الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
لا حرج في استعمال الشعلة الأولمبية، فهي -اليوم- تعدّ إحدى الممارسات التي يعلَن من خلالها رسميًا عن افتتاح دورات الألعاب بعد وصولها الملعب الأولمبي، وهي متجردة عن أي دلالة عقدية أو دينية.
هذا؛ والنهي الوارد في الأدلة الشرعية عن التشبه بغير المسلمين المقصود منه: أن يفعل المسلم شيئاً من خصائصهم، وعقائدهم، وأما فعل ما هو عام بحيث لا يتميز به غير المسلم عن سواه، ولا يتعلق بمعتقداته فلا يعدّ تشبهاً.
ومثل ذلك ما ذكره الإمام ابن حجر عن استعمال المياثر الحمراء -وهي فُرشٌ كانت تَصنعُها العَجمُ؛ لتوضَعَ تحتَ الراكبِ على الدَّوابِّ مثل السُّرُجِ، وكانت تُصنعُ من الحرير- فقال: "إن قلنا النهي عنها -أي الميثرة الحمراء- من أجل التشبه بالأعاجم، فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى فتزول الكراهة" [فتح الباري 10/ 307].
وقال أيضاً في تعليقه على حديث لبس المسلمين للطيالس -وهي نوع من الأوشحة يُلبس على الرأس، خال عن التفصيل، وهو أشبه بما يعرف في العامية بـ(الشال)- وهو من لباس اليهود: "وإنما يصلح الاستدلال بقصة اليهود في الوقت الذي تكون الطيالسة من شعارهم، وقد ارتفع ذلك فيما بعد، فصار داخلاً في عموم المباح" [فتح الباري 10/ 275]، أي: لبس الطيلسان، فدلّ ذلك على أن ما كان شعاراً لغير المسلمين إنما يكون محرماً حال كونه علامة عليهم، فإن زال اختصاصهم به رجع إلى الإباحة.
وعليه؛ فلا حرج في استخدام الشعلة الأولمبية كعلامة على افتتاح الألعاب الرياضية، فهذا الفعل أصبح طقساً رياضياً محضًا، لا ارتباط له بالعقائد والأديان. والله تعالى أعلم.