الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يعرف العلماء الاستنساخ في النبات أنه: عبارة عن التنسيل، أو العملية البيولوجية التي من خلالها تتكون مجموعة من الخلايا المتنجانسة أو غير المتجانسة للخلية؛ بما يؤدي إلى وجود نبات محسن الإنتاج يتكاثر من غير تغيير في المحتوى الوراثي.
والأصل أن الله تعالى قد سخّر هذه الأرض وما عليها لمصلحة الإنسان، قال الله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الجاثية:13]، وقال الله تعالى: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61]، وأمره أن يُصلح في الأرض ويتجنب ما يفسدها؛ لأن في فسادها فساد معيشته، قال الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
هذا؛ ويمكن تحديد المدى العلمي الذي يسمح به الشرع في مجال الاستفادة من الاستنساخ -غير البشري- بكلمتين اثنتين: جلب المصالح، ودرء المفاسد.
والأمر في ضبط هذه المصالح والمفاسد يرجع فيه إلى أهل الخبرة والاختصاص من العلماء والفقهاء؛ فإذا كان في هذه العملية إصلاح للنبات، وتحسين من جودة إنتاجه التي تؤدي إلى الانتفاع منه على الوجه الذي يحقق المصلحة ولا يؤدي إلى مفسدة، وكان في هذه العملية حاجة تؤدي إلى تحسين نوعية النبات، أو الإنتاج من هذه النباتات من غير أن يترتب على ذلك ضرر على المستهلك، أو على اختلال النظام النباتي؛ فلا حرج في ذلك، وإن أدتْ عملية استنساخ النبات إلى ضرر بالإنسان أو اختلال في النظام النباتي؛ فلا تجوز.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورته العاشرة المنعقد في جدة سنة 1997م: "رابعاً: يجوز شرعًا الأخذ بتقنيات الاستنساخ والهندسة الوراثية في مجالات الجراثيم، وسائر الأحياء الدقيقة والنبات والحيوان في حدود الضوابط الشرعية بما يحقق المصالح ويدرأ المفاسد".
وعليه؛ فلا حرج في الاستفادة من تقنيات الاستنساخ في النباتات، شريطة ثبوت عدم إضرارها بالمستهلك، وعدم إخلالها بالنظام النباتي. والله تعالى أعلم.