الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
حثت الشريعة الإسلامية على الستر والاحتشام، وأمرت كل امرأة مسلمة بالغة عاقلة بالحجاب أمام الرجال الأجانب؛ لقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب: 59]، وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
ولم تحدد الشريعة لباساً محدداً بعينه للمرأة بحيث لا يقبل غيره، وإنما اشترطت فيه شروطاً، فإن توفرت في أي لباس كان لباساً شرعياً، وهي:
1ـ أن يكون اللباس مستوعباً لجميع بدنها إلا الوجه والكفين.
2ـ أن لا يكون زينة في نفسه، بحيث يكون على نحو يجلب الأنظار ويثير الانتباه؛ لقول الله تعالى: {ولا يبدين زينتهن} [النور: 31].
3ـ أن لا يكون رقيقاً حتى لا يشفّ؛ لأنّ المقصود من اللباس هو الستر، والستر لا يتحقّق بالشفاف، بل الشفاف قد يزيد المرأة زينة وفتنة، قال صلى الله عليه وسلم: (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) رواه الإمام مسلم في صحيحه.
4ـ أن يكون فضفاضاً غير ضيق، فإنّ اللباس الضيق يفصل حجم أعضاء الجسم، وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى.
5ـ أن لا يشبه لباس الرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ، وَلَا مَنْ تَشَبَّهَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ) رواه الإمام أحمد في مسنده.
وعليه؛ فإن توافرت الشروط الآنفة في أيّ لباس؛ جاز لُبسه مهما كان اسمه، أو لونه، أو طريقة تصميمه، وإذا فُقِد أحد الشروط؛ فلا يكون لباساً شرعياً، ولم يجز لُبسه، ونُذّكر بأنه يجب على المسلمة أن تراعي الله تعالى في ملبسها، وأن تتقي الله وتحذر من أن تكون سبباً للفتنة، أو إثارة الغرائز. والله تعالى أعلم.