السؤال:
هل يؤجَر الوالد عند نفقته على أولاده (مأكل ومشرب وملبس ودواء وتعليم...)؟
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
النفقة على الزوجة وعلى الأولاد من أعظم الصدقات أجرًا عند الله تعالى، لقوله صلى الله عليه وسلم: (دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ) رواه مسلم (رقم/ 995).
وعَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ). قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَبَدَأَ بِالْعِيَالِ. ثُمَّ قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَأَيُّ رَجُلٍ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ رَجُلٍ يُنْفِقُ عَلَى عِيَالٍ صِغَارٍ، يُعِفُّهُمْ أَوْ يَنْفَعُهُمُ اللهُ بِهِ، وَيُغْنِيهِمْ؟! رواه مسلم (رقم/ 994).
يقول الإمام النووي في ذِكْرِ ما يستفاد من الحديث: "الحث على النفقة على العيال، وبيان عِظَمِ الثواب فيه؛ لأن منهم من تجب نفقته بالقرابة، ومنهم من تكون مندوبة وتكون صدقة وصلة، ومنهم من تكون واجبة بملك النكاح أو ملك اليمين، وهذا كله فاضل محثوث عليه، وهو أفضل من صدقة التطوع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك) مع أنه ذكر قبله النفقة في سبيل الله وفي العتق والصدقة، ورجح النفقة على العيال على هذا كله لما ذكرناه، وزاده تأكيداً بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (كفى بالمرء إثماً أن يحبس عمن يملك قوته)" صحيح مسلم بشرح النووي (3/ 435).
ولكن يجب على المنفق على أهله وعياله أن يحتسب نفقته لوجه الله تعالى، يريد بها إعفافهم والإحسان إليهم وتحقيق كفايتهم؛ كي يتفرغوا لشؤون دينهم ودنياهم، ويعمروا الأرض بما يأمرهم ربهم سبحانه وتعالى، فإذا قصد ذلك بنفقته كتبها الله له صدقة.
يقول ابن رجب رحمه الله: "في لفظ للبخاري: (إذا أنفق الرجل على أهله وهو يحتسبها فهو له صدقة) دل على أنه إنما يؤجر فيها إذا احتسبها عند الله، كما في حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها، حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك) خرجاه - يعني في الصحيحين -" جامع العلوم والحكم (2/ 63). والله أعلم.