الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل أن الأم النسبية أحق الناس بحضانة أطفالها ما دامت أهلاً للحضانة، ولم يمنع من حضانتها لأطفالها مانع؛ كتزوجها بأجنبي، أو بقريب غير محرم.
والدليل على ذلك ما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو بن العاص رضي الله عنه: (أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءٌ، وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءٌ، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءٌ، وَزَعَمَ أَبُوهُ أَنَّهُ يَنْزِعُهُ مِنِّى، قَالَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي) رواه أبوداود.
ويعتبر مكان إقامة الأم هو المعتبر في حال حضانتها لأطفالها القصّر ما دام سكنها داخل حدود المملكة الأردنية الهاشمية، فلها أن تنقل مكان إقامتهم إلى مكان إقامتها ما دام في ذلك مصلحة لها ولأطفالها، ولا ينقلوا من محل إقامة إلى أخرى إلا بموافقتها، وأن يكون في النقلة تحقيق مصلحة معتبرة للمحضون، وبهذا أخذ قانون الأحوال الشخصية الأردني كما جاء في المادة (175): "لا يؤثر سفر الولي أو الحاضنة بالمحضون إلى بلد داخل المملكة على حقه في إمساك المحضون ما لم يكن لهذا السفر تأثير على رجحان مصلحة المحضون معـه، فـإن ثبت تأثير السفر على مصلحة المحضون يمنع سفره وتنتقل حضانته مؤقتاً إلى من يليه من أصحاب حق الحضانة".
وجاء كذلك في المادة (184) من القانون: "أ. مع مراعاة أحكام الحضانة، للولي الحق في الإشراف على شؤون المحضون وتعهده، وفي اختيار نـوع التعليـم ومكانه، وذلك في محل إقامة الحاضنة، ولا يجوز نقله من محل إقامتـها إلا بموافقتـها أو لضرورة تحقق مصلحة المحضون".
وعليه؛ فتحديد مكان شراء البيت المتبرع به من قبل ولي الأمر للأولاد، يرجع فيه إلى تعليمات الجهة المتبرعة، فإن لم توجد تعليمات محددة، فينظر حينها أين تكمن مصلحة الأولاد في هذا الأمر، فإن كان الأنفع لهم الشراء في مكان إقامة أهل والدهم وعشيرتهم فيصار إلى ذلك مع احتفاظ الأم بحقها في إمساك أولادها معها في مكان إقامتها، ويمكن حينها الانتفاع بهذا البيت عن طريق تأجيره وما شابه.
أما إن كان الأنفع لهم الشراء في مكان آخر فيصار إلى ذلك، سواء في نفس بلد عشيرتهم أو في محافظة أخرى، والمرجع في ترجيح هذه المصلحة عند اختلاف الأم الحاضنة لهم مع وليهم الجد هو القاضي الشرعي. والله تعالى أعلم.