الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
راعى الإسلام طبيعة الإنسان في تشريعاته الحكيمة، فأعطاه ما ينفعه ومنعه ما يضره، ولم يهمل حقيقة التكوين الإنساني الدقيق، ومن آيات الله تعالى في هذا الكون أن الذّكر له طبيعة خاصة تختلف عن طبيعة الأنثى.
وقد جاء في القرآن الكريم في قصة مريم عليها السلام: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} آل عمران/ 36، وينبغي أن يعلم أن هذا ليس تفضيلاً لأحد الجنسين على الآخر، بل هو إثبات للفرق بينهما بحسب طبيعة كل منهما، وحرصاً على ما فيه الخير للجنسين والمجتمع.
لذلك جاء التشريع الحكيم بحض أولياء الأمر، ومن يرعى شؤون الأطفال على الأخذ ببعض الواجبات والآداب التي تراعي تلك الخصوصية، وأمرهم بتعويد الأطفال عليها قبل البلوغ، ومن ذلك الاستئذان، وغض البصر، وستر العورة، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} النور / 58.
وكذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتفرقة بين الذكور والإناث في المضاجع منذ الصغر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا، وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود.
لذلك أوجب الفقهاء التفريق بين الأولاد في المضاجع إذا أتموا التاسعة، ودخلوا في العاشرة، سواء كانوا إخوة، أو إخوة وأخوات، أو أخوات، بأن يكون لكل واحد منهم فراشه المستقل، جاء في [حاشية ابن عابدين]: "ويفرق بين الصبيان في المضاجع إذا بلغوا عشر سنين ويحول بين ذكور الصبيان والنسوان، وبين الصبيان والرجال، فإن ذلك داعية إلى الفتنة ولو بعد حين... فالمراد التفريق بينهما عند النوم خوفاً من الوقوع في المحذور؛ فإن الولد إذا بلغ عشراً عقل الجماع ولا ديانة له ترده".
وقد بين صاحب كتاب [مواهب الجليل] معنى التفرقة فقال: "معنى التفرقة في المضاجع: أن يجعل لكل واحد منهم فراش على حدته".
وأما الطفل إذا بلغ؛ فإنه يصير من المكلفين، فيحرم عليه ما يحرم على الرجال من مخالطة النساء والاطلاع على زينتهن.
وبناء على ما سبق؛ فإنه يجب على أولياء الأمر، والمربين في المراكز الاجتماعية والمشرفين على شؤون الأطفال في المجتمع:
أولاً: تخصيص فراش مستقل للطفل الذي جاوز التسع سنوات.
ثانياً: فصل الذكور عن الإناث ابتداء من هذا العمر.
ثالثاً: المحافظة على ستر العورات بين الجميع، سواء من الأطفال أو المربين والمشرفين على تلك المراكز والعاملين فيها. والله تعالى أعلم.