الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الواجب على المسلم المحافظة على أداء الصلاة على وقتها؛ لأنّ لكل صلاة وقت محدد في الشرع، يجب أن تؤدى فيه، قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى المُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103]، ولقوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا) رواه البخاري.
ولذا لا يجوز تقديم الصلاة أو تأخيرها عن وقتها دون عذر شرعيّ، وقد أباح الإسلام الجمع بين الصلاتين رخصة في بعض الصور، كالسفر والمطر والخوف، وأجاز بعض العلماء الجمع بسبب المرض للمريض الذي يشقّ عليه أداء الصلاة على وقتها، واستدلوا لذلك بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: (جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير خوف ولا مطر) رواه مسلم.
جاء في [مغني المحتاج 1/ 529-534]: "يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديماً في وقت الأولى وتأخيراً في وقت الثانية، والجمعة كالظهر في جمع التقديم كما نقله الزركشي واعتمده كجمعهما بالمطر بل أولى، ويمتنع تأخيراً لأن الجمعة لا يتأتى تأخيرها عن وقتها وبين المغرب والعشاء كذلك، أي تقديماً في وقت الأولى، وتأخيراً في وقت الثانية في السفر الطويل المباح للاتباع... ويجوز الجمع ولو لمقيم كما يجمع بالسفر ولو جمعه مع العصر خلافاً للروياني في منعه ذلك بالمطر".
والجمع بين الصلاتين رخصة على خلاف الأصل، ومعلوم عند الفقهاء أنّ الرخص لا يقاس عليها، فلا يجوز قياس صورة جديدة لم ينصّ عليها شرعاً حتى وإن كانت المشقة فيها أكثر، فكما لا يجوز الجمع بسبب الغبار الشديد، والحر الشديد، فكذا لا يجوز الجمع بسبب الحظر، خاصة أنّ من حكمة الجمع هو رفع المشقة عند العودة إلى الصلاة الثانية، وفي وقت الحظر لا توجد إمكانية ابتداءً للعودة إلى الصلاة الثانية.
وعليه؛ فلا يصحّ الجمع بين صلاة الجمعة وصلاة العصر في الأوقات التي تغلق فيها المساجد بسبب انتشار الأوبئة، لعدم وجود العذر الشرعي الذي يجيز ذلك، ويمكن أن تصلى الصلوات في هذه الحالة على وقتها جماعة في البيوت، ويتحصل بإذنه تعالى على أجر الجماعة كاملة، بل قال فقهاؤنا رحمهم الله بأن حصول الجماعة لأهل البيت "ربما عادل فضلها في المسجد أو زاد عليه"، كما في [تحفة المحتاج 2/ 252]، بل إنّ الإنسان إذا صلى منفرداً بعذر يكتب له أجر الجماعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد، أو سافر، كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري. والله تعالى أعلم.