الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الحكم الشرعي لمياه الصرف الصحي أنها مياه متنجسة، ولو كثرت كمياتها، بسبب تغير صفاتها، فلا يصحّ الوضوء ولا الطهارة بها، بل يحرم استعمالها، ويجب التوقّي عنها؛ لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِين} [البقرة: 222]، ويقول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم: (الطُّهور شَطْرُ الإيمان) رواه مسلم.
وتطهر المياه المتنجسة بالمكاثرة، أي بإضافة كمية كبيرة من المياه، بحيث يرجع المجموع منهما ماءً على صفته الأصلية خالياً عن النجاسة وآثارها من الرائحة واللون والطعم، قال شيخ الإسلام محي الدين النووي رحمه الله تعالى في [منهاج الطالبين/ ص9]: "ولا تنجس قلتا الماء بملاقاة نجس، فإنْ غيَّره فنجسٌ، فإنْ زال تغيُّره بنفسه، أو بماءٍ؛ طَهُرَ، أو بمسك وزعفران فلا".
وأما طريقة التنقية المذكورة في السؤال بالمعالجات الكيميائية، والفصل الفيزيائي للنجاسات عن المياه فليس كافياً للحكم بطهارة الماء، ذلك أن الماء لم يتخلص من النجاسة حقيقة، ويؤيد ذلك أن المواصفة القياسية الأردنية لمياه الصرف الصحي المنزلية المستصلحة رقم 893/ 2021 ذكرت في بنودها أنّ هذه المياه لا تستعمل في جميع الأغراض، بل ضيقت مجالات الاستفادة منها، فلا تستعمل في الشرب، أو سقي الأشجار مأكولة الثمار نيئة أو مطبوخة، أو تغذية المياه الجوفية المستعملة للشرب.
وعليه؛ فإنّ مياه الصرف الصحيّ المستصلحة تعدّ نجسة في حكم الشرع، ولا يجوز أن تستعمل في الوضوء أو تنظيف البدن أو الثياب، ويجب اجتناب استعمالها في تنظيف المساجد احتراماً لها، ولأنها مكان الصلاة الذي تشترط فيه الطهارة. والله تعالى أعلم.