الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الأصل الشرعي أن عقد الإجارة عقد لازم لا ينفسخ بإرادة أحد الطرفين، فإذا اتفق الطرفان على فسخه قبل انتهاء مدته جاز واستقرت الأجرة عما مضى الانتفاع به؛ لأن الأجرة لا تستقر على المستأجر إلا بانتفاعه بالمأجور؛ قال الإمام النووي رحمه الله: "ومتى قبض المكتري الدابة أو الدار وأمسكها حتى مضت مدة الإجارة استقرت الأجرة" [منهاج الطالبين/ ص 163].
وعند فسخ عقد الإجارة ينظر إذا كانت الأجرة المسماة موزعة على الشهور؛ كأن اتفق المؤجر والمستأجر على إجارة سيارة لثلاث سنوات كل شهر بكذا، فحينئذ تستقر الأجرة المسماة في الماضي ولا يُنظر إلى أجرة المثل؛ جاء في [حواشي الشرواني على تحفة المحتاج في شرح المنهاج 6 /187]: "لو قسط الأجرة على الشهور كأن قال: آجرتكها سنة كل شهر منها بكذا اعتبر ما سماه موزعاً على الشهور، ولا ينظر إلى أجرة مثل المدة الماضية ولا المستقبلة، وهو ظاهر عملاً بما وقع به العقد".
وعليه؛ فليس للمستأجر فسخ عقد الإجارة إلا برضا المؤجر، فإذا رضي استحق مقدار الأجرة المسماة عن المدة التي تم الانتفاع بها من المستأجر؛ عملاً بما تم الاتفاق عليه عند العقد، وليس له الرجوع إلى أجرة المثل؛ لأن الفسخ تم بالتراضي بين العاقدين، وله أن يلزم المستأجر باستكمال مدة العقد. والله تعالى أعلم.