الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
التكييف الفقهي لما يسمّى بالرافعة المالية المستخدمة في سوق التداول أنها قرض من الوسيط للمتداول، وهذا القرض في كيفيات التعامل التطبيقية قد يكون بفائدة، وقد يكون دون فائدة، فإذا كان قرضاً بفائدة فهو رباً بلا شكّ، وإذا كان قرضاً دون فائدة فهو يعتبر أيضاً من الربا؛ لأنّ الوسيط استفاد العمولة المتفق عليها مسبقاً على كلّ حركة مالية يقوم بها المتداول عند الاستثمار بواسطة الرافعة المالية، ولأنّ فيها جمعاً بين سلف وبيع، باعتبار أنّ الوسيط أقرض المتداول ولا يمكن البيع والشراء إلا عن طريق المقرض، وهذا محرم شرعاً، وخلاصة ذلك كله أن الرافعة المالية قرض جر نفعاً للمقرض، وكل قرض جر نفعاً للمقرض فهو ربا.
وسبب تكييف الرافعة المالية باعتبارها قرضاً محرماً أنها في تطبيقها العمليّ قوة مضاعفة يمنحها الوسيط للمتداول بحيث يمكنه من مضاعفة رأس ماله، والمتاجرة بهذا المبلغ المضاعف في السوق المالي، فالوسيط يتيح للمتداول مبلغاً مالياً للمتاجرة به، والأرباح التي يحصلها المتداول عن طريق الرافعة المالية تبلغ أضعاف الأرباح التي يحصلها لو اقتصر على رأس ماله الذي دخل به، وفي المقابل تزداد مخاطرة الخسارة كلما كبر حجم الرافعة المالية في حال لم يتدخل الوسيط ويوقف الخسارة، بحيث لا تتجاوز رأس مال المتداوِل.
ويستفيد الوسيط من هذه الرافعة المالية عن طريق العمولات التي سيحصلها على كل عملية بيع أو شراء بشكل أكبر مما لو تاجر المتداول برأس ماله الذي دخل به فقط، وهذا يعني أن الرافعة المالية لها أثر حقيقي، وليست مجرد مبالغ وهمية ليس لها أثر على أرض الواقع.
وعليه؛ فلا يجوز التعامل بأي معاملة تتضمن نظام الرافعة المالية لكونها قرضاً ربوياً محرماً شرعاً، وهذا كافٍ في الحكم على المعاملة المذكورة بالحرمة. والله تعالى أعلم.