الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن عقد الشركة يقتضي ثبوت الملك للشركاء لرأس مال الشركة، فلا يصح شرعاً لشريك أن يتصرف بالمال دون إذن شريكه؛ لأن مقتضى عقد الشركة الأمانة، وتصرف الشريك دون إذن الشريك الآخر ينافي مقتضاها.
فإذا قام الشريك بسحب جزء من رأس مال الشركة دون إذن شريكه؛ فينقص ذلك المبلغ المسحوب من رأس مال الشركة ومن ربحه، قال الإمام الشربيني رحمه الله: "ولو استرد المالك بعضه -أي مال القراض- قبل ظهور ربح وخسران فيه؛ رجع رأس المال إلى ذلك الباقي بعد المسترد؛ لأنه لم يترك في يده غيره، فصار كما لو اقتصر في الابتداء على إعطائه له، وإن استردَّ المالك بغير رضا العامل بعد ظهور الربح؛ فالمسترد منه شائع، ربحا، ورأس مال على النسبة الحاصلة من جملة الربح ورأس المال، لا يلحقه حكم الباقي لاستقرار ملك العامل على ما يخصه من الربح، فلا يسقط بما يحصل من النقص بعد.
أما إذا كان الاسترداد برضا العامل؛ فإن قصد هو والمالك الأخذ من الأصل؛ اختصَّ به، أو من الربح فكذلك، لكن يملك العامل مما بيده مقدار ذلك على الإشاعة، وإن أطلقا؛ حُمل على الإشاعة" [مغني المحتاج 3 /417].
وعليه؛ فلا يجوز للشريك أن يسحب من مال الشركة شيئاً دون علم شريكه، فإذا قام بالسحب دون إذنه أثم بذلك، ووجب عليه الردّ فوراً، وإلا فينقص من حصته في رأس مال الشركة وربحها بمقدار المبلغ المسحوب. والله تعالى أعلم.