السؤال:
ما حكم من يستشهد بالآيات القرآنية، ويُخطئ في قراءتها؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
جرت عادة كثير من الخطباء والمتحدثين في الشؤون العامة والخاصة من أهل السياسة أو الاقتصاد أو الاجتماع أن يستفتحوا خطبهم بآيات من القرآن الكريم، أو بحديث من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وهذا الاستشهاد والاقتباس وردت به السنة الصحيحة؛ فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال: (وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا، وما أنا مِنَ المُشْرِكِينَ) رواه مسلم.
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: (اللَّهُمَّ فالِقَ الإصْباحِ، وَجاعِلَ اللَّيْلِ سَكَنًا، وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ حُسْبَانًا، اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ، وَأغنِنِي مِنَ الفَقْرِ، وَمَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَقُوَّتِي فِي سَبِيلِكَ) رواه ابن أبي شيبة.
وهذا الاستشهاد والتضمين يعطي الكلام قوة وقدرة على التأثير، ونفاذًا إلى وجدان المخاطب، كما يدل على ثقة المتحدثين بالدِّين وحبهم له.
ولعل أهم ما يُشترط في الاستشهاد بالقرآن أن يكون المتكلم قد ضبط الآية من المصحف ضبطًا تامًّا وأتقن قراءتها؛ حتى لا يلحن بها لحنًا يُغيِّر المعنى، فيكون محل استهجان، وتضيع فائدة الاستشهاد بالقرآن الكريم.
وأما الاستشهاد بالسنة فيحتاج أن يستوثق المستشهِد من الحديث النبوي، فيذكر مَنْ رواه ومن أخرجه من العلماء، مبينًا درجة صحته إن استطاع، وأن يتجنب الاستشهاد بالحديث الموضوع والمكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا تحل روايته إلا لمن يُبيِّن أنه موضوع ومكذوب. ومما يزيد الاستشهاد بالقرآن والسنة جمالاً أن يكون الدليل نصًّا في الموضوع، والاستشهاد مناسبًا للموقف.
ولذا ينبغي للمسلم أن يُتقن لغة القرآن الكريم قراءة وكتابة ومخاطبة؛ لتصح عبادته ومعاملته، ويفهم دينه، ويُحسن قراءة كتاب ربه عز وجل، ويُحسن الاستشهاد به، فيتخلص من اللحن المذموم.
رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه "كان يضرب ولده على اللحن" رواه ابن أبي شيبة، وحض عمر رضي الله عنه على تعلمه حتى لا يقع فيه المسلم فيقع في الإثم، حيث قال: "تعلموا اللحن، والفرائض فإنه من دينكم" رواه ابن أبي شيبة.
وعليه؛ فإن دائرة الإفتاء العام تدعو إلى ضبط الآيات القرآنية أثناء الكتابة والخطابة، واجتناب الأخطاء اللغوية في ذلك كله. والله أعلم.