دراسات وبحوث

أضيف بتاريخ : 20-05-2025


القراءات القرآنية الشاذة وأثرها في الأحكام الشرعية عند أئمّة الشافعية

دراسة أصولية فقهية(*)

الدكتور مرزوق الشرفات والدكتور نشأت الحوري/ دائرة الإفتاء العام

ملخص البحث

يدور محور الموضوع على القراءات القرآنية الشاذة من حيث مفهومها وحجيتها وضوابطها وأحكامها عند أئمّة الشافعية، ومن ثمّ بيان أثر الخلاف الأصولي والفقهي في القراءات الشاذة وصحة القراءة بها في الصلاة وخارجها، وكذلك بيان أثر القراءات الشاذة على الفروع الفقهية عند أئمّة الشافعية.

الكلمات المفتاحية: القراءات، الشاذة، حجية، ضوابط

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فشريعتنا الإسلامية بكافة أحكامها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار لاستنادها إلى أصول ثابتة انبرى لبيانها العلماء الأجلاء ورثة الأنبياء تفصيلاً وبياناً، وبالرغم من اتفاقهم على مجمل الأصول التي تُبنى عليها الأحكام، وتُستمد منها الفروع والمسائل الفقهية، إلا أنّ هناك خلافاً في بعض هذه الأصول، من حيث اعتمادها لبناء الأحكام عليها، ومن بين هذه الأصول اعتبار القراءات العشر وما وراءها والتي تُعرف بالقراءات (الشاذة) في القرآن الكريم.

مشكلة الدراسة: تكمن إشكالية البحث في محاولة الإجابة عمّا يلي:

- ما حقيقة القراءات السبع والمشهورة والشاذة عند القراء، وعند فقهاء الشافعية وأصولييهم؟

- ما الفرق بين القراءات المعتبرة والشاذة من حيث جواز تلاوتها والتعبد بها في الصلاة وخارجها، ومن حيث حجيتها في الأحكام الشرعية؟

- ما ضوابط حجية القراءة الشاذة في الأحكام الشرعية عند الشافعية؟

- ما أثر الاختلاف في القراءات القرآنية في الفروع الفقهية؟

أهداف الدراسة:

- بيان مفهوم القراءات السبع والمشهورة والشاذة عند القراء، وعند فقهاء الشافعية وأصولييهم.

- مدى اعتبار وأهمية باب القراءات العشر والقراءات الشاذة عند الفقهاء.

- ذكر أهم النصوص الأصولية والفقهية الدالة على  اعتبار القراءات عند أئمّة المذهب الشافعي.

- التأصيل من خلال وضع الضوابط من أقوال المذهب الشافعي.

- بيان حجية القراءة الشاذة عند أئمّة المذهب الشافعي.

- تقديم صورة واضحة وإزالة الإشكال من خلال اعتبار القراءات وضوابطها وحجيتها عند الشافعية، وأثرها على التطبيقات الفقهية.

الدراسات السابقة:

لم نجد بحثاً في القراءات القرآنية -بحسب اطلاعنا- يبين بصورة مباشرة من حيث الاعتبار أو الرد، وكذلك لم نجد من حصر ضوابط واضحة ومحددة لكلام الأصوليين والفقهاء عن القراءة الشاذة عند أئمّة الشافعية؛ لأنّ معظم الباحثين تدور أبحاثهم على عموم هذا الباب، لا على الضوابط وأثرها على الفروع الفقهية عند أئمّة الشافعية، بيد أننا وقفنا على بعض الدراسات ذات صلة بالموضوع نوعاً ما، ومن هذه الدراسات:

- القراءة الشاذة عند الأصوليين وأثرها في اختلاف الفقهاء (رسالة ماجستير) محمود فروخ، 2010م، الجامعة الإسلامية، غزة.

ولم يذكر الباحث الخلافات الأصولية والفقهية بصورة مباشرة عند أئمّة الشافعية، وإنما ذكر عموم الخلاف بين المذاهب الفقهية، كما أنه لم يضع ضوابط للقراءة الشاذة من حيث الوجه الأصوليّ، ولم يفرق بين القراءات القرآنية المشهورة والشاذة.

- موقف الإمام الشافعي من الاحتجاج بالقراءة الشاذة، د. سليمان نصر، مجلة جامعة الإمام عبدالقادر للعلوم الإسلامية، قسنطينة، دار المنظومة، 1999م.

ولم يفصّل الباحث في المسائل، وإنما هو بحث عام اكتفى بما هو ظاهر المذهب، واقتصاره على مجموعة من الضوابط لا جميعها، كما اقتصر في بحثه على حجية القراءة الشاذة فقط دون الخوض في غمار أحكام القراءات العشر وما وراءها في صحة التعبد بها، واختلاف أئمّتنا في اعتبارها أو ردّها، لذا حرصنا في البحث على نقل جميع المسائل المتعلقة بالقراءات من أقوال أئمّتنا الشافعية رضوان الله عليهم جميعاً بشكل مفصّل.

منهج البحث:

اتبعنا في كتابة البحث على المنهج الوصفي القائم على الاستقراء والتحليل والاستنباط المتمثّل في النقاط الآتية:

- استقراء المادة العلمية من أمّهات الكتب الفقهية.

- تحرير المسائل التي يُراد بحثها.

- ذكر التطبيقات الفقهية في كتب المذهب الشافعي.

- عزو الأقوال إلى أصحابها.

- تخريج الأحاديث من مصادرها الرئيسية.

- ذكر النتائج والتوصيات والمراجع والمصادر.

خطة البحث:

المبحث الأول: القراءات القرآنية تعريفها وأقسامها

المطلب الأول: تعريف القراءات القرآنية لغة واصطلاحاً

المطلب الثاني: أقسام القراءات القرآنية

المبحث الثاني: الخلاف الأصولي والفقهي عند أئمّة الشافعية في حجية وضوابط القراءة الشاذة

المطلب الأول: حجية القراءة الشاذة في الأحكام الشرعية عند أئمّة الشافعية

المطلب الثاني: ضوابط حجية القراءة الشاذة المعتبرة في الأحكام عند أئمّة الشافعية

المطلب الثالث: أثر الخلاف في حجية أقسام القراءات القرآنية على الفروع الفقهية عند أئمّة الشافعية

النتائج والتوصيات

المصادر والمراجع

المبحث الأول

القراءات القرآنية تعريفها وأقسامها

المطلب الأول: تعريف القراءات القرآنية لغةً واصطلاحاً

القراءات لغة:

القراءات جمع قراءة، وتدور مادة (ق ر أ) في لغة العرب على الجمع والاجتماع([1])، قال صاحب لسان العرب: "والأصل في هذه اللفظة الجمع، وكل شيء جمعته فقد قرأته، وسمي القرآن لأنه جمع القصص والأمر والنهي والوعد والوعيد والآيات والسور بعضها إلى بعض، وهو مصدر كالغفران والكفران"([2])، وقال صاحب تاج العروس: "﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ﴾ [القيامة: 18]، أي قراءته"([3]).

القراءات اصطلاحاً:

ذكر العلماء عدّة تعريفات لبيان مفهوم القراءات، ومن هذه التعريفات ما يلي:

عرّفها الزركشي في "البرهان": "هي اختلاف ألفاظ الوحي المذكور في كتابة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما"([4]).

وعرفها ابن الجزري بقوله: "القراءات: علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة"([5]).

وعرفها الدمياطي بأنها: "علم يعلم منه اتفاق الناقلين لكتاب الله تعالى واختلافهم في الحذف والإثبات والتحريك والتسكين والفصل والوصل وغير ذلك من هيئة النطق والإبدال وغيره، من حيث السماع، أو يقال: علم بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها معزواً لناقله"([6]).

وعرّفها الزرقاني بقوله: "مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفاً به غيره في النطق بالقرآن الكريم مع اتفاق الروايات والطرق عنه، سواء أكانت هذه المخالفة في نطق الحروف أم في نطق هيئاتها"([7]).

وعليه؛ فإنّ تعريف القراءات يدور حول ما نُسب إلى أحد القُراء المعتبرين والمشهورين من القراءات المعتبرة واختلافهم في أداء اللفظ بالتشديد والتخفيف والحذف والإثبات وغيره، ويطلق لفظ القراءة على صنيع القراء في أداء النص القرآني وتلاوتهم له، لذلك تنوعت القراءات بحسب ذلك، فيقال: قراءة عاصم، وقراءة حمزة، وقراءة نافع، وهكذا([8]).

ويبدو أنّ التعريف الأشمل لمعنى القراءات هو تعريف ابن الجزري لاشتماله على عناصر مهمة كبيان الاختلاف في القراءات، من حيث حقيقتها ومواضعها، وبيان اشتراط النقل الصحيح بالتواتر أو بطريق الآحاد.

المطلب الثاني: أقسام القراءات القرآنية

تنقسم القراءات القرانية إلى أقسام عدة بحسب طريقة نقلها، ومدى موافقتها للرسم العثماني، وموافقة اللغة العربية، وذلك على النحو الآتي:

الأول: القراءات المتواترة: كلّ قراءة وافقت العربية مطلقاً، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديراً وتواتر نقلها([9])، وهذه الشروط ذكرها ابن الجزري بقوله في متن طيبة النشر([10]):

فَكُلُّ مَا وَافَقَ وَجْهَ نَحْوِ   ...   وَكَانَ ِللرَّسْمِ احْتِمَالاً يَحْوِي

وَصَحَّ إسْناداً هُوَ الْقُرآنُ   ...   فَهَذِهِ الثَّلاثَةُ الأَرْكَانُ

وحَيثُماَ يَخْتَلُّ رُكْنٌ أَثْبِتِ   ...   شُذُوذَهُ لَوْ أنَّهُ فِي السَّبعَةِ

وصحّة السند تعني التواتر، وهو ما رواه جماعة كذا إلى منتهاه، بحيث يفيد العلم من غير تعيين عدد؛ هذا هو الصحيح، وقيل بالتعيين، واختلفوا فيه، فقيل: ستة، وقيل: اثنا عشر، وقيل: عشرون، وقيل: أربعون، وقيل: سبعون، وهذه لا خلاف في صحتها، فيتعبد بتلاوتها وتصح الصلاة بها([11]).

قال مصطفى البغا في تعريف القراءة المتواترة: "ما رواه جمع عن جمع لا يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم. مثاله: ما اتفقت الطرق في نقله عن السبعة، وهذا هو الغالب في القراءات"([12]).

الثاني: القراءات المشهورة([13]): هي التي وافقت العربية والرسم العثماني واستفاض نقلها وتلقاها الأئمّة بالقبول، إلا أنها لم تبلغ درجة التواتر، وهي ما وراء السبع تتمة العشر، وهي ثلاث: قراءة يعقوب وخلف وأبي جعفر يزيد بن القعقاع.

قال ابن الجزري: "ما صحّ سنده بنقل العدل الضابط عن الضابط كذا إلى منتهاه، ووافق العربية والرسم، وهو ما استفاض نقله وتلقاه الأئمّة بالقبول كما انفرد به بعض الرواة، وبعض الكتب المعتبرة أو كمراتب القراء في المد ونحو ذلك، فهذا صحيح مقطوع به أنه منزل على النبي ﷺ من الأحرف السبعة كما نبين حكم المتلقي بالقبول، وهذا الضرب يُلحق بالقراءة المتواترة، وإن لم يبلغ مبلغها"([14]).

الثالث: القراءات الشاذة: القراءة المنقولة من غير تواتر واستفاضة، ولكن صحّ سندها، ووافقت اللغة العربية ولو بوجه، لكنها خالفت الرسم العثماني، لذا تسمى (الشاذة)؛ لأنها شذّت عن رسم المصحف، وقد يكون فيها زيادة ونقص وإبدال كلمة بأخرى، ونحو ذلك مما جاء عن أبي الدرداء وعمر وابن مسعود وغيرهم في غيرها"([15]).

قال الزركشي: "والقراءة الشاذة ما نقل قرآناً من غير تواتر واستفاضة متلقاة بالقبول من الأئمّة"([16]).

ومن أقسام الشاذ (القراءة المدرجة): وهي أن تكون إدراجاً من الراوي بزيادة لفظ في النصّ القرآني على وجه التفسير، كما جاء في مصحف ابن مسعود رضي الله عنه في آية السرقة "فاقطعوا أيمانهما" بدلًا من ﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38].

قال السيوطي: "وفي القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها كقراءة عائشة وحفصة "والصلاة الوسطى صلاة العصر"، وقراءة ابن مسعود: "فاقطعوا أيمانهما""([17]).

المبحث الثاني

الخلاف الأصولي والفقهي عند أئمّة الشافعية في حجية وضوابط القراءة الشاذة

المطلب الأول: حجية القراءة الشاذة في الأحكام الشرعية عند أئمّة الشافعية

تبين أنّ القراءة الشاذة هي ما اختل فيها ركن من أركان القراءة الصحيحة، ولا خلاف في عدم حجية القراءة الشاذة إن كان سندها ضعيفاً أو كانت موضوعة؛ لعدم اعتبارها أصلاً وفرعاً، وإنما الخلاف فيما صحّ سنده عن الصحابة رضوان الله عليهم، هل هو حجة في الأحكام الشرعية عند أئمّة الشافعية؟

اختلف أئمّة الشافعية في الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام الشرعية على قولين:

الأول: يحتجّ بها كونها خبراً آحادياً لا قرآناً، تجري مجرى الخبر عن النبيّ ﷺ، أو الأثر عن الصحابة، والشرط في ذلك أنْ لا يخالف رسم المصحف، ولا يوجد غيرها ممّا هو أقوى منها، ولذلك لم يحتج بقراءة ابن عباس: وعلى الذين يطيقونه فدية مع أنّ مذهبه وجوب الفدية كما نصّ عليه في المختصر([18])، ونسب هذا القول إلى الإمام الشافعي في أحد قوليه، وهو قول البويطي وتابعه جمهور الأصحاب وأبو حامد الماوردي، والروياني، وأبو الطيب، والقاضي الحسين، والمحاملي، والرافعي، وكثير من المتأخرين كالرملي، وابن حجر، والسبكي، والشربيني، والعمراني، وابن يونس شارح التنبيه"([19])، قال ابن حجر: "وهو المعتمد"([20])، وصحّح تاج الدين السبكي إجراءه مجرى الآحاد، ويمكن الاستدلال على ذلك بأن الناقل للقراءة الشاذة وهو الصحابي أنه قد سمع ذلك من النبي ﷺ، وبالتالي فالمنقول عن رسول الله ﷺ إما أن يكون قرآناً أو يكون خبراً عن النبيّ ﷺ، فإن كان قرآناً وجب العمل به، وإن كان خبراً عن النبي ﷺ فيجب العمل به أيضاً، لأنّ خبر الواحد الثقة قد اتفق العلماء على العمل به، وكلّ ما وجب العمل به فهو حُجَّة([21]).

ومما يرجّح جانب الاحتجاج بها: أنّ القراءة الشاذة لا تكون أقلّ من خبر الواحد أو قول الصحابي، وكلاهما حجة، فلذلك يكون العمل بها واجبًا، وهذا المذهب ذكره ابن عبد البرّ إجماعًا[22].

الثاني: لا يحتجّ بها، ونسب هذا القول إلى الإمام الشافعيّ في أحد قوليه، وذكر إلكيا الطبري أنّ القراءة الشاذة مردودة لا يجوز إثباتها في المصحف، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء([23])، والقشيري، وابن السمعاني، والجويني، حيث قال: "ظاهر مذهب الشافعيّ أنّ القراءة الشاذة التي لم تنقل تواتراً لا يسوغ الاحتجاج بها، ولا تنزل منزلة الخبر الذي ينقله آحاد من الثقات"([24])، والآمديّ وإليه ذهب الغزاليّ في المنخول([25])، وجزم النووي أنّ القراءة الشاذة لا يحتجّ بها، ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله ﷺ، لأنّ ناقلها لم ينقلها إلا على أنها قرآن، والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وإذا لم يثبت قرآناً لم يثبت خبراً، وهو قول للإمام الرازي في تفسيره، لأنّ القراءة الشاذة لو كانت قرآناً لنقلت نقلاً متواتراً([26]).

استدلّ هؤلاء بأنّ الناقل للقراءة الشاذة إما أن ينقلها على أنها من القرآن، أو على أنها ليست من القرآن؛ فإن نقلها على أنها من القرآن فهذا باطل؛ لأن اللَّه قد كلَّف رسوله أن يبلِّغ القرآن مجموعة من الأُمَّة تقوم الحُجَّة بقولهم، ويحصل بخبرهم العلم القطعي، فليس للنبي ﷺ أن يناجي بأي آية من القرآن واحداً من الأُمة، وعلى هذا فلا يحتج به، وإن كان نقلها على أنها ليست من القرآن فيحتمل أنه قد أورد هذا المنقول في معرض البيان لما اعتقده مذهباً، فقد يكون اعتقد التتابع مثلاً حملاً لهذا المطلق في كفارة اليمين على المقيد بالتتابع في الظهار، أو أن يكون قد أورد هذا المنقول استناداً إلى خبر قد سمعه من النبي ﷺ، وإذا تطرق الاحتمال إلى الدليل بطل به الاستدلال، ويمكن الجواب عن هذا الإيراد بأنّ الصحابي نقل ذلك بياناً لمذهبه الخاص، لكنه بعيد جداً؛ لأن الصحابة الذين اختارهم اللَّه لصحبة نبيه، ولحمل هذه الشريعة إلى من بعدهم لا يظنّ بواحد منهم أن يجعل رأيه ومذهبه الخاص به قرآنا، أو أنه يلبس في ذلك، لذلك يبقى العمل بهذا المنقول استناداً إلى أنه خبر سمعه من النبي ﷺ، والخبر يجب العمل به[27].

وظاهر المذهب بعدم الاحتجاج بالقراءة الشاذة، ولكن عند النظر وتحري الأقوال نرى كثيراً من الفقهاء المتقدمين والمتأخرين القول بحجيتها، كما ردّ الزركشي عن المانعين ناقلاً عن البويطي وإمامنا الشافعي القول بحجية القراءة الشاذة، قوله: "وقد نصّ رحمه الله في مختصر البويطي على أنها حجة في باب الرضاع، وفي باب تحريم الجمع، فقال: ذكر الله الرضاع بلا توقيت، وروت عائشة التوقيت بخمس، وأخبرت أنه مما أنزل من القرآن، وهو وإنْ لم يكن قرآناً فأقلّ حالاته أنْ يكون عن رسول الله ﷺ، لأنّ القرآن لا يأتي به غيره، كما قال النبي ﷺ، "لأقضين بينكما بكتاب الله"، فحكمنا به على هذا، وليس هو قرآناً يقرأ"([28]).

وكذلك فقد نصّ رحمه الله تعالى على الاحتجاج بالقراءة الشاذة في كتابه" الأم" في تفسيره للأقراء بأنها الأطهار، حيث قال: تلا النبيّ ﷺ: "إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن"، أو "في قبل عدتهن"، فأخبر رسول الله ﷺ عن الله عزّ وجلّ أنّ العدة الطهر دون الحيض، وقرأ: "فطلقوهن لقبل عدتهن"، أن تطلق طاهراً؛ لأنها حينئذٍ تستقبل عدتها، ولو طلقت حائضاً لم تكنْ مستقبلة عدتها إلا بعد الحيض([29]).

ولمّا كان الإمام الشافعي لا يحتجّ في بعض المواطن بالقراءة الشاذة كما في قراءة متتابعات لعبد الله ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، ويحتجّ بها في مواطن أخرى، فقد أوجب هذا اللبس ضرورة تبيين موقف الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في ذلك وتحريره، وقد انبرى لهذا الزركشي، فقال: "والذي يفصل عن هذا الإشكال أن لا يطلق القول في ذلك، بل يقال: لا يخلو إما أن تكون القراءة الشاذة وردت لبيان حكم أو لابتدائه، فإن وردت لبيان حكم، فهي عنده حجة، كحديث عائشة في الرضاع وقراءة ابن مسعود: "أيمانهما"، وقوله: "لقبل عدتهن"، وإن وردت ابتداء حكم، كقراءة ابن مسعود: "متتابعات"، فليس بحجة إلا أنّه قد قيل: إنها لم تثبت عن ابن مسعود، ويدلّ له ما رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن عائشة كان مما أنزل: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فسقطت "متتابعات"، أو يقال: القراءة الشاذة إما أن ترد تفسيراً أو حكماً، فإنْ وردت تفسيراً فهي حجة كقراءة ابن مسعود: أيمانهما وقوله: وله أخ أو أخت من أم وقراءة عائشة: "والصلاة الوسطى صلاة العصر"، وإن وردت حكماً فلا يخلو إما أن يعارضها دليل آخر أم لا، فإن عارضها فالعمل للدليل كقراءة ابن مسعود في صيام المتمتع: "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن شئت فتابع أو لا"، وإن لم يعارضها دليل آخر فللشافعي قولان، كوجوب التتابع في صوم الكفارة"([30]).

ومن خلال الاطلاع على حجة المانعين بعدم حجية القراءة الشاذة كونها لم تثبت قرآنيتها فلا تثبت حجيتها في الأحكام، فالزيادة على النصّ القرآني مردودة، ومن قال بحجيتها كونها جاءت مفصلة ومبيّنة بمقصود الشارع وهو يجري عليها مجرى الخبر الواحد بالضوابط التي ستأتي في المطلب الثاني.

وقصد الزركشي ببيان الحكم الشرعي أنّ الحكم قد استقرّ أصله، ولكنه مجمل، فلا بد له من بيان، والشافعية تحتج بالقراءة الشاذة إذا كانت مبيّنة للحكم اتفاقاً، ولهم ولغيرهم اختلاف في القراءة الشاذة إذا كانت مبتدئة للحكم أي مؤسسة لها([31]).

المطلب الثاني: ضوابط حجية القراءة الشاذة المعتبرة في الأحكام عند أئمّة الشافعية

من خلال استقراء النصوص الأصولية والفقهية عند أئمة الشافعية ممن احتج بالقراة الشاذة، تبين لنا أنه لا بدّ من ضوابط للعمل بالقراءة الشاذة في الأحكام، ومن خلال النصوص المذكورة عند الأصوليين وفقهاء الشافعية في حجية القراءة الشاذة، وصلنا إلى مجموعة من الضوابط، وهي كالآتي:

الضابط الأول: أنْ تكون القراءة الشاذة ثابتة وصحيحة ليجري عليها مجرى خبر الآحاد الصحيح، كما ذكره الماوردي والشربيني وابن شهبة، قال الماوردي: "القراءة الشاذة إذا صحت جرت مجرى خبر الواحد في وجوب العمل به" ([32])، وقال الشربيني: "والقراءة الشاذة كخبر الواحد في وجوب العمل كما أوجبنا قطع يد السارق اليمنى بالقراءة الشاذة في قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: 38]، وقال ابن شهبة في كفارة اليمين: "لزمه صوم ثلاثة أيام للآية، ولا يجب تتابعها في الأظهر لإطلاق الآية، والثاني: تجب، لقراءة ابن مسعود وأبيّ بن كعب: "متتابعات" والقراءة الشاذة كخبر الواحد في وجوب العمل، فابن مسعود وأبيّ لم يصرّحا بإسناد التتابع إلى القرآن، فيحتمل أنها تفسير منهما([33])، أو مذهب واه، وعموم القراءة المشهورة أولى"([34]).

الضابط الثاني: أن ترد بياناً وتفسيراً لحكم شرعي، كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه في قطع يمين السارق، قال بدر الدين الزركشي: "لا يخلو إما أن تكون القراءة الشاذة وردت لبيان حكم أو لابتدائه، إن وردت لبيان حكم، فهي عنده حجة، كحديث عائشة في الرضاع، وقراءة ابن مسعود: "أيمانهما"، وقوله: "لقبل عدتهن"، وإن وردت ابتداء حكم، كقراءة ابن مسعود: "متتابعات"، فليس بحجة، إلا أنّه قد قيل: إنها لم تثبت عن ابن مسعود، ويدلّ له ما رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن عائشة، كان مما أنزل: "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" فسقطت "متتابعات"([35]).

أو يقال: القراءة الشاذة إما أن ترد تفسيراً أو حكماً، فإن وردت تفسيراً فهي حجة كقراءة ابن مسعود: "أيمانهما"، وقوله: "وله أخ أو أخت من أم"، وقراءة عائشة: "والصلاة الوسطى صلاة العصر"، وإن وردت حكماً فلا يخلو إما أن يعارضها دليل آخر أم لا، فإن عارضها فالعمل للدليل كقراءة ابن مسعود في صيام المتمتع: "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعات"، فقد صحّ أنه عليه الصلاة والسلام قال: "إن شئت فتابع أو لا"([36])، وإن لم يعارضها دليل آخر فللشافعي قولان، كوجوب التتابع في صوم الكفارة" انتهى([37]).

الضابط الثالث: أن لا تتعارض القراءة الشاذة مع عموم الآيات المتواترة والمشهورة أو نص نبوي صحيح، كما سيأتي في مسألة تتابع الصيام في كفارة اليمين.

الضابط الرابع: أن لا تكون القراءة الشاذة تفسيراً من الصحابي بالرأي والاجتهاد؛ لأنّ قول الصحابي فيما كان بالرأي والاجتهاد وله مخالف ليس حجة في أصول الشافعية.

الضابط الخامس: أن لا تكون القراءة الشاذة نسخت حكماً كما في تتابع الصيام في كفارة اليمين، فآية اليمين نسخت متتابعات تلاوة وحكماً، فلا يستدل بها بخلاف آية السرقة، فإنها نسخت تلاوة لا حكماً"([38]).

الضابط السادس: أن تضاف القراءة الشاذة إلى التنزيل أي (القرآن الكريم) أو إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا تكون مطلقة حتى يجري عليها خبر الآحاد، قول ابن الرفعة: "القراءة الشاذة: بأنها إنما تجري مجرى خبر الواحد في وجوب العمل بها إذا أضيفت إلى التنزيل، أو إلى سماعها من رسول الله ﷺ، فأما إذا أطلقت جرت مجرى التأويل"([39]).

الضابط السابع: ألا تخالف القراءة الشاذة رسمَ المصحف الشريف، قال الزركشي: "الشرط عند الشافعي في ذلك أن لا يخالف رسم المصحف، ولا يوجد غيرها مما هو أقوى منها، ولذلك لم يحتج بقراءة ابن عباس: "وعلى الذين يطيقونه فدية"، مع أنّ مذهبه وجوب الفدية كما نصّ عليه في المختصر، قال شارحوه: إنما عدّل الشافعي عن الاستدلال بهذه القراءة، لأنها تشذّ عن الجماعة، وتخالف رسم المصحف"([40]).

المطلب الثالث: أثر الخلاف في حجية أقسام القراءات القرآنية على الفروع الفقهية عند أئمّة الشافعية

واقتصرنا في هذا المطلب على أربعة مسائل فقط للاختصار:

المسألة الأولى: حكم القراءة بالقراءات العشر في الصلاة وخارجها:

لا خلاف في صحة القراءة بالقراءات السبع المتواترة في الصلاة وخارجها، وإنما الخلاف في القراءات الثلاثة تتمة العشر، وهي قراءة: يعقوب البصري وخلف بن هشام وأبو جعفر المدني، وأما ما وراءها فهي شاذة بالاتفاق عند السادة الشافعية، وصرح النووي وعدد من المتأخرين في اعتبار القراءات السبع فقط وما عداها شاذة، وهناك من اعتبر القراءات الثلاثة تتمة العشر في الصلاة وخارجها كحكم القراءات السبع، لأنها استفاضت قراءتها بين القراء وتلقاها العلماء بالقبول وإن لم تبلغ التواتر، ومنهم من قال بتواترها، ولا تجوز القراءة بالشاذ في الصلاة، وتبطل بها صلاة العالِم، وأما القراءة بالشاذ خارج الصلاة فالأكثر على عدم جوازها، وفي أقوال العلماء الآتية مزيد من الإيضاح.

قال الزرقاني: "والتحقيق الذي يؤيده الدليل هو أن القراءات العشر كلها متواترة، وهو رأي المحققين من الأصوليين والقراء كابن السبكي وابن الجزري والنويري، بل هو رأي أبي شامة"([41]).

ورجح الزركشي في صحة القراءات العشر قوله: "اعلم أن القاضي جلال الدين البلقيني قال: القراءة تنقسم إلى متواتر وآحاد وشاذ، فالمتواتر القراءات السبعة المشهورة والآحاد قراءات الثلاثة التي هي تمام العشر، ويلحق بها قراءة الصحابة والشاذ قراءات التابعين كالأعمش ويحيى بن وثاب وابن جبير ونحوهم.

وهذا الكلام فيه نظر، يعرف مما سنذكره، وأحسن من تكلم في هذا النوع إمام القراء في زمانه أبو الخير ابن الجزري، قال في أول كتابه النشر: كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصحّ سندها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردّها ولا يحلّ إنكارها، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين، ومتى اختلّ ركنٌ من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة، سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم.

هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك الداني ومكي والمهدوي وأبو شامة، وهو مذهب السلف الذي لا يعرف عن أحد منهم خلافه"([42]).

وهنا رجح الزركشي عند التحقيق صحة القراءة بالقراءات العشر في الصلاة وخارجها.

وقال بذلك أيضاً تاج الدين السبكي، كما نقل عنه ابن الجزري في اعتبار القراءات العشر قوله: "والصحيح أن ما وراء العشرة فهو شاذ"([43]).

وذكر النووي في "المجموع": "تحريم القراءة بالشاذة في الصلاة وخارجها، وهي غير القراءات السبع، لأنها ليست قرآناً، فإنّ القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، وكل واحدة من السبع متواترة، هذا هو الصواب الذي لا يعدل عنه، ومن قال غيره فغالط أو جاهل، وأمّا الشاذة فليست متواترة فلو خالف وقرأ بالشاذة أنكر عليه قراءتها في الصلاة أو غيرها...، ثم عقّب قائلاً: "فإن قرأ الفاتحة في الصلاة بالشاذة فإن لم يكن فيها تغيير معنى ولا زيادة حرف ولا نقصه صحت صلاته وإلا فلا"([44]).

قال ابن الرفعة: "واشتراط الرافعي: ألا يكون فيها تغيير معنى، ولا زيادة حرف، ولا نقصان حرف؛ كذا حكاه في باب صفة الصلاة"([45]).

ونقل الإسنوي في "المهمّات" عن القاضي حسين قوله: "وتسوغ القراءة بالسبع، وكذا القراءة بالشاذة إن لم يكن فيها تغيير معنى، ولا زيادة حرف، ولا نقصانه"([46]).

قال الروياني: "القراءات الشاذة ما عدا الحروف السبعة، فإن لم يكن فيها زيادة حرف ولا تبديل معنى فقراءتها في الصلاة لا تبطلها وتحتسب؛ لأنّ اللحن الذي لا يغير المعنى لا يمنع الاحتساب بالقراءة على ظاهر المذهب، وإن كان فيها زيادة كلمة أو كان فيها تغيير المعنى فتلك القراءة تجري مجرى أثر عن الصحابة أو خبر عن رسول الله ﷺ فإن كان عمداً تبطل الصلاة وإن كان سهواً فإنه يسجد للسهو"([47]).

ونقل الزركشي في "البحر المحيط" عن السخاوي قوله: "ذكره شيخنا أبو الحسن السخاوي في كتاب جمال القراء قوله: "بأن هذه الثلاثة يعقوب وخلف وأبو جعفر يزيد بن القعقاع غير متواترة ضعيف جداً، وقد ذكر البغوي في تفسيره "الإجماع على جواز القراءة بها"([48]).

ويُفهم من كلام السخاوي والبغوي وغيرهم كالقاضي حسين والروياني وجلال الدين المحلي والسبكي والزركشي بجواز القراءة بالقراءات العشر في الصلاة وخارجها، وهو قول كثير من القراء المشهورين كأبي شامة وابن الجزري من الشافعية.

كما اعتبر المخالفون صحة القراءة بالثلاثة تتمة العشر بأن لا يكون فيها تغيير معنى، ولا زيادة حرف، ولا نقصان حرف لوقوع الخلاف فيها.

المسألة الثانية: الاختلاف في مقدار عدد الرضعات المحرمة بالقراءة الشاذة:

في معتمد الأقوال عند الشافعية تثبت حرمة الرضاع بخمس رضعات متفرقة، قال النووي: "في شرط الرضاع لا تثبت حرمته إلا بخمس رضعات هذا هو الصحيح المنصوص. وقيل: تثبت برضعة واحدة، وقيل: بثلاث رضعات، وبه قال ابن المنذر، واختاره جماعة"([49]).

قال الشربيني في "مغني المحتاج": "والسنة ناصّة على الخمس؛ لأنّ عائشة رضي الله عنها لما أخبرت أنّ التحريم بالعشرة منسوخ بالخمس([50]) دلّ على ثبوت التحريم بالخمس لا بما دونها، ولو وقع التحريم بأقل منها بطل أن يكون الخمس ناسخاً وصار منسوخاً كالعشر، فإن قيل: القرآن لا يثبت بخبر الواحد فلا يحتج به، أجيب بأنه وإن لم يثبته قرآناً بخبر الواحد، لكن ثبت حكمه والعمل به، فالقراءة الشاذة تنزل منزلة الخبر، وقيل: يكفي ثلاث رضعات لمفهوم خبر مسلم: "لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ أَوِ الرَّضْعَتَانِ"([51])، وإنما قدم مفهوم الخبر الأول على هذا لاعتضاده بالأصل، وهو عدم التحريم"([52]).

وأجاب الماوردي على المعترضين من أئمّتنا بقوله: "المنسوخ ينقسم ثلاثة أقسام:

قسم نسخت تلاوته وحكمه كالذي روي أن رجلاً قام في الليل ليقرأ سورة فلم يقدر عليها ثم سأل آخر عليها فلم يقدر عليها فأتى جميعهم رسول الله ﷺ  فأخبروه بذلك، فقال: إنها رفعت الليلة من صدور الرجال ([53]).

والقسم الثاني: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته كالوصية للوالدين والأقربين والاعتداد بالحَول.

والقسم الثالث: ما نسخت تلاوته، وبقي حكمه كالمروي عن عمر في الرجم، وعن عائشة في الرضاع"([54]).

المسألة الثالثة: الخلاف في وجوب العمرة بالقراءة الشاذة:

استدلّ الشافعية في الأظهر من الأقوال بوجوب العمرة كالحج على المستطيع، بدليل القراءة الشاذة المروية عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم: "وأقيموا الحج والعمرة لله".

ذكر العمراني الخلاف بين أئمّة الشافعية في وجوب العمرة في "البيان" قوله: "أما العمرة: فهل تجب؟ فيه قولان:

الأول: قال في القديم: لا تجب، ولا أرخّصُ بتركها لمن قدر عليها.

وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وهو قول الشعبي، وروي ذلك عن ابن مسعود من الصحابة؛ لما روى جابر: "أن رجلا سأل النبي ﷺ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ؟ قَالَ: "لَا، وَأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ"([55])، وروى سراقة بن مالك أن النبيّ ﷺ قال: "دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"([56])، وأراد: أن وجوبها دخل في وجوب الحج؛ ولأنها نسك لا تختص بوقت معين، فلم تكن واجبة بالشرع، كطواف القدوم.

والثاني: قال في الجديد: هي واجبة، وبه قال من الصحابة: ابن عمر، وابن عباس، وجابر، ومن التابعين: عطاء، وابن المسيب، وسعيد بن جبير، والدليل عليه قَوْلُه تَعَالَى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: 196]، روي عن ابن عمر، وابن عباس: أنهما كانا يقرآن: "وأقيموا الحج والعمرة لله"، والقراءة الشاذة تجري مجرى أخبار الآحاد"([57]).

وذكر الرازي في التفريق بين أقيموا وأتموا في أنّ الإقامة للوجوب ابتداءً بخلاف الإتمام فيكون عند التلبس بالعمل، فإنّ قراءة وأقيموا وإن كانت شاذة فهي جارية مجرى خبر الواحد، وهو صالح لترجيح تأويل على تأويل على نحو ما ذكره في تفسيره([58]).

المسألة الرابعة: الخلاف في وجوب التتابع في كفارة اليمين بالقراءة الشاذة

اختلف أئمّة الشافعية في لزوم ووجوب التتابع، والظاهر من مذهب الشافعية في استحباب التتابع في كفارة اليمين ككفارة الظهار والقتل، وكذلك خروجاً من الخلاف.

وفي القديم عند الإمام الشافعي وقول المزني بلزوم التتابع.

واستدلّ المزني قوله: "بقراءة ابن مسعود رضي الله عنه في: "فصيام ثلاثة أيام متتابعة" وخالف معظم الشافعية القول القديم وقول المزني، كون الاحتجاج بالقراءة الشاذة ضابطها بأن تضاف إلى التنزيل أي القرآن الكريم أو إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وهو على خلاف قراءة ابن مسعود وأُبي رضي الله عنهما، وقالوا إنها نسخت تلاوة وحكماً"([59]).

قال الماوردي: "فأما قراءة ابن مسعود وأبيّ فإنما تجري في وجوب العمل بها مجرى خبر الواحد، إذا أضيفت إلى التنزيل وإلى سماعها من الرسول ﷺ، فأما إذا أطلقت جرت مجرى التأويل دون التنزيل، ثم لو سلمت لحملت على الاستحباب وإطلاقها على الجواز"([60]).

وقال الشربيني: "لا يجب تتابعها في الأظهر لإطلاق الآية. والثاني يجب؛ لأن ابن مسعود قرأ: "ثلاثة أيام متتابعات..."، وأجيب: بأن آية اليمين نسخت متتابعات تلاوة وحكماً"([61]).

النتائج

- ذكرنا تعاريف القراءات وأقسامها عند المفسّرين والأصوليين والفقهاء.

- الوقوف على الخلافات الأصولية والفقهية في مدى اعتبار القراءات العشر من حيث ثبوتها وصحة تلاوتها في الصلاة وخارجها.

- بيان اعتبار القراءة بالقراءات الثلاثة تتمة العشر في صحة التعبد بتلاوتها في الصلاة وخارجها عند عدد من الأصوليين والفقهاء والمفسّرين من الشافعية.

- وقوع الخلاف بين أئمّة الشافعية بحجية القراءة الشاذة (الآحادية والمدرجة) في الأحكام الشرعية.

- وضع الضوابط المعتبرة  للقراءة الشاذة عند من قال بحجيتها في الأحكام الشرعية من أئمّتنا الشافعية.

- ذكرتُ بعض الفروع الفقهية الناجمة على الخلاف الأصولي في اعتبار القراءة الشاذة في الأحكام الشرعية.

التوصيات

- الاهتمام بالقراءات من حيث اعتبارها وحجيتها في الأحكام عند غير الشافعية؛ لأنّ غالب البحوث لم تحظ بالدقة الكافية من حيث معالجة الخلافات الفقهية.

- وضع ضوابط القراءات الشاذة وبيانها عند باقي الأئمة من الحنفية والمالكية والحنابلة.

- ذكر صور التطبيقات الفقهية في القراءات الشاذة عند غير الشافعية.

 

(*) مجلة الفتوى والدراسات الإسلامية، دائرة الإفتاء العام، المجلد الأول، العدد الخامس، 1443هـ/ 2021م.

 

الهوامش


([1]) ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبدالسلام هارون، دار الفكر، بيروت، 1979، باب القاف والراء، ج5، ص79.

[2])) ابن منظور، محمد بن مكرم بن علي، أبو الفضل، جمال الدين الأنصاري الرويفعى الإفريقى (ت711هـ)، لسان العرب، دار صادر – بيروت، ط3، 1414هـ، باب (قرأ)، ج1، ص 24.

[3])) الزبيدي، محمّد بن محمّد بن عبد الرزّاق الحسيني، أبو الفيض، الملقّب بمرتضى (ت1205هـ)، تاج العروس من جواهر القاموس، المحقق: مجموعة من المحققين، دار الهداية، باب (قرأ) ص370،ج1.

[4])) الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر (ت794هـ)، البرهان في علوم القرآن، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، ط1، 1376هـ- 1957م، دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبي وشركائه، ج1، ص318.

[5])) ابن الجزري، شمس الدين أبو الخير، محمد بن محمد بن يوسف (ت833هـ)، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، دار الكتب العلمية، ط1، 1420هـ-1999م، ص9.

[6])) الدمياطي، أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني، شهاب الدين الشهير بالبناء (ت1117هـ)، إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربعة عشر، المحقق: أنس مهرة، دار الكتب العلمية– لبنان، ط3، 2006م- 1427هـ، ص6.

[7])) الزُّرْقاني، محمد عبد العظيم (ت1367هـ)، مناهل العرفان في علوم القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط3، ج1، ص412.

([8]) غزلان، عبدالوهاب، البيان في مباحث علوم القرآن، القاهرة، دار التأليف، مصر، ص21.

([9]) ابن الجزري، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص18. النملة، عبد الكريم بن علي بن محمد، الْمُهَذَّبُ في عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ الْمُقَارَنِ(تحريرٌ لمسائِلِه ودراستها دراسةً نظريَّةً تطبيقيَّةً)، مكتبة الرشد– الرياض، ط1، 1420هـ- 1999م، ج2، ص481.

([10]) ابن الجزري، شمس الدين أبو الخير، محمد بن محمد بن يوسف (ت833هـ)، متن طَيِّبة النّشرِ في القراءات الْعشرِ، المحقق: محمد تميم الزغبي، دار الهدى، جدة، ط1، 1414هـ- 1994م، ص32.

[11])) ابن الجزري، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص18، فهد بن عبد الرحمن بن سليمان الرومي، دراسات في علوم القرآن الكريم، ط12، 1424هـ- 2003م، ص330.

[12])) البغا، مصطفى ديب، مستو، محيى الدين ديب، الواضح في علوم القرآن، دار الكلم الطيب/ دار العلوم الإنسانية– دمشق، ط2، 1418هـ- 1998م، ص118.

([13]) أي يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله وهكذا حتى ينتهي وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن غير معدودة عندهم من الغلط أو مما شذ بها بعضهم، واشترط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف بصحة السند وزعم أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يثبت به قرآن. انظر: السيوطي، عبد الرحمن ابن أبي بكر، جلال الدين (ت911هـ)، الإتقان في علوم القرآن، المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم، الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب، الطبعة: 1394هـ- 1974م، ج1، ص261.

[14])) ابن الجزري، منجد المقرئين ومرشد الطالبين، ص19. السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص264.

[15])) ابن الجزري، منجد المقرئين، ص19.

[16])) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ج1، ص332.

[17]))  السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، ج1، ص279.

[18])) الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر (ت794هـ)، البحر المحيط في أصول الفقه، دار الكتبي، ط1، 1414هـ- 1994م، ص223،ج2.

[19])) الإسنوي، عبد الرحيم بن الحسن بن علي الشافعيّ، أبو محمد، جمال الدين (ت772هـ)، التمهيد في تخريج الفروع على الأصول، المحقق: د. محمد حسن هيتو، مؤسسة الرسالة– بيروت، ط1، 1400هـ، ص142-143.

[20])) الهيتمي، أحمد بن محمد بن علي بن حجر، تحفة المحتاج في شرح المنهاج، روجعت وصححت: على عدة نسخ بمعرفة لجنة من العلماء، المكتبة التجارية الكبرى بمصر لصاحبها مصطفى محمد، الطبعة: بدون طبعة، عام النشر: 1357هـ- 1983م، (ثم صورتها دار إحياء التراث العربي- بيروت، بدون طبعة وبدون تاريخ)، ج8، ص289.

[21])) الزركشي، أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الشافعي (ت794هـ)، تشنيف المسامع بجمع الجوامع لتاج الدين السبكي، دراسة وتحقيق: د سيد عبد العزيز- د عبد الله ربيع، مكتبة قرطبة للبحث العلمي وإحياء التراث، توزيع المكتبة المكية، ط1، 1418هـ- 1998م، ص321،ج1. وانظر: النملة، الْمُهَذَّبُ في عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ الْمُقَارَنِ، ج2، ص482 – 483..

([22]) محمَّد بنْ حسَيْن بن حَسنْ الجيزاني، معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة، دار ابن الجوزي، ط5، 1427هـ، ص109.

[23])) الزركشي، البحرالميحط، ج2، ص221.

[24])) الجويني، عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن محمد، أبو المعالي، ركن الدين، الملقب بإمام الحرمين (ت478هـ)، البرهان في أصول الفقه، المحقق: صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية بيروت– لبنان، ط1، 1418هـ- 1997م، ج1، ص257.

([25]) الغزالي، أبو حامد محمد بن محمد الطوسي (ت505هـ)، المنخول من تعليقات الأصول، حققه وخرج نصه وعلق عليه: الدكتور محمد حسن هيتو، دار الفكر المعاصر- بيروت لبنان، دار الفكر دمشق – سورية، ط3، 1419هـ- 1998م، ص374.

[26])) الرازي، أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي (ت606هـ)، مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي– بيروت، ط3، 1420هـ، ص422،ج12.

[27] انظر: النملة، الْمُهَذَّبُ في عِلْمِ أُصُولِ الفِقْهِ الْمُقَارَنِ، ج2، ص483 – 484.

[28])) الزركشي ، البحر المحيط، ج2، ص222- 223.

[29])) الشافعي، أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن عبد المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي المكي (ت04هـ)، الأم، دار المعرفة– بيروت، بدون طبعة، 1410هـ/1990م، ج5، ص224.

([30]) الزركشي، البحر المحيط ، ج2، ص225- 226.

([31]) نوّال، آسية، الاحتجاج بالقراءات القرآنية الشاذة، رسالة ماجستير، جامعة امحمد بوقرة بومرداس، الجزائر، 2015م، ص26.

[32])) الماوردي، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي (ت450هـ)، الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي وهو شرح مختصر المزني، المحقق: الشيخ علي محمد معوض- الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط1، 1419هـ-1999م، ص34،ج4.

[33])) والمقصود أن يكون تفسيرا من قبيل الرأي والاجتهاد، ومن المعلوم بعدم حجية قول الصحابي في أصول الشافعية إن كان من قبيل الرأي والاجتهاد وليس حديثاً مرفوعاً.

[34])) ابن قاضي شهبة، بدر الدين أبو الفضل محمد بن أبي بكر الأسدي الشافعي (798- 874هـ)، بداية المحتاج في شرح المنهاج، عنى به: أنور بن أبي بكر الشيخي الداغستاني، بمساهمة: اللجنة العلمية بمركز دار المنهاج للدراسات والتحقيق العلمي، دار المنهاج للنشر والتوزيع، جدة- المملكة العربية السعودية، ط1، 1432هـ- 2011م، ص398،ج4.

[35])) الدراقطني، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي (ت385هـ)، سنن الدارقطني، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الارنؤوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم، مؤسسة الرسالة، بيروت– لبنان، ط1، 1424هـ- 2004م، باب (القبلة للصائم)، رقم الحديث (2316)، ص170،ج3.

[36])) الدارقطني، سنن الدارقطني، باب (قبلة الصائم)، رقم الحديث (2329) ص173،ج3. وهذا قياس على قضاء الإفطار في رمضان، ولم نقف على نص الحديث في كفارة اليمين.

[37])) الزركشي، البحرالمحيط، ص226، ج2.

[38])) الشربيني، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب (ت977هـ)، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، المحقق: مكتب البحوث والدراسات، دار الفكر– بيروت، ص606،ج2.

[39])) ابن الرفعة، أحمد بن محمد بن علي الأنصاري، أبو العباس، نجم الدين (ت710هـ)، كفاية النبيه في شرح التنبيه، المحقق: مجدي محمد سرور باسلوم، دار الكتب العلمية، ط1، 2009م، ص13،ج15.

[40])) الزركشي، البحر المحيط ، ج2، ص223.

[41])) الرزقاني، محمد عبد العظيم (ت1367هـ)، مناهل العرفان في علوم القرآن، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط3، ج1، ص441.

[42])) الزركشي، البرهان، ص258،ج1

[43])) الجزري، النشر في القراءات العشر،ج1،  ص44.

[44])) النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (ت676هـ)، المجموع شرح المهذب ، دار الفكر، ص392،ج3.

[45])) ابن الرفعة، كفاية التنبيه، ص408،ج2.

[46])) الإسنوي، جمال الدين عبد الرحيم (ت772 هـ)، المهمات في شرح الروضة والرافعي، ، اعتنى به: أبو الفضل الدمياطي، أحمد بن علي (مركز التراث الثقافي المغربي- الدار البيضاء- المملكة المغربية)، (دار ابن حزم- بيروت- لبنان)، ط1، 1430هـ - 2009م، ص52،ج3.

[47])) الروياني، أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل (ت502 هـ)، بحر المذهب (في فروع المذهب الشافعي)، المحقق: طارق فتحي السيد، دار الكتب العلمية، ط1، 2009م، ص261،ج2.

[48])) الزركشي، المحيط، ص219، ج2.

 [49])) النووي، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف (ت676هـ)، روضة الطالبين وعمدة المفتين، تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان، ط3، 1412هـ/ 1991م، ص7،ج9.

[50])) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ مِنَ الْقُرْآنِ: عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، ثُمَّ نُسِخْنَ، بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ" انظر: مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (ت 261هـ)، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، المحقق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي– بيروت، باب (التحريم بخمس رضعات) رقم الحديث (1452)، ص1077،ج2.

[51])) مسلم، صحيح مسلم، باب (في المصة والمصتين) رقم الحديث (1451)، ص1074،ج2.

[52])) الشربيني، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب (ت977هـ)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ- 1994م، ص131،ج5.

[53])) البخاري، محمد بن إسماعيل أبو عبدالله الجعفي، صحيح البخاري، باب استذكار القرآن، رقم (5032)، ص193،ج6، ورد الحديث بهذا النص وام أقف على ما ورد عند الماوردي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بِئْسَ مَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيتُ آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ، بَلْ نُسِّيَ وَاسْتَذْكِرُوا القُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ".

[54])) الماوردي، الحاوي الكبير، ص364،ج3.

[55])) الدارقطني، سنن الدارقطني، باب (المواقيت)، رقم الحديث (2724)، ص348،ج3.

[56])) ابن حنبل، أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (ت241ه)، مسند الإمام أحمد بن حنبل، المحقق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، مؤسسة الرسالة، ط1، 1421هـ- 2001م، باب (حديث سراقة بن مالك) رقم (17583)، ص124،ج24.

[57])) العمراني، أبو الحسين يحيى بن أبي الخير بن سالم اليمني الشافعي (ت558هـ)، البيان في مذهب الإمام الشافعي، المحقق: قاسم محمد النوري، دار المنهاج– جدة، ط1، 1421هـ- 2000م، ص12،ج4.

([58]) الرازي، مفاتيح الغيب، ص297،ج5.

[59])) الماوردي، الحاوي الكبير، ص329، ج15

[60])) المرجع السابق.

[61])) الشربيني، مغني المحتاج، ص193،ج6.

رقم البحث [ السابق ]

اقرأ للكاتب




التعليقات


Captcha


تنبيه: هذه النافذة غير مخصصة للأسئلة الشرعية، وإنما للتعليق على الموضوع المنشور لتكون محل استفادة واهتمام إدارة الموقع إن شاء الله، وليست للنشر. وأما الأسئلة الشرعية فيسرنا استقبالها في قسم " أرسل سؤالك "، ولذلك نرجو المعذرة من الإخوة الزوار إذا لم يُجَب على أي سؤال شرعي يدخل من نافذة " التعليقات " وذلك لغرض تنظيم العمل. وشكرا