الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الجنة والنار موجودتان الآن، وقبل أن يخلق آدم وحواء: يقول أبو الحسن الأشعري رحمه الله: "ويقرون - يعني أهل السنة والجماعة أصحاب الحديث - أن الجنة والنار مخلوقتان" "مقالات الإسلاميين" (ص/296).
وقال أيضا رحمه الله: "واختلفوا في الجنة والنار أخلقتا أم لا؟ فقال أهل السنة والاستقامة: هما مخلوقتان. وقال كثير من أهل البدع: لم تخلقا" انتهى. (ص/475) طبعة دار إحياء التراث.
ويدلّ على وجود الجنة والنار أحاديث عديدة صحيحة، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَة) متفق عليه.
وهذه النصوص واضحة الدلالة على وجود الجنة والنار قبل يوم القيامة، فلا داعي لصرفها عن ظاهرها، ومن جحد هذه الحقائق فإنما يجري وراء تصورات كتصورات المجانين، إذ يجحد ما لم يطلع عليه مخالفاً قول علّام الغيوب، وخبر نبيه المعصوم الذي (رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم/18" انتهى. نقلا عن "المختصر المفيد شرح جوهرة التوحيد" لسماحة المفتي العام الأسبق د. نوح علي سلمان (ص/203-204).
وأما الخلود؛ فقد أجمع العلماء سلفاً وخلفاً على أنّ المؤمنين مخلدون في الجنة ونعيمها، وأن الكافرين مخلدون في النار وعذابها، لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا . خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [الأحزاب/64-65].
وليس بعد كلام الله تعالى كلام، والحكمة في الخلود أنهم لو عاشوا في الدنيا خالدين لبقوا على كفرهم، كما قال تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [الأنعام/28]. والله تعالى أعلم.