأجير الأرحام واستخدام الكثير من النساء كوعاء لإنتاج الأجنة لغايات المتاجرة، وفي هذا انتهاك لكرامة الإنسان وجعله سلعة تباع وتشترى، ولكن تبقى حالات الضرورة التي يتوقف عليها حياة إنسان مريض يحتاج إلى خلايا جذعية، فهذه يمكن النظر إليها بصورة خاصة من لجنة من الأطباء والشرعيين لتقديرها والقول بجوازها من عدمه.

ثالثاً: حكم استخراج الخلايا الجذعية من الأجنة المسقطة لمسوغ شرعي:

يتّفق المعاصرون على أنه إذا تم إسقاط الجنين لمسوغ شرعي كأن يكون مشوهاً أو يشكل خطراً على حياة الأم فيجوز شرعاً الإفادة منه في استخراج الخلايا الجذعية، بشرط أن يكون ذلك بإذن الوالدين.

وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حيث جاء فيه: "لا يجوز استخدام الأجنة البشرية مصدراً للأعضاء المطلوب زرعها لإنسان آخر، إلا في حالات وبضوابط لا بدّ من توافرها:

- لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر، بل يقتصر الإجهاض على الطبيعي غير المتعمد، والإجهاض للعذر الشرعي، ولا يلجأ لإجراء العملية الجراحية لاستخراج الجنين، إلا إذا تعينت لإنقاذ حياة الأم"([78]).

وهو أيضاً ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشر([79])، حيث جاء فيه: "يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنحيتها واستخدامها بهدف العلاج أو لإجراء الأبحاث العلمية المباحة إذا كان مصدرها مباحاً، ومن ذلك على سبيل المثال المصادر الآتية: 4. الجنين السقط تلقائياً، أو لسبب علاجي يجيزه الشرع، وبإذن الوالدين".

وهو ما جاء أيضاً في قرار مجلس الإفتاء الأوروبي رقم (2/6) في دورته السادسة بدبلن في الفترة 28/5-3/6/1421هـ حيث جاء فيه: "لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر، بل يقتصر الإجهاض على الطبيعي غير المتعمد، والإجهاض للعذر الشرعي".

وهو ما أرجحه وعليه جميع العلماء المعاصرين لما يترتب على ذلك من المصلحة العلاجية.

المطلب الثاني: الاستفادة من الخلايا الجذعية المستخرجة من الأجنة المسقطة تلقائياً للأغراض الدوائية:

أولاً: الحكم الشرعي لاستخراج الخلايا الجذعية من الأجنة المسقطة تلقائياً:

إذا سقط الجنين تلقائياً لسبب من الأسباب دون وجود تعمد في إسقاطه، وقرر الأطباء أنه يمكن الإفادة منه في استخراج الخلايا الجذعية، فيجوز ذلك شرعاً، ويجوز كذلك الإفادة منه في الأبحاث الطبية والدوائية، بشرط أن يكون ذلك برضا الوالدين، وهذا ما اتفق عليه العلماء المعاصرون، وبه صدرت الفتاوى والقرارات المجمعية الفقهية كقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، حيث جاء فيه: "أ- لا يجوز إحداث إجهاض من أجل استخدام الجنين لزرع أعضائه في إنسان آخر، بل يقتصر الإجهاض على الإجهاض الطبيعي غير المتعمد والإجهاض للعذر الشرعي"([80]).

وقرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، وقرار المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

ثانياً: حكم استخراج الخلايا الجذعية من المشيمة والحبل السري:

يتفق العلماء المعاصرون على جواز استخراج الخلايا الجذعية من المشيمة والحبل السري بشرط موافقة الوالدين والاستفادة منها في العلاج، وذلك لأنّ مآل المشيمة والحبل السري هو الإتلاف بعد الولادة ولعدم وجود مانع شرعيّ من هذا الأمر.

وهذا ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي الثالث في دورته السابعة عشرة تاريخ 19-23/10/1424هـ، حيث جاء فيه: "يجوز الحصول على الخلايا الجذعية وتنميتها واستخدامها بهدف العلاج أو لإجراء الأبحاث العلمية المباحة إذا كان مصدرها مباحاً، ومن ذلك على سبيل المثال المصادر الآتية:

3- المشيمة أو الحبل السري وبإذن الوالدين".

ثالثاً: حكم استخراج الخلايا الجذعية عن طريق الاستنساخ العلاجي:

يعرف الاستنساخ بأنه: توليد كائن حيّ أو أكثر، إمّا بنقل النواة من خلية جسدية إلى بويضة منزوعة النواة، وإما بتشطير بويضة مخصبة في مرحلة تسبق تمايز الأنسجة والأعضاء([81]).

فالاستنساخ في هذا المفهوم يعني الحصول على كائن حيّ دون تزاوج، وذلك بأخذ نواة خلية جسدية وزرعها في بويضة مفرغة من النواة لتبدأ البويضة بعد ذلك بالانقسام لتشكيل كائن حي مشابه تماماً للكائن الذي أخذت منه الخلية.

ويعرف الاستنساخ العلاجي بأنه أخذ خلية جسدية من إنسان بالغ، واستخراج نواتها ودمجها في بييضة مفرغة من نواتها، بهدف الوصول إلى مرحلة البلاستولا، ثمّ الحصول منها على الخلايا الجذعية([82]).

حكم الحصول على الخلايا الجذعية عن طريق الاستنساخ العلاجي في الفقه الإسلامي:

اختلف العلماء المعاصرون في حكم الحصول على الخلايا الجذعية عن طريق الاستنساخ على قولين:

القول الأول: لا يجوز شرعاً الاستنساخ العلاجي للحصول على الخلايا الجذعية:

وأبرز من ذهب إلى هذا القول مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في قراره الثالث في دورته السابعة عشر المنعقدة في مكة المكرمة في الفترة من 19-23/10/1424هـ حيث جاء فيه: "لا يجوز الحصول على الخلايا الجذعية واستخدامها إذا كان مصدرها محرماً، ومن ذلك على سبيل المثال الاستنساخ العلاجي".

واستدلوا على ذلك بالأدلة الشرعية التي تدلّ على تحريم الاستنساخ بشكل عام([83])، والناظر في هذه الأدلة يجدها تنصبّ حول أمرين:

1. الأدلة الدالة على تكريم الإنسان وعدم جواز تعرضه للامتهان، وإخضاعه لعمليات التجارب العلمية.

2. أن الله تعالى جعل تكاثر الإنسان عن طريق التزاوج المشروع، وأي تكاثر خارج هذا الإطار هو محرم شرعاً.

ويجاب عن هذين الأمرين بما يأتي:

1. نسلم أن الاستنساخ فيه امتهان لكرامة الإنسان، إلا أن الاستنساخ العلاجي هو لمصلحة الإنسان والمحافظة على كرامته والمحافظة على حياته وسلامته.

2. نسلم أن الله تعالى جعل تكاثر الإنسان عن طريق التزاوج المشروع، وأي تكاثر خارج هذا الأمر هو محرم شرعاً، إلا أن الاستنساخ العلاجي خارج محلّ النزاع فليس المراد منه التكاثر البشري، وإنما المراد منه الحصول على الخلايا الجذعية لغايات علاجية، وهذا جائز شرعاً.

القول الثاني: يجوز الحصول على الخلايا الجذعية عن طريق الاستنساخ العلاجي.

وأبرز من ذهب إلى هذا القول جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية حيث جاء في قرارها: "يجوز استنساخ خلايا وجينات جسدية إنسانية في المختبر ثم نقلها إلى الإنسان بهدف علاج بعض الأمراض"([84]).

وجاء في القرار أيضاً: "بحث الفقهاء الحضور مسألة استعمال الهندسة الوراثية، الاستنساخ لإنتاج خلايا بدائية لاستعمالها في إنتاج أعضاء بشرية لاستعمالها في زراعة الأعضاء، واتخذوا بشأنها القرارات التالية:

يجوز إنتاج الأعضاء في المختبر، بعيداً عن الرحم، عن طريق استعمال خلايا جسدية من كائن حي موجود لتنمى في المختبر بهدف زراعة هذه الأعضاء لإنقاذ الحياة البشرية، وذلك بشرط أن لا يسبب ذلك الإجراء الضرر لمن أخذت من جسمه تلك الخلايا"([85]).

وممن قال بذلك أيضاً المجلس الأوروبي للإفتاء بقراره رقم (1/10) في دورته العادية العاشرة المنعقدة في مقره بدبلن في الفترة من 19-26/11/1423هـ، حيث جاء فيه: "ثانياً: يرى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث جواز الأخذ بتقنيات الاستنساخ في مجالات العلاج الطبي باستخدام الخلايا الأدومية -الخلايا الجذعية- لتكوين أعضاء سليمة يمكن أن تحل محل الأعضاء المعيبة، على ألا يؤدي ذلك إلى إتلاف جنين بلغ أربعين يوماً".

واستدلوا على ما ذهبوا إليه بالأدلة الآتية:

أولاً: الأدلة الدالة على التيسير ورفع الحرج عن المكلفين ومنها:

1. قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) [البقرة: 185].

2. قوله تعالى: (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) [المائدة:6].

3. قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) [النساء: 28].

4. قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78].

وجه الدلالة: أن هذه الآيات دلت على أن مقصود الشارع التيسير على العباد لا التعسير عليهم، وفي تجويز الاستنساخ العلاجي لاستخراج الخلايا الجذعية تيسير على العباد، ورحمة بالمرضى والمصابين وتخفيف عنهم، وهذا ما يوافق مقصود الشارع([86]).

ثانياً: إن الشريعة الإسلامية جاءت لرعاية مصالح المكلفين، ومن مصالحهم عمليات الاستنساخ العلاجي([87])، ومنها قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107].

ثالثاً: استدلوا بالأدلة الدالة على استثناء حالة الضرورة.

فالاستنساخ العلاجي تدعو إليه الضرورة الطبية، حيث يتوقف عليه إنقاذ حياة إنسان أو شفاؤه من مرض يسبب له حرجاً شديداً، والقاعدة في الفقه الإسلامي: (الضرورات تبيح المحظورات)، ومن القواعد الشرعية أيضاً أن (الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة)، ومن الأدلة الدالة على ذلك:

1. قوله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) [الأنعام: 119].

2. وقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [المائدة:3].

3. وقوله تعالى: (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأنعام: 145].

رابعاً: استدلوا بالأدلة التي تأمر بالعلاج والتداوي، ومنها:

1. قوله صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له الشفاء)([88]).

2. وقوله صلى الله عليه وسلم: (وقد خلق له دواء إلا السام الهرم)([89]).

3. وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ، قَالَ: قَالَتِ الأَعْرَابُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: (نَعَمْ، يَا عِبَادَ اللَّهِ تَدَاوَوْا، فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ قَالَ: دَوَاءً إِلَّا دَاءً وَاحِدًا)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُوَ؟ قَالَ: (الهَرَمُ)([90]).

وهذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث تدل على مشروعية العلاج، والاستنساخ العلاجي هو من باب العلاج المأمور به.

الترجيح:

بعد النظر في آراء الفقهاء وأدلتهم، أرى أن الراجح والله أعلم هو القول بجواز إجراء الاستنساخ العلاجي للحصول على الخلايا الجذعية لغايات العلاج، ذلك أن الضرورة الطبية تبيح إجراء مثل هذا النوع من العلاج إذا تعين وسيلة لذلك ولم يوجد غيره، والأدلة الشرعية والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية لا تمانع إجراء مثل هذا الأمر، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يوجد نصّ صحيح صريح يدلّ على التحريم، مع ما في هذا النوع من الاستنساخ من التيسير على الناس وحفظ حاجتهم وصحة أبدانهم، وهذا مقصود الشريعة الإسلامية التي جاءت تنادي بحفظ الحياة والتخفيف من معاناة الإنسان ورفع الحرج عنه، والاستنساخ العلاجي يأتي لهذه الغايات. والله أعلم.

النتائج والتوصيات

* الخلية هي الوحدة الأساسية البنيوية والوظيفية للمادة الحية، فالخلية هي وحدة بنيان الأحياء، والخلية الجذعية هي خلية متعددة المصادر غير متمايزة ولا متخصصة تستطيع في ظروف معينة ومحددة أن تكون لبنات في بناء أنسجة وأعضاء يتم الحصول عليها من أجنة يقاس عمرها بالأيام، وبعد تحفيز هذه الخلايا تصير خلايا متخصصة، يمكن أن تستخدم لتكوين الأنسجة، وحتى الأعضاء البشرية المختلفة، لذلك فهي تعرف أيضاً بالخلايا متعددة القدرات.

* بدأت فكرة العلاج بالخلايا الجذعية في معالجة الأمراض في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم امتدت إلى أوروبا وباقي أنحاء العالم، على اعتبار قدرة هذه الخلايا على أن تعطي كافة أنواع الخلايا والأنسجة وإعادة بناء الأعصاب وترميم جسم الإنسان بعلاج الخلايا المريضة أو المعطوبة باستخدام الخلايا الجذعية البشرية عن طريق العلاج بالخلايا.

* يمكن الحصول على الخلايا الجذعية من العديد من المصادر، وهي الجنين الباكر في مرحلة الكرة الجرثومية أو (البلاستولا)، والخلايا الجنسية الأولية، والمشيمة والحبل السري بعد الولادة مباشرة، ومن خلايا الأطفال الأصحاء، والبالغين، ومن خلال الاستنساخ العلاجي.

* العلاج بالخلايا الجذعية كمبدأ عامّ لا حرج فيه من الناحية الشرعية، ما دام يغلب نفعه على ضرره، طبقاً لقاعدة المصالح والمفاسد، فإنْ أخذت هذه الخلايا من مصدر مباح جاز العلاج بها، وإنْ أخذت من مصدر تحرمه الشريعة الإسلامية يمتنع العلاج به من وجهة النظر الشرعية.

* يجوز استخراج الخلايا الجذعية من البييضات الملقحة الزائدة عن الحاجة في عمليات أطفال الأنابيب بما يتفق مع المقاصد العامة للشريعة الإسلامية في المحافظة على الحياة الإنسانية بالعلاج، بشروط وضوابط محددة، وأن تكون عينة الحيوان المنوي والبييضات مأخوذة من زوجين متبرعين حال قيام الزوجية وحال حياتهما.

* لا يجوز إسقاط الجنين عمداً لاستخراج الخلايا الجذعية منه، وإن كان دون أربعة أشهر لما في ذلك من فتح باب شرّ عظيم، كالمتاجرة بالأجنة والأعضاء البشرية، وتأجير الأرحام، واستخدام الكثير من النساء كوعاء لإنتاج الأجنة لغايات المتاجرة، وفي هذا انتهاك للكرامة الإنسانية، وجعله سلعة تباع وتشترى، ولكن تبقى حالات الضرورة التي يتوقف عليها حياة إنسان مريض يحتاج إلى خلايا جذعية، فهذه يمكن النظر إليها بصورة خاصة من لجنة من الأطباء والشرعيين لتقديرها والقول بجوازها من عدمه.

* يجوز استخراج الخلايا الجذعية من الأجنة المسقطة لمسوغ شرعي، بشرط أن يكون ذلك بإذن الوالدين.

* يجوز إجراء الاستنساخ العلاجي للحصول على الخلايا الجذعية لغايات العلاج، والضرورة الطبية تبيح إجراء مثل هذا النوع من العلاج إذا تعين وسيلة لذلك ولم يوجد غيره، والأدلة الشرعية والقواعد العامة في الشريعة الإسلامية لا تمانع إجراء مثل هذا الأمر، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يوجد نصّ صحيح صريح يدل على التحريم، مع ما في هذا النوع من الاستنساخ من التيسير على الناس وحفظ حاجتهم وصحة أبدانهم، وهذا مقصود الشريعة الإسلامية التي جاءت تنادي بحفظ الحياة والتخفيف من معاناة الإنسان ورفع الحرج عنه.

* يجوز الاستفادة من الخلايا الجذعية المستخرجة من الأجنة المسقطة تلقائياً للأغراض الدوائية، ويجوز كذلك الإفادة منه في الأبحاث الطبية والدوائية، بشرط أن يكون ذلك برضا الوالدين.

 

(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الأول، العدد الثاني، 1440هـ/ 2019م.

 

الهوامش


([1]) ابن فارس، أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، معجم مقاييس اللغة، تحقيق عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، 1979م، ج2/ص204.

([2]) البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 2003م، (ط3)، باب من قال طالق يريد به غير الفراق، حديث رقم (14997)

([3]) ابن سلام، أبو عبيد القاسم بن سلام، غريب الحديث، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، مطبعة دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الدكن الطبعة الأولى، (1384 هـ/1964 م) (2/279).

([4]) الرازي، زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي، (1420هـ / 1999م)، مختار الصحاح، بيروت– صيدا، المكتبة العصرية- الدار النموذجية، (ط5)، 1/96.

([5]) قرار مؤسسات الصحة الوطنية الأمريكية (NIH) في 21/11/2000م بالسماح باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية لأغراض البحث العلمي الطبي في الولايات المتحدة الأمريكية، العربي بلحاج، مشروعية استخدام الخلايا الجذعية من الوجهة الشرعية والأخلاقية، 120.

([6]) الزعيري، أحمد خالد، الخلايا الجذعية، سلسلة كتب ثقافية شهرية يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، عالم المعرفة، فبراير/ 2008، ص50-51.

([7]) صالح الكريم، ومحمد الفيفي، الخلايا الجذعية، مجلة الإعجاز العلمي، جدة، العدد11، شوال 1433هـ، ص31، د. صالح بن عبد العزيز الكريم، الخلايا الجذعية نظرة علمية، بحث مقدم للدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ص35.

([8]) تقرير مؤسسة روزالين في أدنبرة باستكتلندا بتاريخ 1/8/2000م الثاني بالسماح باستخدام الخلايا الجذعية الجنينية (ES) في علاجات جديدة.

([9]) انظر: الحكيم، صالح بن عبد العزيز، الخلايا الجذعية نظرة علمية، ضمن أبحاث مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، ص30.

([10]) الخلايا الجذعية والقضايا الأخلاقية والفقهية، محمد علي البار، بحث مقدم للدورة السابعة عشرة للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة، ص31 وما بعدها، صالح بن عبد العزيز الكريم، الخلايا الجذعية نظرة علمية، 99، العربي أحمد بلحاج، مشروعية استخدام الخلايا الجذعية من الوجهة الشرعية والأخلاقية، 123-125.

([11]) مشروع نظام الخلايا الجذعية لسنة 2013، الصادر بمقتضى الفقرة (أ) من المادة (6) من قانون الصحة العامة رقم (47) لسنة 2008م، الأردن.

([12]) بلحاج، العربي، مشروعية استخدام الخلايا الجذعية من الوجهة الشرعية والأخلاقية، مقال، مجلة الوعي الإسلامي، عدد رقم 448، ص125-127، بتصرف.

([13]) أبو داود، السنن، كتاب الطب، باب في الرجل يتداوى، حديث رقم (3855).

([14]) العظيم آبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود، أبو الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي، تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان، 9/789.

([15]) جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية 1/135-136.

([16]) النتشة، محمد بن عبد الجواد حجازي، المسائل الطبية المستجدة في ضوء الشريعة الإسلامية، مجلة محكمة، بريطانيا، (ط1)، 2001، 1/215، غنيم، كارم السيد، الاستنساخ والإنجاب، القاهرة، دار الفكر العربي، ص305.

([17]) قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم 8/2008م، تاريخ 19/11/1429هـ.

([18]) انظر: محمد نعيم ياسين، فقه الجنين وحكم الانتفاع به، ص119، عمر الأشقر، الاستفادة من الأجنة المجهضة أو الزائدة عن الحاجة في التجارب العلمية وزراعة الأعضاء، 394، مجلة مجمع الفقه الإسلامي العدد السادس (3/2124-2130).

([19]) تبنت أعمال ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية، ص757.

([20]) المزروع، عبد الله بن مزروع، أحكام الخلايا الجذعية دراسة فقهية، دار كنوز إشبيليا، الرياض، المملكة العربية السعودية، 1432ه، ص69.

([21]) الرملي، شمس الدين محمد بن أبي العباس، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، بيروت، دار الفكر، 1984، 8/442-443، وانظر: الجمل، الجمل، سليمان بن عمر بن منصور العجيلي الأزهري، حاشية الجمل، بيروت، دار الفكر، 5/490-491.

([22]) الكاساني، علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، دار الكتب العلمية، 1986م، (ط2)، 7/235.

([23]) الهيتمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، مصر، المكتبة التجارية الكبرى، 1983م، 7/186.

([24]) أبو النجا، موسى بن أحمد بن موسى الحجاوي المقدسي، زاد المستقنع في اختصار المقنع، تحقيق: عبد الرحمن بن علي بن محمد العسّكر، الرياض، دار الوطن للنشر، 1/195.

([25]) انظر: جمعية العلوم الطبية الأردنية، قضايا طبية معاصرة في ضوء الشرعية الإسلامية، 2/271.

([26]) رقم (57/6/6) الدورة السادسة، شعبان عام 1410هـ، بشأن البويضات الملقحة الزائدة عن الحاجة.

([27]) ثبت أعمال ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية.

([28]) جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية، 2/271.

([29]) مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السادس، 3/2152.

([30]) ثبت أعمال ندوة الرؤية الإسلامية لبعض الممارسات الطبية، ص75.

([31]) انظر: عبد الله المزروع، أحكام الخلايا الجذعية، 58-60.

([32]) ابن القيم، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين، التبيان في أقسام القرآن، تحقيق: محمد حامد الفقي، بيروت، دار المعرفة، 1/22.

([33]) أبو داود، السنن، 3/212، كتاب الجنائز، باب في الحفار يجد العظم هل يتنكب ذلك المكان، حديث رقم (3209).

([34]) انظر: المرجع السابق، ص63.

([35]) الشاذلي، حسن علي، حق الجنين في الحياة في الشريعة الإسلامية، ضمن بحوث ندوة الإنجاب في ضوء الإسلام المنعقدة في 11/8/1403هـ في الكويت، ص395، وانظر: البار، الخلايا الجذعية والقضايا الأخلاقية الفقهية، 70.

([36]) عبد الله المزروع، أحكام الخلايا الجذعية، ص65.

([37]) قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السابعة عشرة المنعقـدة بمكـة المكرمـة، في الفترة من 19-23/10/1424هـ الذي يوافقه: 13-17/12/2003م.

([38]) جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، قضايا طبية معاصرة (1/140).

([39]) الدردير، الشرح الكبير، 2/266-267): "وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ الْمَنِيِّ الْمُتَكَوِّنِ فِي الرَّحِمِ وَلَوْ قَبْلَ الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَإِذَا نُفِخَتْ فِيهِ الرُّوحُ حَرُمَ إجْمَاعًا".

([40]) حاشية ابن عابدين، 3/192: "وكان الفقيه علي بن موسى يقول إنه يكره فإن الماء بعد ما وقع في الرحم مآله الحياة فيكون له حكم الحياة كما في بيضة صيد الحرم".

([41]) حاشية إعانة الطالبين، 3/298: "وفي الإحياء، في مبحث العزل، ما يدل على تحريمه، وهو الأوجه، لأنها بعد الاستقرار آيلة إلى التخلق المهيأ لنفخ الروح".

([42]) ابن قدامة المقدسي، المغني، 9/558: "وإذا شربت الحامل دواء فألقت به جنيناً فعليها غرة، لا ترث منها شيئاً، وتعتق رقبة".

([43]) السرخسي، المبسوط، 26/87.

[44])) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، 3/176.

([45]) الدسوقي، محمد بن أحمد بن عرفة (المتوفى: 1230هـ)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، ج2، ص266-267، ط دار الفكر.

([46]) الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد (ت505هـ)، إحياء علوم الدين، ج2، ص51، دار المعرفة – بيروت.

([47]) ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، ج 3، ص176.

([48]) المصدر السابق، ج 3، ص176.

(([49] المصدر السابق، 3/176.

(([50] القليوبي، حاشية القليوبي، ج4، ص160.

(([51] المرداوي، علاء الدين أبو الحسن علي بن سليمان (المتوفى: 885هـ) الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف، ج1، (ط2)، ص 386، دار إحياء التراث العربي.

(([52] الزرقاء، مصطفى، الإجهاض في الشرع الإسلامي، 277-280، الجريدة الحقوقية عدد  26، 1939م.

(([53] الكاساني، أبو بكر بن مسعود بن أحمد،  بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، 1986م، دار الكتب العلمية، (ط2)، ج7، ص325.

(([54] الحطاب، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الطرابلسي (ت954هـ)، مواهب الجليل في شرح مختصر خليل، دار الفكر، 1992م، (ط3)، ج3، ص477.

(([55] الرملي، شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة ، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، بيروت، دار الفكر،  1984م، (ط أخيرة)، ج8، ص442.

(([56] الرامينى، محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، أبو عبد الله، شمس الدين المقدسي، الفروع وتصحيح الفروع، مؤسسة الرسالة، 2003 م، (ط1)، ج1، ص393.

(([57] الرحيباني، مطالب أولي النهى شرح المنتهى.

(([58] البخاري، صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة، حديث رقم (3208).

(([59] انظر: العيسى، سليمان، إسقاط الحمل و آثاره في الفقه الإسلامي، ص170.

(([60] صحيح البخاري، كتاب الديات، باب جنين المرأة، حديث رقم (6904).

([61]) ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، رد المحتار على الدر المختار، بيروت، دار الفكر، 1992م، (ط2)، ج3، ص176.

([62]) العزل عن المرأة: منع مني الذكر من الوصول إلى رحم الأنثى، انظر: قلعجي، محمد رواس، معجم لغة الفقهاء، 1988 م، (ط2)، ج1، ص311، باب حرف العين، دار النفائس.

([63]) السَلامي، البغدادي، زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن الحسن، (1422هـ -2001م)، جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثاً من جوامع الكلم، بيروت، مؤسسة الرسالة، (ط7)، ج1، ص156.

([64]) الدارقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي، المؤتَلِف والمختَلِف، 1986م، (ط1)، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ج2، ص877.

([65]) ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، رد المحتار على الدر المختار، بيروت، دار الفكر، 1992م، (ط2)، ج6، ص429.

([66]) مسند أحمد، ج6، ص 13، حديث رقم (3553).

([67]) العيسى، سليمان، إسقاط الحمل وآثاره في الفقه الإسلامي، ص163.

([68]) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب كيفية خلق الآدمي في بطن أمه وكتابة رزقه وأجله وعمله وشقاوته وسعادته، حديث رقم (2645).

([69]) النووي، محيي الدين يحيى بن شرف، روضة الطالبين وعمدة المفتين، بيروت، المكتب الإسلامي، 1991م، (ط3)، ج8، ص376.

([70]) انظر: قرار مجلس الإفتاء الأردني رقم (35) بتاريخ 23/12/1413هـ الموافق 13/6/1993م، فتاوى قطاع الإفتاء في الكويت (2/188) فتوى رقم (651، 652)، فتاوى اللجنة الدائمة (21/443، 431، 438).

([71]) انظر قرارات مجلس الإفتاء الأردني رقم (35) بتاريخ 23/12/1413هـ الموافق 13/6/1993م، قرارات مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته الثانية عشرة المنعقدة بمكة المكرمة في الفترة من يوم السبت 15 رجب 1410هـ الموافق 10 فبراير 1220م إلى يوم السبت 22 رجب 1410هـ الموافق 17 فبراير 1990م، اللجنة الدائمة (21/452).

([72]) ابن مازه، محمود بن أحمد بن الصدر الشهيد البخاري برهان الدين مازه، المحيط البرهاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 2004م، (ط1)، 5/252.

([73]) انظر: فتاوى اللجنة الدائمة (21/436).

([74]) فتاوى قطاع الإفتاء في الكويت (2/188) رقم (65، 652).

([75]) انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السادس (3/2067)، توصيات الندوة الفقهية الطبية الخامسة 23/26-3/1410هـ المنبثقة عن المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.

([76]) محمد نعيم ياسين، أبحاث فقهية في قضايا طبية معاصرة، ص106.

([77]) انظر: المرجع السابق (ص106).

([78]) انظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد السادس (3/2067)، توصيات الندوة الفقهية الطبية الخامسة 23/26-3/1410هـ المنبثقة عن المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية.

([79]) القرار الثالث لعام 1424هـ.

([80]) مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته السادسة قرار رقم 56 (6/7) بشأن استخدام الأجنة مصدراً لزراعة الأعضاء.

([81]) البار، الخلايا الجذعية، ص82.

([82]) انظر: مشروع قانون الخلايا الجذعية المعروض على مجلس الإفتاء الأردني.

([83]) انظر هذه الأدلة في، أبو البصل، عبد الناصر، عمليات التنسيل وأحكامها الشرعية، مجلة أبحاث جامعة اليرموك، العدد1، ص672، سلامة، زياد أحمد، الاستنساخ في الواقع العلمي والحكم الشرعي، مجلة هدي الإسلام الأردنية، المجلد41، ا‏لعدد10‏، ص98.

([84]) جمعية العلوم الطبية الإسلامية الأردنية، قضايا طبية معاصرة في ضوء الشريعة الإسلامية (2/270).

([85]) المرجع السابق (2/270-271).

([86]) عبد الله المزروع، أحكام الخلايا الجذعية، ص158.

([87]) انظر: المرجع السابق (ص158).

([88]) صحيح البخاري، كتاب الطب، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، حديث رقم (5678).

([89]) الطبراني، المعجم الأوسط، حديث رقم (1564).

([90]) سنن الترمذي، كتاب أبواب الطب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، حديث رقم (2038).

رقم البحث [ السابق | التالي ]

اقرأ للكاتب




التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا