السؤال:
ما حكم إعطاء وثائق إثبات الشخصية للأطفال من الفئات التالية: 1- الأطفال الشرعيون الذين تخلى عنهم ذووهم لسبب ما، ولا يمكن الاتصال بالوالدين للحصول منهما على طلب استخراج الوثائق. 2- الأطفال مجهولو الأب والأم. 3- الأطفال الذين تُعرف أمهاتهم ولا يعرف من كان السبب في إنجابهم، سواء أكانت العلاقة بين الرجل والمرأة غير شرعية أم شرعية ولكن الرجل تنكَّر للموضوع.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الفئة الأولى والثانية لا إشكال في استخراج وثائق لهم، ولكن المشكلة تكمن في استخراج وثائق الفئة الثالثة.
وأرجو أن أبيِّنَ حكم الشريعة الإسلامية فيما يلي:
1- إن تخلِّي الأولياء عن أطفالهم من أكبر المحرمات في الشريعة الإسلامية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كفى بالمرء إثما أن يُضَيِّعَ مَن يعول ) رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وإذا تخلى الولي الأقرب عن واجباته، فإن ولي الأمر العام مخوَّلٌ شرعا بكل ما هو من اختصاص الولي الأقرب.
فكلُّ ما ينفع هؤلاء الأطفال ولا يقومُ به ذووهم يجوز للدولة أن تقـوم به نيابة عن الأولياء، ومن هنا كانت الدولة مشكورة برعايتها لهؤلاء الأطفال مع أن نفقتهم تجب ابتداءً على ذويهم.
2- إن إنكار الإنسان لولده من الكبائر أيضا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لله تعالى عبادا لا يكلمهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولا ينظر إليهم. قيل: ومَن أولئك يا رسول الله؟ قال: متبرئ من والديه راغب عنهما، أو متبرئ من ولده، ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم ) أي: أنعموا عليه بالعتق. رواه أحمد في "المسند".
وبناء عليه فإن الطفل الناتج عن لقاء غير شرعي بين رجل وامرأة يُنسب إلى أمه، ويجب أن يذكر في وثائقه اسم أمه، ولا يتوقف الأمر على رضاها أو طلبها، ولا على حكم قضائي، نظرًا لما يترتب على ذلك من حقوق للطفل وغيره من المنسوبين إلى أمه، مثل: الميراث، وحرمة النكاح، والنسب من جهة الأم.
ولا يجوز من أجل التستر على من ارتكب الخطأ أن يعاقب الطفل البريء بحرمانه من حقوقه الشرعية الأساسية.
ولذا نوصي بتعديل المادة عشرين من قانون الأحوال المدنية رقم (9) لسنة 2001 م، بحيث يلغى اشتراط طلب خطي من الأم مؤيداً بحكم قضائي لتسجيل المولود في دوائر الأحوال المدنية، وأما مَن كان السبب في الإنجاب فلا داعي لذكره؛ لأنه ليس أبًا في نظر الشريعة الإسلامية. والله أعلم.