المراد بالشخصية الإسلامية هي تلك الصفات التي يجب أن يتحلّى بها الشخص المسلم، وهذه الصفات كثيرة منها ما يتعلق بالسلوك، ومنها ما يتعلق بالتعامل مع الآخرين، وخلاصة القول فيها أن الشخصية الإسلامية هي التي تحمل الإسلام عقيدةً وفكراً وتطبقه في سلوكها الشخصي والاجتماعي، وإنما يكون هذا بالعلم والتربية، أما العلم فسبيله الإطلاع على هذه المواضيع في كتب العلماء وتلقيها عنهم، ولا يُغني الإطلاع عن التلقي، ولا التلقي عن الإطلاع، فقد قيل: من كان علمه من كتابه كان خطأه أكثر من صوابه، والمعلم أيضا لا يستطيع أن يُعلِّم الطالب كلّ شيء بل يُوقفه على القواعد والمبادئ، وعلى الطالب أن يواصل البحث في المراجع.
وأما التربية فالمقصود بها: الأسلوب العملي في تطبيق الأحكام الشرعية المتعلقة بالخلق والسلوك، وهكذا كان أسلوب بناء الشخصية الإسلامية عند السلف الصالح، ولهم في ذلك تراث في غاية الإتقان والجمال.
غير أن إقامة المجتمع الإسلامي لا تتوقّف على أن يُصبح كل فرد منه متّصفاً بمواصفاتِ الشخصية الإسلامية، فالذي يعرف المجتمع يعلم أن فيه قطبين أحدهما يشد باتجاه الخير، والآخر يشد باتجاه الشر، وهناك قسم ثالث هم أتباع للكفة الراجحة.
فإذا استطاع المصلح أن يعرف الشخصيات القيادية والتي وهبها الله تعالى قدرة التأثير على الآخرين، ثم جعل منهم شخصيات تتحلى بالفكر والسلوك الإسلامي، فقد عرف كيف يؤثر على المجتمع، ولعل هذا ما يشير إليه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا) متّفق عليه؛ لأن الأشخاص الذين فيهم صفة القيادة يؤثرون على غيرهم بما يوافق معتقداتهم، ونحن نرى أن الأشخاص القياديين في الجاهلية كانوا بلاءً على المسلمين يوم كانوا كفاراً، ثم أصبحوا ظهيرا قويا للإسلام والمسلمين عندما أسلموا، كعمر وخالدٍ رضي الله عنهما، وإلى اليوم نرى بعض الأشخاص من دعاة الشر المتطرفين، إذا أشرقت في نفوسهم شمس الهداية سخَّروا مواهبهم في نصرة الإسلام، وهذه النوعيات يجب البحث عنها، وتجب العناية بها على أيدي العلماء المربين والهداة الصالحين.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/4)