أحكام الطلاق في الفقه الإسلامي واسعة، وعندما يدرس طلاب العلم هذا الموضوع يدرسونه من كل جوانبه وبكل صوره؛ ولهذا لا يمكن أن يُجاب عن هذا السؤال بكلمات موجزة. والواجب على من أشكل عليه أمر من أمور الطلاق، أو احتاج إلى معرفة حكم مسألة من مسائله أن يبينها للفقيه ليأخذ منه الجواب.
لكن مما يجب أن يَتَنَّبَه إليه الرجال أن المرأة تحل للرجل بالعقد الشرعي، وهو كلمات تعبر عما في النفس من عزم أكيد على الزواج، يقول ولي المرأة: "زوجتك فلانة على كذا وكذا". ويقول الزوج: "قبلت نكاحها على المهر المذكور".
فهي كلمات، وكما تحلُّ المرأة بهذه الكلمات؛ فإنها تحرم أيضاً بكلمة هي الطلاق، فإذا قال الرجل لامرأته: "أنت طالق"؛ صارت محرَّمة عليه حتى يراجعها وفق أحكام الشريعة، ومنعًا للتلاعب بهذه الكلمات التي تتوقَّف عليها أحكام خطيرة في حياة الزوج والزوجة؛ أعني كلمة الزواج والطلاق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثٌ جدُّهن جدّ، وهزلهن جدّ: النكاح والطلاق والرجعة) رواه أبو داود والترمذي.
فإذا قال الرجل لزوجته: "أنت طالق"؛ طلقت منه دون أن نسأل عن نيته وقصده. ومن هنا يجب على الرجل العاقل أن لا يخاطب زوجته بهذه الألفاظ إلا أمام القاضي عندما يعزم على طلاقها بعد أن يكون قد يئس من إصلاح ما بينه وبين زوجته، ورأى أن استمرار الحياة الزوجية بينهما غير ممكن، أما أن يحلف بالطلاق ويتلفظ به مهدداً للزوجة كلما أغضبته أو وقعت مشادة بينه وبينها؛ فهذا من أفعال السفهاء، وقد يندم أحدهم حيث لا ينفعه الندم.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الأحوال الشخصية/ فتوى رقم/4)