الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يُسن لمن اغتسل من الحدث الأكبر كجنابة وحيض ونفاس أن يصلي ركعتين بعد الغُسل قياساً على صلاة ركعتين بعد الوضوء؛ لقول رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ: (يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الإِسْلاَمِ مَنْفَعَةً فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَي فِي الْجَنَّةِ) قَالَ بِلاَلٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً فِي الإِسْلاَمِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً مِنْ أَنِّى لاَ أَتَطَهَّرُ طُهُورًا تَامًّا فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي أَنْ أُصَلِّىَ. رواه البخاري.
جاء في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري": "لم أتطهر طهوراً"، أي: لم أتوضأ وضوءً، وهو يتناول الغُسل أيضاً".
يقول الإمام الرملي رحمه الله - في معرض تعداد صلوات النافلة -: "وركعتان بعد الوضوء. وألحق به البلقيني الغُسل والتيمم ينوي بهما سنته". وعلق عليه في الحاشية بقوله "الغُسل ولو مندوباً". ينظر "نهاية المحتاج".
ولأن الحدث الأصغر (الوضوء) يدخل في الحدث الأكبر (الغُسل الواجب)، ومن السنة أن يتوضأ المغتسل قبل الاغتسال أو بعده، فإن توضأ أو لم يتوضأ يُستحب له ركعتين بعد الغسل.
ومع ذلك كله لم يرد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على فضل هاتين الركعتين بعد الغسل من الحيض، وأما ما يرويه الناس أنه (إذا اغتسلت المرأة من حيضتها، وصلَّت ركعتين تقرأ فيها الفاتحة وسورة الإخلاص 3 مرات في كل ركعة: غفر لها كل ذنب عملته صغيراً أو كبيراً, ولم تُكتب لها خطيئة إلى الحيضة الثانية، وأعطاها أجر ستين شهيداً..إلى آخره) فهو حديث مكذوب لا أصل له، ولا يجوز العمل به أو اعتقاد ما فيه. ولكن تصلي المرأة بعد غسلها من الحيض اقتداءً بالسنة السابقة عن بلال بن رباح رضي الله عنه. والله تعالى أعلم