الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يُشترط لصحة قدوة المأموم بالإمام أن لا يعلم المأموم بطلان صلاة إمامه بحدثٍ ونحوه، فإذا اقتدى به مع ظنه صحة صلاة إمامه؛ صحت صلاة المأموم، وأما إن اقتدى به مع علمه بطلانها؛ فصلاته -أي المأموم- باطلة؛ لأنه اقتدى بغير مصلٍّ حقيقة، قال الشيخ باعشن الشافعي رحمه الله: "شرط صحة القدوة في الإمام أن لا يعلم المقتدي بطلان صلاة إمامه بحدثٍ أو غيره مما اتُّفق على بطلان الصلاة به؛ ككفر وكشف عورة؛ لأنه حينئذٍ ليس في صلاة مع تقصير المأموم" [بشرى الكريم/ ص334]، فإن تبيَّن بطلان صلاة الإمام بما شأنه الخفاء كعدم الطهارة؛ فصلاة المأموم صحيحة ولا إعادة عليه؛ لعدم تقصيره، قال الشيخ باعشن رحمه الله: "لا إن بان إمامه متلبساً بما شأنه أن يخفى؛ فلا إعادة؛ لعدم تقصيره، وذلك كأن بان محدثاً أو جنباً" [بشرى الكريم/ ص337].
والجمعة كذلك؛ فإذا تبيَّن أن إمام الجمعة وخطيبها كان وضوءه غير صحيح؛ فيجب عليه إعادة صلاة الجمعة وحده ظهراً؛ لفقده شرطاً من شروط صحة الصلاة، فالطهارة شرط لصحة الصلاة وخطبة الجمعة على الأصح، أما صلاة المأمومين وجمعتهم فقد مضت على الصحة، ولا يجب عليهم الإعادة، قال شيخ الإسلام الإمام النووي رحمه الله: "وقد قطع الشيخ أبو حامد في تعليقه وصاحب الحاوي فيه وآخرون من الأصحاب بأنه لو كان إمام الجمعة جنباً ولم يعلم المأمومون، ثم علموا بعد فراغها؛ أجزأتهم، ونقله الشيخ أبو حامد والأصحاب عن نص الشافعي في الأم" [المجموع شرح المهذب 4/ 515].
وعليه؛ فمن صلى صلاة الجمعة -المستوفية لشروط صحتها- ثم بان أن إمام الجمعة وخطيبها كان على غير وضوء؛ فقد مضت صلاة المأمومين وجمعتهم على الصحة، ولا يجب عليهم الإعادة، وأما الإمام فيجب عليه إعادة الصلاة، ويصليها ظهرًا لا جمعة. والله تعالى أعلم.
