السؤال:
ما حكم الصلاة بين السواري في المساجد، خاصة أننا نرى الآن كثيرا من الخلافات بين المصلين على هذا الأمر، ولا نعرف ما هو الحكم الصحيح؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لم يختلف الفقهاء في جواز الصلاة بين السواري إذا قامت الحاجة إلى ذلك، كضيق المسجد مثلا، كما لم يختلفوا في جواز صلاة المنفرد والإمام بين الساريتين.
وإنما اختلفوا في صلاة المأمومين بين السواري إذا كان في المسجد فسحة، فذهب قوم إلى كراهته، وقال آخرون بالجواز، غير أن الذي يجب أن يحرص عليه المسلم هو تجنب إثارة الفتن في المساجد، وترك الإنكار في مسائل الخلاف، وقد اتفق أهل العلم على حرمة إنكار المنكر إذا ترتب عليه منكر أعظم، وكذلك من باب أولى يحرم إنكار المكروهات أو المسائل المختلف فيها إذا ترتب عليها شقاق ونزاع في بيوت الله عز وجل.
ومع ذلك نقول: نص فقهاؤنا وغيرهم على جواز الصلاة بين السواري للمأموم، فقد سئل الإمام الرملي رحمه الله: "هل يكره للإنسان أن يصلي بين عمودين من أعمدة المسجد؟ فأجاب: بأنه لا تكره الصلاة المذكورة، سواء كان المصلي منفردا، أم إماماً، وكذا المأموم، إلا أن يكون منفرداً عن الصف" انتهى. [فتاوى الرملي 1 /232]
وأما دليل الذين قالوا بالكراهة وهو حديث عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَدُفِعْنَا إِلَى السَّوَارِي، فَتَقَدَّمْنَا وَتَأَخَّرْنَا، فَقَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه أبو داود (رقم/673)، والترمذي (رقم/229) وقال: "حديث أنس حديث حسن، وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السواري، وبه يقول أحمد، وإسحاق. وقد رخص قوم من أهل العلم في ذلك"
فهذا الحديث يحتمل أن يكون المقصود بما يتقيه الصحابة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو الاضطراب في الصف وعدم تسويته، وليس خصوص الصلاة بين السواري، لأن قطع السواري للصفوف قطع معفو عنه، بدليل قطع منبر النبي صلى الله عليه وسلم الصف الأول في مسجده عليه الصلاة والسلام، وبدليل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بين العمودين داخل الكعبة كما روى ذلك الإمام البخاري رحمه الله، وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله -وهو من كبار أصحاب أنس- لا يرى بأسا في الصلاة بين السواري. روى ذلك ابن أبي شيبة في [المصنف1 / 222].
وعلى كل حال: في المسألة سعة لا يليق أن نحولها إلى شقاق ونزاع يفقدنا حلاوة الإيمان، ويحرمنا برد الطمأنينة واليقين. والله أعلم.