الحدّ الأدنى من العبادات هو أداء الفرائض، وهذا هو الأهمّ، ومن زاد من النوافل زاد الله في حسناته، قال الله تعالى في الحديث القدسي: (وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه...).
ومهما عمل العبد من الأعمال الصالحة فلا بدّ له من أن يكون خائفاً من الله تعالى، وفي نفس الوقت يحب الله عزّ وجلّ ويرجو رحمته.
والشوق إلى لقاء الله أمر طيب؛ إذا كان الباعث إليه حبّ الله عز وجل والإيمان بما وعد به عبادَه المؤمنين، فقد جاء في الأدعية المأثورة: (وأسألك الشوق إلى لقائك، من غير ضرَّاء مُضرَّة، ولا فتنة مضلَّة) رواه الطبراني في "المعجم الكبير". وإذا كان فِراراً من الفتن والضلال فلا بأس به أيضًا، فقد جاء في الحديث أنه عند اشتداد الفتن في آخر الزمن يأتي الرجل إلى قبر الرجل فيقول: "يا ليتني مكانك" رواه عبد الرزاق في المصنّف بلفظ: (لا تقوم الساعة حتى يمر المرء بقبر أخيه، فيقول: يا ليتني مكانك، وليس به الدين ولكن مما يرى من الفتن). أي ليس من كثرة الديون التي عليه، ولكن خوفاً من أن تؤثر الفتن على دينه.
وبما أن الأعمار بيد الله ولا يستطيع الإنسان أن يحدِّد ساعة الموت؛ فليغتنم أوقات حياته بالعمل الصالح، قال -عليه الصلاة والسلام جوابًا للصحابة الكرام عندما سألوه: أيُّ الناس خير؟-: (من طال عمره وحسن عمله) رواه البيهقي في "السنن الكبرى"، وقال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس...) وذكر منها: (حياتك قبل موتك) رواه الحاكم في "المستدرك".
فإذا وجد في نفسه الشوق إلى لقاء الله محبة لله؛ فذلك أمرٌ طيّبٌ، وإذا وجد الخوف من لقاء الله هيبةً من الله وخوفاً من الذنوب؛ فذلك أمرٌ طيّب، وليشتغل بالاستغفار والعمل الصالح.
والخلاصة: أن على المؤمن أن يستغل كل الحالات النفسية فيما يرضي الله؛ فإذا خاف عمل عملاً صالحاً لينجو، وإذا اشتاق إلى لقاء الله فليعمل عملاً صالحاً يعبّر به عن صدق محبّته لله تعالى.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الجنائز / فتوى رقم/22)