العدل بين النساء نوعان :
الأول: عدل في النفقة والمبيت وهذا ممكن وواجب شرعاً، وإذ لم يقدر عليه الرجل فليكتف بواحدة، قال الله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً) النساء/3.
الثاني: العدل في المحبة والميل القلبي، وهذا لا يقدر عليه الإنسان، ولا يُكلف به شرعاً، ويجوز له أن يتزوج أكثر من واحدة، وإن كان لا يمكن أن يعدل بينهما في المحبة، لكن لا يجوز أن يتجاوز ذلك الإحساس الداخلي إلى التصرف الخارجي ويُؤثِّر على العدل بالمعنى الأول، ولذا قال الله تعالى: (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ) النساء/129. والمعلّقة: هي التي ليست كالزوجات ولا كالمطلقات والأرامل، فالآية تنهى عن ظلم النساء في موضوع النفقة والمعاشرة الزوجية تبعاً لعدم التساوي بينهنَّ في المحبة.
والذين لم يفرقوا بين معنى العدل في الآية الأولى ومعنى العدل في الآية الثانية خرجوا بنتيجة هي: تحريم تعدد الزوجات، وهذا خطأ ومخالف لإجماع المسلمين من أيام الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أيامنا هذه، واتّباع لملة غير المسلمين، أما لماذا أباح الإسلام تعدد الزوجات؟ فذلك يطول الكلام فيه، وخلاصته: أن الإسلام لم يُحرّم التعدّد ولم يجعله واجبًا، بل هو مباح يفعله المسلم إذا دعت إليه الظروف الخاصة بالإنسان، أو العامة للأمة كلها، والذين منعوا تعدد الزوجات وقعوا في موبقات كثيرة.
"فتاوى الشيخ نوح علي سلمان" (فتاوى الأحوال الشخصية/ فتوى رقم/50)