اهتمام السُّنة النبوية بعوامل السلامة العامة
فضيلة المفتي محمد علي الحنيطي
المقدمة
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على النبيّ الأمين، وعلى آله وأصحابه وأزواجه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد هدفت الشريعة الإسلامية بمجموع نصوصها وأحكامها إلى حفظ النفس البشرية من كلِّ ما يُهددها أو يُلحق بها الأذى.
وعدَّ فقهاء المسلمين حفظ النفس البشرية من الضرورات الخمس التي لا تستقيم الحياة إلا بإيجادها.
ولقد تضافرت جهود البشرية على مرِّ التاريخ -ويظهر ذلك جليّاً في زماننا المعاصر- على إيجاد مؤسساتٍ وهيئاتٍ وأجهزةٍ يكون من شأنها درء الخطر عن الفرد والمجتمع، والمحافظة على سلامته، ويكون ذلك بالأساليب والوسائل الوقائية والعلاجية.
ونلحظ في زماننا الجهود الكبيرة التي تبذلها الدول والحكومات في إيجاد مثل هذه المؤسسات والأجهزة، ويتضحُ الأمر جليّاً في أجهزة الدفاع المدني ومؤسسات التثقيف الصحي ومقاومة الأوبئة والأمراض السارية التابعة لوزارات الصحة. فسلامة الفرد والمجتمع من كلِّ ما قد يُهدد حياته أمرٌ بالغ الأهمية، وبقدر تطور الدول والشعوب وتقدمها بقدر ما تعتني بإيجاد مثل هذه المؤسسات وتزويدها بالكوادر المدربة والمتخصصة، وبالمعدات والأجهزة الحديثة.
هذا ولم تكن السّنة النبوية لتغض الطرف عن هذا الأمر البالغ الأهمية، فقد حفلت بالأحاديث النبوية الكريمة التي تنبه وتلفت النظر إلى هذا الأمر. ومعلوم أن النص الشرعي قرآناً وسنةً له قداسة في نفوس المسلمين، ولذلك يهتم المسلم بهذا التوجيهات النبوية على اعتبار أنها حكم شرعي مطالب بفعله والعمل على إيجاده.
ولهذا أحببت في هذا البحث ومن خلال دراستي لعلم الحديث النبوي الشريف تسليط الضوء على مدى اهتمام السّنة النبوية المطهرة بعوامل السّلامة العامة للفرد والمجتمع بما يدرأ عنه كلَّ خطرٍ. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله وسلم على نبيه الكريم.
مشكلة الدراسة:
يهدف البحث إلى تسليط الضوء على الأمور الآتية:
1- ما هي مظاهر عناية السّنة النبوية بالإنسان من خلال حفظ أمنه وسلامته.
2- كيف وجه النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنظار المسلمين إلى السلوك السليم في أعمالهم الحياتية اليومية.
منهج الدراسة:
1. المنهج الاستقرائي الذي يقوم على جمع روايات الحديث النبوي من مصادر السّنة المعتبرة.
2. المنهج الاستنباطي الذي يقوم على دراسة هذه النصوص واستخلاص الأحكام الشرعية منها.
مخطط البحث:
اشتمل هذا البحث على ثلاثة مباحث، واشتمل كل مبحثٍ على مجموعةٍ من المطالب على النحو الآتي:
المبحث الأول: السلامة من الأمراض والأوبئة
المطلب الأول: الوقاية من الأمراض والأوبئة السّارية
المطلب الثاني: طرق الوقاية من خطر انتقال الأوبئة والأمراض المعدية
المبحث الثاني: الأمن والسّلامة العامة
المطلب الأول: إغلاق الأبواب عند النوم وذِكْر اسم الله تعالى عند ذلك
المطلب الثاني: إطفاء النار والسراج عند النوم
المطلب الثالث: أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع الأدوات الحادة والخطرة
المطلب الرابع: الابتعاد عن الممارسات والأنشطة الرياضية التي قد تلحق ضرراً بالنفس أو بالغير
المطلب الخامس: كف الأطفال عن اللعب بعد غروب الشمس
المطلب السادس: التحذير من المبيت فوق سطح لا تحجير له أو المبيت على قارعة الطريق
المطلب السابع: النهي عن الشرب من ثلمة القدح
المبحث الثالث: تنحية الأذى عن الطريق
المطلب الأول: التحذير من كلِّ ما من شأنه إلحاق الأذى بالغير
المطلب الثاني: آداب السير في الطريق
المطلب الثالث: إماطة الأذى عن الطريق
المبحث الأول
السّلامة من الأمراض والأوبئة
عنيت الشريعة الإسلامية بتثقيف المسلم وتزويده بكل معلومةٍ من شأنها توعيته بالمخاطر والأضرار التي قد تلحق به نتيجة الممارسات الخاطئة التي قد يقع بها من حيث لا يعلم.
ونجد أن السّنة النبوية باعتبارها مصدراً من مصادر الوحي، ومعيناً يمدُّ المسلم بالمعلومة التي تُسعده في الدنيا والآخرة، أقول نجد أن السّنة النبوية قد حفلت بالأحاديث النبوية الكريمة التي تُحذر المسلم من الأمراض والأوبئة التي قد تفتك به وبمجتمعه.
وفي هذا المبحث مجموعة من المطالب:
المطلب الأول: الوقاية من الأمراض والأوبئة السّارية:
اهتمت السّنة النبوية بمبدأ العلاج الوقائي القائم على محاربة المرض قبل وقوعه من خلال محاصرة بؤره ومنع انتشاره إلى الآخرين.
ولذلك سنعرض في هذا المطلب لبعضٍ من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم التي عالجت هذا الجانب:
فعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُورد ممرض على مصحّ"(1).
فهذا الحديث يدل في منطوقه ومضمونه على النهي النبوي لكلِّ صاحب مرضٍ معدٍ أن يقترب من سليمٍ معافى، وإن كان للحديث مناسبة خاصة لكن الذي استقر عند علماء الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. وفي هذا التوجيه النبوي الكريم مراعاةٌ لمبدأ السلامة العامة للأفراد والجماعات.
وفي حديث آخر يرويه أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم بالطاعون بأرضٍ فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرضٍ وأنتم بها فلا تخرجوا منها"(2).
وفي هذا الحديث النبوي إقرارٌ لمبدأ الحجر الصحي الذي سبق الإسلام به غيره من التشريعات والقوانين، ذلك الحجر الذي يحول دون انتشار الأوبئة والأمراض وخاصة الفتاكة بين الأفراد والمجتمعات، والتاريخ حافلٌ بوقائع انتشر الطاعون فيها وحصد أرواحاً عديد نتيجة الممارسات الخاطئة التي أدت إلى انتشاره.
وفي هذا المجال يقول الإمام ابن القيّم رحمه الله تعالى: "وفي المَنْعِ مِن الدُّخُولِ إلى الأرْضِ التي قَدْ وَقَعَ بِها عِدّةُ حِكَمٍ:
أحَدُها: تَجَنُّبُ الأسْبابِ المُؤْذِيةِ، وَالبُعْدُ مِنْهَا.
الثَّانِي: الأخْذُ بِالعَافِيَةِ الَّتِي هِيَ مَادَّةُ المَعَاشِ وَالمَعَادِ.
الثالث: ألا يستنشقوا الهواء الذي قد عفن وفسد فيمرضون.
الرابع: ألا يجاوروا المَرْضَى الَّذِينَ قَدْ مَرِضُوا بِذَلِكَ، فَيَحْصُلُ لَهُمْ بِمُجَاوَرَتِهِمْ مِنْ جِنْسِ أَمْرَاضِهِمْ.
الخَامِسُ: حِمْيَةُ النُّفُوسِ عَن الطِّيَرَةِ وَالْعَدْوَى، فَإِنَّهَا تَتَأَثَّرُ بِهِمَا، فَإِنَّ الطِّيَرَةَ عَلَى مَنْ تَطَيَّرَ بِهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ ففي النَّهْيِ عن الدِّخُولِ في أَرْضِهِ الأمْرُ بِالحَذَرِ وَالحِمْيَةِ، وَالنَّهْيِ عن التَّعَرُّضِ لأسْبابِ التَّلَفِ. وفي النَّهْيِ عن الْفِرَارِ مِنْهُ الأَمْرُ بِالتَّوَكُّلِ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ، فَالأَوَّلُ: تَأْدِيبٌ وَتَعْلِيمٌ، والثاني: تفويض وتسليم"(3).
إذن فالسّنة النبوية تأخذ دورها في تثقيف المسلم وتهذيبه وإرشاده إلى كلِّ ما يصبُّ في مصلحته، ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه: "وفِرَّ من المجذوم كما تفرّ من الأسد"(4).
فالجذام باعتباره مرضاً معدياً منفراً يرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الفرار منه والبعد عنه كما يفرُّ الإنسان إذا رأى أسداً أو حيواناً مفترساً.
هذا وقد ورد في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا صفر ولا هامة". فقال أعرابيٌ يا رسول الله: فما بال إبلي تكون في الرمل كأنها الظباء فيأتي البعير الأجرب فيدخل بينها فيُجربها؟! فقال: "فمن أعدى الأول؟!"(5).
ففي هذا الحديث الشريف لم يُنكر النبيُّ صلى الله عليه وسلم ما يقع بين الإبل من العدوى بالجرب أو بغيره، ولكنّ غاية الأمر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم بيّن له أن الأمر بيد الله تعالى عندما قال له: "فمن أعدى الأول؟!".
يقول الإمام البيهقي رحمه الله تعالى: وأما ما ثبت عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا عدوى..." أي على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح مَنْ به شيءٌ من هذه العيوب سبباً لحدوث ذلك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد"(6).
ويقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: قال جمهور العلماء يجب الجمع بين هذين الحديثين [حديث لا عدوى، وحديث لا يورد ممرض على مصح] وهما صحيحان، قالوا: وطرق الجمع أن حديث (لا عدوى) المراد به نفي ما كانت الجاهلية تزعمه وتعتقده أن المرض والعاهة تعدي بطبعها لا بفعل الله تعالى، وأما حديث (لا يورد ممرض على مصح) فأرشد فيه إلى مجانبة ما يحصل الضرر عنده في العادة بفعل الله تعالى وقدره، فنفى في الحديث الأول العدوى بطبعها ولم ينفِ حصول الضرر عند ذلك بقدر الله وإرادته فهذا الذي ذكرناه من تصحيح الحديثين والجمع بينهما وهو الصواب الذي عليه جمهور العلماء ويتعيّنُ المصير إليه(7).
المطلب الثاني: طرق الوقاية من خطر انتقال الأوبئة والأمراض المعدية:
أولت السّنة النبوية جُلَّ عنايتها توجيه المسلم كي يقي نفسه وغيره من خطر الأمراض المعدية والأوبئة السارية، وسلكت لتحقيق ذلك طرقاً وقائيةً وطرقاً علاجيةً، وركزت السّنة النبوية على الطرق الوقائية باعتبارها السبب الرئيسي في الحد من انتشار الأمراض وانتقالها من شخصٍ إلى آخر، وسنبيّن هنا الطرق الوقائية التي اتبعتها السّنة النبوية لتحقيق ذلك.
الفرع الأول: النظافة الشخصية للفرد:
معلومٌ أن النظافة الشخصية للفرد مهمة جداً في الوقاية من الأمراض والأوبئة، لذا نجد أن الشريعة الإسلامية اهتمت بهذا الجانب أيما اهتمام بل جَعلت الطهارة وهي في حقيقة أمرها نظافة شخصية جعلتها شرطاً لصحة العبادة، كما في حديث: "لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول"(8). فمن هنا يتبين لنا أن نظافة المسلم وطهارته شرط في صحة صلاته.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل عدّت السّنة النبوية النظافة الشخصية من سنن الفطرة؛ وهي الأمور التي فطر الله تعالى الإنسان عليها، أيّ أن كلَّ إنسانٍ مسلماً أو غير مسلمٍ ينبغي أن يحرص عليها باعتبار أن الله تعالى فطره عليها.
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "عشرٌ من الفطرة: قصُّ الشارب، وإعفاء اللحية، والسّواك، واستنشاق الماء، وقصُّ الأظفار، وغسل البراجم، ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء". قال مصعب: ونسيتُ العاشرة إلا أن تكون المضمضة. قال وكيع: انتقاص الماء يعني الاستنجاء(9). ومعنى البراجم: رؤوس السلاميات من ظهر الكف إذا قبض الشخص كفه نشزت وارتفعت(10).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الفطرة خمسٌ: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب"(11).
فهذه خصال الفطرة التي ينبغي لكلِّ إنسانٍ أن يحرص عليها حفاظاً على صحته وسلامته ونظافته.
هذا وقد حدد الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلم وقتاً يُكره أن يتجاوزه المسلم دون أن يفعل بهذه الخصال، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "وقّت لهم كلَّ أربعين ليلة تقليم الأظفار وأخذ الشارب وحلق العانة"(12).
أما الاستحمام والاغتسال فقد نبهت السّنة النبوية إليه ودعت كلَّ مسلمٍ أن لا يتجاوز الأسبوع دون غسل بدنه وتنظيفه، هذا بالإضافة إلى الأغسال التي تتوجب على المسلم والمسلمة بسبب الجنابة أو الحيض والنفاس.
فعن جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "على كلِّ مسلمٍ في كلِّ سبعة أيام غسلٌ وهو الجمعة"(13)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "حقٌّ لله على كلِّ مسلمٍ أن يغتسل في كلِّ سبعة أيامٍ يوماً يغسلُ فيه رأسه وجسده"(14).
فانظر أخي المسلم كيف أن الله تعالى جعل من حقه عليك أن تكون نظيفاً بغسل بدنك ورأسك كل سبعة أيامٍ؛ لأن النظافة عنوان المسلم.
بل إن السّنة النبوية عدّت النظافة سبباً لغفران الذنوب واستغفار الملائكة للعبد؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "طهروا هذه الأجساد طهركم الله؛ فإنه ليس عبدٌ يبيتُ طاهراً إلا بات معه ملكٌ في شعاره لا ينقلب ساعةً من الليل إلا قال: اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً"(15). ومعنى شعاره: الثوب الذي يلي الجسد(16).
ومن توجيهات السّنة النبوية للمسلم حتى يكون على أكمل وجهٍ من النظافة إرشاده إلى غسل يديه بعد تناول الأطعمة وخاصة عند تناول اللحوم والطعام المحتوي على الزيوت، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن بات وفي يده ريحُ غمرٍ فأصابه شيءٌ فلا يلومنَّ إلا نفسه"(17). ومعنى ريحُ غمرٍ: الدسم والزهومة من اللحم(18).
الفرع الثاني: النظافة العامة:
لم تغفل السّنة النبوية جانب النظافة العامة للمجتمع وهي تنبه وتركز على النظافة الشخصية للفرد، فالمسلم كما يعيش في بيته يعيش كذلك في مجتمعه؛ لذا فهو مطالبٌ بأن يحافظ على نظافة حيّه ومجتمعه والطريق التي يسير فيها. فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "نظفوا أفنيتكم"(19). فلا يُتصور أن يهتم المسلم بنظافة بيته من الداخل ثم يطرح القمامة والأوساخ في الشارع العام وأمام منزله.
ولهذا جاءت الكثير من نصوص السّنة تُرغب في إماطة الأذى عن الطريق، بل وجعلت ذلك من شعب الإيمان ومن أسباب غفران الذنوب، فعن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة"(20).
وعن أبي بُرزة الأسلمي رضي الله عنه قلتُ: يا رسول الله، دُلني على عملٍ انتفعُ به. قال: "اعزل الأذى عن المسلمين"(21).
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله له به حسنة، ومَن كُتب له عنده حسنة أدخله الجنة"(22).
ونحن نلاحظ ونسمع ونشاهد حجم حوادث السير التي تقع نتيجة إلقاء الحجارة أو رمي المخلفات والأنقاض على الطريق، فمن أبجديات السلامة العامة أن لا يطرح المسلم شيئاً في الطريق بما يؤدي إلى إحداث ضررٍ بالآخرين ومركباتهم.
الفرع الثالث: الأدب النبوي في استعمال أوعية الطعام والشراب:
أهابت السّنة النبوية بالمسلم أن يتأدب بجملةٍ من الآداب النبوية عند استعماله لأدوات وأوعية الشراب والطعام. ذلك أن استعمال هذه الأدوات والأوعية على الوجه غير السليم يسبب انتشار الأمراض والأوبئة.
ولذلك جاء التوجيه النبوي الكريم للمسلم في كيفية الشرب من الآنية، ومن ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم: "نهى أن يتنفس في الإناء أو يُنفخ فيه"(23). ومعلومٌ أن التنفس في الإناء أو النفخ فيه، فيه نشرٌ للجراثيم والفيروسات والبكتيريا من ذلك الشخص إلى نفس الإناء الذي قد يستخدمه غيره، ولذلك بيّنت لنا السّنة النبوية كيفية الشرب بالطريقة التي تجنبنا الوقوع في مشاكل انتشار الأمراض والفيروسات،
فعن أبي هريرة رضي اله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتنفس أحدُكم في الإناء إذا كان يشرب، ولكن إذا أراد أن يتنفس فليؤخره ثم يتنفس"(24).
وعن أبي سعيدٍ قال: قال رجلٌ يا رسول الله إنّي لا أروى من نفسٍ واحدٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأبن القدح عن فيك ثم تنفس"(25)، ومعنى (فأبن): أي فأبعد القدح عن فيك عندما تريد التنفس.
"وقد ثبت بالعلم مؤخراً بأن في أجسامنا تعيش بكتيريا بأعداد كبيرة، والحمد لله هي غير ضارة ونافعة لجسمنا بحيث إنها تقوم بعمليات تنشيط التفاعلات الحيوية وأيضاً تقوم بتنشيط التفاعلات اللازمة في عمليات هضم الطعام، وكما يوجد بالملايين من هذه البكتيريا في فمنا، وتسمى هذه البكتيريا بالـ(Helicobacter pylori).
لكن الغريب أن تلك البكتيريا عند خروجها من الفم تكون ضارة لدرجة كبيرة فهي كفيلة أن تقتل ذلك الإنسان في بعض الأحيان وأن تصيبه بمرض خطير في أحيان أخرى.
تقوم تلك البكتيريا عندما تخرج من الفم بواسطة النفخ بالتحوصل على الطعام الساخن، فكما هو معروف فإن البكتيريا كائنات حساسة جداً للحرارة فتقوم عادة بحماية نفسها عن طريق التحوصل.
فعند تناول الإنسان ذلك الطعام الذي نفخ عليه حيث تتواجد به تلك البكتيريا المتحوصلة بشكل كبير جداً وتكون على أتم الاستعداد للدخول إلى داخل الجسم، ثم هناك تبدأ رحلتها من الفم وإلى المري فالمعدة وهناك تقوم تلك البكتيريا بالتنشيط وتبدأ بإفراز إنزيم اليوريا (Urea's Enzyme) الذي يسبب التهاب الأغشية المبطنة للمعدة ومسبباً بذلك خرقاً في جدار المعدة، حيث تبدأ المعدة بهضم نفسها فيحدث تآكل بجدار المعدة مما يؤدي إلى هضم المعدة لنفسها، فتحدث القرحة ((Ulcer داخل المعدة، أيضاً تسبب تلك البكتيريا ضعفاً في إفراز مادة الأنسولين في البنكرياس مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر بالدم وحدوث مرض السكري"(26).
الفرع الرابع: النهي عن تلويث مصادر المياه ولزوم المحافظة على عناصر البيئة:
حذرت الشريعة الإسلامية المسلم من أن يكون أداةً للإفساد والتخريب في الأرض، فيتناول ضرورات الحياة بغير ما أراد الله تعالى، قال الله تعالى: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ)(27).
لفتت السّنة النبوية الانتباه إلى أهم عنصرٍ من عناصر البيئة أو وهو الماء، والذي يعتبر العنصر الأساسي في عملية النظافة، فنهت عن تلويث مصادره.
فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن البول في الماء الراكد(28).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اتقوا الملاعن الثلاث قيل ما الملاعن يا رسول الله؟ قال: أن يقعد أحدكم في ظلٍ يُستظل به أو في طريقٍ أو نقع ماءٍ"(29). وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد وقارعة الطريق والظل"(30).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخلى الرجل تحت شجرةٍ مثمرةٍ، ونهى أن يتخلى على ضفة نهرٍ جارٍ"(31).
وفي هذه النصوص النبوية أعظم التوجيه لكلِّ مسلمٍ أن يحذر من أن يلوث بفعله أيّ مصدرٍ من مصادر المياه أو يُحدث ضرراً ويلحقَ أذى بمسلمٍ ولو كان هذا الأذى أذى معنوياً كما يفعل مَن يتخلى في ظل الناس فإنه يؤذيهم بها الأمر، عوض عمّا يُسببه هذا الأمر من انتشار للأمراض والأوبئة.
الفرع الخامس: تغطية آنية الطعام والشراب عند النوم:
إنَّ ترك الأطعمة والأشربة مكشوفة يؤدي إلى تعرضها إلى دخول الجراثيم والحشرات مما يُساعد في انتشار الأمراض والأوبئة، ولهذا جاءت السّنة النبوية تؤكد على هذا المبدأ وتنبه المسلم إلى ضرورة إيلاء هذا الأمر العناية الفائقة.
فقد روى عبد الله بن جرجس رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "وأوكوا الأسقية وخمروا الشراب"(32). ومعنى (خمروا): أيّ غطوا(33).
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وأوكوا قربكم واذكروا اسم الله وخمروا آنيتكم واذكروا اسم الله ولو أن تعرضوا عليها شيئاً"(34).
والمطلوب من المسلم أن يغطي آنية الشراب أو الطعام حتى يحفظها من وقوع أي شيءٍ فيها، فإن لم يجد ما يُغطيها به فلا أقل من أن يعرض عليها عوداً كما في حديث أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال: أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقع ليس مُخمرا فقال: "ألا خمرته ولو تعرض عليه عوداً"(35).
بل إن ترك الآنية مكشوفة وخاصة في الليل يُعرضها لدخول الأوبئة والأمراض فيها، فعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "غطوا الإناء وأوكوا السقاء فإن في السّنة ليلة ينزل فيها وباءٌ لا يمر بإناءٍ ليس عليه غطاءٌ أو سقاءٌ ليس عليه وكاءٌ إلا نزل فيه من ذلك الوباء"(36).
وفي هذا الجانب يقول ابن القيّم رحمه الله تعالى: "وَهَذَا مِمّا لَا تَنَالُهُ عُلُومُ الْأَطِبّاءِ وَمَعَارِفُهُمْ وَقَدْ عَرَفَهُ مَنْ عَرَفَهُ عُقَلَاءُ النّاسِ بِالتّجْرِبَةِ. قَالَ اللّيْثُ بْنُ سَعْدٍ -أَحَدُ رُوَاةِ الْحَدِيثِ-: الْأَعَاجِمُ عِنْدَنَا يَتّقُونَ تِلْكَ اللّيْلَةَ فِي السّنَةِ فِي كَانُونَ الْأَوّلِ مِنْهَا. وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ أَمَرَ بِتَخْمِيرِ الْإِنَاءِ وَلَوْ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ عُودًا. وَفِي عَرْضِ الْعُودِ عَلَيْهِ مِنْ الْحِكْمَةِ أَنّهُ لَا يَنْسَى تَخْمِيرَهُ بَلْ يَعْتَادُهُ حَتّى بِالْعُودِ، وَفِيهِ أَنّهُ رُبّمَا أَرَادَ الدّبِيبُ أَنْ يَسْقُطَ فِيهِ فَيَمُرّ عَلَى الْعُودِ فَيَكُونُ الْعُودُ جِسْرًا لَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ السّقُوطِ فِيهِ. وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ أَمَرَ عِنْدَ إيكاء الْإِنَاءِ بِذِكْرِ اسْمِ اللّهِ؛ فَإِنّ ذِكْرَ اسْمِ اللّهِ عِنْدَ تَخْمِيرِ الْإِنَاءِ يَطْرُدُ عَنْهُ الشّيْطَانَ، وَإِيكَاؤُهُ يَطْرُدُ عَنْهُ الْهَوَامّ، وَلِذَلِكَ أَمَرَ بِذِكْرِ اسْمِ اللّهِ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ لِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ"(37).
المبحث الثاني
الأمن والسّلامة العامة
المطلب الأول: إغلاق الأبواب عند النوم وذِكْر اسم الله تعالى عند ذلك:
كثيرة هي حوادث السرقة والجرائم التي تقع بين الحين والآخر نتيجة الإهمال في إغلاق الأبواب، ولذلك وجهت السّنة النبوية نظر المسلم إلى ذلك ودعته إلى إغلاق باب بيته عندما يريد النوم بل ويذكر اسم الله تعالى أي أن يقول: "بسم الله". وهذا أدب إسلامي قلما يتفطن إليه الكثير من الناس.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا كان جُنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشيطان ينتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم وأغلقوا الأبواب واذكروا اسم الله؛ فإن الشيطان لا يفتح باباً مُغلقاً"(38).
جاء في شرح ابن بطال على صحيح الإمام البخاري: "قال المهلب: خشي النبي عليه السلام على الصبيان عند انتشار الجن أن تلم بهم فتصرعهم، فإن الشيطان قد أعطاه الله قوة على هذا، وقد علمنا رسول الله أن التعرض للفتن مما لا ينبغي، فإن الاحتراس منها أحزم، على أن ذلك الاحتراس لا يرد قدرًا ولكن لتبلغ النفس عذرها، ولئلا يسبب له الشيطان إلى لوم نفسه في التقصير"(39).
وأما فيما يتعلق بإغلاق الأبواب فلا شك أن المقصود هنا هو إحكام إغلاقها بما لا يستطيع أحدٌ أن يفتحها، وفي هذا شعورٌ بالأمان للإنسان وهو نائمٌ حتى لا يُفاجئه أحدٌ بالدخول عليه.
المطلب الثاني: إطفاء النار والسراج عند النوم:
إن المتتبع لأخبار الحوادث والحرائق التي تقع في المجتمع ليلحظ الخطأ الجسيم الذي يقع فيه الكثير من الناس خاصة في فصل الشتاء من ترك المدفئة مشتعلة أثناء النوم مما سبب وقوع العديد من الحوادث التي ذهب ضحيتها أرواح بريئة ووقعت خسائر مادية جسيمة. ولا تألوا أجهزة الدفاع المدني في التحذير من هذا الخطر العظيم، من خلال وسائل الإعلام بكافة أشكالها المرئية والمسموعة والمقروءة.
ولا شك أن هذه الحوادث تكبد المجتمع والدول خسائر مادية كبيرة، ولذلك عنيت السّنة النبوية بهذا الجانب وعرّفت المسلم بمدى الخطر الذي تشكله النار عليه، وأنها عدوٌّ له، فيجب أن يحذر منها ولا يتركها مشتغلة عند نومه أو عند مغادرته لمنزله.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: احترق بيتٌ على أهله بالمدينة من الليل فلمّا حُدث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ هذه النار إنما هي عدوٌ لكم؛ فإذا نمتم فأطفئوها عنكم"(40)، وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون"(41)، وفي حديث عبد الله بن جرجس أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا نمتم فأطفئوا السراج؛ فإن الفأرة تأخذ الفتيلة فتحرق أهل البيت"(42).
وكان ذلك يوم كان الناس يستعملون السراح للإضاءة، ومعلومٌ أن السراج هو نارٌ موقدة، وإن كان الناسُ لا يستعملون السراج في هذه الأيام ولكن الأمر لا يخلو من حالاتٍ ينقطع فيها التيار الكهربائي لسببٍ ما فيلجأ الناس إلى إشعال الشمع والمصابيح التي تعمل بالوقود، والحالة هذه فلا بد من إطفائها عند النوم وإلا فقد يحدث ما لا يُحمد عقباه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت فأرة تجرُّ الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يديّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخُمرة التي كان قاعداً عليها فأحرقت منها مثل موضع الدرهم فقال: "إذا نمتم فأطفئوا سُرجكم فأن الشيطان يدلُ مثل هذه على هذا فتحرقكم"(43).
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "... وأطفئوا مصابيحكم"(44).
المطلب الثالث: أخذ الحيطة والحذر عند التعامل مع الأدوات الحادة والخطرة:
أوجب الإسلام على المسلم أن يُحافظ على نفسه، وأن لا يعرضها إلى الخطر، بل جعلت الشريعة الإسلامية حفظ النفس من الضرورات الخمس، والحفظ بمعناه الشامل وهو صون هذا البدن من كلِّ ما عساه أن يُلحق به أذى، ولذلك نهى الله تعالى المسلم أن يُلقي بنفسه إلى التهلكة قال تعالى: (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)(45).
ولهذا الأمر نبهت السّنة النبوية المسلم إلى ما يجب عليه مراعاته عند التعامل مع الأدوات الخطرة والحادة. فعن جابر رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يُتعاطى السيف مسلولاً(46).
يقول صاحب "تحفة الأحوذي": "فيُكره مناولته كذلك -أي مسلولاً- لأنه قد يُخطئ في تناوله فيجرح شيئاً من بدنه أو يسقط على أحدٍ فيؤذيه"(47).
ولا شك أن هذا الأمر ينطبق على كلِّ أداةٍ حادةٍ وخطرة قد تسبب جرحاً أو أذى للإنسان، لذلك نجد أن السّنة النبوية نبهت إلى أمرٍ آخر غير السيف ألا وهو استعمال المقص على نحو قد يؤدي إلى إيذاء النفس، فعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يُقدَّ السّيرُ بين إصبعين(48).
ومعنى يُقدُّ: أي يُقطع طولاً كالشق والسير ما يُقدُّ من الجلد، والهدف من ذلك أن لا يقطع ويشق قطعة الجلد بين إصبعين لئلا تعقره الحديدة وهو يشبه نهيه عن تعاطي السيف مسلولاً(49).
ويقول الشيخ عبد المحسن العباد: "إن الإنسان إذا أراد أن يقص (السير) وهو القطعة من الجلد، أن لا يمسكها بين إصبعين ثم يقوم بقدِّها بسكينٍ أو نحوه؛ لأن السكين قد ينحرف فيُصيب الإصبع بالجرح، وهذا فيه محافظة الإنسان على نفسه"(50).
وكذلك أشارت السّنة النبوية إلى خطورة أن يشير المسلم إلى أخيه بما هو حادٌّ أو خطرٌ لما قد يلحق به من الأذى ولو كان هذا الأذى هو الخوف والرعب.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "مَن أشار إلى أخيه بحديدةٍ فإن الملائكة تلعنه حتى وإن كان أخاه لأبيه وأمه"(51).
المطلب الرابع: الابتعاد عن الممارسات والأنشطة الرياضية التي قد تلحق ضرراً بالنفس أو بالغير:
رغبت السّنة النبوية المسلم أن يكون قوياً صحيح البدن وذلك بممارسة الأنشطة التي تعود عليه بالفائدة، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير"(52).
فالقوة عنوان هذه الأمة وهي ما طلبه الله تعالى من المؤمنين اتجاه أعدائهم في قوله تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)(53). ولكن وبالرغم من ذلك نبهت السّنة النبوية المسلم إلى بعض الممارسات التي قد تشكل خطورة على حياته من ركوب البحر في حالة هيجانه وارتفاع أمواجه التي قد تشكل خطورة على كل مَن يركب البحر في هذه الحال، وأحياناً نشاهد من يتعمد الدخول في البحر في حال هيجانه من باب ما يُعرف برياضة ركوب الأمواج أو التزلج على الأمواج، وهذه رياضة خطرة على الإنسان لما قد يؤول الأمر به إلى الغرق إذ قد تبتلعه هذه الأمواج. فقد قال صلى الله عليه وسلم: "... ومن ركب البحر حين يرتجُّ -يعني يغتلم- فهلك برئت منه الذمة"(54). ومعنى (اغتلم) أي هاج واضطربت أمواجه(55).
نلاحظ هنا حرص السّنة النبوية على المسلم من أن يؤدي بنفسه إلى مظان التهلكة.
كما نوهت السّنة النبوية إلى إحدى الممارسات التي يُمارسها البعض وخاصة الأطفال أحياناً كنوعٍ من أنواع الترويح عن النفس ولكنها في حقيقة الأمر تنطوي على مخاطر جمة، ذلكم ما يُعرف بالخذف وهو رمي الحصاة باستعمال الأصابع أو ما يُعرف بالمقلاعة، بل ويتخذها بعض الأطفال وسيلة لصيد الطيور.
فعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف. قال جعفر في حديثه: وقال: "إنه لا ينكأ العدو ولا يقتل الصيد ولكنه يكسر السّن ويفقأ العين"(56).
قال الحافظ ابن حجر: "حصى الخذف هو الذي يُرمى به بين الإبهام والسّبابة"(57).
وقال البدر العيني: "والخذف -وهو بالخاء والذال المعجمتين- وهو الرمي بالحصى بالأصابع. ونقل عن ابن المنذر أنه قال: الخذف رميك حصاةً أو نواةً تأخذ بين سبابتيك ترمي بها أو تتخذ محذفة من خشب ثم ترمي بها الحصاة بين إبهامك والسّبابة"(58).
المطلب الخامس: كف الأطفال عن اللعب بعد غروب الشمس:
تهدف السّنة النبوية على المحافظة على المسلم من كلِّ ما قد يلحق به من أذى أو ضررٍ. ولا شك أنّ السّنة النبوية تولي الطفولة عناية فائقة فالطفل المسلم هو رجل الغد.
ومعلومٌ أن الأطفال بطبيعتهم وفطرتهم يميلون إلى اللعب واللهو، بل ويتعلقون بذلك أشدَّ التعلق ويمضون الوقت الكثير في ذلك، بل وقد يستمر اللعب بهم إلى ما بعد غروب الشمس، وهنا تأتي السّنة النبوية لتنبهنا إلى خطورة ذلك وأن فترة ما بعد غروب الشمس إلى دخول العشاء فترة ينبغي كف الأطفال عن اللعب فيها.
فعن عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جُنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشيطان ينتشر حينئذ"(59). وفي رواية عنه: "فإن للجن انتشاراً وخطفة"(60).
وعنه كذلك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احبسوا صبيانكم حتى تذهب فوعةُ العشاء؛ فإنها ساعة تَخترقُ فيها الشياطين"(61).
وعنه كذلك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ترسلوا فواشيكم وصبيانكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء؛ فإن الشياطين تنبعث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء"(62). ومعنى (فواشيكم): كلُّ ما ينتشر من المال كالإبل والغنم وسائر البهائم وهو جمع فاشية لأنها تفشو أي تنتشر في الأرض(63).
وهذه الساعة كما يتبين أنها أول الظلمة بعد غروب الشمس ويدل على ذلك معنى كلمة فوعة العشاء وكلمة فحمة العشاء، ومعنى فوعة العشاء أي أول الظلمة(64)، ومعنى فحمة العشاء هي الظلمة التي بين المغرب والعشاء(65).
أما إذا تجاوزنا هذه الساعة وهي التي بين المغرب والعشاء فلا بأس حينئذٍ من السماح للأولاد بالخروج، فعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفوا صبيانكم؛ فإن الشيطان ينتشر، فإذا ذهب ساعة من الليل فخلوهم"(66).
المطلب السادس: التحذير من المبيت فوق سطح لا تحجير له أو المبيت على قارعة الطريق:
حذرت السّنة النبوية المسلم من أن ينام على سطح بيتٍ أو غيره بلا تحجير أيّ بلا حاجز يحجزه ويمنعه من السقوط لما يترتب على ذلك من احتمال السقوط؛ لأن الإنسان إذا قام من نومه لا يدري بنفسه أحياناً خاصة إذا قام فزعاً وقد يسير ويمشي بلا انتباه وعند ذلك قد يسقط عن حافة ذلك السطح، ولا شك أن في ذلك أعلى درجات توخي عوامل السلامة العامة والتحذير من كل ما هو خطر.
فعن عبد الرحمن بن علي يعني ابن شيبان عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن بات على ظهر بيتٍ ليس له حجارٌ فقد برئت منه الذمة"(67).
وعن عمران الجوني قال: كنا بفارس وعلينا أميرٌ يُقال له زهير بن عبد الله فأبصر إنساناً فوق بيتٍ أو إجارٍ ليس حوله شيءٌ فقال لي: سمعت في هذا شيئاً قلت: لا قال: حدثني رجلٌ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن بات على إجارٍ أو على ظهر بيتٍ ليس حوله ما يردُّ رجله فقد برئت منه الذمة"(68). والإجار: السطح الذي ليس حواليه ما يردُّ الساقط عنه(69).
ويلزم من ذلك أن كل ما قد يؤدي إلى السقوط كما هو الحال بمن يمشي على الحبال بين المرتفعات فهو أمر غير جائز لما قد يترتب عليه من السقوط وإهلاك النفس.
كما نوهت السنة النبوية إلى أمرٍ آخر يُعرض السلامة العامة للخطر ألا وهو النوم على قارعة الطريق لما يترتب على ذلك من أضرارٍ على النائم وعلى المار، فالمار يضيق عليه الطريق وهذا الأمر ينطبق على كل من يضع متاعه على قارعة الطريق كما هو حال التجار الذين يضعون متاعهم وبضاعتهم على الأرصفة بما يؤدي إلى اضطرار المارة للنزول والسير في الشارع بما قد يُعرضهم لحوادث السير، هذا من جانب ومن جانب النائم فإن قارعة الطريق هي مأوى الهوام والحيات والسباع، ولذلك فإن النوم على قارعة الطريق يشكلُّ خطراً على الجميع.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السَّنة -يعني الجدب- فأسرعوا عليها السير وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل"(70). ومعنى (عرستم): أيّ نزلتم آخر الليل للاستراحة(71).
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والتعريس على جواد الطريق؛ فإنها مأوى الحيات والسباع"(72). ومعنى (جواد الطريق): أي قارعة الطريق(73).
المطلب السابع: النهي عن الشرب من ثلمة القدح:
يتجنب المسلم وفق ما أرشده إليه الإسلام كلَّما يُعرضه للأذى، ولا شك أن الإناء وخاصة إناء الزجاج إذا انكسرت حافته أصبح يشكلُّ خطراً على الإنسان؛ لأن الحافة المنكسرة تكون حادة لذلك وجهت السّنة النبوية نظر المسلم لذلك ونهته عن الشرب من ثلمة القدح حتى لا يلحق به الأذى.
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن يُنفخ في الشراب(74). ومعنى (ثلمة القدح): ما كسر من حافته(75).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نُهيَ أن يُشرب من كسر القدح(76).
المبحث الثالث
تنحية الأذى عن الطريق
من المعلوم أن الطريق مكان عام يسلكه جميع الناس، ولهذا السبب عنيت الشريعة الإسلامية بوضع مجموعةٍ من الآداب الشرعية للطريق بما يؤدي إلى استمرار استفادة الناس منها وعدم تعطليها على المارة.
كما نبهت السّنة النبوية من يسلك طريقاً أن يحرص على أن لا يؤذي غيره أثناء سيره. وفي هذه المبحث ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: التحذير من كل ما من شأنه إلحاق الأذى بغيره:
اهتمت السّنة النبوية بتوجيه المسلم أثناء مسيره ومشيه في الأسواق والطرق والممرات أن لا يحمل معه ما قد يُشكل خطراً على غيره، وإنه إن حمل مثل ذلك فعليه اتخاذ الحيطة والحذر وتوخي عوامل السلامة العامة حتى لا يُلحق ضرراً بإنسان أو بمالٍ.
فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: مرَّ رجلٌ في المسجد ومعه سهامٌ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسك بنصالها"(77).
وعن أبي بردة عن أبيه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن مرَّ في شيءٍ من مساجدنا أو أسواقنا بنبلٍ فليأخذ على نصالها؛ لا يعقر بكفه مسلماً"(78). وفي روايةٍ عند مسلم: "فليمسك على نصالها بكفه أن يُصيب أحداً من المسلمين منها بشيء"(79).
وهذا ينطبق على كلِّ من يسيرُ في شوارع وطرقات المسلمين سواء كان يسير على قدميه أم يسير في مركبته، فليحذر من إلحاق الأذى والضرر بالمسلمين، فكثيرٌ من الحوادث تقع للأسف نتيجة عدم أخذ الحيطة والحذر فنحن نشاهد الشاحنات والمركبات الكبيرة التي تنقل الأمتعة والأدوات يخرج منها الأشياء بما يؤدى إلى الإضرار بالمركبات التي تسير بجوارها دون أن يلتفت السائق إلى خطورة ذلك، وهذا أمرٌ لا يجوز شرعاً لأن الحديث النبوي المشهور يقول: "لا ضرر ولا ضرار".
المطلب الثاني: آداب السّير في الطريق:
توجه السّنة النبوية المسلم إلى مجموعة من الآداب التي يتوجب عليه إتباعها أثناء استعماله للطريق بما يحفظ به نفسه وغيره من ما قد يقع من أذى. ولذلك نهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الإسراع بالسير في أثناء الزحام ومعلومٌ أن الإسراع أثناء الزحام سواء كان الإنسان يسير ماشياً أم راكباً بسيارته قد يلحق الأذى بنفسه أو بالآخرين.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "أيها الناس، عليكم بالسكينة؛ فإنّ البر ليس بالإيضاع"(80). ومعنى (الإيضاع): السير السريع(81).
حتى إن لقمان الحكيم وجه ابنه إلى السير بكلِّ سكينةٍ وهدوءٍ كما ذكر الله تعالى ذلك بقوله: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ)(82).
المطلب الثالث: إماطة الأذى عن الطريق:
كما نبهت السّنة النبوية إلى أدبٍ آخر من آداب الطريق ألا وهو تنحية الأذى عن الطريق بما يؤدي إلى السلامة في استعمالها دون وقوع أضرار تحلق بالأرواح أو بالممتلكات.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضعٌ وسبعون أو بضعٌ وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إله إلا الله. وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"(83).
وعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عُرضت عليَّ أمتي حُسنها وسيئها؛ فوجدت في محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق"(84).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: "لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرةٍ قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس"(85).
ومن أكثر ما يُسيء في هذا المجال ما يقوم به بعض الناس من إلقاء النفايات في الطرق بالرغم من وجود أماكن مخصصة لذلك، ومعلوم أن الكثير من أكياس النفايات تحتوي على مواد خطرة كالزجاج والحديد أو قشور الفواكه والخضراوات التي قد تسبب الانزلاق للمارة.
خاتمة
وها نحن في نهاية هذا البحث نلحظ مقدار ما توليه السّنة النبوية من اهتمام وتوجيه للفرد وللمجتمع المسلم بما يحفظ عليه كيانه، وبما يحفظ على الأفراد أنفسهم وأموالهم، ولكن الجهل أحياناً ببعض هذه السُّن النبوية الشريفة أو عدم المبالاة بتفعيلها في حياتنا قد أدى إلى حدوث كثيرٍ من الانعكاسات السلبية التي أدت إلى وقوع العديد من الأخطار التي لحقت بالأفراد والمجتمعات.
ولذلك ومن خلال هذا البحث نوصي العلماء والدعاة إلى أن يقوموا بدورهم المنشود وذلك بنشر سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بين بناء المجتمعات المسلمة ليتعرفوا إليها ويعملوا بها، وهذا هو عين ما طلبه عليه الصلاة والسلام منا جميعاً عندما قال في الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه: "بلغوا عنّي ولو آية...".
الهوامش:
1- صحيح مسلم، كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر.
2- صحيح البخاري، كتاب الطب، باب ما يذكر في الطاعون.
3- زاد المعاد 4/ 40.
4- صحيح البخاري، كتاب الطب، باب الجذام.
5- صحيح البخاري،كتب الطب، باب لا هامة، وصحيح مسلم، كتاب السلام باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر.
6- فتح الباري 10/ 161.
7- شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 372.
8- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب وجوب الطهارة للصلاة.
9- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
10- المصباح المنير، صفحة (42).
11- صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، باب قص الشارب، وصحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
12- صحيح مسلم، وصحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
13- صحيح ابن حبّان، كتاب الطهارة، باب غسل الجمعة.
14- صحيح البخاري، كتب الجمعة، باب هل على من لم يشهد الجمعة غسل من النساء والصبيان وغيرهم، وصحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب الطيب والسواك يوم الجمعة.
15- المعجم الكبير للطبراني 11/ 77.
16- الفائق في غريب الحديث 2/ 247.
17- سنن الترمذي، كتاب الأطعمة، باب ما جاء في كراهية البيتوتة وفي يده ريح غمر، وسنن ابن ماجه، كتاب الأطعمة، باب من بات وفي يده ريح غمر.
18- النهاية في غريب الحديث 3/ 385.
19- سنن الترمذي، كتاب الأدب، باب النظافة.
20- المرجع السابق، كتاب البر والصلة، باب صنائع المعروف.
21- صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل إزالة الأذى عن الطريق.
22- المعجم الأوسط للطبراني 1/ 14.
23- سنن أبي داود، كتاب الأشربة، باب النفخ في الشراب والتنفس فيه.
24- مسند البزار 15/ 105، المستدرك 4/ 155.
25- سنن الترمذي، كتاب الأشربة، باب ما جاء في كراهية النفخ في الشراب.
26-http:/ / muhannadknol.wordpress.com.
27- سورة البقرة الآية (205).
28- صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب النهي عن البول في الماء الراكد.
29- مسند الإمام أحمد 1/ 299.
30- سنن أبي داود، كتاب الطهارة، باب المواضع التي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن البول فيها.
31- المعجم الأوسط للطبراني 3/ 36، حلية الأولياء 4/ 93.
32- الأحاديث المختارة للمقدسي 9/ 402.
33- غريب الحديث لابن سلام 1/ 239.
34- صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب.
35- المرجع السابق.
36- المرجع السابق.
37- زاد المعاد 4/ 205.
38- صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب.
39- شرح ابن بطال على صحيح البخاري، كتاب أشربة 6/ 76-77.
40- صحيح البخاري، كتاب الاستئذان، باب لا تترك النار في البيت عند النوم، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب.
41- المرجعان السابقان.
42- الأحاديث المختارة للمقدسي 9/ 402.
43- سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في إطفاء النار في الليل.
44- صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب
45- سورة البقرة الآية (195).
46- سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً، وسنن الترمذي، كتاب الفتن، باب النهي عن تعاطي السيف مسلولاً.
47- تحفة الأحوذي 5/ 453.
48- سنن أبي داود، كتاب الجهاد، باب في النهي أن يقد السّير بين إصبعين.
49- عون المعبود 7/ 181.
50- شرح سنن أبي داود لبعد المحسن العباد 14/ 54.
51- صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى المسلم.
52- المرجع السابق، كتاب القدر، باب الأمر بالقوة وترك العجز والاستعانة بالله.
53- سورة الأنفال الآية (60).
54- الأدب المفرد للبخاري، كتاب آداب المجلس، باب من بات على سطح ليس له سترة.
55- النهاية في غريب الحديث 3/ 382.
56- صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب إباحة ما يُستعان به على الاصطياد والعدو وكراهة الخذف.
57- فتح الباري 1/ 111.
58- عمدة القاري 30/ 483.
59- صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب.
60- صحيح البخاري و، كتاب بدء الوحي، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال
61- مسند الإمام أحمد 3/ 362، المستدرك 3/ 316.
62- صحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب
63- شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 48.
64- غريب الحديث لابن الجوزي 2/ 211.
65- شرح النووي 7/ 48.
66- صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، وصحيح مسلم، كتاب الأشربة، باب الأمر بتغطية الإناء وإيكاء السقاء وإغلاق الأبواب.
67- سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب في النوم على سطح غير محجر.
68- شعب الإيمان للبيهقي، فصل في النوم الذي هو نعمة من نعم الله تعالى في دار الدنيا وما جاء في آدابه.
69- النهاية في غريب الحديث 1/ 41.
70- صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب مراعاة مصلحة الدواب في السير.
71- لسان العرب 6/ 136.
72- سنن ابن ماجه، كتاب الطهارة وسننها، باب النهي عن الخلاء على قارعة الطريق.
73- لسان العرب 12/ 416.
74- سنن أبي داود، كتاب الأشربة، باب في الشرب من ثلمة القدح.
75- المصباح المنير، صفحة (84).
76- المعجم الأوسط للطبراني 7/ 55 ورجاله رجال الصحيح انظر مجمع الزوائد 5/ 96.
77- عليه صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب يأخذ بنصول النبل إذا مرَّ في المسجد، وصحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب أمر من مرَّ بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها.
78- صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب يأخذ بنصول النبل إذا مرَّ في المسجد.
79- صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب أمر من مرَّ بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرهما من المواضع الجامعة للناس أن يمسك بنصالها.
80- صحيح البخاري، كتاب الحج، باب أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسكينة في الإفاضة وإشارته إليهم بالسوط.
81- غريب الحديث لابن سلام 3/ 178.
82- سورة لقمان الآية (19).
83- صحيح مسلم، كتاب الإيمان، بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها.
84- صحيح ابن حبّان، كتاب الصلاة، باب المساجد.
85- صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب فضل إزالة الأذى عن الطريق.
المراجع:
1- ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري. النهاية في غريب الحديث، تحقيق طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطنامي، المكتبة العلمية، بيروت الطبعة الأولى 1399هـ 1979م.
2- ابن بطال، أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك بن بطال القرطبي. شرح صحيح البخاري لابن بطال، تحقيق أبو تميم ياسر بن إبراهيم، مكتبة الرشد السعودية، الطبعة الثانية 1423هـ - 2003م.
3- ابن الجوزي، أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد. غريب الحديث، تحقيق عبد المعطي أمين قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1985م.
4- ابن حبّان، محمد بن حبّان أبو حاتم التميمي البستي. صحيح ابن حبان، تحقيق شعيب الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية 1412هـ 1993م.
5- ابن حجر، احمد بن علي بن حجر العسقلاني. فتح الباري بشرح صحيح البخاري، دار الفكر بيروت، الطبعة الأولى 1414هـ 1993م.
6- ابن سلام، القاسم بن سلام الهروي أبو عبيد. غريب الحديث لابن سلام، تحقيق محمد عبد المعين خان، دار الكتاب العربي، بيروت 1985م.
7- ابن قيّم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب. زاد المعاد في هدي خير العباد، مؤسسة الرسالة، بيروت ط 27، 1415هـ - 1994م.
8- ابن ماجه، أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني، سنن ابن ماجه، تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، الطبعة الأولى 1403هـ 1983م.
9- ابن منظور، محمد بن مكرم الأفريقي المصري. لسان العرب، دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى.
10- أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني الأزدي. سنن أبي داود، دراسة محمد محيي الدين عبد الحميد، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
11- الأصبهاني، أبو نعيم أحمد بن عبد الله. حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، دار الكتاب العربي، بيروت الطبعة الرابعة 1405هـ.
12- البخاري، محمد بن إسماعيل. الجامع الصحيح، تحقيق مصطفى ديب البغا، دار ابن كثير، بيروت 1407هـ- 1987م.
13- البخاري، محمد بن إسماعيل. الأدب المفرد، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار البشائر الإسلامية، بيروت 1409هـ 1989م.
14- البزار، أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق. مسند البزار، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله، مؤسسة علوم القرآن ومكتبة العلوم والحكم، بيروت والمدينة المنورة 1409هـ
15- البيهقي، أبو بكر أحمد بن الحسين. شعب الإيمان، تحقيق محمد السعيد بسيوني، دار الكتب العلمية، بيروت 1410هـ.
16- الترمذي، محمد بن عيسى بن سورة أبو عيسى. الجامع الصحيح وهو سنن الترمذي، تحقيق أحمد محمد شاكر، دار الكتب العلمية ن بيروت 1408هـ.
17- الزمخشري، محمود بن عمر. الفائق في غريب الحديث، تحقيق علي محمد البجاوي ومحمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعرفة، بيروت 1414هـ 1993م.
18- الشيباني، الإمام أحمد بن حنبل أبو عبد الله. مسند أحمد مؤسسة قرطبة مصر.
19- الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد. المعجم الكبير، تحقيق حمدي بن عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم،الموصل الطبعة الثانية 1404هـ 1983م.
20- الطبراني، أبو القاسم سليمان بن أحمد. المعجم الأوسط، تحقيق طارق بن عوض الله ابن محمد وعبد المحسن ين إبراهيم الحسيني، دار الحرمين، القاهرة 1415هـ.
21- العظيم آبادي، أبو الطيب محمد شمس الحق. عون المعبود شرح سنن أبي داود، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، الطبعة الثانية 1388هـ.
22- العباد، عبد المحسن العباد. شرح سنن أبي داود.
23- العيني، بدر الدين العيني. عمدة القاري شرح صحيح البخاري.
24- الفيومي، أحمد بن محمد علي الفيومي. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، المكتبة العلمية، بيروت.
25- المباركفوري، أبو العلا محمد بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
26- المقدسي، أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الحنبلي. الأحاديث المختارة، مكتبة النهضة، مكة المكرمة 1410هـ.
27- النسائي، أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب. سنن النسائي (المجتبى) دار المعرفة،بيروت الطبعة الثالثة 1414هـ.
28- النيسابوري، الإمام مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري. الجامع الصحيح، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
29- النووي، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف. شرح صحيح مسلم، دار إحياء التراث العربي، بيروت.
30- الهيثمي، نور الحافظ علي بن أبي بكر. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، مؤسسة المعارف بيروت 1406هـ.