الغيبة والنميمة محرمتان في كل وقت. قال الله تعالى: (ولا يغتب بعضكم بعضاً) الحجرات/12. وقد فسَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغيبة بأنها: (ذكرك أخاك بما يكره) رواه مسلم. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمّام) رواه مسلم. والنمام هو الذي يحرش بين الناس وينقل الكلام بينهم بقصد الإفساد.
ويزداد إثم هاتين الجريمتين إذا وقعتا أثناء الصيام؛ لأن الصوم تطهير للنفس والقلب والجوارح، والذي منع نفسه من الطعام والشراب - وهما مباحان في غير الصيام - ينبغي له أن يمنع نفسه مما لا يحل في وقت من الأوقات، وهو الغيبة والنميمة.
ومن المعلوم شرعاً أن الذي يؤذي الناس بأي نوع من أنواع الأذى يقتصون منه يوم القيامة بالأخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم يُطرح في النار، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصائم الذي يؤذي الآخرين بلسانه، غداً سيأخذون من حسناته التي كسبها بالصيام وغيره، ماذا يبقى له من أجر الصيام؟! ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، أي إن الله تعالى: يريد تهذيبنا بالصيام ولا يريد تعذيبنا.
بل يجب أن يبلغ النبل بالصائم أن لا يردّ على الإساءة بمثلها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم) متفق عليه.
بعد هذا نقول: إن الغيبة والنميمة وغيرها من ذنوب اللسان لا تُبطل الصوم ولكنها تنقص من ثواب الصائم، وقد تذهب بكل أجره إذا كثرت.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الصوم/ فتوى رقم/24)