الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
مصارف الزكاة محددة في الشرع ومحصورة في الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]، فالفقير والمسكين هما من مستحقي الزكاة.
والفقير والمسكين تجمعهما الحاجة، ولكن مقدارها يتفاوت في كلٍّ منهما، وهي في الفقير أكثر من المسكين، فيعرَّف الفقير بأنه: من لا يملك مالاً أو عملاً يدرُّ عليه مالاً يكفيه لحاجاته الأساسية من الطعام والشراب واللباس والعلاج والسكن بالحد المعتاد؛ كمن يأتيه من المال ما يقلّ عن نصف حاجاته، ويعرّف المسكين بأنه: من قدر على مال أو كسب يقع موقعاً من كفايته ولا يكفيه؛ وهو من يحصّل ما فوق النصف ولا يصلّ إلى حدِّ الكفاية.
قال الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله: "والفقير من لا مال له ولا كسب يقع جميعها، أو مجموعهما موقعاً من حاجته... والمراد بحاجته ما يكفيه مطعماً وملبساً ومسكناً، وغيرهما مما لا بدَّ له منه على ما يليق بحاله، وحال من في نفقته من غير إسراف ولا تقتير... ولو كان له كسب يمنعه منه مرض، أو لم يجد من يُشَغِّله، أو وجد من يُشَغِّله في كسب لا يليق به، أو لم يجد كسباً حلالاً؛ ففقير" [مغني المحتاج 4/ 173].
وقال أيضاً (4/ 176): "والمسكين من قدر على مال، أو كسب لائق به حلال يقع موقعاً من كفايته لمطعمه ومشربه وملبسه، وغيرها مما يحتاج إليه لنفسه، ولمن تلزمه نفقته كما مرَّ في الفقير، ولا يكفيه ذلك المال أو الكسب؛ كمن يحتاج إلى عشرة ولا يجد إلا سبعة أو ثمانية".
وعليه؛ فالفقير والمسكين تجمعهما الحاجة، وحاجة الفقير أشدُّ من حاجة المسكين، وكلاهما من أهل استحقاق الزكاة. والله تعالى أعلم.