السؤال:
ما حكم هجرة المسلم من بلاد الإسلام أو التي فيها أكثرية مسلمة إلى بلاد الكفر؛ لطلب العلم أو العمل أو الإقامة؟
الجواب:
رأس مال المسلم دينه، وأهم شيء في حياته سلامة دينه؛ لأن الله تعالى يقول: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران/85، وحيثما تعرَّض دينه للخطر يجب أن يدافع عن دينه بالجهاد، فإن لم يستطع فليفرَّ بدينه مهاجراً إلى حيث يأمن على دينه؛ ولهذا كانت الهجرة من مكّة واجبة قبل الفتح، فلما صارت مكة بالفتح دار الإسلام قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ) متفق عليه، أما بقية البلاد التي لم يفتحها المسلمون، فإن كان المسلم فيها قادراً على الهجرة ولا يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته الدينية في ذلك البلد الكافر، وجب عليه أن يهاجر بدينه، وإن كان قادراً على الهجرة ويمكنه إظهار دينه وأداء واجباته الدينيّة نُدبت له الهجرة ليرتاح من رؤية المنكرات في بلاد الكفار، وكي لا يسري إليه أو إلى ذريته شيء من أخلاقهم وعاداتهم، وإن كان عاجزاً عن الهجرة جازت له الإقامة في بلاد الكفار، ولو كَلّف نفسه الخروج إلى بلاد المسلمين كان ذلك أسلم لدينه.
أما الهجرة إلى بلاد الكفار لحاجة مؤقتة مع غلبة الظن بسلامة الدين فلا بأس فيها، وإن خاف على دينه لم يجز له ذلك.
وإن كانت الهجرة للإقامة لم تجز إن خاف على دينه، وكذا إن لم يخف ما لم يكن في ذلك مصلحة للمسلمين، كدعوة الكفار إلى الإسلام، وعلى أي حال فالمدار على سلامة الدين، والاحتياط أولى، ولا بد من ملاحظة أمر دين الأولاد والبنات والزوجة والذرية.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الحياة العامّة / فتوى رقم/44)