الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
يختلف حكم تعدد الجماعة في الصلاة الواحدة في المسجد تبعاً لأمور عدة ترجع إلى طبيعة الجماعة وحالة المسجد المقام فيه الصلاة: فإن كان تعدد الجماعة متعاقباً أي: ليس في الوقت نفسه؛ فلا حرج في ذلك ولا كراهة، خاصة إذا كان المسجد مطروقاً، ومعنى مطروق أي أن رواده لا تنقطع كأن يكون المسجد في السوق، أما إن كان تعدد الجماعة في الوقت نفسه؛ فهو مكروه عند جمهور العلماء، سواء أقيمت الجماعة مع الإمام الراتب أم قبله أم بعده.
ولو تأخر الإمام الراتب، وهو الإمام المعين من قبل ولي الأمر سنّ انتظاره، وليس للمنتظرين إقامة الجماعة دون إذنه، خاصة إذا ترتب على ذلك فتنة أو بلبلة، أما إن تأخر الإمام تأخراً فاحشاً فللمصلين إقامة الصلاة، وشرط ذلك الأمن من الفتنة، وإلا صلوا فرادى.
قال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي رحمه الله تعالى: "تكره إقامة جماعة بمسجد غير مطروق له إمام راتب بغير إذنه قبله أو معه أو بعده، ولو غاب الراتبُ انتُظِر ندباً ثَمَّ إن أرادوا فضل أول الوقت أم غيره، وإن لم يريدوا ذلك لم يؤم غيره إلا إن خافوا فوت الوقت كله، ومحل ذلك حيث لا فتنة، وإلا صلوا فرادى مطلقاً" [تحفة المحتاج 2/ 253].
وعليه؛ فالأصل أن لا تقام إلا جماعة واحدة في المسجد الذي له إمام راتب وليس مطروقاً، سيما مع مظنة حصول الفتنة، فليحرص المسلم على عدم تفويت أجر الجماعة بفعل ما يصاحبها من الكراهة، لكن تعدد الجماعات في المساجد المطروقة ولو كان لها إمام راتب أو المساجد التي ليس لها أئمة أصلاً، فلا بأس به. والله تعالى أعلم.