فتاوى بحثية

الموضوع : هل تسقط الدية في حال موت الجاني
رقم الفتوى: 4009
التاريخ : 01-10-2025
التصنيف: العقوبات
نوع الفتوى: بحثية
المفتي : لجنة الإفتاء



السؤال:

إذا قام شخص بقتل شخص آخر بشكل متعمد، وحُكم على القاتل بالسجن المؤبد، ثم توفاه الله تعالى في السجن، فهل يجب على أهل القاتل دفع الدية لأهل المقتول؟


الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله 

القتل العمد عدواناً كبيرة من كبائر الذنوب، يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: 93]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: (الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاَتِ) متفق عليه.

والواجب في القتل العمد ابتداءً القصاص، فإن عُفي عن القصاص، أو لم يستوف؛ فتجب الدية، والدية في القتل العمد تكون مغلظة، وتغليظها يكون بثلاثة أوجه:

الأول: بوجوبها على الجاني فقط دون العاقلة، ودليل ذلك ما روي عن ابن عباس قال: (لَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا، وَلَا صُلْحًا) رواه البيهقي في [السنن الصغير].

والثاني: أن تكون حالّة غير مؤجلة.

والثالث: أن تكون على ثلاثة أنواع من الإبل من حيث أسنانُها، لا على خمسة أنواع كما هي في قتل الخطأ، ودليل ذلك ما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ، فَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ العَقْلِ) رواه الترمذي، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "الدية تتغلظ في قتل العمد من ثلاثة أوجه: فتجب على الجاني ولا تحملها العاقلة، وتجب حالة، ومثلثة: ثلثهن حقة، وثلثهن جذعة، وأربعون خلفة، والخلفة: الحامل" [روضة الطالبين 9/ 256].

فلو مات القاتل؛ فإن الدية تجب في تركته، قال الإمام الماوردي الشافعي رحمه الله: "ولو مات القاتل؛ وجبت الدية في تركته وإنْ سقط القود بموته" [الحاوي الكبير 12/ 135]، وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله: "ونفس الجاني مضمونة حتى لو مات، أو قتله أجنبي أخذت الدية من تركته" [أسنى المطالب 4/ 36]، وذهبت المحكمة العليا الشرعية في قرارها رقم: (26/ 2022) إلى القول بسقوط الدية في حال موت الجاني، مسندة حكمها إلى مذهب السادة الحنفية، كما في [المبسوط 26/ 63] للإمام السرخسي الحنفي، و[بدائع الصنائع 7/ 246] للإمام الكاساني الحنفي.

وعليه؛ فالعاقلة لا يلزمها شيء على جميع الأحوال؛ كون القتل عمداً، فالدية تلزم القاتل المتعمد وتبقى في ذمته، فإن ساهمت عاقلته بشيء منها؛ فهو جائز على نية التبرع والصدقة، ويثاب المتبرع على نيته، وهو من باب التعاون على الخير. والله تعالى أعلم.



للاطلاع على منهج الفتوى في دار الإفتاء يرجى زيارة (هذه الصفحة)

حسب التصنيف السابق | التالي
رقم الفتوى السابق

فتاوى أخرى



التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا