أكل لحم الإبل لا ينقض الوضوء؛ وهو قول جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية.
قال الإمام النووي رحمه الله: "لا ينتقض الوضوء بشيء من المأكولات سواء ما مسته النار وغيره، غير لحم الجزور، قولان: الجديد المشهور لا ينتقض، وهو الصحيح عند الأصحاب، والقديم أنه ينتقض، وهو ضعيف عند الأصحاب" "المجموع" (2/ 69).
والدليل على ذلك ما جاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنه سأله رجل عن الوضوء مما مست النار؟ فقال: "لا، قد كنا زمان النبي صلى الله عليه وسلم لا نجد مثل ذلك من الطعام إلا قليلاً، فإذا نحن وجدناه لم يكن لنا مناديل إلا أكفنا وسواعدنا وأقدامنا، ثم نصلي ولا نتوضأ". رواه البخاري.
وفي صحيح مسلم تحت باب: (نسخ الوضوء مما مست النار): عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل عِرقاً أو لحماً ثم صلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء.
وأما حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه الذي قال فيه: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ النبي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ فَقَالَ: (إِنْ شِئْتُمْ فَتَوَضَّؤوا، وَإِنْ شِئْتُمْ لاَ تَوَضَّؤوا). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ الإِبِلِ؟ قَالَ: (نَعَمْ، تَوَضَّؤوا) رواه مسلم. فأجاب العلماء عليه بجوابين:
أحدهما: أنه منسوخ بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار" رواه أبو داود.
والثاني: تفسير الوضوء الوارد في الحديث على غسل اليد والمضمضة. وقد خصت الإبل بذلك -أي غسل اليدين والمضمضة- لزيادة دسم لحمها، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيت الرجل وفي يده أو فمه دسم؛ خوفاً من عقرب ونحوها، كما في سنن أبي داود.
ولكن يُستحب الوضوء لمن أكل لحم الجمل احتياطاً، وخروجاً من خلاف من أوجبه، كما في المذهب القديم للشافعي، والمعتمد عند الحنابلة. والله أعلم.