السؤال:
هل الصلاة داخل الحرم بمكة المكرمة لها نفس الأجر والثواب كما لو كانت في المسجد الحرام؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
اختلف العلماء في مضاعفة أجر الصلاة الوارد في حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِئَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ) رواه أحمد، فقال بعض العلماء: إن المقصود مضاعفة أجر الصلاة في جميع مكة. وقيل: بل الحرم كله. وقال آخرون: إن المقصود هو المسجد الحرام فقط، دون سائر الحرم. وهذا القول هو الذي اعتمده العلامة ابن حجر الهيتمي رحمه الله؛ إذ نَصَّ الحديثُ على (المسجد الحرام)، ولو كان الأجر شاملاً الحرم كله لقال: (صلاة في الحرم)، أو (في مكة)، وقياس الحرم كله على المسجد الحرام في هذه المسألة لا دليل عليه، بل جاءت بعض الروايات صريحة في تسمية المسجد بـ(مسجد الكعبة) كما في "صحيح مسلم"، وفي هذا نص على تخصيص المضاعفة بالمسجد الحرام، وليس في مكة كلها.
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "دلت الأخبار على أن الصلاة -أي بالمسجد الحرام على الأصح، وقيل بكل الحرم- امتازت على الكل بمضاعفة كل صلاة" انتهى من "تحفة المحتاج" (4/ 65).
وقال أيضًا: "والمراد به: الكعبة والمسجد حولها مع ما زيد فيه. وقيل: جميع الحرم" انتهى (10/ 95).
ونُقل عن النووي والماوردي أن المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم وليس المسجد المعروف اليوم فقط. قال الشرواني: "الأصح عند النووي أن تضعيف الصلاة يعم جميع الحرم، ولا يختص بالمسجد، ولا بمكة" "تحفة المحتاج مع حواشي الشرواني والعبادي" (10/ 95).
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله: "جزم الماوردي بأن حرم مكة كمسجدها في المضاعفة، وتبعه المصنف -أي النووي- في مناسكه" "مغني المحتاج" (6/ 251). قالوا: لأن كل موضع ذَكَرَ الله تعالى في كتابه الكريم (المسجد الحرام) فالمراد منه الحرم إلا قوله تعالى (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) البقرة/144؛ فهو الكعبة نفسها. فإلحاق ما ورد في حديث المضاعفة السابق بالأعم الأغلب أولى، وقد سُئل عطاء بن أبي رباح -بعد أن روى حديث مضاعفة أجر الصلاة في المسجد الحرام-: هذا الفضل الذي تذكر، في المسجد الحرام وحده أو في الحرم؟ قال: لا بل في الحرم، فإن الحرم كله مسجد" رواه أبو داود الطيالسي (2/ 707) بإسناد حسن.
وفي ضوء تزايد الحجاج والمعتمرين، وعدم اتساع المسجد الحرام للأعداد الكبيرة، فإن القول بأن مضاعفة أجر الصلاة يعم جميع حرم مكة فيه تخفيف على الحجاج ورفع للمشقة عنهم، على أنه ينبغي أن يحافظ على صلاة الجماعة في المساجد الواقعة ضمن منطقة الحرم. والله أعلم.