الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لقد حرم الله تعالى الربا بجميع صوره وأنواعه، قال الله تعالى: ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة/275، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ التي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّى يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاَتِ ) متفق عليه.
والشرط الجزائي في العقود التي يكون الالتزام فيها ديناً هو من الربا الصريح الذي حرمه الله تعالى ونص على حرمته رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو عين ربا الجاهلية في قولهم: (إما أن تربي وإما أن تقضي)، والغرامة التي تشترط بسبب التأخر في وفاء الدين أو دفع قسط من الأقساط هي من هذا القبيل، فهي محرمة بالنص، سواء كانت مشروطة في العقد أم لا، ولا يجوز الدخول في عقد يحتوي على مثل هذا الشرط؛ لأنه مفسد للعقد ابتداء، ولا يجوز الدخول في أي عقد فاسد.
هذا ولا يعد اتفاق كلا المتعاقدين أو رضاهما بهذا الشرط مصححاً له؛ إذ إن الرضا بالحرام لا يقلبه حلالاً، وكل شرط خالف كتاب الله وسنة رسوله فهو باطل، وقد نقل ابن المنذر الإجماع على حرمة الزيادة في الديون، وعد ذلك من الربا فقال:" أجمعوا على أن المسلف (أي الدائن) إذا شرط على المستلف (أي المدين) زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا " انتهى. " الإجماع " (ص/33)
وعليه فإن الزيادة على القسط مقابل التأخر في الوفاء هو من الربا المحرم الذي لا تقره الشريعة الإسلامية، وقد صدر قرار من مجلس الإفتاء الأردني برقم (11/ 2008) ينص على حرمة الشرط الجزائي في العقود، وحرمة الدخول فيها.
ولذا فإنا نحذر من تضمين هذا الشرط في عقود المؤسسات والجمعيات والبنوك التي تسعى لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في البيع والشراء، خاصة وأنه ليس ثمة مبررات لمثل هذا الشرط، ويمكن حفظ حقوق المؤسسة أو الجمعية بطرق أخرى حلال غير هذه الطريق. والله تعالى أعلم .