الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
إخبار الأب ابنَه بأنه يريد رفع نسبته في المحل وعد بالهبة، وليست هبة منجزة، والنية وحدها لا تُثبت حكمًا شرعيًّا، فالهبة لا تلزم إلا بالقبض، كما هو مذهب جمهور العلماء، بدليل ما ثبت عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَ لَهَا: (إِنِّي قَدْ أَهْدَيْتُ إِلَى النَّجَاشِيِّ حُلَّةً وَأَوَاقِيَّ مِنْ مِسْكٍ، وَلَا أَرَى النَّجَاشِيَّ إِلَّا قَدْ مَاتَ، وَلَا أَرَى إِلَّا هَدِيَّتِي مَرْدُودَةً عَلَيَّ، فَإِنْ رُدَّتْ عَلَيَّ فَهِيَ لَكِ) رواه أحمد في "المسند" (45/ 246).
وعن عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: (إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقاً مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ. فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: وَاللهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ. وَلاَ أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْراً بَعْدِي مِنْكِ. وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقاً. فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ. وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ. وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ) رواه مالك في "الموطأ" (رقم/40).
وفي هذين الحديثين دليل صريح على أن الهبة لم تلزم، ولم يثبت نقل ملكيتها لأنها لم تُقبض.
وقد جاء في "أسنى المطالب" من كتب الشافعية (4/ 391): "الهبة لا تلزم إلا بالقبض".
فإذا مات الوالد قبل أن يُقبِض ابنَه بالتسجيل، فلا يلزم الورثة الاعتراف بهذه الهبة، ويجب تقسيم التركة بينهم القسمة الشرعية.
أما تخريج ذلك من جهة الوصية فلا يصح أيضا، فقد سبق الإجابة على سؤال في موقعنا بعنوان "لا وصية لوارث إلا إنْ أجازها الورثة". يرجى النظر في الفتوى رقم: (
574). والله أعلم